الجزيرة:
2025-07-01@21:56:16 GMT

مسلسل برستيج.. رحلة تائهة بين الكوميديا والجريمة

تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT

مسلسل برستيج.. رحلة تائهة بين الكوميديا والجريمة

انتهى عرض الحلقة الأخيرة من الجزء الثاني من مسلسل "ساعته وتاريخه" للمخرج عمرو سلامة قبل حلول شهر رمضان الكريم بأيام قليلة، ليمر الشهر بما يحمله من سباق محتدم للمسلسلات التلفزيونية ثم يعود عمرو سلامة بمسلسل آخر هو "برستيج".

"برستيج" من تأليف إنجي أبو السعود، وبطولة: محمد عبد الرحمن، مصطفى غريب، راندا، سامي مغاوري، آلاء سنان، بسام رجب، معاذ نبيل، أمنية البنا، زياد ظاظا.

وتدور أحداثه على مدى 8 حلقات فقط، تعرض حلقتان منها كل أسبوع، ليستمر المسلسل شهرا فقط.

كوميديا غير مضحكة وجريمة لا أحد مهتما بحلها

يحمل المسلسل اسم "برستيج"، وهو اسم مقهى خيالي يقع في قلب حي وسط البلد بالقاهرة. هذا المقهى يستحضر في الأذهان أجواء مقاه عريقة مثل "كافيه ريش" و"غروبي" التي لا تميزها فقط سنوات عمرها الطويل بل قيمتها التاريخية أيضا، إذ احتضنت شخصيات بارزة وشهدت نقاشات سياسية وثقافية تركت أثرًا كبيرًا في الذاكرة العامة.

يتجمع أبطال المسلسل في المقهى بشكل عشوائي، فمنهم من يواعد حبيبته التي تصغره عمرا، ومن تقابل مسؤول مواقع تواصل اجتماعي برفقة صديقها، والمحامي الشاب المحدود الشهرة والنجاح، وامرأة تدخل لتبحث عن مأوى لنفسها ولقطة صغيرة وسط عاصفة ماطرة بدأت في الخارج، بالإضافة إلى طفل مشرد، والعاملين بالمقهى والطاهية وصاحب المكان.

مسلسل "برستيج" هو فرصة ضائعة لكل من طاقمه والمشاهدين (الصحافة المصرية)

تسببت العاصفة في سقوط عدد من أعمدة الإنارة، وذلك ما جعل التجول في الشوارع أمرا خطيرا، وأجبر أبطالنا على البقاء داخل المقهى إلى أجل غير معلوم. ازداد الموقف توترًا مع انقطاع التيار الكهربائي بضع دقائق، وعند عودته صُدم الجميع بالعثور على جثة تامر الجمال (أحمد داود)، لتبدأ بعدها موجة من الاتهامات المتبادلة بين الحاضرين.

إعلان

تدور أحداث الحلقات الثماني في إطار هذه الاتهامات، خاصة مع الحبس الإجباري، وتبدأ كل حلقة بكشوفات عن ماضي أحد الشخصيات قبل وقوع الحادث، ثم تستمر الأحداث من النقطة ذاتها.

يجمع المسلسل بين الجريمة والكوميديا، مع لمسة فانتازية في الحلقتين الخامسة والسادسة، في خليط يُفترض أن يكون مثيرًا للاهتمام. غير أن الانتقال بين هذين النوعين لم يكن بالسلاسة أو المنطق المنشود، فبينما تقدم الحلقات الأربع الأولى شكلًا بدائيا من حبكة "من فعلها"، جعلها تتشابه مع قصص الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي، فإن الحلقتين الخامسة والسادسة أدخلتا الأحداث في منعطف غامض غير مؤسس خلال السرد، مما جعله أقرب إلى الفانتازيا. كان من الممكن أن يكون ذلك مقبولًا لو أن هذه التفاصيل الخيالية كانت واضحة منذ البداية.

أما الكوميديا، فاعتمدت بشكل أساسي على خفة ظل مصطفى غريب ومحمد عبد الرحمن، في سيناريو لم يمنحهما المساحة الكافية لاستغلال موهبتيهما بالكامل، حتى الطرائف المكتوبة بشكل مباشر لإضحاك المشاهدين جاءت مباشرة، ولا تتمتع بالذكاء الكافي، مما جعل مصطفى غريب، على وجه الخصوص، يبدو باهتًا مقارنة بأدائه في شهر رمضان في شخصية عربي بمسلسل "أشغال شاقة جدا".

