الروبوتات المنزلية تحمي أطفالك من المخاطر
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
مع التوسع المتسارع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الروبوتات ستصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية في المستقبل القريب. وفي حين أن البشر يرغبون بأن تنفذ الروبوتات أوامرهم بدقة، إلا أن هناك حالات تستدعي تصرفاً استباقياً من جانب الروبوت، خاصة عندما يتعلق الأمر بحماية المنازل وأفراد الأسرة، وبالتحديد الأطفال الذين يمتلكون قدرة فطرية على العثور على الأشياء الخطرة في أي بيئة، مثل مقبس كهربائي غير مغطى، أو زجاجة دواء مهملة، أو مقص موضوع على الطاولة.
انطلاقاً من هذا التحدي، طوّرت الباحثة شيونغ تشين، الأستاذة المساعدة في الجامعة، بالتعاون مع باحثين آخرين من زملائها وأخرين يعملون بمؤسسات أخرى، إطاراً جديداً يحمل اسم “AnomalyGen”، لمساعدة الروبوتات على التعرف على السيناريوهات الخطرة في البيئة المنزلية والتصرف لتفاديها دون تدخل بشري مباشر. وقد تم عرض هذه التقنية مؤخراً، خلال مؤتمر الجمعية الأميركية لمعالجة اللغات الحاسوبية (NAACL) في ولاية نيو مكسيكو الأميركية، وفقاً لما نشره موقع الجامعة.
كيف يعمل النظام؟
يعتمد AnomalyGen على ثلاث مراحل رئيسية. في البداية، تعمل مجموعة من «الوكلاء الافتراضيين» المدعومين بنماذج لغوية على توليد أفكار لمواقف خطرة قد تحدث في المنزل، مثل ترك مقص حاد على الأرض أو وضع جهاز كهربائي بجوار حوض ماء. يتم ذلك من خلال جلسات «عصف ذهني رقمي» تتقمص فيها النماذج أدواراً مختلفة مثل البستاني، مصمم الديكور، أو ربّة المنزل، لتوليد رؤى متنوعة وواقعية.
في المرحلة الثانية، يتم تحويل هذه الأفكار إلى أوصاف نصية مفصلة، تُستخدم لاسترجاع كائنات ثلاثية الأبعاد من قاعدة بيانات تُعرف باسم Objaverse، ثم يتم ترتيبها في بيئة محاكاة منزلية.
أخيراً، يقوم نموذج ذكي آخر بتحليل هذه المشاهد الافتراضية، وتحديد مصادر الخطر المحتملة، واقتراح إجراءات وقائية يمكن للروبوت اتخاذها لتقليل الضرر، مثل تحريك الأجسام الخطرة أو إيقاف تشغيل الأجهزة.
111 سيناريو خطيراً
تواجه الأنظمة الذكية تحدياً يُعرف بـ «فجوة المجالات» بين اللغة الطبيعية والبيئات المرئية ثلاثية الأبعاد. وتقول تشين إن AnomalyGen يسهم في ردم هذه الفجوة عبر الدمج بين النماذج اللغوية والمحاكيات الافتراضية، ما يعزز قدرة الروبوتات على فهم التعليمات اللفظية وتنفيذها في العالم الواقعي.
وقد ركزت الدراسة على 111 سيناريو خطيراً، تم تصنيفها إلى ثلاث فئات: المخاطر المنزلية، النظافة، وسلامة الأطفال. وتمكن النظام من التعامل بنجاح مع 83% من هذه الحالات، في حين تعثّر في بعضها بسبب «الفوضى البصرية» في البيئة الافتراضية، وهي مشكلة مشابهة لتلك التي قد يواجهها الروبوت في منزل حقيقي.
هذا هو ما يدفعني للاستمرار
رغم أن هذا الإنجاز تم في بيئة محاكاة، تطمح تشين إلى اختبار AnomalyGen مع روبوتات حقيقية بالتعاون مع فرق بحثية أخرى في الجامعة. وتهدف إلى جمع بيانات من العالم الواقعي لتحسين النماذج وجعلها أكثر دقة وتكيّفاً.
تؤكد تشين أن قدرة الروبوتات على التصرف تلقائياً، وفقاً لسلوك المستخدمين اليومي، ستكون حاسمة في نجاح دمجها بالحياة اليومية. وتختتم بالقول: «أؤمن بأن الروبوتات ستحدث ثورة حقيقية في حياتنا اليومية وتجعلها أكثر أماناً وراحة. هذا هو ما يدفعني للاستمرار».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الروبوتات الذكاء الاصطناعي الروبوت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
إقرأ أيضاً:
العملات الرقمية.. بين المخاطر والفرص
محمد بن علي بن حمد العريمي
mahaluraimi@gmail.com
في العقد الأخير، شهد العالم ثورة مالية غير مسبوقة تمثلت في ظهور وانتشار العملات الرقمية (Digital Currencies). هذه الأصول الرقمية، التي تعتمد على تقنيات التشفير (Cryptography) والبلوكشين (Blockchain) ، لم تعد مجرد وسيلة للاستثمار والمضاربة، بل أصبحت جزءًا من الأنظمة المالية الحديثة. ومع ذلك، لا تزال العملات الرقمية مثار جدل بين مؤيديها الذين يرون فيها مستقبل المال، ومعارضيها الذين يحذرون من مخاطرها وتقلباتها الحادة.
تطورت العملات الرقمية بشكل ملحوظ منذ إطلاق البيتكوين (Bitcoin) في عام 2009، حيث ظهرت آلاف العملات الرقمية الأخرى مثل الإيثريوم (Ethereum)، الريبل (Ripple)، واللايتكوين (Litecoin). في مارس 2024، بلغت القيمة السوقية للعملات الرقمية مجتمعة أكثر من 2 تريليون دولار، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد من المستثمرين والمؤسسات المالية. تشير البيانات إلى أن البيتكوين وحدها تستحوذ على نحو 50% من إجمالي السوق، بينما تأتي الإيثريوم في المرتبة الثانية بنسبة 18% تقريبًا.
ومن الناحية الاقتصادية، يعتبر مستقبل العملات الرقمية موضوعًا معقدًا يعتمد على عدة عوامل، منها التقدم التكنولوجي، التنظيمات الحكومية، ومدى تقبل المؤسسات المالية التقليدية لهذه الأصول الجديدة. بعض الدول مثل الصين فرضت حظرًا على تداول العملات الرقمية، بينما تسعى دول أخرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تطوير أطر تنظيمية لضمان استقرار الأسواق وحماية المستثمرين.
أحد أبرز التحديات التي تواجه العملات الرقمية هو التقلبات السعرية الحادة. على سبيل المثال، في عام 2021، انخفض سعر البيتكوين بنسبة 50% خلال شهرين فقط بعد أن بلغ ذروته عند 64 ألف دولار. هذه التقلبات تجعل العملات الرقمية أداة استثمار عالية المخاطر، خاصة للمستثمرين غير المحترفين الذين قد يتعرضون لخسائر فادحة في فترات قصيرة.
إضافة إلى ذلك، هناك مخاوف قانونية وأمنية تحيط باستخدام العملات الرقمية. تُستخدم هذه العملات في بعض الأحيان في عمليات غسل الأموال (Money Laundering) والتمويل غير المشروع بسبب طبيعتها اللامركزية (Decentralization) وصعوبة تعقب المعاملات. وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، يُقدر أن 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يتم غسله عبر العملات الرقمية سنويًا، مما دفع الحكومات إلى تشديد الرقابة ووضع قوانين صارمة للحد من هذه الممارسات.
من ناحية أخرى، تُثير العملات الرقمية أيضًا مخاوف بيئية، لا سيما تلك التي تعتمد على آلية التعدين (Mining)، مثل البيتكوين. تشير الإحصائيات إلى أن شبكة البيتكوين تستهلك طاقة سنوية تفوق استهلاك بعض الدول الصغيرة، مما يثير تساؤلات حول استدامتها البيئية. لهذا السبب، بدأت بعض العملات الرقمية في اعتماد آليات أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، مثل "إثبات الحصة" (Proof of Stake) بدلاً من "إثبات العمل" (Proof of Work).
لكن رغم هذه التحديات، توفر العملات الرقمية فرصًا كبيرة في العديد من المجالات، أبرزها تعزيز الشمول المالي (Financial Inclusion). في الدول النامية، حيث يعاني ملايين الأشخاص من عدم القدرة على الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية، يمكن للعملات الرقمية أن توفر بديلًا فعالًا للمعاملات المالية. تشير دراسة للبنك الدولي إلى أن استخدام العملات الرقمية قد يسهم في تقليل تكلفة التحويلات المالية الدولية بنسبة تصل إلى 50%، مما يجعلها خيارًا جذابًا للعاملين في الخارج الذين يرسلون أموالًا إلى بلدانهم.
علاوة على ذلك، توفر تقنية العقود الذكية (Smart Contracts) التي تدعمها بعض العملات الرقمية، مثل الإيثريوم، إمكانية تنفيذ معاملات مالية وعقود قانونية بشكل آلي دون الحاجة إلى وسطاء، مما يقلل التكاليف ويزيد من كفاءة العمليات التجارية. هذا التطور قد يؤدي إلى تحول جذري في قطاعات مثل التمويل، التأمين، والعقارات.
عند النظر إلى مستقبل العملات الرقمية، هناك سيناريوهات متعددة قد تحدث. السيناريو الأول هو أن العملات الرقمية ستصبح جزءًا أساسيًا من النظام المالي العالمي، حيث ستتبناها الحكومات والبنوك المركزية عبر إطلاق عملات رقمية رسمية تُعرف بالعملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs - Central Bank Digital Currencies). بالفعل، أطلقت الصين اليوان الرقمي (Digital Yuan)، بينما تدرس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إصدار عملات رقمية رسمية.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل في أن العملات الرقمية ستظل أداة مضاربة أكثر منها وسيلة للدفع، مما قد يؤدي إلى انهيارات دورية في السوق مع استمرار التقلبات الحادة. السيناريو الثالث والأكثر تشاؤمًا هو أن الحكومات قد تتجه إلى فرض قيود صارمة على العملات الرقمية غير المنظمة، مما قد يحد من استخدامها على نطاق واسع.
كيف يمكن للخليج وسلطنة عُمان الاستفادة من العملات الرقمية؟
تتمتع دول الخليج، بما في ذلك سلطنة عُمان، بفرص كبيرة للاستفادة من تطور العملات الرقمية من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المالية (Fintech) وتعزيز الشمول المالي. تشير التقديرات إلى أن سوق العملات الرقمية في الشرق الأوسط ينمو بنسبة 25% سنويًا، ما يجعله فرصة اقتصادية كبيرة.
في عُمان، يمكن للحكومة الاستفادة من تقنية البلوكشين في تحسين الخدمات الحكومية، مثل إدارة السجلات العقارية، المعاملات المالية، وسلاسل التوريد (Supply Chains). كما يمكن للبنك المركزي العُماني دراسة إصدار عملة رقمية وطنية لتسهيل المعاملات المالية وزيادة الأمان.
وعلى مستوى الاستثمار، يمكن لعُمان أن تجذب الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية عبر تقديم حوافز ضريبية وتشريعات مرنة تدعم الابتكار في هذا القطاع. وفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الدول التي تتبنى الابتكار المالي تحقق نموًا اقتصاديًا أسرع بنسبة 2-3% سنويًا مقارنة بالدول التي تتجاهله.
التوصيات والمقترحات
1- وضع إطار تنظيمي متكامل: يجب أن تعمل الجهات التنظيمية في عُمان على تطوير سياسات واضحة لتنظيم العملات الرقمية، مما يزيد من الثقة في السوق ويحفز الاستثمار.
2- إطلاق عملة رقمية وطنية: يمكن للبنك المركزي العُماني دراسة إصدار "الريال الرقمي" (Digital Rial) لتسهيل المعاملات المالية وتعزيز كفاءة المدفوعات الرقمية.
3- تشجيع الابتكار في التكنولوجيا المالية: من خلال دعم الشركات الناشئة في مجال البلوكشين والعملات الرقمية عبر برامج حاضنات الأعمال والاستثمارات الحكومية.
4- تعزيز الوعي المالي: تثقيف الجمهور حول فوائد العملات الرقمية ومخاطرها لضمان الاستخدام المسؤول لهذه الأصول.
5- دمج تقنية البلوكشين في القطاعات الحكومية: مثل إدارة العقود الحكومية وسلاسل التوريد لضمان الشفافية والكفاءة.
في النهاية.. يبقى مستقبل العملات الرقمية رهينًا بالتطورات التكنولوجية والتشريعية والاقتصادية. على الرغم من التحديات والمخاطر، فإن الابتكارات المستمرة في هذا المجال قد تؤدي إلى تحسينات تجعل هذه العملات أكثر استقرارًا وأمانًا. وبينما يتساءل البعض عما إذا كانت العملات الرقمية هي مستقبل المال أم مجرد فقاعة أخرى في تاريخ الأسواق المالية، فإن المؤكد هو أنها أصبحت جزءًا لا يمكن تجاهله في المشهد المالي الحديث.