في مشهد جديد من فصول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تشدد مواقفه، ملمحًا إلى خفض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145% إلى 80%. يأتي هذا التغيير بعد سلسلة من القرارات التصعيدية، ويثير تساؤلات حول الدوافع وراء هذا التراجع، كما يسلّط الضوء على الفرص التي قد تنشأ لدول أخرى وعلى رأسها مصر في ظل هذا التحول.

ترامب يخفف من لهجته.. الأسواق المغلقة "لم تعد مجدية"

كتب ترامب عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي أن فرض رسوم بنسبة 80% على الصين يبدو "قرارًا صائبًا"، متراجعًا بذلك عن رفع الرسوم الأخير الذي وصل إلى 145%. وأضاف في منشور آخر دعوة صريحة لبكين لفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية، معتبرًا أن "الأسواق المغلقة لم تعد مجدية" في عالم الاقتصاد الحديث.

التوترات بين البلدين كانت قد تصاعدت منذ مارس الماضي عندما بدأت الإدارة الأمريكية برفع الرسوم الجمركية تدريجيًا على الواردات الصينية، ثم بشكل سريع الشهر الماضي. لكن في الوقت ذاته، خففت واشنطن القيود المفروضة على شركاء تجاريين آخرين، مما يعكس نية لإعادة توزيع موازين التجارة العالمية.

مصر تدخل المشهد.. الاستثمار الصيني يتحول إلى فرصة استراتيجية

في تحليل أعمق لتداعيات هذا التراجع الأمريكي، يرى الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، أن تراجع حصة الصين في السوق الأمريكي قد يدفعها إلى تعزيز علاقاتها مع أسواق بديلة، مثل السوق المصرية. ويشير إلى أن مصر بالفعل بدأت تجني ثمار هذا التحول من خلال استقطاب استثمارات صينية متزايدة.

حتى الآن، تعمل في مصر نحو 2066 شركة صينية بإجمالي استثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار، ومن المرجح أن يرتفع هذا الرقم مع استمرار تدفق المصانع التي تسعى إلى تفادي القيود الأمريكية. ويرى الدكتور معن أن هذه الخطوة ليست مؤقتة، بل استراتيجية تهدف إلى خلق قواعد إنتاج بديلة مستدامة.

نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية

ويُلفت الدكتور معن إلى أن وجود هذه الاستثمارات الصناعية في مصر لا يقتصر فقط على تدفق الأموال، بل يمتد إلى نقل الخبرات الإدارية والتكنولوجية، مما يُسهم بشكل مباشر في تطوير المهارات المحلية وبناء رأس مال بشري مؤهل، قادر على مواكبة تطورات الصناعات العالمية.

فرصة تاريخية أمام المنتجات المصرية

ومع اتجاه واشنطن لتقليل الاعتماد على الصين، تظهر فرصة حقيقية أمام مصر لدخول الأسواق الأمريكية بمنتجات بديلة في مجالات كثيرة، مثل المنسوجات، الصناعات الغذائية، والمنتجات الزراعية. ارتفاع الرسوم المفروضة على الصين يُفسح المجال أمام المنتجات المصرية لتكون خيارًا تنافسيًا بديلاً في الأسواق العالمية.

موقع مصر يعزز مكانتها كمركز إقليمي

واختتم الدكتور معن تحليله بالتأكيد على أن الموقع الجغرافي الفريد لمصر الذي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا يمنحها ميزة استراتيجية تجعلها مؤهلة لأن تصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا. جذب الاستثمارات الأجنبية لا يعني فقط دخول رؤوس أموال جديدة، بل أيضًا تدفق عملات أجنبية وتحقيق تقدم حقيقي في ميزان التجارة، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.

الاتحاد الأوروبي يقاضي أمريكا
يستعد الاتحاد الأوروبي لتقديم شكوى رسمية ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية، اعتراضًا على الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة على واردات السيارات وقطع غيارها. وتستند هذه الخطوة إلى مبدأ المعاملة بالمثل، في ظل ما يعتبره الاتحاد خرقاً صارخاً لقواعد منظمة التجارة العالمية.

وذكرت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيطلب رسميًا بدء مشاورات مع المنظمة الدولية، مؤكدًا أن الرسوم الأمريكية تخالف القوانين التجارية المتفق عليها دوليًا، ولا يمكن لأي دولة، بما فيها الولايات المتحدة، التصرف بشكل أحادي أو تجاهل هذه القواعد.

في السياق ذاته، أعلنت المفوضية عن فتح باب المشاورات العامة بشأن قائمة من المنتجات الأمريكية التي قد تُفرض عليها تدابير مضادة، في حال فشلت المفاوضات الحالية بين الجانبين في التوصل إلى حل يرضي الطرفين ويؤدي إلى سحب الرسوم الأمريكية.

