بعد أيام من الاشتباكات الدامية، فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم السبت، مفاجأة عبر منصة Truth Social، حيث أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على "وقف كامل وفوري لإطلاق النار" بعد ليلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة.

وجاء ذلك بعد أن عاد التوتر ليخيّم من جديد على الأجواء بين الهند وباكستان، بعد أن أعلنت نيودلهي شنّ غارات على مواقع قالت إنها "إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية.

 

وجاء القصف رداً على هجوم دامي استهدف سُياحًا هندوسًا في إقليم كشمير، أسفر عن مقتل 26 شخصًا، في حادثة حمّلت فيها الهند المسؤولية لإسلام آباد، التي سارعت إلى نفي التهمة.

وهذه الخطوة العسكرية فتحت الباب واسعًا أمام احتمالات التصعيد، وسط تاريخ حافل بالصراعات والحروب بين الجارتين النوويتين، في إقليم يئن منذ عقود تحت وطأة النزاع والدماء.

هجوم دموي يشعل الفتيل من جديد

وبداية الأمر كان في أبريل 2025، حين تعرّضت مجموعة من السُيّاح الهندوس لهجوم مُسلّح في القسم الهندي من إقليم كشمير، أودى بحياة 26 شخصًا. 

وسارعت نيودلهي إلى اتهام جماعات متشددة تتخذ من باكستان مقرًا لها، مؤكدة أن التحقيقات تُشير إلى دعم مباشر من أجهزة إسلام آباد.

وردًا على الهجوم، شنت القوات الهندية يوم الأربعاء غارات جوية استهدفت ستة مواقع قالت إنها "بنية تحتية للإرهاب"، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص، حسب بيان باكستاني رسمي. 

ولم تمضِ ساعات حتى تبادلت الدولتان القصف المدفعي على الحدود، في تصعيد يعيد إلى الأذهان مواجهات مشابهة وقعت مرارًا منذ نهاية القرن الماضي.

عقود من الدم والنار.. تسلسل زمني للصراعكارجيل 1999: حرب غير معلنة

بدأت شرارة القتال في مايو 1999، حين تسللت قوات باكستانية شبه نظامية إلى مواقع هندية في منطقة كارجيل. اندلعت مواجهات شرسة على خط وقف إطلاق النار، قبل أن تنجح ضغوط أمريكية في إجبار باكستان على الانسحاب.

هجوم البرلمان 2001: العاصمة في مرمى النيران

في ديسمبر 2001، استهدف مسلحون مبنى البرلمان الهندي في نيودلهي، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. اتهمت الهند جماعتي "جيش محمد" و"عسكر طيبة" اللتين تتخذان من باكستان مقراً، ما أدى إلى تجميد العلاقات بين البلدين.

مومباي 2008: مجزرة في قلب الاقتصاد الهندي

الهجوم الأكثر دموية وقع في نوفمبر 2008، حين شنّ عشرة مسلحين سلسلة هجمات منسقة في مومباي، خلّفت 166 قتيلاً. الحدث شكل صدمة هندية وأدى إلى تجميد تام للحوار مع باكستان لسنوات.

هجمات متكررة وتصعيد متواصل

تكررت السيناريوهات ذاتها لاحقًا:

يناير 2016: هجوم على قاعدة جوية هندية قرب الحدود.

سبتمبر 2016: مقتل 18 جنديًا في أوري، ورد الهند بـ"ضربات دقيقة".

فبراير 2019: تفجير انتحاري في كشمير يودي بحياة 40 من أفراد الأمن، ترد الهند بغارات جوية على بالاكوت، وتندلع مناوشات جوية مباشرة.

أغسطس 2019: قرار الهند بإلغاء الوضع الخاص لكشمير أشعل الغضب الباكستاني، لتتدهور العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة.

تحركات دبلوماسية واقتصادية بعد الهجوم الأخير

الهجوم الأخير لم يُشعل فقط الجبهات، بل فجر أيضًا موجة من القرارات التصعيدية:

الهند: أعلنت تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند الموقعة عام 1960، والتي تنظم تقاسم مياه الأنهار بين البلدين.

باكستان: أوقفت جميع أشكال التبادل التجاري، حتى ذلك الذي يجري عبر دول ثالثة.

الجانبان: أغلقت كل منهما مجاله الجوي أمام الطيران المدني للطرف الآخر، وألغت نيودلهي معظم التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين.

جذور الأزمة.. تاريخ من الصراعات العميقة

وفي قراءة تحليلية للتصعيد الأخير، تحدث اللواء الدكتور نصر سالم أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، عن السياق التاريخي المتوتر بين الهند وباكستان. 

وقال إن العلاقات بين الدولتين متدهورة منذ السبعينيات، حين اندلعت الحرب الهندية الباكستانية التي أسفرت عن تقسيم باكستان إلى شطرين، ما أدى لاحقًا إلى استقلال بنجلاديش. 

وأشار إلى أن الهند أسرت حينها نحو 650 ألف جندي باكستاني مع عتادهم الكامل.

وأضاف سالم - في تصريحات خاصة لصدى البلد - أن التوتر النووي بين البلدين بدأ منذ لحظة إعلان الهند امتلاك السلاح النووي، حيث ردت باكستان بأن "شعبها سيصوم حتى يمتلك القدرة النووية".

وأوضح أن الخلافات الحدودية، خصوصًا في كشمير، ما زالت قائمة ولم تجد طريقها للحل حتى الآن.

مخاوف من صدام نووي.. وتحذيرات للمجتمع الدولي

وشدد سالم على خطورة الوضع الراهن، قائلاً: "كلما وقعت أزمة داخلية في أي من البلدين، يتم تحميل الطرف الآخر مسؤوليتها، وهو ما يغذي العداء المزمن بينهما".

وأكد أن الحل الوحيد يكمن في خلق مصالح مشتركة وتجاوز خلافات الماضي التي تعرقل فرص التفاهم.

واختتم سالم حديثه بتحذير أن الهند وباكستان دولتان نوويتان، وأي صدام بينهما لن يكون تأثيره محصورًا في الحدود، بل سيدفع العالم بأسره ثمنه. ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل السريع لمنع وقوع مواجهة نووية قد تخرج عن السيطرة.

طباعة شارك الهند وباكستان كشمير نووي نووية بنغلادش الحرب

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند وباكستان كشمير نووي نووية بنغلادش الحرب الهند وباکستان

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يصعد ومصر تتحرك.. لا لتهجير الفلسطينيين| وخبير: الرؤية المصرية هدفها واضح

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومع تنامي الانتهاكات بحق المدنيين، تتوالى الإدانات الإقليمية والدولية التي تحذر من التبعات الخطيرة للتصعيد العسكري الإسرائيلي. 

تطورات الوضع في غزة.. وتهجير الفلسطينيين

وفي هذا السياق، عبرت اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية – الإسلامية الاستثنائية المشتركة عن رفضها القاطع لإعلان حكومة الاحتلال نيتها فرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة.

وفي هذا الصدد،  قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر تؤكد موقفها الثابت والحاسم برفضها التام لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة لفرض التهجير القسري على سكان قطاع غزة، وتشدد القاهرة على أن أي ترتيبات أمنية أو سياسية مستقبلية في المنطقة لن تنفذ دون موافقتها الصريحة، وبما يضمن الحفاظ على دورها المحوري في المعادلة الإقليمية.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "تسير الرؤية المصرية في إطار واضح وصارم، يقوم على رفض مطلق لكافة أشكال الهجرة، سواء كانت طوعية أم قسرية، وذلك انطلاقا من الالتزام بالمبادئ الإنسانية والقومية، ورفض أي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي في القطاع تحت غطاء النزاعات أو الأزمات".

وأشار فهمي، إلى أن تدين مصر بشكل كامل جميع الممارسات الإجرامية التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين، خاصة في ظل التصعيد الحالي، وترى فيها تجاوزا خطيرا للقانون الدولي والإنساني.

وتابع: "تتحرك القاهرة على أكثر من مسار دولي وإقليمي، حيث تجري اتصالات وتنسيقات فعالة داخل أروقة الأمم المتحدة، ومن خلال الجامعة العربية، بالإضافة إلى قنوات التواصل الدولية، بهدف التصدي لمخططات التهجير، والعمل على ردع الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني".

وفيما يتعلق بالموقف الدولي، أكد فهمي: "ترى مصر أن حالة الصمت القائمة بلغت حد التواطؤ أو التراخي في مواجهة ما يجري، منتقدة غياب تحرك دولي جاد يمكنه وقف الجرائم الإسرائيلية أو ردع مشاريع الاحتلال الاستيطانية والتهجيرية".

