الجولة الرابعة من المفاوضات النووية "صعبة لكنها مفيدة"
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
د. محمد صالح صدقيان **
u2saleh@gmail.com
انتهت يوم الأحد الجولة الرابعة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة بالاتفاق على استمرار هذه المفاوضات في الموعد والمكان الذي يحدده الوسيط العُماني الذي استضاف جميع هذه الجولات التي جرت بين الجانبين بشكل غير مباشر منذ 10 أبريل الماضي.
لم يتحدث الجانبان عن اتفاق أو التوصل إلى "إطار اتفاق" كما كان متوقعًا، وإنما كان هناك تحفّظ واضح في التصريحات؛ ففي الوقت الذي لم يبدِ الجانب الأمريكي موقفًا واضحًا بشأن نتائج الجولة الرابعة، قال الجانب الإيراني إن الجولة التي لم تستمر أكثر من 3 ساعات كانت صعبة لكنها مفيدة لجهة معرفة وجهات نظر الجانبين.
مصادر مواكبة لهذه المفاوضات، قالت إن الجانب الأمريكي طرح مرة أخرى قضية تخصيب اليورانيوم في داخل إيران ومدى حاجتها لهذه الأنشطة، في الوقت الذي تستطيع أن تشتري الوقود النووي من السوق الخارجية بمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتشغيل المفاعلات الإيرانية المستخدمة للأغراض السلمية. وهذا ما دعا الجانب الإيراني إلى الإعراب عن استعداده لتقديم المزيد من التنازلات لإزالة القلق من طبيعة البرنامج النووي الإيراني؛ حيث قدّم عدة مقترحات تتعلق بأنشطة التخصيب المقلقة للجانب الغربي بشكل عام والجانب الأمريكي المفاوض بشكل خاص.
وفي حقيقة الأمر، فإن التحديات التي تواجه هذه المفاوضات لا تزال تعمل وهي تحاول تسريع محركاتها من أجل التأثير على مسار هذه المفاوضات.
أولًا: الكيان الإسرائيلي الذي لا يريد هذه المفاوضات ويسعى بكل جدية لإفشالها مستخدمًا بذلك اللوبي اليهودي في داخل الولايات المتحدة، وهو بذلك يريد الضغط على الإدارة الأمريكية لاستخدام الخيارات العسكرية بدلًا من الخيارات السياسية والدبلوماسية لإنهاء وتفكيك البرنامج الإيراني النووي.
ثانيًا: الاصطفاف الموجود داخل الإدارة الأمريكية بشأن آلية التعاطي مع الملف الإيراني برمته وليس المسألة النووية فقط؛ حيث يقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب مندوبه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ونائبه جي دي فانس في مقابل وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث.
ثالثًا: الأصوليون في الداخل الإيراني المتشدّدون بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة؛ حيث يعتقدون أن الجانب الأمريكي مهما كان شكله ونوعه وطعمه، هو غير جاد في التوصل مع الجانب الإيراني إلى اتفاق يستند إلى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل؛ بل إنه يريد التوصل إلى اتفاق حسب مقاساته؛ وهو في نهاية المطاف يريد القضاء على النظام السياسي في إيران تحت مظلة المفاوضات أو بغيرها.
رابعًا: الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، التي كانت في اجتماعات اتفاق عام 2015، وهي الآن بعيدة عن هذه الأجواء؛ حيث تمسك بيدها آلية "سناب باك" لعودة العقوبات الدولية على إيران استنادًا إلى القرار الأممي 2231 وتلوّح باستخدامها خلال ما تبقّى من مدة، وهو شهر يونيو القادم لانقضاء صلاحيته بعد هذا التاريخ.
خامسًا: وهو الأخطر، عندما يتفاعل الكيان الإسرائيلي مع الاصطفاف داخل الإدارة الأمريكية، كما حدث في قضية إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز، عندما اكتشف أن والتز اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونسّق معه بشأن هجوم موجّه ضد إيران. وعلى الرغم من إبعاد والتز عن الإدارة، إلا أن هذا التحدي لا يزال قائمًا وبقوة من أجل إفشال المفاوضات.
المصادر الإيرانية المواكبة تحدّثت عن مقترح دفع به الجانب الأمريكي إلى الوفد الإيراني، والذي جعل جولة المفاوضات الرابعة تقتصر على مدة قصيرة لا تتجاوز ثلاث ساعات؛ فحوى المقترح – كما نقلت هذه المصادر – تعليق أنشطة التخصيب؛ الأمر الذي يعارضه الجانب الإيراني الذي يرى أن هذه الأنشطة من حق إيران ولا تتعارض مع المواثيق والقوانين التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونقلت هذه المصادر أن الجانب الإيراني قدّم مقترحات متعددة من أجل إزالة القلق عند الجانب الأمريكي من طبيعة أنشطة التخصيب الإيرانية، بالشكل الذي يكسب موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية كأنظمة المراقبة، ونسب التخصيب، وكميات اليورانيوم المخصّب، وآلية حفظ هذه الكميات واستخدامها وما شابه ذلك من الأمور الفنية.
وحسب هذه المصادر، فإن الجانب الأمريكي كان يملك تصوّرات أخرى لا تنسجم مع الطرح الإيراني. وقد لعب الجانب العُماني بشخص وزير الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي دورًا مهمًا في عدم وصول المفاوضات إلى طريق مسدود؛ حيث اقترح رجوع الوفدين إلى حكومتيهما لدراسة المقترحات المطروحة بين الجانبين، على أن يحدّد الجانب العُماني مكان وتاريخ الاجتماع المقبل، الذي ربما يُعقد على مستوى الخبراء والمختصين في المجال النووي.
وحسب معلومات المصادر المطلعة، فإن الجانب الإيراني طرح فكرة الوصول إلى "اتفاق إطار" يتم تنفيذه على مراحل متزامنة بين خفض إجراءات أنشطة التخصيب وإزالة العقوبات المفروضة على إيران.
الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض والدوحة قبيل توجهه إلى مسقط، وكذلك الزيارة التي قام بها إلى أبوظبي يوم الاثنين، تدخل في إطار الرغبة الإيرانية بوضع دول مجلس التعاون في إطار المفاوضات وأجوائها؛ لأن طهران تعتقد أن وضع هذه الدول في أجواء هذه المفاوضات، يدعم موقفها التفاوضي، ويجعلها أكثر شفافية؛ مما يعزز العلاقات مع هذه الدول ويدعم موقف طهران التفاوضي أيضًا.
*باحث ومحلل سياسي إيراني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تفاؤل بعد انتهاء الجولة الرابعة من المحادثات بين إيران وأمريكا
قال مسؤولون إن الجولة الجديدة من المحادثات بين المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين لحل الخلافات بشأن برنامج طهران النووي انتهت في سلطنة عمان يوم الأحد مع التخطيط لعقد جولات تفاوضية أخرى، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه طهران إصرارها على مواصلة تخصيب اليورانيوم.
وعقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الجولة الرابعة من المحادثات في مسقط عبر وسطاء عمانيين على الرغم من اتخاذ واشنطن موقفا صارما في العلن والذي قال مسؤولون إيرانيون إنه لن يساعد المفاوضات.
وقال عراقجي إن المحادثات كانت "أكثر جدية ووضوحا عن الجولات الثلاث السابقة".
وأضاف للتلفزيون الرسمي: "بات أحدنا يفهم الآخر على نحو أفضل الآن، ونأمل في إحراز مزيد من التقدم في المستقبل… يجب أن تستمر إيران في تخصيب اليورانيوم، مع أن نطاقه ومستواه قد يتغيران".
وذكر مسؤول كبير في إدارة ترامب أن المناقشات "المباشرة وغير المباشرة" التي جرت، الأحد، استمرت لأكثر من ثلاث ساعات.
وأضاف المسؤول: "نحن متفائلون بالنتيجة التي توصلنا إليها اليوم ونتطلع إلى اجتماعنا المقبل الذي سينعقد قريبا".
وقال ويتكوف لموقع "برايتبارت نيوز"، الخميس، إن الخط الأحمر بالنسبة لواشنطن هو "لا تخصيب. وهذا يعني التفكيك وعدم التسليح"، الأمر الذي يتطلب تفكيك المنشآت النووية الإيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان بالكامل.
لكن عراقجي قال: "لا يوجد مجال على الإطلاق لتقديم تنازلات بخصوص تخصيب اليورانيوم" على الأراضي الإيرانية.
وأضاف بعد المحادثات: "أبعاد (هذا التخصيب) أو نطاقه أو مستواه أو كميته قد يخضع لبعض القيود لأغراض بناء الثقة كما حدث في الماضي على سبيل المثال، لكن مبدأ التخصيب في حد ذاته غير قابل للتفاوض على الإطلاق".
وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في منشور على منصة "إكس" إن المحادثات بين إيران والولايات المتحدة تضمنت أفكارا "مفيدة ومبتكرة"، مضيفا أن الجولة القادمة من المحادثات ستُعقد بعد أن يتشاور الطرفان مع قيادتيهما.
من جهته قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إنهم جادون بشأن التوصل إلى اتفاق في المفاوضات مع الولايات المتحدة بوساطة سلطنة عمان، لكنهم لن يقبلوا بإنهاء البرنامج النووي السلمي كاملا.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، الأحد، أن بزشكيان، تطرق في حديثه خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد في العاصمة طهران، إلى المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة.
وأكد بزشكيان، أن بلاده لا تسعى ولن تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية.
وأضاف: "وفقا لفتوى المرشد (الإيراني علي خامنئي)، فإن أي عمل يهدف إلى إنتاج الأسلحة النووية ممنوع".
وأردف بزشكيان: "لا شك أن الجدال بشأن ضرورة تخلي إيران عن جميع منشآتها النووية غير مقبول لنا أيضا. سنواصل أنشطتنا النووية السلمية بعزم".
وتابع: "نحن جادون بشأن المفاوضات والسعي إلى التوصل إلى اتفاق. نتفاوض لأننا نريد السلام. نحن دولة تسعى إلى السلام والأمن في المنطقة".