قبل يوم من بدء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، تعيش القيادة الإسرائيلية في حالة قلق غير معتادة.

وبخلاف نبرة الثقة التي تطغى عادة على مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسود الصمت والتوجس.

وكشفت مصادر مقربة من مكتب نتنياهو لصحيفة هآرتس أن حالة من "عدم اليقين" تسود داخل الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية، خصوصا مع تكتم فريق ترامب على تفاصيل جدول أعماله.

وقال أحد مساعدي نتنياهو: "في الغالب، لا نعرف ما الذي ينوي الرئيس ترامب فعله أو قوله".

ويبدو أن حالة الغطرسة التي عادة ما تميز سلوك القيادة الإسرائيلية قد تراجعت، لتحل محلها حسابات دقيقة حول كيفية التعامل مع التحركات الأميركية في المنطقة.

وتتضمن الزيارة مؤتمرا اقتصاديا يشارك فيه كبار رجال الأعمال من الولايات المتحدة والسعودية، للإعلان عن استثمارات مشتركة ضخمة، في حين سيعقد ترامب قمة مع زعماء دول الخليج في اليوم التالي، قبل أن يغادر إلى الدوحة، ومن ثم يختتم جولته في أبو ظبي حيث سيتم الكشف عن استثمار ضخم في السوق الأميركي.

خطة المساعدات لغزة: انقسام في الرؤية والتمويل أولى الملفات الحساسة في زيارة ترامب هو ملف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

حيث صاغت إدارة ترامب، بالتنسيق مع إسرائيل، خطة لإنشاء هيئة رقابية تشرف على توزيع المساعدات وتمنع وصولها إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

لكن المعضلة الكبرى تكمن في التمويل. إعلان ويأمل ترامب، المعروف بميله للعزلة وتفضيله لعدم إنفاق أموال أميركية خارجية، أن تقوم دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر، بتمويل هذه الآلية.

لكن هذه الدول أبلغت واشنطن صراحة أنها ترفض تمويل هيئة جديدة خارج إطار وكالات الأمم المتحدة، وترى أن الحل يكمن في وقف الحرب، لا الالتفاف على جذورها، وفقا لهآرتس.

ومع تزايد خطر المجاعة، وعدم توفر خطة بديلة لدى إسرائيل، قد يؤدي فشل الخطة الأميركية إلى تصعيد سياسي داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع وجود انقسام واضح بين المتشددين ونتنياهو نفسه حول ملف المساعدات.

صفقة الأسرى وإنهاء الحرب: هل يُقصى نتنياهو؟

القضية الثانية التي قد تُفجر الخلاف بين ترامب ونتنياهو تتعلق بمخطط أميركي لإنهاء الحرب في غزة، يتضمن صفقة للإفراج المرحلي عن الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف تدريجي للعمليات العسكرية، وإنهاء حكم حماس في القطاع.

في أفضل سيناريو، سيعلن ترامب، مدعوما من الدول العربية، عن خطة تؤدي إلى إنهاء الحرب دون القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة فورا.

أما في السيناريو الأسوأ، سترفض إسرائيل أو حماس الخطة، ويتخلى ترامب عن الملف لتستمر الحرب ويموت الأسرى، وهو ما يعتبره بعض مسؤولي الحكومة الإسرائيلية "أفضل سيناريو" لبقاء الحكومة اليمينية الحالية لعام إضافي.

في المقابل، تخشى تل أبيب أن يُقدم ترامب على إعلان مبادرة دون التنسيق المسبق معها، بما يشمل تعهده بإنشاء "دولة فلسطينية بدون حماس"، وهو سيناريو تعتبره القيادة الإسرائيلية تهديدا مباشرا لسياساتها.

الملف الإيراني: صوت إسرائيل لا يُسمع القضية الثالثة والأخطر من وجهة نظر إسرائيل هي الملف النووي الإيراني. فبينما كانت تل أبيب لاعبا رئيسيا في هذا الملف، تبدو الآن خارج دائرة التأثير.

وتسعى إدارة ترامب للتوصل إلى مذكرة تفاهم مؤقتة مع إيران بشأن البرنامج النووي، تتيح للرئيس الأميركي إعلان اتفاق أولي، على أن تستكمل الفرق الفنية التفاصيل لاحقا. 

ورغم تصريحات مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بأن "إيران يجب ألا يُسمح لها بأي تخصيب لليورانيوم"، إلا أن واشنطن منفتحة على حلول وسط، مثل التخصيب تحت إشراف دولي وفي مواقع محددة فقط.