برستيج فرصة ضائعة للمتفرج والصناع

"برستيج" من تأليف إنجي أبو السعود التي لم تكتب من قبل إلا مسلسلا واحدا هو "سفاح الجيزة"، والذي يقع أيضا في دائرة أعمال الجريمة. وعلى الرغم من شعبيته وقت عرضه، فإن انتقادات كثيرة وجهت إليه، خصوصا في المباشرة الشديدة في السيناريو، وتصاعد الأحداث غير المنطقي، وركاكة الحوار، وهو أمر يمكن تطبيقه تماما على "برستيج" الذي يبدو في الحلقات الأربع الأولى كما لو أنه تكرار لدائرة الشك، إذ تشير كل شخصية بأصابع الاتهام إلى شخصيات أخرى من دون أسباب منطقية واضحة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء الشخصيات هزيل جدا؛ فهي مجرد نماذج مختصرة وليست شخصيات مكتملة، مثل المحامي الفاشل، وصاحب المقهى الذي يعيش في زمن ولّى، أو المهاجرة السورية التي تعاني من كرب ما بعد الصدمة بسبب تجربة الهجرة على متن قارب في عرض البحر.

إعلان

غير أن مشاكل المسلسل لم تقتصر على السيناريو فحسب، ففي الحلقة الأولى ظهر مشهد يستخدم المؤثرات البصرية والتحريك لديمة (آلاء سنان) وهي على أحد القوارب المطاطية في بحر هائج وعاصفة مرعبة. ولكن اكتشفنا بعد ثوانٍ أن ذلك كان كابوسا تحلم به الشخصية، وهي امرأة سورية هربت على متن قارب مماثل في الماضي.

يصدم هذا المشهد القصير المتفرج بتواضع تقني واضح، خاصة من ناحية الرسوم المتحركة، رغم التطور التكنولوجي الكبير. وهذا التواضع يمتد إلى باقي المسلسل، فرغم محاولة المصممين استخدام المؤثرات البصرية وزوايا التصوير وحركة الكاميرا بشكل مختلف لإضفاء طابع من الغرابة، فإن النتيجة كانت سيئة تقريبًا في كل محاولة من هذه المحاولات.

بالإضافة إلى ذلك، تتسم لهجة الممثلة آلاء سنان بالركاكة، فوفقا لتصريحاتها، لا تتقن اللهجة السورية، مما اضطر عمرو سلامة إلى تعيين مصحح للهجتها لمساعدتها على إلقاء حوارها بشكل صحيح. غير أن الإلقاء غير الصحيح شكل عبئا على الممثلة، خاصة أن شخصيتها مبنية بشكل مبتسر، فلا توجد مبررات درامية لارتباطها السري بصاحب المقهى، أو تعاملها على أنه خائن عندما ذهب إلى دار العرض السينمائية وحيدًا.

مسلسل "برستيج" هو فرصة ضائعة لكل من طاقمه والمشاهدين، إذ لم يقدم كوميديا مضحكة، أو جريمة مشوقة، أو مؤثرات بصرية جيدة، بل كان أدنى من المتوقع في جميع النواحي الفنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

رحلة في عقل مُلحِد

 

 

 

بدر بن خميس الظفري

@waladjameel

لطالما اقترنت كلمة "الإلحاد" في نظر الكثيرين بذلك التيار الفكري الخطر، الذي ما إن يُذكرُ في مجلس واقعي أو افتراضي، حتى تجد أعصاب الناس قد اشتدت، وقلوبهم ارتجفت، وعقولهم استفزت. يدخلون في نقاشٍ حاد، يدعون إلى مصرع الإلحاد.

ومع تفهُّمنا لكل تلك المشاعر الغاضبة، إلا أنها لن تقدم حلًّا لظاهرة الإلحاد، بل ستزيدها تعقيدًا يصعب تفكيكه.

وحتى لا يساء فهمنا، ونُتَّهَم بما ليس فينا، نريد أن نُؤكد أننا في هذا المقال، لا نكتب للدفاع عن الإلحاد، ولا لتمرير منطقه؛ بل لنفهمَ بهدوء كيف بدأ التشكيك في وجود الله، وكيف تكوّن إنكارُ خَلْقِهِ تعالى لهذا الكون، وكيف تشكلت تلك الأسئلة التي بدت لكثير من المُلحِدين طريقًا للخلاص، رغم أنها قد تقود إلى متاهات أعمق. فما من سؤال إلحادي وُجِّه للإيمان إلا وقد تصدى له الدين وبينه.

غير أنَّ الحوار، حتى يُحقق هدفه، لا بُد من أن نفهم محتواه فهمًا عميقًا، وأن نُفصِّل محاوره تفصيلًا دقيقًا. ولهذا، دعونا نذهب في رحلة في عقل المُلحِد، لنستكشف شواطئ فكره، ونعْرُج إلى قلبه، لنتحسس عواطفه ومشاعره.

إن عقل المُلحِد، ليس ساكنًا ولا فارغًا؛ بل تيار متحرك فائض بالأسئلة الشائكة، تيار لا ينقطع من الحيرة والشك، والرغبة في أن يكون للكون منطقٌ معقول. في داخله، لا شيء مستقر على حاله، ولا إجابة مقدسة، فكل فكرة تمُر على عقله لا بُد أن يغربلها أولًا بغربال من الأسئلة.

هو لا يهاجم الإيمان بدافع الحقد؛ بل يفتِّش عن إجابة تُرضي العقل قبل أن تُريح القلب. قد يكون مرّ بتجربة فقدٍ، أو صُدم بنفاقٍ باسم الدين، أو عُنّفَ وهو يسأل، فهرب إلى نفي كل المُسلَّمات وإنكارها.

وليس غريبًا أن يكون بعض هؤلاء قد قرأوا كتاب "الرب ليس عظيمًا" للكاتب والصحفي البريطاني الأمريكي كريستوفر هيتشنز، الذي لم يكتفِ بنقد الدين؛ بل أقام عليه دعوى فكرية يتّهمه فيها بإفساد كل شيء.

في هذه المرحلة من رحلة المُلحِد، لا يمكن التعامل معه بالعنف أو الخطابة أو التخويف، لأن كل هذه الأدوات، بالنسبة إليه، تُذكّره بما دفعه للبعد عن الإيمان من الأصل. هو لا يثق في صوت الوعظ العالي، ولا يخاف من عذاب الجحيم، ولا يهتم بالوعد والوعيد. هو يريد حوارًا بنّاءً، لا جلسة في محكمة.

المُلحِد لا يتبع دينًا، لكنه لا يخلو من منهج يتبعه، فلكل منهم منهج أو أكثر.

بعض المُلحِدين نزعتهم فلسفية، يُؤسسون موقفهم على قضية “الشر” التي تؤرقهم. يتساءلون: كيف يمكن أن يوجد إله عادل، وهناك أبرياء يموتون تحت القصف أو أطفال يموتون من البرد؟ وكما ذكر المفكر الأمريكي جورج سميث في كتابه “القضية ضد الإله”، فإنَّ كثيرًا من المُلحِدين لا يرون في هذا التساؤل تشكيكًا في الدين فحسب؛ بل يعدونه تفكيكًا لصورة الإله الكامل.

مُلحِدون آخرون يبنون منهجهم الإلحادي على غياب الأدلة التجريبية الحسية. وهذا ما أشار إليه الفيلسوف وعالم الأعصاب الأمريكي سام هاريس، في كتابه “رسالة إلى أمة مسيحية” حين قال إن المُلحِدين لا ينكرون وجود الله بقدر ما ينكرون الإيمان بشيء غير محسوس؛ فليس دور العِلم عندهم أن يملأ الفراغ الوجداني، وإنما أن يُرتّب فوضى الأسئلة، ويقدّم تفسيرًا عقلانيًا يقنع الذهن ويهدئ اضطرابه.

وهناك من يغوص في قراءة كتاب "وهم الإله" لعالِم الأحياء التطوري البريطاني ريتشارد دوكينز، يجد أن التفسير الطبيعي للكون أكثر انسجامًا مع العقل من أي سردية دينية؛ فهو يرى في نظرية التطور تفسيرًا يُغنيه عن الإيمان بخالق؛ إذ تتيح له فهم الحياة من منظور علمي دون الحاجة إلى من يوجد هذه الحياة.

لكن في كل هذه المناهج والاتجاهات الإلحادية هناك شيء مشترك، وهو أن المُلحِد لا ينكر وجود الإله لمجرد الإنكار؛ بل لأنه لا يجد ما يُقنعه بوجوده.

كثيرٌ من المؤمنين يظنون أن الإلحاد يُطفئ المشاعر. لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك. المُلحِد لا يعيش بجمود؛ بل أحيانًا يكون أكثر حساسية ممن حوله. هو يدرك أنه سيموت، ولا ينتظر حياة أخرى، لذا يعيش كل لحظة كأنها المساحة الأخيرة له، ليُنجِز فيها ما يراه حقًا، أو يترك أثرًا، أو يكتشف فيها ذاته. وهو لا ينتظر عدالة الآخرة، فيسعى للعدالة الآن. وإن ضاق صدره، لا يرفع عينيه نحو إله لا يراه لطلب العون؛ بل ينظر داخله، مُحاوِلًا أن يُلملِم بقاياه بيديه وحده.

بل إننا نجد في كتاب "مذكرات كافر مغربي" للكاتب والفيلسوف المغربي سعيد ناشيد، صوتًا داخليًا يصرخ من وجع الواقع، لا من كبرياء الفكرة؛ فالإلحاد لا ينتُج دومًا عن تنظير فلسفي؛ بل أحيانًا هو صرخة من جرح شخصي، أو من دينٍ استُعمل أداةً للإيذاء لا ملاذًا من الألم.

ومع ذلك، ففي قلب المُلحِد خيط خفي من الخوف، يُحدِّث نفسه: ماذا لو كنت مُخطئًا؟ لكن في أعماقه أيضًا تصميم صامت على أن الطريق نحو الحقيقة، وإن كان صعبًا، أشرف من العيش مع أسئلة أجوبتها موروثة ومُغلَّفة غير مُقنعة.

إنَّ أكبر خطأ نرتكبه حين نواجه شخصًا مُلحِدا هو أن نختزله في موقفه من الله، فنُجرِّده من إنسانيته، ونُعده نجسًا لا يستحق أن نتعامل معه. المُلحِد إنسان، له أهل وأحلام وإحساس، وقد يكون أقرب إلى الخير من كثير من المُتدينين. وقد يكون أصدق في ألمه من كثير ممن يخفون شكوكهم وراء قناع الإيمان.

لا يُطلب من المؤمن أن يوافق المُلحِد، ولا أن يصمت أمام أفكاره، لكن يُطلب منه أن يفهم دوافعه، وأن يُفرِّق بين من يُلحد هروبًا من الألم، ومن يُلحد ازدراءً للحقيقة. وهذا ما أشار إليها الفيلسوف البريطاني برتراند راسل في كتابه "لماذا لستُ مسيحيًا"؛ إذ يرى أن التفكير الحُر لا يعني الإنكار بالضرورة؛ بل يعني الوقوف في وجه القناعات والإجابات الموروثة، ونقدها بشجاعة.

الرحلة في عقل المُلحِد ليست لإقناعه، وليست أيضًا لتبرئته... هي فقط دعوة للفهم؛ لأننا إنْ عجزنا عن فهم من يخالف تفكيرنا، فلن نستطيع يومًا أن نُدرك حقيقة ذواتنا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • جينيفر أنيستون تؤدي دور البطولة في مسلسل «أنا سعيدة بوفاة أمي»
  • سعيدة بوفاة أمي.. مسلسل جديد من بطولة جينيفر أنيستون
  • مجزرة استراحة الباقة.. حين يتحول المقهى إلى مسرح موت بغزة
  • نبيلة السيد.. "لهلوبة الكوميديا" التي أبكت الجمهور برحيلها المفاجئ
  • رحلة في عقل مُلحِد
  • ذهب أيلول يحصد الجائزة الأولى في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بتونس
  • انطلاق عرض “مملكة الحرير”.. ملحمة فانتازيا مشوقة تجمع كريم محمود عبد العزيز وأسماء أبو اليزيد
  • اليوم..عرض أولى حلقات مملكة الحرير علي one
  • Squid Game.. صدمة جماهيرية بعد ختام الموسم الثالث
  • كيت وينسلت تنسحب من مسلسل The Spot