انتخب البرلمان الألماني، الثلاثاء، السياسي المحافظ فريدريش ميرتس مستشارًا جديدًا لألمانيا، بعد جولة تصويت ثانية دراماتيكية أنهت حالة من الجدل السياسي، ليخلف المستشار السابق أولاف شولتز في قيادة أكبر اقتصاد أوروبي وسط تحديات داخلية وخارجية متفاقمة.

جاء انتخاب ميرتس (69 عامًا)، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بعد فشل مفاجئ في الحصول على الأصوات الكافية خلال الجولة الأولى، في واقعة غير مسبوقة بتاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، ليتمكن لاحقًا من حسم المنصب بدعم إضافي في جولة ثانية.

تحالف هش وخطط طموحة

اضطر ميرتس لعقد تحالف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي سجل أسوأ نتيجة انتخابية له منذ عقود بحصوله على 16.4% فقط، بينما حصلت كتلة المحافظين على 28.5% من الأصوات في انتخابات فبراير الماضي، ما جعلها بحاجة إلى شريك لتشكيل الحكومة.

ونص اتفاق الائتلاف على حزمة إجراءات لتحفيز الاقتصاد، تضمنت خفض الضرائب على الشركات وأسعار الطاقة، وزيادة الإنفاق العسكري، بجانب التأكيد على دعم أوكرانيا، في وقت يشهد فيه التحالف الغربي تصدعات متزايدة.

سياسي صريح ومندفع

يعرف ميرتس بأنه سياسي صريح وجريء اللهجة، يتمتع بحضور طاغٍ وثقة كبيرة بالنفس، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، التي اعتبرته خيارًا أفضل من شولتز في التعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خاصة في ظل الانتقادات المتبادلة بين برلين وواشنطن على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ميرتس، الذي ينحدر من منطقة جبلية بغرب ألمانيا، خاض تجربة طويلة في القطاع الخاص، إذ شغل مناصب رفيعة في مجالس إدارة شركات كبرى بينها BlackRock، قبل أن يعود إلى السياسة عقب تقاعد دام 12 عامًا منذ انسحابه بعد صعود أنجيلا ميركل.

خلافات مع ميركل ومواقف مثيرة للجدل

ارتبط ميرتس منذ بداياته بمنافسة ميركل داخل الحزب، وكان مرشحًا محتملًا لمنصب المستشار في 2002 قبل أن يتم اختيار إدموند ستويبر، وهو ما دفعه تدريجيًا للخروج من المشهد السياسي.

عاد ميرتس إلى البرلمان عام 2021 بعد إعلان ميركل مغادرتها، وتم انتخابه زعيمًا للحزب في 2022 بعد محاولتين فاشلتين. يُعرف بتوجهاته الليبرالية، ومواقفه المتشددة تجاه الهجرة، إذ أثار جدلًا واسعًا بتصريحاته عن قلة اندماج المهاجرين ودعوته لترحيل غير المستحقين للبقاء في ألمانيا.

مقامرات سياسية وانتقادات

في خطوة أثارت انتقادات واسعة، حاول ميرتس مطلع العام الجاري تمرير قانون لتشديد الهجرة معتمدًا على دعم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، متجاوزًا بذلك ما يعرف بـ "جدار الحماية الناري" الذي يمنع التعاون مع اليمين المتطرف في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

رغم ذلك، جدد ميرتس رفضه للتحالف مع الحزب اليميني المتطرف، مؤكدًا تمسكه بمبادئ حزبه رغم محاولاته كبح نفوذ اليمين الشعبوي عبر استقطاب ناخبيه.

مسار اقتصادي جديد وانفصال عن واشنطن

يواجه ميرتس مهمة صعبة لإنعاش الاقتصاد الألماني الذي يعاني من تقلص النمو وارتفاع أسعار الطاقة ونقص العمالة الماهرة. وأقر البرلمان تحت قيادته تخفيف "كبح الدين" الدستوري، ما يسمح بزيادة الإنفاق الاستثماري بنحو 500 مليار يورو خلال 12 عامًا، مع التركيز على الدفاع والبنية التحتية.

على صعيد العلاقات الخارجية، تبنى ميرتس موقفًا أكثر واقعية تجاه الولايات المتحدة، خاصة بعد تحول مواقف ترمب من أوكرانيا، واصفًا تصريحات الرئيس الأميركي بأنها "انقلاب سردي خطير"، معتبرًا أن أوروبا بحاجة إلى مزيد من الوحدة لمواجهة التحديات.

شخصية مثيرة للجدل

يملك ميرتس طائرتين خاصتين، وعُرف بحبه للطيران، وتقول تقارير إن زوجته منعته من شراء طائرة ثالثة حتى تخرج أبناؤه الثلاثة من الجامعة. ويعتبره أنصاره "سياسيًا مقامرًا"، بينما يرى معارضوه أن اندفاعه قد يضع ألمانيا في مسارات محفوفة بالمخاطر داخليًا وخارجيًا.

وبينما يدخل ميرتس البوندستاج كمستشار أكبر سنًا منذ كونراد أديناور، يترقب الألمان والعالم كيف سيقود بلادهم وسط بيئة سياسية واقتصادية غير مستقرة، وانقسامات دولية تهدد النظام العالمي.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فريدريش ميرتس المستشار الألماني المانيا الاتحاد الديمقراطي المسيحي أولاف شولتز الانتخابات الالمانية البوندستاج التحالف الحكومي الاقتصاد الالماني خفض الضرائب اسعار الطاقة الانفاق العسكرى دعم أوكرانيا انجيلا ميركل الهجرة حزب البديل من أجل المانيا اليمين المتطرف العلاقات مع الولايات المتحدة دونالد ترمب الحرب في أوكرانيا الاستثمار الدفاع البنية التحتية السياسة الألمانية السياسة الأوروبية النظام العالمى

إقرأ أيضاً:

سفارة ألمانيا في ليبيا: الشرق الأوسط على رأس أولويات وزير الخارجية الجديد

قالت سفارة ألمانيا في ليبيا، إن الشرق الأوسط سيكون إحدى الأولويات الرئيسية على جدول أعمال وزير الخارجية الجديد يوهان فاديفول.

أضافت في بيان، “في السادس من مايو، عُيّن يوهان فاديفول رسميًا وزيرًا للخارجية الألمانية، جالبًا معه عقودًا من الخبرة السياسية والقانونية إلى الساحة العالمية، وبوصفه وزيرًا للخارجية، ستتوجه به رحلاته الأولى إلى باريس ووارسو”.

وتابعت “هو محامٍ، برتبة مقدم في قوات الاحتياط، وأب لثلاث بنات، خدم فاديفول في البرلمان الألماني منذ عام 2009. وهو عضو في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، مما يجعله أول وزير خارجية للحزب منذ ما يقرب من 60 عامًا! يتمتع بخبرة واسعة في العلاقات الدولية والسياسة الأمنية، وكان ممثلًا سابقًا للحزب عن هذه المواضيع في البرلمان”.

وفي خطاب تنصيبه، أوضح فاديفول فهمه للدبلوماسية قائلًا: “فهم البلدان والأنظمة السياسية والثقافات والشعوب في جميع أنحاء العالم، والتعامل معها باحترام وتقدير أساسي بشكلٍ يومي؛ ومعرفة ما هي مصالحنا وقيمنا دائمًا، سواء في الأجزاء المُريحة أو الصعبة من العالم”.

مقالات مشابهة

  • بعد وفاته.. من هو القاضي شعبان الشامي الذي حاكم رئيسين مصريين؟
  • وزير الخارجية الألماني الجديد عن قطاع غزة: الوضع أصبح لا يُطاق
  • ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة
  • ميرتس يدلي بتصريحات بشأن دور ألمانيا في أوروبا
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون فريدريش ميرتس بمناسبة انتخابه مستشاراً لألمانيا
  • سفارة ألمانيا في ليبيا: الشرق الأوسط على رأس أولويات وزير الخارجية الجديد
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون فريدريش ميرتس بمناسبة انتخابه مستشارا لجمهورية ألمانيا الاتحادية
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون فريدريش ميرتس بمناسبة انتخابه مستشاراً لجمهورية ألمانيا الاتحادية
  • ميرتس يدعم اقتراح ترامب بعقد هدنة في أوكرانيا
  • المستشار الألماني: مستعدون لزيادة الضغط على روسيا بفرض العقوبات