وتشمل هذه القائمة سلعًا أمريكية بقيمة تصل إلى 95 مليار يورو، تمتد عبر قطاعات متعددة مثل المنتجات الصناعية والزراعية. كما تبحث المفوضية الأوروبية فرض قيود محتملة على بعض صادراتها إلى الولايات المتحدة، خاصة في مجالات مثل خردة الصلب والمواد الكيميائية، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 4.4 مليار يورو.

من نزاع عالمي إلى فرصة وطنية

في ظل تقلبات السياسات التجارية العالمية، يبدو أن الأزمة بين أمريكا والصين تحمل في طياتها فرصًا واعدة لدول تبحث عن موقع جديد في خارطة الاقتصاد الدولي. ومصر، بما تمتلكه من مقومات استثمارية وبشرية، قد تكون أحد أبرز المستفيدين من هذا التحول.

طباعة شارك الولايات المتحدة الصين ترامب الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الصين ترامب الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: ترامب ينفد صبره بغزة ويستهدف القوة الليبرالية في أوروبا

تناولت صحف ومواقع عالمية تطورات متسارعة تتصل بالحرب على قطاع غزة، وضغوط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مسار اتفاق وقف الحرب، إلى جانب انتقادات أوروبية للتصعيد الإسرائيلي، وتقاطعات دولية أوسع تعكس صراعا على النفوذ داخل الغرب.

وركزت صحف إسرائيلية على ما وصفته بنفاد صبر إدارة ترامب إزاء تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب في غزة، إذ نقلت هآرتس عن مصادر دبلوماسية ضغوطا مزدوجة لنزع سلاح حركة حماس، مقابل دفع إسرائيل للتراجع عن حدود "الخط الأصفر".

وأضافت الصحيفة أن واشنطن تسعى لتمكين "مجلس سلام غزة" من إدارة القطاع كاملا، مع نشر قوة استقرار دولية، لافتة إلى أن استعادة جثة آخر رهينة إسرائيلية لا تُعد شرطا ضروريا للانتقال للمرحلة التالية.

وفي سياق متصل، كشفت يديعوت أحرونوت أن واشنطن تُحمّل إسرائيل المسؤولية المالية لإزالة دمار غزة بتكلفة مليارية، مشيرة إلى موافقة إسرائيلية مبدئية، تبدأ بإزالة الأنقاض من حي نموذجي في رفح.

وأوضحت الصحيفة أن الرفض العربي والدولي لتمويل إزالة الأنقاض قد يدفع إلى إلزام إسرائيل بإزالة نفايات القطاع كاملا، بتكلفة تتجاوز مليار دولار، وعلى مدى سنوات طويلة، وفق تقديرات رسمية.

أما صحيفة لوموند الفرنسية، فحذرت في افتتاحيتها من "الإرهاب الهادئ" الذي يفرضه المستوطنون وجيش الاحتلال في الضفة الغربية، معتبرة أن تركيز العالم على غزة صرف الانتباه عن تصعيد خطير ومتواصل هناك.

وانتقلت الصحافة الأميركية إلى ملفات أخرى، إذ تحدثت واشنطن بوست عن اجتماعات سرية مقلقة بين مسؤولين أوكرانيين كبار ومكتب التحقيقات الفدرالي، وسط مخاوف من صفقات تتعلق بالفساد أو ضغوط لفرض تسوية سلام قاسية.

وفي الشأن الأوروبي، رأت فايننشال تايمز أن هجمات ترامب على حلفاء واشنطن تندرج ضمن مساعيه لتفكيك ركائز "القوة الليبرالية" في أوروبا، مشيرة إلى عداء متراكم مرتبط بالتجارة والتكنولوجيا والدفاع.

إعلان

أما التايمز البريطانية فأشارت إلى صعود حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج ليصبح الأكبر من حيث عدد المنتسبين، مستفيدا من تراجع حاد في عضوية حزبي العمال والمحافظين خلال الأشهر الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • أمريكا ترامب وصدام حضارات مع أوروبا
  • الصين: نسعى لخفض الرسوم الجمركية على المنتجات العراقية
  • قراصنة الصين يخترقون شبكات أمريكا.. مسؤول ينتقد إدارة ترامب!
  • واشنطن بوست: من يقف وراء سياسة ترامب الخارجية المعادية لأوروبا؟
  • صحف عالمية: ترامب ينفد صبره بغزة ويستهدف القوة الليبرالية في أوروبا
  • غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا
  • قنبلة شتوية في سوق الألبان: الإنتاج يقفز 30% والأسعار تتراجع… والمنوفي يكشف خريطة الدولة لثورة الألبان في مصر
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة