عربي21:
2025-05-19@13:30:24 GMT

نتنياهو وحرب غزة

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

دخلت الحرب العدوانية الراهنة في قطاع غزة مرحلة جديدة، سمتها الأولى التوسّع في القتل الجماعي، والتجويع شبه الكامل، والتدمير الشامل. وذلك بعد الفشل المتواصل، طوال أكثر من عشرين شهراً، تحت صمود شعبي، ومقاوم عام، وتحت تفوّق المقاومة، عسكرياً في الاشتباكات الصفرية.

والتفسير لهذا الصمود، وهذا التفوّق، يبدو من حيث الحسابات الأولوية لموازين القوى العسكرية، كأنهما ضربٌ من المعجزة: الجيش الصهيوني، والدعم العسكري الأمريكي، مقابل قوّة مقاومة محاصرة، وتسّلحها متواضع جداً، إذا ما قورن بسلاح الجيش الصهيوني، والقنابل والصواريخ الأمريكية.

وأضف مجموعة العوامل العسكرية، المتعلقة بالعديد والتكنولوجيا وغيرها، مما يزيد من قوّة التفسير المعتمد على المعجزة- المعجزات.

على أن تفسيراً مقابلاً يدخل، ولو بداية، ضمن قراءة لموازين القوى العسكرية، كما دور الذكاء، والقدرات القيادية، والذاتية والمعنوية، والإعداد المسبق وغيره، يستطيع أن يكون تفسيراً جادّاً، من النواحي العسكرية والموضوعية، والعلمية والإنسانية، دون أن يمنع التفسير بالمعجزة أو يقمعه.

عندما قرّر الجيش الصهيوني، اقتحام قطاع غزة، والقضاء على المقاومة، عسكرياً، اعتمد على أنه يستطيع من خلال الطيران والدبابات، أن يسيطر عسكرياً على القطاع، ويصل إلى أيّة نقطة فيه. ولكنه فوجئ، بعدم وجود عقدة مقاومة واحدة مكشوفة، ولا استحكاماًَ دفاعياً واحداً، كما هو الحال تقليدياًَ- عسكرياً، في اقتحام المدن، والسيطرة عليها. وذلك في مواجهة سلسلة من الأنفاق السريّة، والتي تغطي القطاع، وتشكل قواعد آمنة للقيادات والقوّات. مما أبطل إل  حدّ بعيد التفوّق الجوّي، كما زحف القوات البريّة. وجعل المبادرة في الاشتباكات الصفرية، بيدِ المقاومة.

لقد أدّت هذه الجرائم طويلة الأمد، التي ارتكبها نتنياهو، وما زال على مدى عشرين شهراً، إلى تدمير سمعة الكيان الصهيوني، خصوصاً، لدى الرأي العام الغربي، الذي غطاه، واعتمد عليه في ارتكاب جريمة احتلال فلسطين. فعندما تتكرّر خلال الأسبوع الفائتوهنا يجب أن يضاف التفوّق القيادي العسكري والأمني والسياسي، والإعداد لحرب طويلة الأمد (عدّة أشهر)، فضلاً عن إعداد المقاتل المؤمن الإستشهادي، المتسّم بالذكاء والدهاء، والشجاعة الفائقة، والصبر العظيم في القتال، وشظف العيش.

وقد ترجمت هذه المعادلة، بالنصر العسكري، كما تجلى بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 15/1/2025، كما ترجمت حتى اليوم، بعد اندلاع الحرب الثانية. بل سمحت هذه المعادلة بالصمود في وجه الإبادة البشرية، والتدمير شبه الشامل، وصولاً لحرب التجويع الجماعي الإجرامي، الذي ساد، لثلاثة أشهر عموماً، وبلغ اليوم حدّ الكارثة الإنسانية واحتمالها، بما يدخلها بالمعجزة في الصبر الإيماني، والتحمّل البشري.

