عربي21:
2025-08-12@18:32:56 GMT

هل المنطقة العربية تتغير فعلا أم هي الأماني؟

تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT

حرض هذا السؤال لدينا كثرة المبشرين بالتغيير في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد سكنا في اليوتوب العربي زمنا كافيا لنتابع لساعات طويلة هذه البشائر الافتراضية حتى ظننا أن التغيير حصل فعلا. لقد حوّل بعض الإسلاميين بشارات الشيخ ياسين وتأملات الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل عن قرب زوال الكيان الصهيوني إلى علم صحيح، سينفذ بعد ساعات، بل استمعنا إلى إسلاميين يعتمدون نبوءات توراتية بقرب الزوال وعودة الإسلام العظيم.

خارج هذه القنوات التي لم نعرف من أين تبث يقينها حدث أمران مهمان لا نرى أثرهما التغييري يقف عن جغرافيتهما الخاصة، وهما حرب الطوفان والثورة السورية التي غنمت دولتها حتى الآن. ولكن ما حال بقية المنطقة الممتدة بين محيطين؟ وما حال شعوبها، هل هي سائرة في طريق تغيير أم أنها تتمتع فقط بالحديث عنه مكتفية بتحويل التأملات إلى حقائق تريحها خلف حواسيبها؟

ميديا الوهم والإيهام

لم يزد الشيخان المذكوران على أن أوَّلا نصا قرآنيا في اتجاه يرغبانه والله أعلم بالسرائر، لذلك نحفظ لهما الاحترام ونقول لمن يبني على قولهما أوهامه الافتراضية ويستجدي المتابعة؛ توقف عن لهوك، فالإيهام بالتغيير ليس التغيير.

من هذا الابتذال المتفشي في السوشيال ميديا يَقِنَّا بأن التغيير لا يحصل على الأرض بل هو مشروع لا يزال بعيد المنال، لقد سهل النشر الافتراضي لعبة التعويض ومكّن كل كسول من بطولة
من هذا الابتذال المتفشي في السوشيال ميديا يَقِنَّا بأن التغيير لا يحصل على الأرض بل هو مشروع لا يزال بعيد المنال، لقد سهل النشر الافتراضي لعبة التعويض ومكّن كل كسول من بطولة (ومن سبوبة).

لقد أحدثت حرب الطوفان تغييرا في الواقع الفلسطيني فأنهت أخلاقيا وسياسيا حركة فتح كممثل شرعي وحيد وقطعت عاطفيا وعقليا مع أوسلو ومخرجاتها، وهي تعمل على إنهاء حالة الانقسام خارج المقاومة المسلحة. أهم مؤشر تغيير هو أن الفلسطيني عائد إلى سلاحه كحل أخير ووحيد (وليس هذا موضع الحديث عن الأثمان).

 بعد عشرين شهرا من حرب الطوفان يتابع العرب القتل اليومي ولا يحركون شوارعهم في المعركة. هذه علامة موات سياسي لا علامة تغيير. فعلى الورق مَثَلُ معركة الطوفان كَمَثَلِ تسونامي وقد سماها قائدها طوفانا أملا في تغيير لا يقف عن حدود مربعه الغزاوي، وكم أرسل من نداء نجدة فلم يُستجب له.

بلادة الشارع العربي إزاء غزة لا تتلاءم مع النبوءات الافتراضية، والانتصارات الافتراضية لا تعوض النجدة بل تؤدي إلى العكس تماما، إنها عملية تخذيل وتمييع إرادات. هل تعذر الشوارع بالقمع المسلط عليها؟ وأين القمع مما احتملت غزة خلال شهور؟

الشوارع العربية رفعت العتب ببعض الشعارات وهي تظن نفسها بمنجاة، وعجزها الحالي من جهلها العميق والعضوي بأهمية المعركة هناك على مصيرها حيث هي مطمئنة في أقطارها.

الشعوب العربية ونخبها القائدة قبلت بأنظمتها القُطرية وسلّمت لها قيادها وتعارضها -إذا فعلت- من أجل خبزها القُطري، أما المعركة القومية التي تنتج تغييرا في أمة فليست على جدول أعمالها ولا ترغب بها. لقد استقر النظام العربي بكل عاهاته، لذلك فوهم التغيير أعلاه يدخل في باب الإيهام. لنتأمل فقط ثورة الربيع العربي، لقد أوشكت أن تغير المنطقة لكن الجميع (نخبا وشعوبا) قدر كلفة التغيير وارتد عنها. لنقلها بصوت عال، ليس عباس وحده من وصف المقاومة بأولاد الكلب، لقد سمعناها في تونس بعبارات أكثر سوقية.

شوشت معركة الطوفان طمأنينة العرب فلا تغيير ننتظر رغم البشارات، هنا تصير عندي منشورات اليوتيوب مشبوهة وممولة لغاية تغيير في الحواسيب لا في الشوارع.

ثورة سوريا حدث محلي

سقوط نظام البعث في سوريا بعد نصف قرن من الدماء ليس حدثا هيّنا في التاريخ، لكنه سيبقى حدثا سوريا خاصا، والذين بنوا عليه خيالات تغيير شامل ينطلق من الشام لبناء دولة أموية ثانية واهمون أو يتوهمون. الصورة تتضح بالتدريج، قيادة الثورة تحولت بسرعة الضوء إلى قيادة دولة مشغولة بخبز شعبها أولا وفي كل يوم تغرق في تدبيره.

الواهمون لا يرون كم الابتزاز الذي تتعرض له القيادة السورية من أجل رفع يدها عن كل قضية قومية، إنها تتنصل من الفلسطيني لتعيل السوري الجائع المشرد وتنسق مع النظام العربي لتقطع مع الإخوان (وهم بعض الواهمين بنجدة سوريا).

الضغط الدولي على حكام سوريا الجدد غير خاف، فهم يسيرون تحت القصف ويتوقونه بتنازلات محسوبة ولكنها الحسابات التي تؤدي إلى تنازلات لا تنتهي (كل العرب يعرفون أنهم لا يقاتلون عدوا نبيلا يحشم). القائلون بالتغيير يكبرون أمنية مستحيلة، أن تواصل الثورة السورية تمددها إلى جوارها فتغير وتعيد دولة بني أمية وربما ظهر من يطالبها باستعادة الأندلس فالكسالى كثير.

بشارات التغيير كما أتحسسها عربيا هي بشارات متواكلة على غزة وعلى سوريا، ولكنها لا تمر إلى فعل تغييري في أقطارها
بشارات التغيير كما أتحسسها عربيا هي بشارات متواكلة على غزة وعلى سوريا، ولكنها لا تمر إلى فعل تغييري في أقطارها، وتتذرع بالقمع وهو حقيقة، ولكن هل ترى هذه الكتل المتواكلة قمعا أكبر من قمع بشار لسوريا وقمع نتنياهو لغزة؟

هناك مغالطة فكرية تزعم فهم التاريخ تسهل على القائلين بالتغيير رؤية دولة بني أمية تفتح مصر وترسل عمرو بن العاص الثاني واليا عليها.

في هذه اللحظة التاريخية أرى الأنظمة العربية وفي مقدمتها النظام المصري تسند نفسها على عامود قوي هو دعم الكيان، ولذلك فهي تملك سببا قويا للبقاء. ما زالت هذه الأنظمة قادرة على تدبر أقوات الناس وتدريبهم على العيش بالقليل منه. وليس في هذا مزايدة على شعب مصر وهو يتدبر "العيش"، فالوضع في تونس متطابق. ونضيف للتوضيح أن جرأة نظام الأردن على جماعة الإخوان ومحوها في ظرف وجيز تكشف قوة الأنظمة المسنودة وتكشف بعد الحالمين بالتغيير عن الواقع الذي يعيشونه.

ربما رغب الشيخان أن يتحول التأويل إلى حافز للفعل، لكن قولهما صار مسندا للكسل عن الفعل وبفعل السوشيال ميديا السهلة. وهنا يمكننا مجادلة مؤرخ يبشر بتغير المنطقة وفشل الثورات المضادة؛ إن قوله لا يختلف عن أماني كثير من الجالسين خلف حواسيبهم يؤلفون انتصارات وهمية بالذكاء الصناعي.

لنغلق المتجر، من أراد التغيير فليقم إليه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه العربي التغيير نبوءات الطوفان سوريا سوريا عرب تغيير نبوءات طوفان قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مادونا تدعو لإنقاذ أطفال غزة: السياسة وحدها لا تصنع التغيير

أبدت النجمة الأميركية مادونا تضامنها مع الأحداث الجارية في غزة، مسلطة الضوء على المجاعة التي يواجهها الأطفال في القطاع جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب عقب طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ودعت مادونا إلى الإسراع في فتح الممرات الإنسانية لإنقاذ الأطفال العالقين وسط تبادل إطلاق النار، كما وجهت نداء لمتابعيها لدعم المنظمات الإنسانية، والمساهمة في حمايتهم من خطر المجاعة، مؤكدة أهمية التحرك الإنساني العاجل.

View this post on Instagram

A post shared by Madonna (@madonna)

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جاكي شان يتوج بـ"الفهد الفخري" في لوكارنو ويؤكد: ما زلت قادرا على القتالlist 2 of 2من "فارس القمر" إلى "عيون واكاندا".. هشام نزيه يواصل بصمته في أعمال مارفلend of list

واعتبرت نجمة البوب العالمية، في منشور عبر حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أن أفضل ما يمكن أن تقدمه لابنها روكو في يوم ميلاده هو دعوة الجميع للمساهمة في إنقاذ الأطفال، مؤكدة أنها كأم لا تستطيع تحمل رؤية معاناتهم.

ووجهت مادونا رسالة إلى البابا ليون الرابع عشر، دعت فيها إلى التوجه إلى قطاع غزة، معتبرة أنه الشخص الوحيد الذي لا يمكن منعه من الدخول، ومؤكدة أن السياسة وحدها عاجزة عن إحداث التغيير المنشود.

Politics Cannot affect Change.
Only consciousness Can. Therefore I am Reaching out to a Man of God.

Today is my Son Rocco’s birthday.
I feel the best gift I can give to him as a Mother – is to ask everyone to do what they can to help save the innocent children caught in the… pic.twitter.com/y2B3BsXAMt

— Madonna (@Madonna) August 11, 2025

 

ويأتي موقف مادونا الأخير بعد تحول ملحوظ في نظرتها إلى السياسات الإسرائيلية، مقارنة بدعمها السابق للاحتلال، خاصة منذ أحداث "طوفان الأقصى" والحرب التي يتعرض خلالها الشعب الفلسطيني لجرائم إبادة. هذا التحول تجلى في تعاطفها مع أطفال غزة، خلال كلمة ألقتها على أحد مسارح لندن في ثالث أيام جولتها الغنائية لعام 2023.

إعلان

ففي أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، كانت مادونا قد عبّرت في منشور لها عن حزنها لما يجري قائلة: "قلبي مع إسرائيل، وأدرك أن هناك الكثير من الأبرياء في فلسطين". إلا أنها عادت وأعادت قراءة المشهد بعد مقتل الطفل الأميركي وديع الفيومي (6 أعوام) في شيكاغو، على يد مالك العقار الذي تسكن فيه أسرته، جوزيف تشوبا (71 عاما)، والذي طعنه بدافع الكراهية بسبب أنه مسلم، متأثرا بالموقف الإعلامي الغربي من الحرب.

وقالت مادونا إنها ترغب في إعادة صياغة مقولة للكاتب الأميركي جيمس بالدوين، الذي كان مصدر إلهام كبير لها طوال حياتها، مؤكدة: "أطفال العالم هم ملك لنا جميعا، كل واحد منهم. لا يهم من أين جاؤوا، أو ماذا يرتدون على رؤوسهم، أو لون بشرتهم، أو ديانتهم، فهم جميعا ينتمون إلينا، ونحن مسؤولون عنهم".

وتأتي رسالة نجمة البوب الأميركية في وقت يواجه فيه قطاع غزة أقسى موجة تجويع، إذ منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول أكثر من 90 ألف شاحنة إغاثة منذ مطلع مارس/آذار الماضي، بعد أن أغلقت المعابر بشكل كامل ضمن خطة ممنهجة لتجويع السكان.

مقالات مشابهة

  • مادونا تدعو لإنقاذ أطفال غزة: السياسة وحدها لا تصنع التغيير
  • عبد السلام فاروق يكتب: الإعلام المصري.. وشجاعة التغيير
  • إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لـ سانا: قامت مجموعتان تابعتان لقوات “قسد”، حوالي الساعة 02:35 صباحاً، بالتسلل نحو نقاط انتشار الجيش العربي السوري في منطقة تل ماعز شرق حلب، واندلعت إثر هذه الخطوة التصعيدية اشتباكات عنيفة في المنطقة، أسف
  • الصفدي يلتقي المبعوث الأمريكي قبيل الاجتماع الثلاثي لمناقشة سوريا
  • طقوس المصريين لا تتغير.. عصائر لمواجهة حر الصيف
  • أبعاد التغيير
  • برلمانية: القرار العربي الرافض لاحتلال غزةجاء ليعبر عن الموقف الموحد للدول العربية
  • زعماء أوروبيون: الحدود الدولية يجب ألا تتغير بالقوة
  • سوريا.. توغل إسرائيلي جديد في عدة قرى بريف القنيطرة ونصب حواجز عسكرية
  • هل سنعود للحياة الطبيعية بعد الطوفان؟