قال المؤرخ والباحث السياسي الإسرائيلي آفي شيلون إن إسرائيل تحولت في السنوات الأخيرة من "أصل إستراتيجي" للولايات المتحدة إلى "عبء سياسي وعسكري" عليها، محمّلا حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية هذا التحوّل نتيجة افتقارها إلى رؤية إستراتيجية تتقاطع مع مصالح حليفتها الكبرى.

وفي مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، رأى شيلون أن أحد أبرز ما كشفته الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 هو حجم اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة.

وأضاف أن هذا الاعتماد لم يعد خيارا سياسيا أو إستراتيجيا، بل أصبح ضرورة وجودية في ظل التهديدات المتعددة التي تواجهها إسرائيل من محيطها، وكذلك في ظل تصاعد العداء السياسي لها على الساحة الدولية.

وأشار شيلون إلى أن الولايات المتحدة منذ الساعات الأولى للحرب كانت الداعم الأساسي لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، سواء من خلال تهديدات الرئيس جو بايدن لحزب الله وإيران، أو عبر نشر حاملات الطائرات في المنطقة، فضلًا عن الإمدادات العسكرية المتواصلة، والدعم السياسي في المحافل الدولية، والمشاركة الفعلية في الدفاع الجوي ضد الهجمات الإيرانية.

ورغم الانتقادات التي وُجّهت لإدارة بايدن بسبب ما وُصف بأنه "تقييد" للعمليات العسكرية في غزة، أكد شيلون أن إسرائيل ما كانت لتصمد عسكريا أو سياسيا من دون هذا الدعم، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة كانت تقاتل فعليا إلى جانب إسرائيل خلال تبادل الضربات مع إيران.

إعلان

ويذكّر المؤرخ الإسرائيلي بأن التحالف مع قوة عظمى كان دائمًا جزءًا من عقيدة إسرائيل الأمنية منذ أيام رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون. فبينما اعتمدت إسرائيل في خمسينيات وستينيات القرن الماضي على فرنسا، أصبحت الولايات المتحدة منذ الستينيات هي الداعم الرئيسي لها، بما توفره من مزايا تكنولوجية وعسكرية واقتصادية وسياسية.

لكن هذه العلاقة -بحسب شيلون- لا تعني أن واشنطن ستكون دوما في خدمة المصالح الإسرائيلية فقط. فالتحالف يفرض على إسرائيل أيضًا أن تراعي المصالح الأميركية، وأن تكون جزءا من الرؤية الإستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.

ويقول شيلون إن الزعيم الإسرائيلي "الحكيم" هو من يعرف كيف يناور، وكيف يربط بين المصالح الإسرائيلية والمصالح الأميركية، وهو ما فشلت فيه الحكومة الحالية التي لا تملك -في رأيه- أي إستراتيجية واضحة منذ بداية الحرب، سوى ترديد شعار "النصر الكامل" في غزة.

إسرائيل لا تساعد نفسها

ويمضي شيلون في انتقاد السياسة الإسرائيلية، ويستحضر تجربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي جاء إلى البيت الأبيض بنهج مختلف، جمع بين دعم إسرائيل إعلاميا، وتعيين شخصيات يمينية متطرفة في إدارته، لكنه في الحقيقة يرفض الحروب الطويلة ويفضل الاتفاقيات السياسية والتجارية.

وبحسب المؤرخ الإسرائيلي، فإن ترامب أثبت بالفعل أنه غالبا ما يهدد بالحروب ولكنه يعارضها من حيث المبدأ، فضلا عن الحروب الطويلة، لأنها بنظره مضيعة للموارد، ويمكن تحقيق أهدافها في الاتفاقيات من دون إطلاق رصاصة واحدة. ويضيف المؤرخ الإسرائيلي "كان على إسرائيل أيضا أن تفهم أنه لا يوجد رئيس للولايات المتحدة منذ جورج دبليو بوش أو باراك أوباما وترامب في ولايته الأولى والثانية وبايدن، لديه مصلحة في محاربة إيران، والجميع يفضل التوصل إلى اتفاق. لذلك، كان من المفترض أن تستغل إسرائيل ولاية ترامب للتوصل إلى اتفاقيات مع الدول العربية، بما في ذلك سوريا وغزة، في ظل ظروف كان من الصعب عليها تحقيقها في عهد بايدن".