ثمة بُعدٌ آخر، صنعته هذه الحرب إلى جانب بُعدها العسكري، وبُعدها الإنساني، في مواجهة حرب الإبادة والتجويع والتدمير. وهو المتعلق بما لحق من سوء سمعة، استراتيجي عالمي بالكيان الصهيوني، باعتباره مجرم إبادة، ومنتهكا للأعراف الإنسانية والأخلاق، والقانون الدولي. وهو الذي أقام كيانه على الظلم والاغتصاب، واللاشرعية الدولية (وارتكاب المجازر المخفية، عدا فضيحة مذبحة دير ياسين 1948). ولعل من أهم علائم ضعف نتنياهو، عزلته الدولية التي ستودي به.

لقد أدّت هذه الجرائم طويلة الأمد، التي ارتكبها نتنياهو، وما زال على مدى عشرين شهراً، إلى تدمير سمعة الكيان الصهيوني، خصوصاً، لدى الرأي العام الغربي، الذي غطاه، واعتمد عليه في ارتكاب جريمة احتلال فلسطين. فعندما تتكرّر خلال الأسبوع الفائت، ظاهرة امتناع فنادق ومطاعم في بعض العواصم الغربية، قبول استضافة زبائن (عائلات إسرائيلية) بسبب حرب الإبادة للأطفال الفلسطينيين، فهذا ما يجب أن يُحسب، خطوات على درب نهاية الكيان الصهيوني، فكل "مكسب" يظن نتنياهو أنه يحققه، في ما يرتكب من جرائم، لا يقارن بما سبّبه من سوء سمعة عالمية للكيان الصهيوني.

ولهذا  فعلى نتنياهو اليوم الاختيار بين سقوط وسقوط، فغزة مقبرته لا محالة..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الحرب غزة احتلال فلسطين احتلال فلسطين غزة حرب مآلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إحباط إسرائيلي.. نموذج الحكم العسكري في غزة عبثي وبدون رؤية لأنه مكلف ومرهق

نشرت مجلة "يسرائيل ديفينس" العبرية، مقالا، للمراسل العسكري، عامي روخاكس دومبا، جاء فيه أنه: بينما يتحدث المستوى السياسي الإسرائيلي بشعارات جوفاء عن "النصر الشامل"، يبرز فهمٌ رصين في المؤسسة العسكرية بأنها دون رؤية سياسية.

وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "الاحتلال الكامل للقطاع لن يُنهي الحرب، بل سيُحوّلها إلى روتين مُكلف ومُستمر للاقتصاد الاسرائيلي المنهك أصلا".

وأكّد أنه: "منذ السابع من أكتوبر 2023، يشنّ الاحتلال عدوانا طويلا في قطاع غزة دون استراتيجية تُفسّر بدقة إلى أين تتجه، فيما حماس تُظهر أدنى قدر من البراغماتية، فهي تُحافظ على الجناح العسكري، وتواصل مقاومة لا نهاية لها".

"من هنا ينبع الافتراض الأساسي للحكومة والمؤسسة الأمنية، ومفاده بأن العودة لوضع تسيطر فيه حماس على القطاع، حتى بطريقة سياسية ظاهرية فقط، سيناريو غير مقبول" بحسب المقال نفسه.

وأضاف بأنّ: "قرار تفكيك حماس من السلطة، ليس خطة حكومية بديلة، لأن الاحتلال لا يرى في السلطة الفلسطينية، خيارًا؛ والخوف من أن تجرّ دولة الاحتلال لجولة أخرى من العنف، وحتى الآن، لم يُطرح أي حل دولي آخر، فلم تتجسد قوة عربية مشتركة، وحتى قوة الأمم المتحدة تعرضت لحق النقض من قبل واشنطن وتل أبيب".


وأوضح أنّ: "نموذج الحكم العسكري الاسرائيلي بقي على حاله، والمتمثل بالعودة لمرحلة 1967-2005 الذي يدير فيه الاحتلال حياة 2.3 مليون فلسطيني في غزة، ومن المشكوك فيه ما إذا كان أي عاقل في تل أبيب يرغب بذلك حقًا".

