جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-17@18:58:53 GMT

جندي على كرسي الطبيب

تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT

جندي على كرسي الطبيب

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

هذا المقال بمثابة قراءة في القيادة من سيرة العقيد الركن المتقاعد محمد بن علي الكلباني وكتابه "عسكري على كرسي الطبيب".

في زمنٍ تتداخل فيه حدود الاختصاصات وتتجاذب فيه الأدوار ما بين الفني والإداري، يبرز كتاب "عسكري على كرسي الطبيب" للعقيد الركن المتقاعد محمد بن علي الكلباني، كوثيقة تتجاوز حدود السيرة الذاتية، لتقدم نموذجًا حيًّا لقيادة وُلدت من رحم التجربة، لا من قاعات المحاضرات من اختلاط الدم بتراب الوطن لا بحديث الراحة.

الكاتب، الذي بدأ حياته المهنية كممرض في الخدمات الطبية لقوات السلطان المسلحة، وجد نفسه لاحقًا على رأس إدارة المنظومة الصحية العسكرية، ليس بوصفه طبيبًا يتغنى بالشهادات، بل قائدًا تمرّس في إدارة الرجال والمؤسسات والموارد. وهنا تكمن المُفارقة التي يستند إليها هذا الكتاب ويُبنى عليها عنوانه.

الكتاب ليس فقط سردًا لمسيرة شخصية، بل هو خريطة لوجدان عُماني أصيل. تنقل بين أماكن تحمل في طيّاتها رمزية المكان والحدث؛ من أرض القرنفل إلى مسكن، ومن بيت الفلج إلى ظفار، مرورًا بمفاصل تاريخية وعسكرية كان الكاتب فيها شاهدًا ومشاركًا.

ولعل من أبرز ما أثار اهتمامي في هذا العمل هو الإشارات الدقيقة للرموز الوطنية، ومنها الفريق سعيد بن راشد الكلباني طيب الله ثراه والذي خصَّه الكاتب وفاءًا واخلاصًا بإهداء الكتاب إلى روحه حاملا وسام التكريم من الدرجة الأولى وكذلك اللواء الركن علي بن راشد بن محمد الكلباني وسام البسالة والذي يعد أرفع وسام ميداني للشجاعة والإقدام والفداء، والذي لا أخفي شخصيًا أنه قدوتي الشخصية في الحياة العسكرية، وهو واحد ممن تركوا بصمة صادقة في ذاكرة الخدمة لوطني الغالي عُمان، ليس فقط من خلال الرتب، بل من خلال ثبات المواقف وعمق الرؤية كان مهيبًا بكاريزما خاصة حللتها أنها كانت من قوة وفراسة معرفته وخبرته وشجاعته لأنَّ إجابته لا يمكن أن يكون هنالك أصوب منها.

ومن خلال سرد الوقائع، وبعيدًا عن الكتاب نذهب إلى سؤال مهم: هل التخصص الفني شرط لقيادة ناجحة؟

تجربة محمد بن علي الكلباني تجيب بـ"لا" واضحة وموثقة. لقد أثبت الرجل أن القيادة لا تُكتسب بالشهادة فقط، بل تُبنى بالحنكة والخبرة والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت الصعب.

وعلى الرغم من كونه لم يحمل لقب "طبيب"، إلا أن بصمته في الخدمات الطبية العسكرية كانت واضحة، وباعتراف المحيطين به بحسن إدارته وتميّز رؤيته، يجعل من سيرته نموذجًا يستحق التوقف عنده.

الكتاب يربط بين الجندية بمعناها الواسع: الانضباط، الالتزام، التفاني، وبين العمل الإداري الطبي، الذي يحتاج إلى حسّ إنساني وقدرة على التنظيم والتوجيه. وفي هذا التمازج، نجد أن الكاتب استطاع أن يقدّم صورة متكاملة لما يجب أن تكون عليه الإدارة الناجحة في أي مرفق حيوي، بعيدًا عن التصنيف الأكاديمي الضيق.

إنَّ كتاب "عسكري على كرسي الطبيب" ليس مجرد مذكرات؛ بل هو شهادة حية عن مرحلة من تاريخ عُمان العسكري والاجتماعي. وهو دعوة لأن نعيد النظر في كثير من تصوراتنا حول من يجب أن يقود، ومن يستحق أن يكون في الواجهة.

لقد قرأتُ في هذا العمل ليس فقط تاريخ رجل، بل صوت وطنٍ يمضي إلى الأمام، بأبنائه الذين يجمعون بين الإخلاص لجلالة السلطان حفظه الله والبصيرة الوطنية وأنهم جبلوا كقادة مخلصين وكان الأجمل في قراءتي أنه مخلص لرفقة السلاح محبًا ومفتخرًا برفاق وشركاء التضحية والدم والعرق والجوع والعطش ولست أشك أبدًا في أنه لم يترك صورة توثق فخره بهم إلا كانت واجهة كتابه وهذا دليل قوي على السيرة العطرة التي تستحق التقدير والاحترام.

وعندما كنت بعد قراءة للكتاب أتبادل أطراف الحديث مع الرائد متقاعد عبد الرحيم البلوشي والذي لم يخفِ فخره به أن قصة طريفة للغاية في مجال اللغة حدثت لهما في واحد من شوارع لندن وهم في بداية الشباب كنت أتمنى أنها ضمن التوثيق لجمالها وذكرى الرفقة الرائعة ففضلت ذكرها عسى أن تكون في الطبعة الثانية. ولذلك أقدِّم نُصحي لمُحبي تاريخ عُمان المشرف، بقراءة هذا الكتاب المُهم "عسكري على كرسي الطبيب".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي.. وكيل الأوقاف: الطبيب البيطري حارس على بوابة صحة الإنسان

شهد الدكتور أيمن أبو عمر وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة احتفالية النقابة العامة للأطباء البيطريين باليوم العالمي للطبيب البيطري، برئاسة الدكتور مجدي حسن نقيب عام الأطباء البيطريين، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت شعار: "منظومة متكاملة لتنمية مستدامة"، بحضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، والدكتورة رولا شعبان نقيب الأطباء البيطريين بالإمارات.

وفي كلمته، نقل الدكتور أيمن أبو عمر تحيات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف وتقديره البالغ لهذه الدعوة الكريمة ولهذا الجمع المبارك الذي نحيي فيه مهنة شريفة تستحق التقدير والتكريم، هي مهنة الطبيب البيطري، التي تجسد في جوهرها معنى الرحمة والإحسان العملي .

هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟ .. دار الإفتاء تجيبهل يجوز صيام العشر الأوائل من ذي الحجة بنيتين؟ .. أمين الفتوى يجيب


وأكد أن من يتأمل في كتاب الله - عز وجل -، يجد أن الحيوان ليس كائنا مهمشا في المنظور القرآني، بل هو جزء أصيل من البنية الكونية التي خلقها الله بحكمة بالغة، فيكفي أن نعلم أن من أسماء السور في القرآن: سورة البقرة، سورة النحل، سورة النمل، سورة الفيل، سورة العنكبوت، سورة العاديات… وغيرها، مما يشير إلى حضور رمزي ومعنوي للحيوان ككائن له مكانته، ودلالاته، وفاعليته في التوازن البيئي، بل وفي الهداية الإيمانية.

كما أن القصص القرآني احتوى مشاهد مؤثرة؛ كقصة هدهد سليمان الذي جاء بخبر يقود إلى هداية أمة، ونملة خاطبت قومها بلغة الوعي: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وغيرها من القصص.

وأشار إلى أن التنبيه الإلهي جاء صريحا في قوله تعالى:{وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}، فإذا كان الحيوان أمة، فكيف لا يكون للطبيب الذي يخدمه شرف الرسالة.

وأضاف وكيل وزارة الأوقاف قائلا: "إن الطبيب البيطري ليس مجرد اختصاصي أو خبير في صحة الحيوان، بل هو حارس على بوابة صحة الإنسان، وركيزة من ركائز الأمن الغذائي، ومفتاح من مفاتيح التوازن البيئي، وأن ما يبذله من جهد في مكافحة الأمراض، أو حماية الثروة الحيوانية، أو تأمين الغذاء، هو عبادة وعمل وطني ورسالة إنسانية في آن واحد".

وأوضح أن الحضارة الإسلامية عرفت الطب البيطري باكرا، واعتنت به عناية كبيرة، فكانت له مكانة في دواوين الدولة، وكان يعرف المشتغل به بلقب البيطار.

وأشاد  بهذا اليوم والاحتفال به، حيث قال: "وإننا اليوم إذ نحيي ذكري اليوم العالمي لهذه المهنة الرفيعة، نحيي معها قيمة عظيمة وركنا من أركان ضمير الأمة، فإن من رحم الحيوان رحمه الرحمن، وعلم أن لهذه المخلوقات حقا على من مكنه الله من علاجها، كما أن لها لسانا صامتا يشكو إلى ربه من يهملها".

وفي ختام كلمته أكد  وكيل وزارة الأوقاف، أن الوزارة بقيادة الدكتور أسامة الأزهري تؤمن بأن بناء الوعي لا يكتمل إلا إذا أحسنا تكريم أصحاب الرسالات الصامتة، أولئك الذين يسهرون على حياة من لا ينطقون، ولكن أثرهم ينطق في الميدان، في الاقتصاد، في صحة المجتمع، بل في ميزان الله جل جلاله.

وأنهى فضيلته حديثه قائلا: "كل التحية للطبيب البيطري، فما من ألم تخففونه إلا ويشهد لكم، وما من حياة تنقذونها إلا ويكتب لكم أجرها، وما من كبد تروى على أيديكم إلا وتكون شاهدة لكم أمام الله يوم القيامة، بارك الله فيكم، وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
 

طباعة شارك وزارة الأوقاف اليوم العالمي للطبيب البيطري البيطريين وزير الأوقاف

مقالات مشابهة

  • يوم الطبيب البيطري .. 420 ألف شخص في العالم ضحايا الأمراض المنقولة عبر الغذاء سنويا
  • في اليوم العالمي.. وكيل الأوقاف: الطبيب البيطري حارس على بوابة صحة الإنسان
  • مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر في عملية للقسام شرق مدينة غزة
  • الكتاب الأبيض 1939.. وعد بريطاني بالسلام أم سبب تفجير الصراع في فلسطين؟
  • النهر المحترق.. ديوان شعري يصدر عن هيئة الكتاب استعدادا لمعرض فنزويلا
  • استشهاد فلسطيني بزعم عملية طعن جندي بالقدس
  • هبة اليوسف تهدي طفلتها طقم كرسي جابر.. فيديو
  • كرسي الأمير فيصل بن خالد لدراسات الطاقة المتجددة بجامعة الحدود الشمالية يعزز البحث في كفاءة الطاقة والتقنيات المستدامة
  • النهر المحترق ديوان شعري يصدر عن هيئة الكتاب استعدادًا لمعرض فنزويلا