إعلان

ويؤكد شيلون أن إسرائيل رفضت مساعدة نفسها في عهد بايدن، وها هي تفعل الشيء ذاته في عهد ترامب، رغم قدرتها على استثمار الدعم العسكري الأميركي لمصلحة تسوية إقليمية تحقق مكاسب إستراتيجية، وعلى رأسها إطلاق سراح الأسرى من غزة.

ويخلص المؤرخ الإسرائيلي إلى أن واشنطن بدأت تتحرك في المنطقة بمعزل عن إسرائيل، ليس لأن بايدن أو ترامب معادٍ لها، بل لأن الحكومة الإسرائيلية نفسها لم تعد تقدم أي مساعدة للولايات المتحدة في بلورة إستراتيجية إقليمية متكاملة.

ويحذر شيلون من أن استمرار هذا النهج سيعمّق الفجوة بين الجانبين، ويُفقد إسرائيل مكانتها في الشرق الأوسط، وهو ما يجعلها من وجهة نظر واشنطن عبئًا يجب تحجيمه لا أصلا إستراتيجيا يجب الاستثمار فيه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المؤرخ الإسرائیلی للولایات المتحدة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

مفاوضات مرتقبة بين أميركا وإيران لوقف تخصيب اليورانيوم

ذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" أن المبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، سيعقد خلال الأيام القليلة المقبلة محادثات مع مسؤولين إيرانيين.

وأضافت أن "محادثات ويتكوف ستتناول إمكانية التوصل لاتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات".

ويأتي ذلك في إطار تحركات دبلوماسية تسعى لاحتواء التوترات النووية وفتح قنوات تواصل مباشر بين واشنطن وطهران، في ظل الجمود الذي يلف المفاوضات الرسمية منذ شهور.

وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن استعداد بلاده بشكل أساسي لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تخفيف لهجته.

وقال عراقجي في منشور، على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي: "إذا كان الرئيس ترامب صادقا في رغبته في التوصل إلى اتفاق، فيتعين عليه أن يضع جانبا النبرة غير المحترمة وغير المقبولة تجاه المرشد علي خامنئي وأن يتوقف عن إيذاء ملايين من أتباعه المخلصين".

وذكر ترامب في وقت سابق أنه سيتم إجراء محادثات جديدة مع إيران الأسبوع المقبل، لكنه لم يقدم أي تفاصيل.

في المقابل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، الخميس، إن إدارة ترامب لا تزال "على تواصل وثيق مع الإيرانيين"، لكنها أوضحت أنه لا توجد حاليا أي محادثات مجدولة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وكان من المقرر عقد الجولة السادسة من المحادثات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني في سلطنة عمان في 15 يونيو، لكن تم إلغاؤها بعد أن شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية على أهداف إيرانية.

مقالات مشابهة

  • أميركا وجواتيمالا يكملان عقد نصف نهائي الكأس الذهبية
  • إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب
  • بريطانيا: بدء سريان اتفاق تجاري مع أميركا لخفض الرسوم
  • كندا تلغي ضريبة الخدمات الرقمية لتسريع اتفاق تجاري مع أميركا
  • فزع أميركا من انهيار وشيك
  • مفاوضات مرتقبة بين أميركا وإيران لوقف تخصيب اليورانيوم
  • جدل في أميركا.. بسبب حكم مرتبط بحق الجنسية بالولادة
  • لماذا لم تقصف أميركا موقع أصفهان النووي بالقنابل الخارقة للتحصينات؟
  • في رسالة لمجلس الأمن.. أميركا "تبرر" قصفها لمواقع في إيران
  • بين حربين خاسرتين.. “هآرتس”: هكذا تُنهك “إسرائيل” عسكريًا وتتنازع سياسيًا