واسترسل: "تتحدث التقديرات الأولية في قسم الميزانية عن 15-20 مليار شيكل، سنويًا، لغرض استعادة البنية التحتية، ودفع رواتب المعلمين والأطباء، وتوفير الكهرباء والمياه وإعادة النظام الصحي لحالة أساسية لن تنهار، وفي ضوء العجز المتزايد بالفعل منذ حرب 2023-2025، يبدو أن تعيين حاكم عسكري لغزة يعني إثقال كاهل دافع الضرائب الإسرائيلي، ودون أفق انسحاب واضح".

وأشار إلى أنه: "في مواجهة هذا التهديد المالي، سعت واشنطن للضغط لتسهيل التهجير لفلسطينيي القطاع، وإنشاء آلية مساعدة لمن يريد منهم الانتقال لدول ثالثة، وتتضمن الفكرة، في أفضل حالاتها، أموالاً أمريكية ومشاركة سعودية أو إماراتية؛ لكن من الناحية العملية لم توافق أي دولة على تهجير الفلسطينيين".

وأردف: "كما أن الدول العربية والإسلامي، حتى تلك المُطبّعة، لا تُظهر حماسها للفكرة، وفي غضون بضعة أشهر، لم يعد التهجير مجرد جدل أخلاقي، بل أصبح خطوة غير قابلة للتنفيذ".

وأكد أنّ: "نتيجة ذلك تمثلت بمأزق إسرائيلي مزدوج، فمن جهة، تعهد الاحتلال بعدم عودة حماس للمشهد السياسي في غزة؛ ومن جهة أخرى، ترفض أي بديل لها سوى جنوده، وبينما يتحدث المستوى السياسي بشعارات فارغة عن النصر، يبرز فهمٌ رصين في المؤسسة الأمنية بأنها بدون رؤية سياسية".


ولفت إلى أنّ: "الدرس التاريخي لما يحصل في غزة واضح، وهو أن القوة العسكرية قادرة على إسقاط الأنظمة، لكنها لا تُنشئ أنظمة، لأن عامين من الحرب كانا كافيين لتوضيح أنه لا يوجد حل سحري، فلا قبة حديدية تقضي على المشاكل الديموغرافية، ولا تهجير مُبالغٌ فيه مُدرجٌ في وثيقة واشنطن".

واختتم المقال بالقول: "إذا أراد الاحتلال منع حماس من العودة دون أن تكون الحاكم المدني للقطاع لعقدٍ آخر، فعليها أن تُقرر، وتُوضح لنفسها وللجمهور، أيّ كيان فلسطيني سيتمكن من السيطرة على غزة، وما الحوافز التي ستضمن لها الهدوء، وبدون إجابات على هذه الأسئلة، تُصبح المهمة العسكرية لا نهاية لها، وفي الوقت الحالي ليس لها حتى هدف".

مقالات مشابهة

  • المملكة تُدين بأشد العبارات تصعيد الاحتلال الإسرائيلي العسكري في قطاع غزة
  • نتنياهو: الضغط الدولي "يقترب من الخط الأحمر".. واستئناف المساعدات ضرورة لاستمرار العمليات العسكرية
  • الصغير: سيحاول الدبيبة عسكرياً مرة أخرى إنهاء جهاز الردع  
  • ‏المتحدث العسكري باسم الحوثيين: تم استهداف مطار بن غوريون بصاروخين بالستيين
  • ذا إنترسبت: الوجود العسكري الأمريكي في سوريا مستمر
  • غزة تتصدر كلمات القادة في قمة بغداد.. ودعوات لإنهاء المجازر وحرب التجويع
  • إحباط إسرائيلي.. نموذج الحكم العسكري في غزة عبثي وبدون رؤية لأنه مكلف ومرهق
  • فتح الانتفاضة:العدوان الصهيوني على اليمن يأتي بعد الفشل والعجز العسكري للكيان
  • الدفاع الروسية تعلن القضاء على 8770 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع