سعد عبد الراضي
منذ أن بدأ الإنسان العربي باستكشاف فضاءات الشعر، ظلّت مسألة «التوليد الإبداعي» في مخيلته، تدور بين الحقيقة والخيال، فإما أن الموهبة هي التي تلتقط الصورة الشعرية من عدة مكونات ذاتية وغيرية، أو أن للتجربة الشعرية دوافع ومؤثرات خارجية، كالتي كانت معروفة في التراث الأدبي العربي، بأن الشعراء يذهبون إلى وادي سحيق مثل «وادي عبقر»، لكي يحصلوا على سمو بالذهن والروح يسبق التأليف، أيّ ما يشبه الإلهام لتوليد قصيدة متكاملة في الشكل والمضامين.


وإذا تأملنا في العصر الذي نعيشه، فإننا سنتوصل إلى أن بيئة «التوليد الإبداعي» للنص الشعري، كانت منصفة للعقل والوجدان، حيث عزّزت من قدرتهما المطلقة على تشكيل القصيدة الشعرية بمختلف قوالبها، إلى أن ظهرت التكنولوجيا المتطورة، وتعددت معها وسائل ووسائط المعرفة، لاسيما الذكاء الاصطناعي الذي تداخل في كل مجالات الحياة وعلومها وفنونها، ما نتج عنه مناقشات عديدة حول قدرته على توليد نص إبداعي متكامل، من خلال محركات بحثه الواسعة. ولعل أهم محاور تلك المناقشات الثقافية والفكرية، تدور حول مدى قدرة التطبيقات الذكية على التماهي مع أحاسيس ومشاعر المبدع والمتلقي، بعدما أظهرت قدرتها على تقديم نص معقول في الشكل الخارجي.  ومن هنا نطرح السؤال على عدد من الشعراء والنقاد والناشرين والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحل محل الشاعر في تكوين بنية التجربة الشعرية؟ 

التجارب والأحاسيس
تقول د. سالي حمود، أستاذة الذكاء الاصطناعي في الإعلام: «إن توليد المحتوى فيما يخصّ النصوص الأدبية والإبداعية يختلف عن إنتاج النصوص العلمية، فالأخيرة تكون نتائجها حاملة لنفس المضامين الثابتة، من معلومات وبيانات ونتائج تفصيلية وتحليلية لمختلف القطاعات العلمية والإنسانية، بالمقابل فإن مفهومنا عن «النص الأدبي» مختلف تماماً، والمرتبط عادةً بمتغيرات لحظية، ومنه فإن محاولات التطبيقات الذكية، لم تحدث تطوراً جوهرياً، في هذا المجال تحديداً، لأن ما يحمله «النص الأدبي» أياً كان جنسه، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكاتبه من حيث أحاسيسه ومشاعره وتجاربه، التي نبع منها هذا النص، والآلة لا يمكن أن تحاكي مشاعر وأحاسيس المبدع».

العاطفة الشعرية
ويعتبر الشاعر والناقد د. راشد عيسى، أنه مهما تطور الذكاء الاصطناعي فلن يستطيع أن يرقمن الشعر، لأنه يستعصي على مخرجات الرقمنة، من حيث إنه لغة خارجة عن اللغة، بمعنى أن العاطفة الشعرية والمجاز والاستعارة، ونوايا المعاني وانفتاح الدلالات والمقاصد المواربة، أمور نفسية يعجز الذكاء الاصطناعي عن التعبير عنها، فهو ناقل لما يدخل فيه، يجمع ويجتهد في الفرز، لكنه يفشل بالضرورة في تحقيق دهشة الصورة الفنية، وذلك لأنه عقلاني ومنطقي، يصلح في اللسانيات والعلوم المحضة.
ويؤكد عيسى، أن طبيعة الشعر المتجدّدة تعيق الهندسة الرقمية في الذكاء الاصطناعي، وعبّر عن ذلك بقوله: «لا استبشر بمستقبل شعر الذكاء الرقمي، والشعر العربي أعظم منجز حضاري عربي، وهو آخر رهان للحفاظ على اللغة العربية، كون القصيدة تثري اللغة وتهدي المفردة مساحة أكبر للتأويل وبناء المعنى». 