وفي هذه الأثناء، يبدو موقف نتنياهو أشبه بمن "يصرخ من المدرجات" دون أن يستجيب له أحد، على حد تعبير أحد المراقبين الإسرائيليين.

وتأتي زيارة ترامب في لحظة حرجة، وسط عدوان مستمر على غزة وأزمة إنسانية متفاقمة وفتور في علاقات واشنطن وتل أبيب.

وإذا نجح ترامب في تحريك ملفات غزة والأسرى وإيران، فقد يسجل نقطة مفصلية في ولايته الرئاسية الثانية.

أما إذا فشلت زيارته، فقد تترك المنطقة تغرق في حرب طويلة، وتفجّر انقسامات داخلية في إسرائيل نفسها.

والسؤال الأكثر أهمية يطرح نفسه: هل ستكون هذه الزيارة بداية تحول في السياسات الأميركية تجاه إسرائيل

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: دول تبرم صفقات مع حماس من وراء ظهر إسرائيل

أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه من عقد بعض الدول لصفقات مع حركة حماس بشأن الإفراج عن الأسرى من دون علم أو تنسيق مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

واعتبر نتنياهو، في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز" أن هذه المفاوضات تحمل "رسالة سيئة" للمجتمع الإسرائيلي، محذرًا من عواقب هذا النوع من التفاوض الذي يتم بعيدًا عن التنسيق مع إسرائيل.

وأشار نتنياهو إلى أن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، والذي تم اتخاذه بموجب ضغوط عسكرية على حماس، أصبح ممكنًا بسبب استمرار الضغط العسكري على الحركة.

وأضاف أنه في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات لإطلاق سراح رهائن آخرين، تستعد إسرائيل أيضًا لتكثيف القتال في قطاع غزة.

نتنياهو يلوح بالتخلي التدريجي عن المساعدات العسكرية الأمريكيةنتنياهو: الإفراج عن عيدان ألكسندر دون مقابلمكتب نتنياهو: لن يكون هناك ثمن لإطلاق الجندي "عيدان ألكسندر"زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي: حكومة نتنياهو تقود البلاد نحو الانهيار والعزلةالعد التنازلي بدأ: استطلاع جديد يكشف تراجع شعبية نتنياهوعائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومة نتنياهو تفرّط بفرصة القرن وتدفع نحو هزيمة تاريخيةإذاعة جيش الإحتلال : ترامب يقطع الاتصال مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهومصادر: ترامب قرر الدفع قدماً بخطوات في الشرق الأوسط دون انتظار نتنياهو

وأكد نتنياهو أن إسرائيل لا تلتزم بأي وقف لإطلاق النار أو بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين كجزء من أي صفقة مع حماس.

وقال إن إسرائيل مستعدة فقط لتوفير ممر آمن لخروج عيدان ألكسندر من غزة، في خطوة تقتصر على ضمان سلامته دون أن تتضمن أي تسوية شاملة تتعلق بالقتال المستمر في القطاع.

في وقت سابق، أمس الأحد، أعلنت حركة حماس عن إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية أيضًا، في إطار خطوات تهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل وفتح المعابر الإنسانية إلى غزة لتسهيل إدخال المساعدات والإغاثة.

كما أكدت الحركة استعدادها لبدء مفاوضات مكثفة بشأن صفقة تبادل أسرى شاملة، تشمل اتفاقًا طويل الأمد لوقف الحرب وإدارة قطاع غزة بشكل مستقل، لضمان استقرار المنطقة.

طباعة شارك نتنياهو غزة إسرائيل حماس حركة حماس عيدان ألكسندر

مقالات مشابهة

  • من الصفقة الجزئية إلى التسوية الشاملة.. مفاوضات تربك نتنياهو
  • هآرتس: 3 قضايا ساخنة في رحلة ترامب قد تفجر الخلاف مع نتنياهو
  • عاجل. "موتوا إن لم تكن لديكم جنسية ثانية".. مفاوضات حماس وواشنطن حول الرهائن تفجر أزمة في تل أبيب
  • رويترز عن نتنياهو: إسرائيل غير ملتزمة بأي وقف إطلاق نار مع "حماس"
  • ترامب يصف الحرب الإسرائيلية على غزة بـالوحشية ويعول على إنهائها
  • نتنياهو: دول تبرم صفقات مع حماس من وراء ظهر إسرائيل
  • إسرائيل تقصف مدرسة بنات بغزة بعد ساعات من وصف ترامب الحرب بـالوحشية
  • إسرائيل تؤيد خطة ترامب للمساعدات في غزة وتحذر من "حرب للأبد"
  • إيكونوميست: الحرب في غزة يجب ألا تستمر وعلى ترامب الضغط على نتنياهو