علي جمعة: السيرة النبوية التطبيق العملي المعصوم للقرآن ومرآة لفهم الواقع
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، أن السيرة النبوية الشريفة تمثل مصدرًا مستقلًا عن الكتاب والسنة، وهي بمثابة التطبيق العملي المعصوم من النبي المعصوم ﷺ للقرآن الكريم، مشيرًا إلى أن المسلم المعاصر إذا أراد النجاة وسط أمواج الحياة المتلاطمة، فإن عليه أن يقرأ السيرة العطرة لا للتبرك فقط، بل لفهم الواقع وتعلم كيف يسبح فيه.
وقال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، اليوم الخميس: "المعرفة شيء، وتطبيق المعرفة في الواقع شيء آخر، فالواقع معقد، متداخل، متطور أحيانًا ومتدهور أحيانًا أخرى، الواقع يشمل عالم الأشخاص، وعالم الأشياء، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار، والسيرة النبوية تعطينا هذا البُعد العملي... كيف نتعامل مع كل ذلك، القرآن يعطينا المبادئ الكلية، أما السيرة فهي التي تعلّمنا كيف نتحرك بها على الأرض".
وأضاف أن السيرة النبوية ليست فقط تسجيلًا لأقوال وأفعال النبي ﷺ، كما تفعل السنة، بل هي نقل دقيق لعلاقاته المتنوعة مع غير المسلمين، وأهله، وأصحابه، وكيف كان في بيعه وشرائه، وجلوسه وسمته، حركته وسكونه، في الحرب والسلم، قائلاً:
"هي النموذج الكامل للبشرية، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، والسيرة تكشف هذا النموذج في أبهى صوره".
وأوضح أن السيرة تقدم لنا علاقة النبي ﷺ مع عالم الأشياء، والأشخاص، والأفكار، والأحداث، وهو أمر لا تنقله السنة بالمعنى الضيق، بل تلتقطه السيرة بكل أبعاده الإنسانية والاجتماعية والكونية، لتجعلنا نعرف أين كان النبي، ومع من، وفي أي حال، وهي بذلك توازي أدوات أصول الفقه الأربعة: الزمان، المكان، الأشخاص، والأحوال.
وتابع الدكتور علي جمعة: "أدرك العلماء المسلمون أهمية السيرة، وأن هناك أمورًا تتعلق بما حول رسول الله وليست به ﷺ، فلا تدخل تحت مصطلح السنة، ولكنهم رأوا ضرورة تتبعها، من كان من أعمامه؟ من كان من أخواله؟ مع أنه ﷺ لم يكن له أخوال لأن السيدة آمنة كانت وحيدة لا أخ لها ولا أخت، ما شكل البيئة التي عاش فيها؟ من كان الحاكم في الحبشة آنذاك؟ ما كانت علاقته بالنجاشي؟ وما شكل الدولة وقتها؟".
وأردف: "السيرة النبوية علم شامل ينقل لنا الواقع الذي كان فيه رسول الله ﷺ، لتعلمنا كيف نتعامل مع أمواج الحياة، لا ونحن على البر، بل ونحن في البحر... كيف نتحرك لنطفو، لا لنغوص ولا نغرق. هذه هي السيرة، وهي مفتاح النجاة في الدنيا، ونبراس الهداية في الآخرة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة السيرة النبوية النبي المعصوم السیرة النبویة علی جمعة
إقرأ أيضاً:
هل كل فعل لم يفعله النبي بدعة؟ علي جمعة يجيب
كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن أمور وعبادات لم يفعلها النبي وفعلها الصحابة وبعض المشايخ وهي ليست بدعة في الإسلام.
وقال علي جمعة، في تصريح له، إن هناك عبادات تعود عليها المشايخ وهي ليست واردة في الشريعة ولم يفعلها النبي، وفعلوها طلبا للثواب.
وتابع علي جمعة: الشافعية يصلون بعد العشاء صلاة الجنازة على من مات ولم يصلى عليه من المسلمين في العالم، لأن عندهم صلاة الغائب جائزة لأن النبي صلى على النجاشي، وهناك مسلمون ماتوا ولم يصلى عليهم أحد فيصلون يوميا صلاة الجنازة على من مات من المسلمين ولم يصلى عليهم أحد، والنبي لم يفعل هذا ومع ذلك لا تعتبر هذه بدعة، وهم يفعلون ذلك طلبا للثواب وتطبيقا للشريعة، ولذلك قال رسول الله "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ولم يقل من أحدث شيئا فهو رد، فطالما من الشريعة يعتبر سنة حسنة وليس بدعة.
واستكمل علي جمعة: وكان سيدنا بلال كلما يتوضأ يصلي ركعتين والنبي لم يفعل هذا، والنبي لم يعرف أن بلال يفعل ذلك وسيدنا بلال أيضا لم يستأذن النبي في فعل أمر له أصل في الشريعة، ولهذا قال النبي عن بلال (سمع خشخشة بلال أمامه في الجنة).
وأشار إلى أن هناك أمور ليست واردة عن النبي، كالمنبر المرتفع حتى يرى المصلين الخطيب يوم الجمعة، وفرش المساجد واستعمال الميكروفون، فهذه كلها أمور ليست بدعة في الدين ومع ذلك نستعملها في أمور العبادة، ومن هنا تأتي أهمية علم الفقه.
هل أكون مبتدع في الدين في هذه الحالة؟أجاب الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، عن سؤال يقول (هو أنا لو عملت حاجة معملهاش النبي أكون مبتدع في الدين؟
وقال الشيخ أبو اليزيد سلامة، في فيديو لصدى البلد، إن كثيرًا من الشباب والفتيات يشغل بالهم هذا السؤال، حيث يصطدمون بمواقف يفتى لهم فيها بأنها بدعة لأن النبي لم يفعل هذا الأمر.
وأضاف أبو اليزيد سلامة، أن بعض الصحابة فعلوا أمورًا لم يفعلها النبي، منوها أن الأمور التي لم يفعلها النبي أو تركها الحبيب المصطفى على عدة أقسام، منها ما يسمى بالبدعة في الدين، ومنها ما يعرف بالبدعة الحسنة، ومنها الأمور التي ليس لها علاقة بالبدعة ولكنها لا يندرج عليها أحكام الحلال أو الحرام.
هل كل فعل لم يفعله النبي بدعة؟وتابع: على سبيل المثال، لم يجمع النبي الناس على صلاة التراويح في جميع رمضان، وبعد وفاة النبي ووفاة سيدنا أبو بكر، جمع سيدنا عمر بن الخطاب على صلاة التراويح في المسجد، وقال (نعمت البدعة).
كذلك كان النبي قادرا على جمع المصحف الشريف في مصحف واحد أو مطبوع واحد، ولكن النبي لم يفعل هذا، وأتى من بعده سيدنا عمر والذي قال لسيدنا أبو بكر، وعرض عليه جمع القرآن في مصحف واحد، فاعترض أبو بكر وقال (نفعل أمر لم يفعله النبي) وظل سيدنا عمر في ٌإقناع سيدنا أبو بكر حتى شرح الله له صدره لهذه الفكرة.
كما أن النبي لم يرد عنه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما، مع أنه أخبرنا أن أفضل الصيام صيام سيدنا داود عليه السلام، كان يصوم يوما ويفطر يوما.
كما قال النبي (لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك) ولكنه ترك الأمر حتى لا يشق على أمته، وبالرغم من ذلك فالسواك هو سنة عن النبي.
وأكد أبو اليزيد سلامة، أنه ليس كل أمر تركه النبي يعتبر بدعة أو يجب علينا أن نتركه، فبعض ما تركه النبي يجب علينا تركه والبعض الآخر قد يكون أمرًا حسنًا حينما نفعله.