خمسة وثلاثون عاما مضت على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، ذلك الحدث المفصلي الذي شكّل لحظة تاريخية فارقة في مسار اليمن الحديث، وبوابة أمل لشعبٍ عانى طويلًا من التشطير والتجزئة والصراعات المفتعلة.
الوحدة لم تكن مجرّد توقيع سياسي، بل تعبير صادق عن تطلعات الشعب اليمني في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب، نحو دولة موحدة مستقلة تمتلك قرارها وسيادتها، وتنهض بمقدراتها، وتؤسس لمستقبل يليق بتاريخ اليمن وموقعه الجغرافي والديني والاستراتيجي.


إن أهمية الوحدة اليمنية لا تقتصر على اليمن فقط، بل تتعداه إلى الإقليم برمته، فاليمن الموحد المستقر هو عامل توازن في المنطقة، وصاحب تأثير كبير على أمن البحر الأحمر وباب المندب، الممر البحري الدولي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في حسابات التجارة والنفوذ العالمي، وما كان لهذا الموقع أن يُستثمر لصالح الأمة إلا في ظل وحدة القرار والسيادة.
لكن الوحدة، ومنذ فجرها، واجهت مؤامرات كبرى قادتها قوى استعمارية على رأسها بريطانيا، التي غادرت جنوب اليمن في الستينات، لكنها ظلت تتآمر على اليمن، وتسعى عبر أدواتها المحلية والإقليمية لتنفيذ مشاريع تمزيقية، وهذا ما بتنا نلحظه ونشاهده اليوم من خلال ما يسمى المجلس الانتقالي الذي ينادي باستعادة دول “الجنوب العربي” وكذلك ما جرى ويجري في حضرموت من خلال إعلان «دولة حضرموت الاتحادية» وأشكال متعددة من الفدرلة المقنعة التي لا تخدم اليمنيين، وإنما تعيد رسم الخارطة وفق مصالح المستعمر القديم – الجديد.
والمؤسف أن هذه المشاريع وجدت بيئة خصبة في ظل الاحتلال الخارجي للمحافظات الجنوبية، حيث تتعدد الفصائل والولاءات، وتنقسم المحافظات بين مكونات تتبع هذه الدولة أو تلك، حتى صار لكل محافظة سلطة منفصلة، ولكل فصيل أجندة لا تمتّ للوطن بصلة، والنتيجة انهيار في الخدمات، غياب للأمن، وواقع معيشي مأساوي يعاني منه المواطن الجنوبي كل يوم.
فالتمسك بالوحدة ليس مطلباً أو حقاً سياسياً واجتماعياً؛ بل هو التزام ديني، امرنا به ديننا الحنيف الذي يدعونا للوحدة والاعتصام بكتابه، فقال تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا”، صدق الله العظيم، وما أحوجنا اليوم أن نستوعب هذا التوجيه الرباني، في زمن تتوحد فيه الدول العظمى وتتكامل اقتصادياتها وتحالفاتها، بينما يُراد لنا أن نتمزق، ونبقى مجرد كيانات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها أو السيطرة عليها.
فالعدو يسعى إلى تمزيق الجسد اليمني إلى دويلات صغيرة وكانتونات متفرقة، متناحرة وتتقاتل في ما بينها، كما كانت المناطق الجنوبية مقسم إلى أكثر من 21 مشيخة وسلطنة، ليسهل عليه تحقيق أهدافه ومخططاته، المتمثلة في السيطرة على الممرات البحرية ونهب الثروات النفطية.
علينا أن نجعل من ذكرى إعادة الوحدة محطة لتوحيد الصف اليمني، وتجديد الوعي الوطني، والانتباه إلى حجم التحديات والمخاطر، وإدراك أن لا نهضة بدون وحدة، ولا سيادة بدون استقلال القرار، ولا كرامة في ظل الاحتلال والارتهان.
فلنُجدّد العهد مع الله ومع الوطن، بأن نحفظ وحدتنا، ونحمي سيادتنا، ونستكمل معركة التحرر والبناء، فالتاريخ لا يرحم المتخاذلين، والشعوب التي تفرّط في وحدتها، تفرّط في مستقبلها.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الانتقالي الجنوبي يرفض طلبا سعوديا إماراتيا بالتراجع الميداني في اليمن

رفض "المجلس الانتقالي الجنوبي" اليمني الانسحاب من محافظتي حضرموت والمهرة خلال محادثات مع وفد سعودي إماراتي يسعى لاحتواء تقدّمه الميداني في جنوب اليمن، بحسب ما أفاد مصدر مقرب من المجلس وكالة فرانس برس السبت.

وسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في الأيام الأخيرة على أجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية، في عملية قال إنها تهدف إلى "طرد الإسلاميين" ووقف عمليات التهريب لصالح الحوثيين.



وأوضح المصدر أن الوفد الذي يضم كبار قادة التحالف بقيادة الرياض، التقى زعيم المجلس عيدروس الزبيدي في عدن الجمعة وطلب منه التراجع عن المكاسب التي حققتها قواته في الآونة الأخيرة، إلا أن المجلس رفض العرض، فيما تتواصل المفاوضات.

وكان بيان للمجلس الانتقالي الجنوبي صدر مساء الجمعة ذكر أن الزبيدي التقى "قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي واللواء الركن عوض الأحبابي" في العاصمة المؤقتة للحكومة عدن.

وقبل أيام، تقدّمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي داخل حضرموت، وسيطرت على مدينة سيئون الرئيسية، إضافة إلى حقول نفطية في المنطقة الصحراوية الواسعة المحاذية للسعودية.

وانضم بعض القادة المحليين في محافظة المهرة المجاورة، التي تحدّ سلطنة عمان وتُعدّ مسارا رئيسيا للتهريب، أيضا إلى تحالفه، على ما أفاد المجلس الانتقالي الجنوبي فرانس برس.

وأعلنت رئاسة الأركان التابعة للحكومة اليمنية الجمعة مقتل 32 جنديا وإصابة 45 آخرين خلال هجوم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت.



وأثناء سيطرة المقاتلين الانفصاليين على معظم محافظة حضرموت، وهي الأكبر في البلاد، دفعوا القوات الحكومية ذات التوجه الإسلامي المدعومة تقليديا من السعودية إلى محافظة مأرب المجاورة.

وقضى ثلاثة مقاتلين انفصاليين يمنيين الجمعة في ضربة بطائرة مسيّرة، بحسب ما أفاد قائدهم وكالة فرانس برس، محمّلا مسؤولية الهجوم للقوات الإسلامية المنافسة التي طردوها.

وينقسم اليمن بين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على معظم الشمال بما فيه العاصمة صنعاء، وبين قوات متفرقة من المجموعات المناهضة للحوثيين، وبينها المجلس الانتقالي الجنوبي الممثل في الحكومة المعترف بها دوليا.

وأثار تقدّم المجلس الانتقالي مخاوف من احتكاكات مع فصائل حكومية أخرى، ومن احتمال سعيه للانفصال بهدف إحياء "اليمن الجنوبي" الذي كان مستقلا في وقت سابق.

مقالات مشابهة

  • كيف تعمل الإمارات بثبات لتقسيم اليمن وتحويله إلى ساحة نفوذ إسرائيلية
  • الخارجية اليمنية: عيدروس الزبيدي لا يمكنه إعلان الإنفصال وما حدث شرق اليمن كان مفاجئًا
  • التايمز: المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني مستعد للتطبيع مع إسرائيل
  • الانتقالي الجنوبي يرفض طلبا سعوديا إماراتيا بالتراجع الميداني في اليمن
  • مجلس النواب يُدين الأعمال الإجرامية والتخريبية في المحافظات اليمنية المحتلة
  • مستشار الرئاسة اليمنية: المملكة مرجعية جميع الفرقاء وأكبر ضمان لعدم تكرار أحداث حضرموت
  • مقتل 32 من الجيش اليمني على أيدي مجاميع تابعة لـالانتقالي في حضرموت
  • هل وصل المجلس الرئاسي اليمني إلى مرحلة التفكك؟
  • علي ناصر محمد تحدث عن تشكيل المجلس اليمني المشترك بين الشمال والجنوب
  • عمق الأزمة اليمنية في حضرموت والمهرة