الدولة الوطنية عدو لبعض الشعب طيلة الوقت
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
الدولة الوطنية عدو لبعض الشعب طيلة الوقت
خالد فضل
لم يمر عام واحد من سبعين عاما منذ الاستقلال لم تك فيه الدولة السودانية الموسومة بالوطنية عدواً لبعض المواطنين المفترضين. هذه حقيقة تاريخية مهمة للنظر في تبعات ذلك الموقف وتجلّيات افرازاته على مشهد الحروب المستدامة بكل قذارة الممارسات فيها.
من حادثة عنبر جودة 1955م التي نجمت عن سوء استخدام سلطة الدولة من جانب البوليس، وعدم مراعاة الجوانب المهنية والإنسانية في حجز المزارعين المحتجين على الظلم الذي شعروا به في ذلك المشروع؛ مما أدى لمصرع المئات منهم اختناقاً؛ بدت الدولة الوطنية وكأنها عدو للشعب، مروراً بالممارسات التي صاحبت التدخل الشرس للبوليس والجيش في احتواء حوادث توريت في جنوب السودان- سابقاً- وصولاً إلى مرحلة التصفيات والحرق والذبح التي تسود في أتون هذه الحرب ومرتكبيها والمحرضين عليها أفراد يتسربلون باللباس العسكري للدولة، بل تمضي الدولة أبعد من ذلك في عداوتها وبغضها لبعض أبناء شعبها بفتاوى دينية إسلامية تدعو لقتل المعارضين وتسمي أهدافها بمسمياتهم السياسية والقبلية والعرقية والجهوية والعنصرية، وتستخدم بعض شعبها ضد الآخرين عبر تكوين المليشيات، وتعتبر ذبحهم تقرباً لله وجهاداً في سبيل وجهه الكريم وعبادة خالصة له.
الدولة الوطنية السودانية تطابق في بعض ممارسات وأدبيات عناصرها دولة داعش. هنا نجد صحة افتراض أنّ الدولة الوطنية و(مؤسساتها الحداثية) في السودان لم تتأهل كي تستحق هذا الوصف باطمئنان بعد، إنّها دولة خاصة ببعض المواطنين باستمرار، كثر عددهم أو قلّ ليس هذا المعيار. المعيار الأصح في تقديري هو أن تصبح الدولة هي دولة كل فرد في المجتمع وليس عدوة لبعض المواطنين مادياً أو معنوياً أو الاثنين معاً، فهي لم تكتف بكونها خاصة بالبعض.
عندما يخرج موظف في الدولة الآن يشغل وظائفها المرموقة، وهو يتحدث بأشدّ حباله الصوتية غلظة وأقصى سعة حلقومه الجهور، ينوب عن الشعب السوداني كله في وصف سردية الحرب الراهنة، يسقط عن وعيه تماماً أنّ جزءاً معتبراً من هذا الشعب السوداني لديه سردية مقابلة تماماً؛ بل، يصفه هو وجيشه ومليشياته بصفة العدو وينازله في الميدان يحاربه ويقتله وهو مبتهج وجزل بما يتصوره نضال من أجل الشعب السوداني!!
من هو الشعب السوداني إذن؟ الشعب في لغته العادية بين المواطنين غير الذين يشغلون الوظائف القيادية في الدولة لا يستخدمون صفة العدو في الغالب، في حرب الجنوب كان المواطنون في جوبا يطلقون صفة الأنانيا على جنود الجيش الشعبي، ولا يشيرون إلى الجيش كعدو بل يصفونه جيش الحكومة أو جيش مندوكورو على أسوأ توصيف. في البلاغات العسكرية الحكومية، وفي بلاغات الجيش الشعبي تظهر صفة العدو في الكر والفر المصاحب للحرب. كل يصف الآخر كعدو. في حرب دارفور يستخدم عامة الناس مصطلح تورا بورا لوصف جيوش حركات الكفاح المسلح، ولا يطلقون عليها جيوش العدو، يسمون جيوش الحكومة بالجنجويد أو جيش الحكومة، لا يسمونهم أعداء. في الحرب الراهنة يتحدث عامة الناس عن الدعّامة فعلوا كذا وكذا؛ حتى حمّاد استخدمه ليسبهم ببذئ القول ولم يصفهم بالعدو. لا يطلقون عليهم صفة العدو كما تفعل مؤسسة الدولة الرسمية في بلاغاتها العسكرية. الشعب لا يصف بعضه بعضاً بالعدو لكن الدولة هي التي تستخدم هذه الصفة ضد بعض شعبها، ومع ذلك تصر هذه الدولة على أنها تمثل الشعب!!
قليل من التواضع يكشف أنّ صفة الشعب السوداني الذي يمثله الموظفون الحكوميون لم تكتمل بعد، من الأفضل مواجهة الحقائق عوضاً عن صياغة الأوهام وتصديقها. من الأفضل تجرّع الدواء المر أملاً في الشفاء.
الدولة السودانية لم تكمل الصفة المؤهلة لها كدولة وطنية بأي صيغة، تمثيل الشعب السوداني بمختلف طبقاته، أقاليمه، سحناته، ثقافاته، أعراقه ومعتقداته الروحية، لأنها ظلت منذ يومها الأول دولة بين فئات محددة من الشعب السوداني. فكيف نفسّر مثلاً حقيقة معيشة ما لا يقل عن 80% من الشعب في حافة الفقر وما دون خطه؛ في بلد موسوم وموصوف بالغنى في الثروات الطبيعية. من هم طبقة ما فوق حافة الفقر، وطبقة الأثرياء، كم نسبة منسوبي الدولة بمن فيهم المتقاعدون وسط هذه الطبقة. هنا نصل إلى جوهر الامتياز الذي يحوزه من ينتسب للدولة ووظائفها القيادية، خاصة العسكرية والأمنية (والمليشياوية) والسياسية. لقد قال عرّاب حركة الإسلام السياسي د. الترابي عليه الرحمة ؛ محفّزا عضوية تنظيمه للاستيلاء على الغنيمة عقب انقلابهم العسكري: الآن فتحت لكم خزائن الدولة. ربما تأصيلاً وتأسياً بحكاية سيدنا يوسف في دولة الفرعون!! لذلك لا غرو أن يعتبر أي ضابط في الجيش والأمن والمليشيات، أو من يستخدمونهم في الوظائف الحكومية تحت إمرتهم، أنهم هم الشعب. ومن يعارضهم أو يقاومهم عدو مبين، معارضة الهيمنة والاستحواذ من جانب جزء من الشعب تعتبر خيانة لدى الشق المهيمن من الشعب. ويحدثونك عن الملاحم الوطنية، ومن أدبياتها؛ التحريض على إبادة حتى الأطفال (عدموهم طافي النار يا سعادتو) في تحديد فظيع لقبائل ومجموعات بالاسم، باعتبارها حواضن التمرد. هذا قصارى جهد من يتزيأ بزي الدولة الوطنية أو يزود عن حماها. تلك سيرة الوجع الكبرى يا سادتي.. بل هي الضرورة العاجلة لتأسيس وطن جديد بالفعل. كفاية مهازل، فالناس كلها لم تغب عقولها بعد.
الوسومالاستقلال التورا بورا الجيش الشعبي الدولة الوطنية السودان جنوب السودان حادثة عنبر جودة حوادث توريت خالد فضلالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاستقلال الجيش الشعبي الدولة الوطنية السودان جنوب السودان خالد فضل الدولة الوطنیة الشعب السودانی من الشعب
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن سيطرته الكاملة على ولاية الخرطوم (شاهد)
أعلن الجيش السوداني، اليوم الثلاثاء، أن ولاية الخرطوم وسط البلاد أصبحت خالية تماما من قوات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وذلك بعد تقدم قوات الجيش جنوب مدينة أم درمان وغربها وتطهيرها بشكل كامل.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية نبيل عبد الله في بيان متلفز: "نعلن اليوم اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم من أي وجود لعناصر مليشيا آل دقلو الإرهابية (قوات الدعم السريع) وتطهير عاصمتنا الوطنية من دنس المتمردين".
وتابع: "نؤكد أن ولاية الخرطوم خالية تماما من المتمردين"، فيما لم تعلق قوات الدعم السريع على بيان الجيش.
الحمد لله حتي يبلغ الحمد منتهاه!!
اليوم القوات المسلحة تعلن وبشكل قاطع تحرير كل ولاية الخرطوم بمحلياتها الثلاثة/ الخرطوم/ والخرطوم بحري/ وامدرمان / خالية من مليشيات الدعم السريع الارهابية الف مبروك للشعب السوداني والف مبروك للقوات المسلحة والقوات المشتركة والقوات المساندة لها ،،… pic.twitter.com/oojohj4DEx
وجدد الجيش السوداني العهد بمواصلة جهوده "حتى تطهير آخر شبر من بلادنا من كل متمرد"، وفق البيان.
وبث عناصر من الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة داخل منطقة صالحة جنوبي مدينة أم درمان، آخر معاقل "الدعم السريع" في الولاية.
كما بثوا مقاطع لمخازن أسلحة وطائرات مسيرة وأجهزة تشويش قالوا إن الجيش ضبطها في منطقة صالحة.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن الجيش السوداني أن قواته تتقدم جنوب أم درمان وغربها، وتقترب من "تطهير" ولاية الخرطوم بالكامل.
وفي الآونة الأخيرة، سيطر الجيش على معظم مناطق ولاية الخرطوم، ما عدا مناطق غرب وجنوب أم درمان، التي أعلن استعادتها الثلاثاء.
وتتكون ولاية الخرطوم من مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان، إضافة إلى منطقة شرق النيل.
ومنذ منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وفي الولايات الـ17 الأخرى بالسودان، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 ولايات من أصل 5 بإقليم دارفور.
الجيش السوداني يعلن اكتمال تطهير كامل ولاية #الخرطوم من أي وجود لعناصر الدعم السريع pic.twitter.com/P0Q139woGc
— عربي21 (@Arabi21News) May 20, 2025في ٢٠ مايو ٢٠٢٥، انتهت معركة ولاية الخرطوم، مبروك للسودان لم تكن هذه حربًا عبثية كما وُصفت باستخفاف، بل كانت جهدًا جماعيًا من قِبل سكان المنطقة لتحرير أنفسهم من ميليشيا إبادة جماعية برعاية أجنبية. pic.twitter.com/o531mE9IaJ
— أبو خالد الروسي (@Svyato_) May 20, 2025الجيش السوداني يفرض سيطرته على منطقة الصالحة في أمدرمان،
جنوبي العاصمة #الخرطوم آخر معاقل مليشيا الدعم السريع، ويستحوذ على كميات كبيرة من أجهزة التشويش، وطائرات مسيرة، وأسلحة وذخائر قدمتها #الإمارات دعمًا لحليفها حميدتي. pic.twitter.com/YMwZCIICDU
نعود إلى الجيش القوي المظلوم إعلامياً..نجح #السودان ???????? في فرض سيطرته على العاصمة
بعد شهر من دخوله المدينة واستعادته القصر الرئاسي ومراكز بعد سيطرة RSF عليها منذ سنتين، أعلن الجيس تطهير الخرطوم
هناك عملية لإزالة الذخائر هناك
يعود 100 ألف مدني إلى مدينته.pic.twitter.com/g6i9wpzG54