الديمومة.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
في دراسة تحليلية شاملة، يأخذنا الكاتبان ماجد الزير وإبراهيم العلي في عملهما المشترك "الديمومة.. عوامل بقاء القضية الفلسطينية حية"، الصادر عن دار جسور للترجمة والنشر، في رحلة استكشافية لسبر أغوار الروح الفلسطينية التي لم تنطفئ جذوتها رغم سبعة عقود ونيف من النكبات والتحديات.
ويرى الكتاب أن أهم إنجاز للشعب الفلسطيني بعد قرابة ثمانية عقود "هو بقاء قضيته حية ومطالبته باسترجاع كامل حقوقه والصدح بها في كل الأروقة وعلى الأصعدة كافة وبشتى الوسائل بنبرة عالية لم يستطع أعداؤه وخصومه تجاوزها أو الحد منها".
الكتاب، الذي قدّمه الرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي، لا يكتفي برصد المعاناة، بل يتجاوز ذلك إلى فهم آليات الصمود وعوامل التكيّف التي مكّنت القضية من البقاء في صدارة المشهد بوصفها قضية "آخر شعب على سطح الأرض لم ينل استقلاله الأول من ربقة الاستعمار الغربي".
يتناول هذه العوامل -بمزيج من الاستغراب والإعجاب كما يقول المرزوقي في مقدمة الكتاب- من خلال تقسيمها إلى ما هو ذاتي كامن في ميزات الشعب الفلسطيني التلقائية المتوارثة التي يصعب الانفكاك عنها وتنعكس على واقعه وأدائه وردود أفعاله على الأحداث، وما هو مكتسَب (خارجي) أثّر تأثيرا إيجابيا مباشرا لصالح إنجاز دّيمومة القضية مصحوبة بالمطالبة بالحقوق، إلى جانب ما يمكن أن يكون ما بين الذاتي والمكتسب.
إعلانويوثق الكتاب كل ما هو إسهام إيجابي مهما قلّ في بقاء القضية حيّة، مع عدم إغفاله الإشارة إلى المخاطر والتحديات التي جابهت القضية وشعبها، وأثرت تأثيرا سلبيا في أن يحقق الشعب الفلسطيني نصره المرجو في دحر المحتل وتحرير أرضه وتحقيق العودة الفعلية بعد قرابة ثمانية عقود.
وينتهي الكتاب إلى تسليط الضوء على ما من شأنه المساهمة في تغذية وتقوية العوامل الإيجابية، والوسائل والسبل التي تساعد في التصدي للمخاطر التي تهدد بقاء القضية.
يفتتح المؤلفان عملهما بطرح تساؤل محوريّ: كيف استطاعت القضية الفلسطينية، رغم شراسة الاحتلال وقسوته، أن تحافظ على حيويتها وتجذب إليها أجيالا جديدة؟ وكيف تمكّن الفلسطينيون، في الداخل والشتات، من تحويل التحديات إلى فرص، ومن البقاء موحّدين في الهدف والغاية رغم تشتّت الجغرافيا؟
ويحلل الكتاب هذه العوامل وتحولات القضية بعد 77 سنة على نكبة فلسطين، في دراسة تاريخية بأبعاد سياسية لأسباب نشوء القضية الفلسطينية و"المؤامرة" التي حدثت على الشعب الفلسطيني وأدّت إلى احتلال أرضه واقتلاعه منها وتشتته في بقاع الأرض، وفي ظل استمرار "التآمر العالمي عليه" وصولا إلى الحقبة الأخيرة بتقديم دعم لا ينقطع لدولة الاحتلال لضمان تغييب الشعب الفلسطيني وشطب حقوقه وتخلية الطريق لدولة الاحتلال ضمانا لاستقرارها، كما يقول المؤلفان.
وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب رئيسية، يناقش أولها العوامل الذاتية، ويستكشف هذا الباب المكوّنات الداخلية التي تمنح الفلسطيني صلابةً استثنائية كالتجذر التاريخي في الأرض، والمكانة الدينية للقدس، ومتانة الروابط الاجتماعية، وروح المقاومة المتأصّلة، والتضحيات الجسيمة التي يقدّمها الفلسطينيون، وحفظ التراث والعادات والتقاليد.
ويناقش الباب الثاني العوامل المكتسبة، محللا الدوافع الخارجية التي ساندت القضية كالدعم القومي والإسلامي، والإسناد العربي الجمعي، والتضامن الدولي الذي حظيت به القضية، وتأثيرات سياسات العدو وممارساته.
إعلانفي حين يسلط الباب الثالث الضوء على العوامل المشتركة، مناقشا التفاعل الديناميكي بين العوامل الذاتية والمكتسبة، وكيف يتكامل التمثيل القيادي الفلسطيني الشامل والانتشار الفلسطيني في العالم، والتعليم والإعلام، ومراكز الدراسات والأبحاث لخدمة القضية.
ويستفيض الكتاب في شرح كلّ عامل من هذه العوامل مستندا إلى شواهد تاريخية وحاضرة. ولا يغفل عن ذكر التحديات والعقبات التي واجهت القضية كانقسام الفلسطينيين على أنفسهم، ومحاولات تصفية القضية، والتطبيع مع الاحتلال، والتدخلات الخارجية، لكنّه يرى أن هذه التحديات لم تنل من عزيمة الفلسطينيين، بل زادتهم إصرارا على استرجاع حقوقهم.
يختم الكتاب بتوصيات عملية للمحافظة على ديمومة القضية الفلسطينية، داعيا إلى تضافر الجهود على المستويات كافة، وإلى استثمار الإمكانات المتاحة لخدمة هذه القضية العادلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأسبق: إسرائيل تسعى لتحويل غزة إلى أرض محروقة وتفكيك القضية الفلسطينية
في ظل التوتر المتصاعد في قطاع غزة، أثارت موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطة للسيطرة الكاملة على مدينة غزة ومحيطها موجة استنكار عربية ودولية، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني والأمن الإقليمي.
الخطة، التي تعيد إنتاج سيناريوهات احتلال سابقة لم تحقق أهدافها، تكشف إصرار تل أبيب على فرض واقع جديد بالقوة، رغم ما قد يترتب عليها من مخاطر اندلاع صراع طويل الأمد.
وفي المقابل، تشهد الساحة الإقليمية والدولية تحركات دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمة، والحل دون تفاقم الكارثة، وضمان استمرار تدفق المساعدات إلى سكان القطاع.
قال الوزير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصري للشئون الخارجية في تصريحات صحفية خاصة لموقع صدى البلد ان نوايا إسرائيل باتت واضحة للجميع، فهي تسعى لتحويل غزة إلى أرض محروقة لا تصلح للحياة، في محاولة لإنهاء أي إمكانية لعيش الشعب الفلسطيني عليها، وللأسف، سيستمر العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، حتى وإن لم تقدم تل أبيب على تنفيذ احتلال كامل لغزة.
وأضاف العرابي نحن أمام خطة ممنهجة تهدف إلى تفكيك القضية الفلسطينية بكافة الوسائل، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو إنسانية، وهو ما يستدعي تحركاً حقيقياً من المجتمع الدولي لوقف هذه السياسات.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي بدأ بالفعل في اتخاذ خطوات جادة، حيث تحركت دول مثل ألمانيا والنرويج بإجراءات تتجاوز مجرد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو مؤشر على وجود وعي متزايد بخطورة ما يحدث.
وتابع العرابي قائلاً إسرائيل نفسها تواجه ضغوطاً داخلية متصاعدة، قد تدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى وقف حملته العسكرية الشرسة، خاصة في ظل تزايد الكلفة السياسية والاقتصادية لهذا العدوان.
وفيما يتعلق بالجهود السياسية، قال: “هناك محاولات حالياً للوصول إلى صفقة شاملة، لكن بشروط من بينها نزع سلاح حركة حماس، وأعتقد أن هذه المحاولات لن تكتب لها النجاح في ظل المعطيات الحالية.”
واختتم العرابي تصريحاته مؤكداً لا توجد سيناريوهات واضحة للمستقبل في هذه الأزمة، فالأمور للأسف تسير وفقاً لأهواء الكابينيت الإسرائيلي، وهو ما يجعل المشهد أكثر تعقيداً وصعوبة.