هل يتضاءل أمل ترامب في التوصل لاتفاق بشأن غزة مع تخطيط إسرائيل لتصعيد؟
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، لمراسلها مايكل كراولي، قال فيه إنّ: "محللين قالوا إن الرئيس ترامب انسحب قبل رحلته للشرق الأوسط من الصراع، ولكن عليه الآن أن يقرر كيفية الرد".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ الرئيس ترامب، عندما استضاف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، بأوائل نيسان/ أبريل، ذكّره أحد المراسلين بأن وعده الانتخابي لعام 2024 بإنهاء الحرب في غزة لم يتحقق بعد.
"كانت إسرائيل قد انتهكت مؤخرا وقف إطلاق نار في حربها التي استمرت مع حماس، واستأنفت قصفها لغزة. لكن ترامب أبدى تفاؤله" تابع التقرير نفسه، مبرزا الجواب: "أود أن أرى الحرب تتوقف. وأعتقد أنها ستتوقف في وقت ما، ليس في المستقبل البعيد".
وأضاف: "بعد شهر واحد، تضاءلت احتمالات السلام في غزة أكثر"، فيما أشار إلى أنّ: "نتنياهو حذّر يوم الاثنين من تصعيد إسرائيلي "مكثف" في القطاع الفلسطيني بعد أن وافق مجلسه الأمني المصغر على خطط لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لهجوم جديد".
وأردف: "يصر المتشددون الإسرائيليون على أن القوة وحدها هي القادرة على الضغط على حماس لإطلاق سراح أكثر من 20 أسيرا، وإنهاء الصراع. لكن العديد من المحللين يقولون إن تصعيدا إسرائيليا كبيرا قد يقضي على أي أمل متبق في السلام".
ومضى بالقول إنّ: "السؤال الآن هو كيف سيتفاعل ترامب. قال المحللون إنه بعد موجة مبكرة من الدبلوماسية لتحرير الأسرى والتوصل لتسوية طويلة الأمد، تشتّت انتباه ترامب وكبار مسؤوليه عن الصراع. وأدى ذلك إلى نوع من الحرية المطلقة لنتنياهو، الذي يبدو مستعدا لاستخدامها".
ونقلا عن المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في إدارتي أوباما وبايدن، إيلان غولدنبرغ، أضاف التقرير: "في بداية الإدارة، كانت كل الوعود موجهة إلى غزة. ولكن عندما انهار وقف إطلاق النار، أعطى ترامب الإسرائيليين الضوء الأخضر لفعل ما يريدون".
وأضاف غولدنبرغ، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس الأول في منظمة "جيه ستريت"، وهي منظمة يهودية سياسية يسارية وسطية: "أشعر أنه ليس متفاعلا بشكل كبير، لقد شعر بالملل نوعا ما".
وبحسب التقرير ذاته، فإن: "ترامب يخطط للسفر إلى الشرق الأوسط، الأسبوع المقبل، مع توقف في السعودية وقطر والإمارات. وسيكون التصعيد في غزة محبطا لترامب، وهو تذكير صارخ بأنه فشل في تحقيق السلام الذي وعد به".
"مع ذلك، فمن المحتمل أن ترامب قد فقد صبره ويرحب بالحديث في إسرائيل عن توجيه ضربة لحماس فيما قال نتنياهو إن مسؤوليه العسكريين أخبروه إنها ستكون "الخطوات الختامية" للحرب" وفقا للتقرير.
وتابع: "قد يكون لدى ترامب أيضا تسامح كبير مع استخدام إسرائيل للقوة الثقيلة. فقد حذر حماس من أن "أبواب الجحيم" ستُفتح إذا لم تطلق الحركة سراح الأسرى المتبقين".
وقال الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي المتشدد للأمن القومي الأمريكي، مايكل ماكوفسكي، إنّ: "ترامب كان أقل انخراطا مع إسرائيل بشأن موضوع غزة مقارنة بإدارة بايدن".
إلى ذلك، تقول الصحيفة إنّ: "الرئيس بايدن وكبار مسؤوليه بذلوا قدرا كبيرا من الجهد والوقت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في محاولة إدارة حملة إسرائيل على غزة. كان هدفهم هو الحد من معاناة المدنيين في غزة وإنقاذ إسرائيل من الإدانة الدولية، حتى لو وصفهم النقاد بأنهم متسامحون للغاية مع استخدام إسرائيل للقوة".
وتابعت: "مع أن ترامب أبدى بعضا من القلق على سكان غزة، وقال يوم الاثنين إنه سيساعد سكان غزة على "الحصول على بعض الطعام" وسط الحصار الإسرائيلي، إلا أن اهتمامه بالصراع كان متقطعا".
وبحسب ماكوفسكي فإن: "الأمر أشبه بالليل والنهار مع إدارة بايدن، التي كانت تحاول إدارة العمليات الإسرائيلية بالتفصيل"، مبرزا أن المسؤولين الإسرائيليين "لا يتلقون مكالمات هاتفية، لا أعتقد أنهم يتعرضون لضغوط بشأن عدد شاحنات المساعدات القادمة".
وفي السياق نفسه، أفاد موقع "أكسيوس"، الاثنين، أنّ: "إسرائيل ستشن عملية برية جديدة في غزة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حماس بحلول الوقت الذي يعود فيه ترامب من رحلته إلى المنطقة". فيما قال ماكوفسكي، الذي حضر مؤخرا اجتماعات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، إنّ: "التقرير يتوافق مع فهمه".
وأضاف ماكوفسكي أنه: "فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ركز ترامب بشكل أكبر على الدبلوماسية الناشئة التي تهدف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية".
وفي بيان صدر يوم الاثنين، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز، إنّ: "ترامب لا يزال ملتزما بضمان الإفراج الفوري عن الأسرى وإنهاء حكم حماس في غزة".
وختم التقرير بالقول، إنه: "من مؤشرات تحول التركيز منصب المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. في الأيام الأولى لرئاسة ترامب، انخرط ويتكوف في دبلوماسية إسرائيل وحماس سعيا لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم التوصل إليه في 15 كانون الثاني/ يناير".
واستطرد: "لكن ويتكوف أصبح منذ ذلك الحين مبعوثا متجولا خارقا يدير مهاما متعددة. كما تناول هذا المطور العقاري السابق وصديق ترامب القديم الملف الإيراني، والتقى بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أربع مرات لمناقشة الملف الأوكراني".
وأبرز: "لا يوجد ما يشير إلى تدخل وزير الخارجية ماركو روبيو. حيث إن روبيو، الذي عيّنه ترامب الأسبوع الماضي مستشارا للأمن القومي، لم يزر إسرائيل بعد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب الاحتلال غزة غزة الاحتلال ترامب اتفاق غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هجمات إسرائيل تتمدد في الشرق الأوسط
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
من الواضح اليوم أن وقف إطلاق النار في غزة ليس سوى «خفضٍ للنار»، لا أكثر؛ فالعدوان مستمر، والهجمات على القطاع تتكرر شبه يوميًّا.
ففي يوم واحد فقط في نهاية أكتوبر قُتل نحو مائة فلسطيني. وفي 19 نوفمبر قُتل 32، وفي 23 نوفمبر قُتل 21، وهكذا دواليك؛ فمنذ بدء وقف إطلاق النار تجاوز عدد القتلى 300، وارتفع عدد الجرحى إلى ما يقارب الألف، وسترتفع هذه الأرقام بلا شك.
التحول الحقيقي الذي حدث مع الهدنة هو تراجع الاهتمام العالمي، وتخفيف الرقابة الدولية فيما تتضح ملامح المخطط الإسرائيلي شيئًا فشيئًا، وهي فرض سيطرة دامية لا تقتصر على غزة وحدها، بل تشمل فلسطين بأكملها، وتمتد إلى المنطقة المحيطة.
وصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أمنستي إنترناشونال أنييس كالامار ما بعد الهدنة بأنه «وهم خطير يوحي بأن الحياة تعود إلى طبيعتها في غزة». وقالت: إن السلطات الإسرائيلية قلّصت الهجمات وسمحت بدخول بعض المساعدات، «لكن لا ينبغي للعالم أن يُخدع. فالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل لم تنتهِ»؛ فلا مستشفى واحدا في غزة عاد إلى العمل بكامل طاقته.
ومع هبوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة باتت آلاف العائلات مكشوفة الأسقف في خيام متهالكة. ومنذ وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر مُنعت أكثر من 6,500 طن من المساعدات التي تنسقها الأمم المتحدة من دخول القطاع.
ووفق منظمة أوكسفام فقد مُنعت في الأسبوعين التاليين للهدنة شحنات مياه وغذاء وخيام وإمدادات طبية تعود لسبع عشرة منظمة دولية.
والنتيجة أن سكانًا فقدوا منازلهم وأرزاقهم ومأوى آمنًا ما زالوا عاجزين عن الحصول حتى على خيام أفضل أو غذاء كافٍ. وتمسك السلطات الإسرائيلية سكان غزة في وضعية عقاب جماعي مؤلم تمنع فيها بروز أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية، وتترسخ من خلالها إسرائيل كقوة منفردة لا يُحاسبها أحد تمتلك سلطة مطلقة على أرواح الناس.
غزة ليست سوى رأس الحربة في توسّعٍ واضح للنزعة الإمبريالية الإسرائيلية توسّع يمتد إلى الضفة الغربية وما بعدها.
ففي الأراضي المحتلة يتحول القمع الذي تصاعد منذ 7 أكتوبر 2023 إلى حصار عسكري شامل. وقد أُجبر عشرات آلاف الفلسطينيين هذا العام على مغادرة منازلهم في نمط قالت عنه منظمة هيومن رايتس ووتش إنه يشكل «جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهيرًا عرقيًا يوجب التحقيق والمحاسبة».
وفي الأسبوع الماضي ظهرت لقطات مصورة لقيام جنود إسرائيليين بإعدام فلسطينيَّين في جنين بعد أن بدت عليهما نية الاستسلام. وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير منح العناصر المتورطة دعمه الكامل قائلاً إنهم تصرفوا كما يجب.
الإرهابيون يجب أن يموتوا. وما هذه إلا نافذة صغيرة في لحظة موثقة نادرة وسط نزيف مستمر؛ فقد قُتل أكثر من ألف فلسطيني في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين على يد قوات الاحتلال والمستوطنين خمسهم من الأطفال، وأكثر من 300 حالة يشتبه بأنها «إعدامات خارج القانون».
وفي أكتوبر سجّل مكتب الأمم المتحدة مئتين وستين هجومًا للمستوطنين، وهو أعلى رقم منذ بدء توثيق هذه الاعتداءات قبل عشرين عامًا. وأكثر من 93 في المائة من التحقيقات تُغلق بلا توجيه تهم. كما تُسجّل وفاة عشرات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بسبب الضرب أو الإهمال الطبي، ويخرج من ينجون منها ليحكوا عن جحيم من التعذيب وسوء المعاملة.
وعلى الرغم من ذلك ما تزال دائرة التفويض الإسرائيلي في القتل والاستيلاء على الأرض تتوسع.
فالأسبوع الماضي نفّذت القوات الإسرائيلية عملية توغل برّي في جنوب سوريا أسفرت عن مقتل 13 سوريًا بينهم أطفال. ورفض الجيش الإسرائيلي تقديم أي معلومات عن الجهة المستهدفة مكتفيًا بالتذكير بحقّه في ضرب الأراضي السورية، وهو ما يكرره منذ احتلاله مناطق واسعة من الجنوب السوري سابقًا.
وقد اتُّهمت القوات الإسرائيلية هناك، وفق تحقيقات هيومن رايتس ووتش باتباع الأساليب الاستعمارية نفسها المستخدمة في فلسطين، وهي التهجير القسري، ومصادرة منازل، وهدم بيوت، وقطع مصادر رزق، ونقل غير قانوني لمعتقلين سوريين إلى إسرائيل. وتعتزم إسرائيل البقاء هناك بلا أفق للانسحاب.
وفي لبنان حيث ما يزال 64 ألف شخص نازحين منذ حرب العام الماضي تتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية رغم المفاوضات التي جرت في نوفمبر. فقد واصلت إسرائيل قصفها شبه اليومي للأراضي اللبنانية كان آخره الأسبوع الماضي فقط، وما تزال تحتل خمس نقاط استراتيجية تستخدمها لشن هجمات على أهداف تزعم أنها لحزب الله.
ووفق قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان؛ ارتكبت إسرائيل أكثر من 10 آلاف خرق جوي وبري للهدنة قُتل خلالها مئات الأشخاص. وفي هذه الفوضى يُطرد المدنيون مجددًا من أراضيهم، ويُتركون تحت رحمة الضربات الإسرائيلية، وكأنهم رعايا خاضعون لسيادة إسرائيلية فائقة تتجاوز كل حدود القانون.
وبحسب تقرير حديث من صحيفة نيويورك تايمز؛ فإن «الوضع في لبنان يقدم مثالًا صارخًا على شرق أوسط جديد باتت فيه اليد الإسرائيلية ممتدة في كل مكان».
فكيف يمكن وصف كل ذلك بأنه «وقف إطلاق نار»؟ وما هذا «الوضع القائم» سوى واقع متفجر لا يمكن أن ينبت فيه أي سلام حقيقي، لا في فلسطين ولا في المنطقة.
فالساسة والوسطاء والدبلوماسيون قد يكررون مفردات «الهدنة المرحلية» و«خطط إعادة الإعمار»، لكن الحقيقة أن هذه أفكار لمستقبل لن يتحقق ما دامت الانتهاكات الإسرائيلية متواصلة في أراضٍ لا حقّ لها فيها.
والوهم الخطير الذي يصوّر أن الحياة تعود إلى طبيعتها لا ينطبق على غزة وحدها، بل يمتد إلى فلسطين كلها والمنطقة بأسرها. ولن يلبث أن يتبدّد.
نِسْرين مالك كاتبة في صحيفة الغارديان