هجوم مسلح على قاعدة عسكرية بنيجيريا يوقع قتلى وجرحى
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
شن مسلحون يشتبه في انتمائهم إلى جماعات إسلامية متشددة هجوما مباغتا فجر أمس الاثنين على قاعدة تابعة للجيش النيجيري بولاية بورنو شمال شرقي البلاد، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود واختفاء آخرين، إضافة إلى استيلاء المهاجمين على أسلحة وذخائر.
ووفقا لما نقلته وكالة رويترز عن مصادر أمنية، استهدف الهجوم قاعدة "الكتيبة 153 للقوة الخاصة" في منطقة مارتي، حيث طوّق المسلحون الموقع مستخدمين دراجات نارية وآليات عسكرية مزودة بأسلحة ثقيلة.
وأفاد أحد الجنود الناجين من الهجوم بأن القوات النيجيرية اضطرت إلى الانسحاب نحو قاعدة أكبر تابعة "للواء 24 للقوة الخاصة" في منطقة ديكوا المجاورة، حيث أعادت تجميع صفوفها وشنت هجوما مضادا مكنها من استعادة السيطرة على القاعدة المستهدفة.
وأضاف الجندي -الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية- أن "عددا من الجنود قُتلوا خلال الهجوم، في حين أُسر آخرون أثناء عملية الانسحاب".
ولم تصدر وزارة الدفاع النيجيرية أي بيان رسمي بشأن الحادث حتى الآن.
من جهته، صرح أحد عناصر "قوة المهام المشتركة المدنية" -وهي مليشيا محلية تساند الجيش في مواجهة الجماعات المسلحة- بأن المهاجمين استولوا على كميات من الذخائر وأضرموا النار في آليات عسكرية.
إعلانوأشار إلى أن عمليات البحث عن الجنود المفقودين لا تزال جارية.
ويأتي هذا الهجوم في سياق تصاعد وتيرة العنف بشمال شرقي نيجيريا خلال العام الجاري، وسط مخاوف من عودة قوية لجماعات متطرفة مثل "بوكو حرام" و"ولاية غرب أفريقيا" التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، والتي باتت تعتمد على تقنيات متطورة تشمل الطائرات المسيرة والعبوات الناسفة المزروعة على الطرق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
من غزة إلى صنعاء: حين تساقطت أوراق الهيمنة الواحدة تلو الأخرى
قبل أكثر من عشرين عاما، اندلعت انتفاضة الأقصى في خريف عام 2000 لتشكّل نقطة تحوّل فارقة في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. جاءت الانتفاضة ردا على زيارة أرئيل شارون إلى باحات المسجد الأقصى، لكنها تجاوزت كونها رد فعل عاطفي، لتعلن بداية مرحلة جديدة من المقاومة الشعبية والمسلحة، تحمل وعيا مختلفا وإرادة لا تلين.
شارون، الذي ظن أن قوة الردع كافية لإخماد الانتفاضة خلال أسابيع، وجد نفسه أمام مقاومة تستنزف جنوده وتُربك حساباته. وفي 2005، اضطر إلى الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، في اعتراف ضمني بفشل المشروع الصهيوني في بسط الهيمنة الكاملة. كان ذلك الانسحاب، في جوهره، بداية تآكل الردع الإسرائيلي، وكشفا لهشاشة ما كان يُظن أنه تفوق لا يُقهر.
لكن ما حدث لم يكن شأنا إسرائيليا داخليا فحسب، فإسرائيل، في موقعها ووظيفتها، كانت دوما امتدادا أماميا للهيمنة الأمريكية في المنطقة، وكلما اهتزت قدرتها على فرض السيطرة، ارتجّ المركز ذاته. من هذه الزاوية، لا يبدو الانسحاب من غزة سوى لحظة أولى في سلسلة ارتدادات لاحقة على نفوذ واشنطن، من بيروت إلى بغداد، ومن دمشق إلى صنعاء.
وفي السنوات الأخيرة، تسللت ملامح هذا الأفول إلى العلن، حين قررت واشنطن، خلال إدارة ترامب، تجنّب المواجهة المباشرة مع الحوثيين، تاركة إسرائيل بمفردها في قلب النار، ومتخلّية عن حلفائها التقليديين. سعت الولايات المتحدة إلى فصل مصالحها البحرية عن المعركة، في رسالة واضحة بأن الحلفاء لم يعودوا أولوية، وأن الهيمنة مكلفة أكثر من اللازم.
صنعاء تلتحق بالميدان
في المشهد اليمني، برز الحوثيون كقوة لا يُستهان بها، خصوصا بعد إعلانهم أن عملياتهم في البحر الأحمر تأتي دعما لغزة. استهدافهم للسفن العابرة لمضيق باب المندب لم يكن استعراضا عسكريا، بل خطوة استراتيجية أعادت رسم خرائط الملاحة البحرية، وفرضت تكاليف باهظة على اقتصاديات العالم.
استخدم الحوثيون صواريخ باليستية، وطائرات مسيّرة، وزوارق مفخخة، في هجمات شلّت حركة الشحن الدولي وأرغمت شركات عملاقة على تحويل مساراتها. ولأول مرة منذ عقود، وُضعت القوى البحرية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، في موقع دفاعي مربك، رغم تشكيل تحالف عسكري بحري لمحاولة احتواء التهديد.
هذا التحدي غير المسبوق كشف هشاشة "النظام العالمي" الذي طالما قُدّم باعتباره منظومة راسخة لا تهتز.
ترامب و"غورباتشوف أمريكا"
تزامن هذا التحوّل مع صعود دونالد ترامب، الذي شبّهه البعض بـ"غورباتشوف الولايات المتحدة"، باعتباره الرئيس الذي فتح باب التراجع الاستراتيجي أمام واشنطن. فخلال سنوات حكمه، بدا العالم وكأنه يراقب تفكك الدور الأمريكي، من الداخل والخارج.
قرارات متسرعة، انسحابات مفاجئة، وحروب تجارية غير محسوبة، كلها أضفت على السياسة الأمريكية طابعا من الفوضى والارتباك، جعل حتى حلفاءها التقليديين يعيدون حساباتهم. لقد دخلت واشنطن، في عهده مرحلة الإرهاق الاستراتيجي: إنها لم تعد قادرة على فرض السيطرة، ولا مستعدة لتحمّل أكلافها.
تحوّل لا يُمكن تجاهله
اليوم، يقف الشرق الأوسط على عتبة مرحلة جديدة، لم يعد التغيير مرهونا بغرف مغلقة في واشنطن أو بروكسل، بل تفرضه إرادات شعبية، من غزة إلى صنعاء، ومن بغداد إلى بيروت، ومع كل صاروخ لا يُعترض، ومع كل انسحاب لا يُعلَن، تتهاوى أسطورة التفوق الغربي.
إننا نشهد لحظة تاريخية نادرة: نهاية زمن الهيمنة الواحدة، وبداية عصر التوازنات الجديدة، التي تصنعها الشعوب وتفرضها المقاومة.