البلاد – جدة
تتجه الأنظار الدولية بقلق بالغ إلى شبه القارة الهندية، حيث تشهد الحدود بين الهند وباكستان تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق منذ سنوات، إذ أعلن الطرفان، أمس (الأربعاء)، عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في قصف متبادل، ما دفع خبراء ومراقبين إلى التحذير من احتمالية اندلاع حرب شاملة قد تأخذ طابعًا نوويًا كارثيًا.

وتشهد منطقة جنوب آسيا توتراً عسكرياً خطيراً يُنذر بتطورات كارثية على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يتواصل التصعيد بين الجارتين النوويتين، وسط تبادل للضربات العسكرية وسقوط متزايد للضحايا. وقد أثار هذا التصعيد مخاوف من اندلاع مواجهة نووية ستكون، بحسب الخبراء، من بين أسوأ الكوارث التي قد تضرب البشرية في العصر الحديث.
وأعلنت كل من نيودلهي وإسلام آباد أمس عن سقوط قتلى وجرحى في قصف متبادل على طول خط السيطرة في إقليم كشمير المتنازع عليه، حيث أفاد الجيش الباكستاني بأنه أسقط خمس طائرات هندية دخلت مجاله الجوي، ثلاث منها من طراز “رافال” الفرنسية، بالإضافة إلى طائرة “ميغ-29” وأخرى “سوخوي”، وذلك رداً على سلسلة غارات هندية استهدفت مناطق داخل الأراضي الباكستانية.
في المقابل، أكدت الهند أنها نفذت ضربات دقيقة ضد تسعة معسكرات قالت إنها تابعة لجماعات إرهابية في باكستان، مشيرة إلى أنها اختارت أهدافاً بعناية لتجنب الأضرار بالمنشآت المدنية. وأوضحت المتحدثة باسم الجيش الهندي أن الضربات جاءت رداً على الهجوم الذي وقع في 22 أبريل بمدينة باهالغام، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً في كشمير الهندية، وهو الهجوم الذي نفت باكستان أي صلة لها به.
الخسائر لم تقتصر على العسكريين، إذ أعلنت باكستان مقتل 26 مدنياً وإصابة 46 آخرين في ضربات هندية استهدفت ستة مواقع، من بينها مسجد في منطقة باهاوالبور حيث قتل 13 شخصاً بينهم طفلتان، وفق بيان رسمي. وأشارت إلى أن الضربات ألحقت أضراراً جسيمة بسد “نيلوم جيلوم” الكهرومائي الحيوي في كشمير.
في الجانب الآخر، أفادت تقارير هندية بمقتل 10 مدنيين وإصابة 48 جراء قصف باكستاني استهدف بلدات في القسم الهندي من كشمير. ويتواصل تبادل إطلاق النار في المنطقة منذ أسابيع، ما يفاقم الوضع الإنساني ويزيد من حدة التوترات على الأرض.
ومع استمرار التصعيد، تعالت الأصوات الدولية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وعودة الطرفين إلى طاولة الحوار، حيث أعربت الصين عن “أسفها العميق” إزاء التطورات، وأبدت “قلقاً بالغاً” من تصاعد النزاع، بينما دعت روسيا إلى “ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد”. وعبرت الولايات المتحدة على لسان الرئيس دونالد ترامب عن أمله في “توقف القتال سريعاً”، فيما حثّ وزير الخارجية ماركو روبيو نظيريه الهندي والباكستاني على إجراء حوار عاجل لتخفيف التوتر. كما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ قائلاً: “العالم لا يحتمل مواجهة عسكرية بين قوتين نوويتين”، داعياً البلدين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
ومما يزيد المخاوف، ما أوردته دراسة سابقة لجامعة “راتجرز” الأمريكية، حذّرت فيها من أن اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان قد يؤدي إلى مقتل أكثر من 100 مليون شخص خلال دقائق معدودة فقط، إضافة إلى التسبب بـ”شتاء نووي” نتيجة الحرائق والانفجارات الهائلة التي ستنشر سحباً كثيفة من الدخان في الغلاف الجوي، تعيق أشعة الشمس وتخفض درجات الحرارة، ما يؤدي إلى دمار المحاصيل الزراعية ومجاعة عالمية.
الهند تمتلك نحو 160 رأساً نووياً وصواريخ باليستية طويلة المدى، فيما تملك باكستان ما يقارب 165 رأساً نووياً وتعتمد سياسة “الردع عبر الاستخدام المبكر”، أي أنها قد تلجأ للسلاح النووي في حال تعرضها لهجوم شامل. ورغم هذا الكم من الأسلحة، يفتقر البلدان لأنظمة الضربة الثانية المؤكدة والدفاعات الصاروخية المتقدمة، ما يزيد من احتمالية وقوع كارثة إذا ما بدأ أي منهما ضربة نووية أولى.
وفي ظل هذا التصعيد الخطير، تبقى الأوضاع مفتوحة على جميع الاحتمالات، حيث لا يتطلب الأمر سوى حسابات خاطئة أو تصعيد غير محسوب ليدخل العالم في مواجهة غير مسبوقة. ويتفق المحللون على أن أي حرب نووية في المنطقة لن تبقى محصورة في نطاقها الجغرافي، بل ستنعكس آثارها على البيئة والاقتصاد العالمي، ما يجعل الأزمة الراهنة واحدة من أخطر التحديات التي تواجه الأمن والسلم الدوليين منذ الحرب العالمية الثانية.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

الإمارات وباكستان توقعان مذكرة لإلغاء تأشيرة الدخول

وقعت الإمارات وباكستان مذكرة تفاهم حول الإعفاء المتبادل من تأشيرة الدخول لمواطني البلدين.

ووفق وكالة أنباء الإمارات "وام"، جاء توقيع المذكرة خلال استقبال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، محمد إسحاق دار، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الباكستاني اليوم الأربعاء، وذلك ضمن أعمال الدورة الثانية عشرة للجنة العليا المشتركة بين الإمارات وباكستان التي عقدت في أبوظبي.

ووفق الوكالة، بحث الطرفان العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها "بما يخدم مصالحهما المتبادلة ويعود بالرخاء والازدهار على شعبيهما" مشيرة إلى أنه عقب اللقاء، وقع الجانبان على محضر اجتماع الدورة الثانية عشرة للجنة العليا المشتركة بين البلدين.

وشهد الجانبان التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء آلية مشتركة لتعزيز استثمارات الإمارات في القطاعات الإستراتيجية في باكستان، كما شهدا التوقيع على اتفاقية الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • هندية تتسبب في حالة رعب وطنية برسائل تهديد مزيفة
  • إصابة ركاب وطاقم طائرة هندية بإعياء غريب
  • قلق إيراني ودعوات من محبيه.. غياب خامنئي يثير التكهنات
  • الإمارات وباكستان توقعان مذكرة لإلغاء تأشيرة الدخول
  • مباحثات بين السعودية وباكستان حول تطورات الأحداث في المنطقة
  • أردوغان: التصعيد الإسرائيلي يهدد المنطقة وهو مرفوض تمامًا
  • ترحيب ودعوات لوقف التصعيد بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • السياح الهنود يحجمون عن زيارة تركيا بسبب دعمها باكستان
  • انفجارات بالقدس وتل أبيب وصاروخ إيراني يسقط في النقب وسط تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل
  • استياء من مظاهر الانفلات الأمني في السويداء ودعوات لعودة المحافظ