واختتم: "تؤكد القاهرة أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية كما يحاول البعض تصويرها اختزالا أو تهربا من جوهرها، بل هي قضية سياسية بامتياز، من قضايا التحرر الوطني وتقرير المصير، وينبغي أن يبقى التعاطي معها ضمن هذا الإطار، دون السماح بانحراف النقاش نحو مسارات تفرغها من مضمونها الحقيقي".

وفي بيان مشترك، وصفت اللجنة هذا الإعلان بأنه تصعيد خطير ومرفوض بشكل قاطع، معتبرة أنه انتهاك صارخ للقانون الدولي، ومحاولة مرفوضة لتكريس احتلال غير شرعي وفرض أمر واقع بالقوة، بما يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

موقف موحد ضد التهجير  

كما أكدت اللجنة رفضها التام لأي محاولات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدة على دعمها الكامل للجهود الدولية الجارية لوقف إطلاق النار، التي تقودها كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق لتبادل المحتجزين والأسرى، باعتباره مدخلا إنسانيا أساسيا لتخفيف حدة التصعيد، وإنهاء العدوان الإسرائيلي، وبدء مرحلة جديدة من الجهود الإنسانية.

وفي هذا السياق، شددت اللجنة على أهمية الشروع الفوري في تنفيذ الخطة العربية – الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، داعية إلى المشاركة الفاعلة في مؤتمر إعادة الإعمار المقرر عقده في القاهرة قريبا، باعتباره خطوة ضرورية لمعالجة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها القطاع.

برلماني: احتلال غزة جريمة مكتملة.. والصمت العالمي مريبمن يملك قرار الدخول إلى غزة؟.. أسامة الدليل يكشف حقائق وأكاذيب المعابر | فيديوتحذير من استمرار الجرائم الإسرائيلية

وأشارت اللجنة إلى أن الخطة الإسرائيلية الأخيرة ما هي إلا امتداد لانتهاكات ممنهجة، ترتكز على القتل والتجويع ومحاولات التهجير القسري وضم الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى إرهاب المستوطنين، وهي ممارسات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وتشكل تهديدا مباشرا لأي فرصة لتحقيق السلام، وتقوض كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإنهاء الصراع.

موقف مصري حازم.. التهجير خط أحمر

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان، شدد وزير الخارجية  الدكتور بدر عبد العاطي على أن تهجير الفلسطينيين "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، مؤكدا رفض مصر التام لكافة السياسات التوسعية الإسرائيلية، ومشددا على ضرورة العودة إلى مسار السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية.

وفي سياق متصل، كشفت وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمّدت على مدى الأشهر الخمسة الماضية عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة، ما ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية.

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل 11 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 212 وفاة، بينهم 98 طفلا، في مشهد يعكس حجم الكارثة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الحصار والتجويع الممنهج.

اجتماع مغلق بجامعة الدول العربية لمناقشة احتلال غزة والتحرك الدوليأسامة الدليل: المشهد على حدود مصر مع غزة تحيط به الأكاذيب ويجب كشف الحقائق للرأي العام طباعة شارك غزة قطاع غزة المساعدات الإنسانية رفح فلسطين الاحتلال

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن إسقاط 25 مُسيرة أوكرانية وترامب يدعو البلدين لمبادلة الأراضي
  • الهند تتهم باكستان بالتلويح بالحرب وبعدم المسؤولية
  • هجوم على ذاكرة شعب.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة من الرقابة
  • نيويورك تايمز: قائمة سوداء للكتب في كشمير لإسكات الانتقادات للهند
  • سبب غير متوقع وراء تجنب جوز الهند والموز لمرضى الكلى
  • باكستان: سيطرة الاحتلال على غزة هجوم مباشر على رؤية حل الدولتين
  • “الإعلامي الحكومي” يفند مزاعم نتنياهو بالأدلة والبراهين
  • الاحتلال يصعد ومصر تتحرك.. لا لتهجير الفلسطينيين| وخبير: الرؤية المصرية هدفها واضح
  • الهند تعلن إسقاط 6 طائرات باكستانية خلال الحرب
  • غزة من الهجوم إلى الاحتلال| خطة شريرة ضد القطاع المحاصر.. وخبير يكشف جرائم إسرائيل