أخبار ذات صلة «إيدج» و«Barricade AI» تُعززان عمليات الشرطة بالذكاء الاصطناعي «تريندز» شريك معرفي لـ «اصنع في الإمارات» 2025

الإبداع البشري 
ويوضح الشاعر والناشر محمد نور الدين، أن الذكاء الاصطناعي له تأثير متزايد على صناعة الكتب الأدبية، ويمكن أن ينعكس هذا التأثير في عدة جوانب، سواء من حيث الإنتاج أو التوزيع أو القراءة، مضيفاً أنه في موضوع «توليد النصوص» على مستوى الإنتاج، فإن الذكاء الاصطناعي قادر على إنشاء نصوص أدبية باستخدام خوارزميات التعلم الآلي، وأصبح الآن بعض المؤلفين يستخدمون هذه الأدوات كمساعد إبداعي لتطوير أفكارهم أو نصوصهم، وعلى الرغم من أن هذه الأعمال لا تعادل دائماً إبداع البشر، إلا أنها تفتح باباً لتجارب جديدة في الكتابة. 

توليد النص
وضمن هذا الإطار الشائك، يطرح الشاعر المنصف المزغنّي مسألة «توليد النص» في ذات المبدع، والذي يمر بـ 3 مراحل، لا يستطيع الذكاء الاصطناعي بحسب تعبيره أن يمر بها، ويقول: «إن القصيدة تولد بكونها فكرة في بدايتها، ومن ثم تُكتب بانسيابية في مرحلة اللاوعي، ومنها إلى مرحلة الوعي لدى الشاعر، وبعد فترة زمنية من عبور المرحلتين، يعود الشاعر ليتأكد من أن النص لم يتولد من الذاكرة العميقة، باعتبار أن الشاعر يقرأ كثيراً، ومن ثم يختزن ما يقرؤه في ذاكرته، لتأتي بعدها المرحلة الأخيرة وهي تصفية النص من كل ما يكون خارجاً عن ذات كاتبه».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التراث الأدب العربي الشعر الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

قائد شرطة عجمان يطلق منصة الذكاء الاصطناعي «AJP AI»

عجمان: «الخليج»
أطلق اللواء الشيخ سلطان بن عبدالله النعيمي، قائد عام شرطة عجمان، منصة AJP AI الذكية، كأول منصة ذكاء اصطناعي تُعتمد رسمياً في الرد على استفسارات المتعاملين غير العاجلة، والتي تم من خلالها تحويل مركز الاتصال 901 إلى منصة ذكية بالتواصل والإرسال على الرقم 800901، وذلك ضمن جهود شرطة عجمان المتواصلة في تطوير الخدمات الرقمية وتعزيز جودة حياة المجتمع.
وقال إن إطلاق هذه المنصة جاء دعماً لجهود حكومة دولة الإمارات في الارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية، بما يعزز سعادة المتعاملين ويواكب تطلعاتهم، مشيراً إلى أن المنصة تم تطويرها بالتعاون مع شركاء تقنيين مختصين.
وأوضح أن المشروع يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ويستند إلى قاعدة بيانات موسعة وشبكة فهم لغوي متطورة قادرة على التعامل مع مختلف الاستفسارات العامة، وأضاف أن المنصة تعمل بالتراسل عبر الرقم 800901 من خلال تطبيق واتساب.
من جانبه أوضح العقيد هشام عبدالله أبوشهاب، مدير إدارة العمليات بشرطة عجمان، أن منصة AJP AI تشكل نقلة نوعية في تقديم الخدمات الشرطية، حيث تمكّن المتعاملين من الحصول على الردود الفورية لأي استفسار عن كافة الخدمات التي تقدمها شرطة عجمان، بما فيها الخدمات المرورية، مثل خدمة فتح ملف مروري وخدمات الترخيص كخدمة تجديد ملكية المركبة، إضافة إلى الاستفسار عن الخدمات الأمنية والجنائية كخدمة فتح البلاغ والتقديم على شهادة بحث الحالة الجنائية، فضلاً عن خدمات مجتمعية واستفسارات حول الأسئلة الشائعة، وذلك من خلال الذكاء الاصطناعي باستخدام وسيلة تواصل سهلة ومباشرة مدعمة بعدة لغات على مدار الساعة دون تدخل بشري.

مقالات مشابهة

  • في الإبداع وتلقيه والاستخلاص الإنساني
  • الذكاء الاصطناعي يكتب ملاحظات المجتمع في منصة إكس
  • العلماء قلقون: الذكاء الاصطناعي يتلاعب ويكذب
  • الذكاء الاصطناعي يتوقع نسبة تأهل العراق لكأس العالم 2026
  • الخوف من الذكاء الاصطناعي
  • مظاهرات ضد غوغل بسبب الذكاء الاصطناعي
  • ثقافة أسيوط الجديدة تكرم رموز الإبداع الأدبى
  • ثقافة أسيوط الجديدة تكرم رموز الإبداع الأدبى فى احتفالية ثقافية متميزة
  • أخنوش: الذكاء الإصطناعي في صلب السياسات العمومية والحكومة تولي أهمية للتحول الرقمي
  • قائد شرطة عجمان يطلق منصة الذكاء الاصطناعي «AJP AI»