الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية غير مسبوقة في السودان
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
أحمد شعبان (الخرطوم، القاهرة)
قالت إديم ووسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، إن الخرطوم تحولت إلى «مدينة أشباح» بعد أكثر من عامين من القتال العنيف الذي اندلع في منتصف أبريل 2023.
وحذرت المسؤولة الأممية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في السودان، واصفة إياها بأنها «أكبر أزمة نزوح في العالم».
وأشارت إلى دمار هائل في الخدمات الأساسية، ونقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية.
ويواجه ملايين السودانيين أزمة إنسانية غير مسبوقة، جراء استمرار عمليات النزوح واللجوء بسبب النزاع المسلح، إضافة إلى انهيار جهود الإغاثة، في ظل نقص التمويل بشكل حاد، وتزايد التحديات الأمنية.
واعتبرت الدكتورة نورهان شرارة، الباحثة في الشؤون السياسية والأفريقية، أن ما يمر به الشعب السوداني من أزمات إنسانية متفاقمة بفعل النزوح واللجوء، يشكل جرحاً نازفاً في الضمير العالمي، وصرخة استغاثة ينبغي التعامل معها بكل مسؤولية وجدية. وأوضحت شرارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الحرب المستمرة دفعت الملايين إلى مغادرة منازلهم للبحث عن مأوى آمن، مشيرة إلى أن المنظمة الدولية للهجرة وثقت فرار ملايين السودانيين، مما يبرز خطورة الموقف واتساع نطاق الأزمة.
وأشارت إلى أن هذه الأرقام لا تعبر فقط عن أزمة لوجستية، بل تعكس معاناة إنسانية عميقة تطال الأطفال والنساء وكبار السن الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة الكريمة، من غذاء ودواء ومأوى، مشددة على ضرورة تحمل المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لمسؤولياتهم تجاه الشعب السوداني المنهك، من خلال زيادة التمويل والدعم العيني للمنظمات الإنسانية الفاعلة داخل السودان وفي دول الجوار، والعمل على فتح ممرات آمنة لتسهيل إيصال المساعدات، بعيداً عن العوائق الأمنية والسياسية.
ودعت شرارة إلى ممارسة ضغوط سياسية فعالة على أطراف النزاع بهدف وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات جدية، إلى جانب تفعيل آليات العدالة الدولية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين، مشددة على أن إنقاذ ما تبقى من الأمل في السودان يبدأ بوقف النزيف الإنساني، وأن الصمت أمام معاناة هذا الشعب يُعد جريمة لا يمكن تبريرها.
من جهته، أكد السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن النزاع المسلح المتواصل في السودان يُعد السبب الجوهري في التدهور الإنساني، سواء من حيث النزوح الداخلي أو اللجوء الخارجي، مشيراً إلى أن هذا الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وذكر حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن برنامج الأغذية العالمي نبه إلى خطر المجاعة وسوء التغذية الذي يتعرض له اللاجئون والنازحون، لكنه لم يسلط الضوء على الكارثة التي يواجهها الأطفال في المخيمات، نتيجة تدهور الأوضاع الصحية، ونقص الغذاء، وغياب مياه الشرب، وتفاقم المخاطر الأمنية.
وأشار إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة التحدي الإنساني في السودان يتمثل في التوصل إلى تسوية شاملة للأزمة السودانية، بالتوازي مع توفير دعم إنساني كافٍ يسهم في وقف النزيف الدموي، والتمهيد لمرحلة التعافي وإعادة الإعمار، مشدداً على ضرورة وقف الأعمال القتالية بين الطرفين المتنازعين، مع تقديم دعم متزايد للنازحين واللاجئين، سواء عبر منظمات الأمم المتحدة المعنية أو من خلال الدول المانحة التي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تحقيق وقف إطلاق النار، والدفع نحو حل سياسي.
وقال الدبلوماسي المصري، إن السودان بحاجة إلى تجاوز كل ما يُهدد وحدته وسلامته الإقليمية، مما يتطلب مبادرة وطنية شاملة تضم مكونات المجتمع السوداني كافة، من أحزاب وقوى سياسية ومجتمعية، لإطلاق حوار سوداني سوداني يتناول الأمن والاستقرار والنواحي العسكرية، إضافة إلى دعم النازحين واللاجئين، وهو ما يستوجب وقفاً فورياً لإطلاق النار.
وشدد حليمة على أهمية تشكيل حكومة انتقالية مدنية تحظى بدعم واسع من القوى السياسية، وتكون مؤهلة لإدارة مرحلة انتقالية تتضمن إعادة البناء، وصياغة دستور دائم، وتحديد موعد لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، مشيراً إلى وجود تحركات عربية تهدف إلى إنهاء النزاع في السودان، لكنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الجهود والتنسيق بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة أوتشا الخرطوم السودان النزوح الأطفال أزمة السودان فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
13 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تنتظر العراق مخاوف متعددة بعد إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، رغم أن هذا الإغلاق يُنظر إليه رسمياً كعلامة على تقدم البلاد نحو الاستقرار والسيادة الكاملة بعد أكثر من عقدين من الدعم الدولي.
وبينما يرى مسؤولون أمميون وعراقيون في الإنهاء إنجازاً للمهمة، مع استمرار وكالات الأمم المتحدة الأخرى في أعمالها التنموية، تبرز هواجس محلية من فراغ محتمل في مجالات حساسة مثل حقوق الإنسان والدعم الإنساني.
من جانب آخر، يثير خروج يونامي قلقاً إنسانياً واسعاً، إذ كانت تنسق برامج تدعم النازحين والأقليات والفئات الهشة، وربط الجهات المحلية بخبرات دولية، مما قد يصعب تعويضه فوراً من قبل المؤسسات الوطنية.
في الوقت ذاته، يُعبر مختصون عن مخاوف سياسية من تأثير الإغلاق على صورة العراق الدولية، خاصة في تقارير التقييم المتعلقة بحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية، رغم أن دور البعثة السياسي المباشر كان محدوداً في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يحذر حقوقيون وباحثون من تداعيات على ملفات البيئة والتغير المناخي وحماية الأقليات، حيث قدمت يونامي دعماً فنياً ورقابياً، وقد يواجه العراق تحديات في الحفاظ على الزخم دون هذا الإطار الدولي.
علاوة على ذلك، يرى مراقبون أن القرار، الذي جاء بناءً على طلب حكومي يعكس تقدماً أمنياً وسياسياً، قد يترك فراغاً في توثيق الانتهاكات ودعم المنظمات المستقلة، خاصة بعد دور البعثة في مواجهة آثار تنظيم داعش.
من ناحية أخرى، يؤكد مسؤولون أمميون أن الإنهاء لا يعني قطع التعاون، بل انتقالاً إلى مرحلة جديدة تركز على التنمية المستدامة عبر فريق الأمم المتحدة القطري.
وبالتالي، يضع إغلاق يونامي المؤسسات العراقية أمام اختبار الاستقلال في إدارة التحديات المتبقية، وسط تفاؤل رسمي بقدرة البلاد على قيادة مستقبلها.
يأتي هذا التحول في وقت يصل فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد للمشاركة في مراسم الإعلان عن انتهاء المهمة، التي أُنشئت عام 2003 ووسعت تفويضها لاحقاً لتشمل التنسيق الإنساني والسياسي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts