الوحدة اليمنية.. صمام الأمان في وجه مشاريع التقسيم والارتهان
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
خمسة وثلاثون عاما مضت على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، ذلك الحدث المفصلي الذي شكّل لحظة تاريخية فارقة في مسار اليمن الحديث، وبوابة أمل لشعبٍ عانى طويلًا من التشطير والتجزئة والصراعات المفتعلة.
الوحدة لم تكن مجرّد توقيع سياسي، بل تعبير صادق عن تطلعات الشعب اليمني في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب، نحو دولة موحدة مستقلة تمتلك قرارها وسيادتها، وتنهض بمقدراتها، وتؤسس لمستقبل يليق بتاريخ اليمن وموقعه الجغرافي والديني والاستراتيجي.
إن أهمية الوحدة اليمنية لا تقتصر على اليمن فقط، بل تتعداه إلى الإقليم برمته، فاليمن الموحد المستقر هو عامل توازن في المنطقة، وصاحب تأثير كبير على أمن البحر الأحمر وباب المندب، الممر البحري الدولي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في حسابات التجارة والنفوذ العالمي، وما كان لهذا الموقع أن يُستثمر لصالح الأمة إلا في ظل وحدة القرار والسيادة.
لكن الوحدة، ومنذ فجرها، واجهت مؤامرات كبرى قادتها قوى استعمارية على رأسها بريطانيا، التي غادرت جنوب اليمن في الستينات، لكنها ظلت تتآمر على اليمن، وتسعى عبر أدواتها المحلية والإقليمية لتنفيذ مشاريع تمزيقية، وهذا ما بتنا نلحظه ونشاهده اليوم من خلال ما يسمى المجلس الانتقالي الذي ينادي باستعادة دول “الجنوب العربي” وكذلك ما جرى ويجري في حضرموت من خلال إعلان «دولة حضرموت الاتحادية» وأشكال متعددة من الفدرلة المقنعة التي لا تخدم اليمنيين، وإنما تعيد رسم الخارطة وفق مصالح المستعمر القديم – الجديد.
والمؤسف أن هذه المشاريع وجدت بيئة خصبة في ظل الاحتلال الخارجي للمحافظات الجنوبية، حيث تتعدد الفصائل والولاءات، وتنقسم المحافظات بين مكونات تتبع هذه الدولة أو تلك، حتى صار لكل محافظة سلطة منفصلة، ولكل فصيل أجندة لا تمتّ للوطن بصلة، والنتيجة انهيار في الخدمات، غياب للأمن، وواقع معيشي مأساوي يعاني منه المواطن الجنوبي كل يوم.
فالتمسك بالوحدة ليس مطلباً أو حقاً سياسياً واجتماعياً؛ بل هو التزام ديني، امرنا به ديننا الحنيف الذي يدعونا للوحدة والاعتصام بكتابه، فقال تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا”، صدق الله العظيم، وما أحوجنا اليوم أن نستوعب هذا التوجيه الرباني، في زمن تتوحد فيه الدول العظمى وتتكامل اقتصادياتها وتحالفاتها، بينما يُراد لنا أن نتمزق، ونبقى مجرد كيانات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها أو السيطرة عليها.
فالعدو يسعى إلى تمزيق الجسد اليمني إلى دويلات صغيرة وكانتونات متفرقة، متناحرة وتتقاتل في ما بينها، كما كانت المناطق الجنوبية مقسم إلى أكثر من 21 مشيخة وسلطنة، ليسهل عليه تحقيق أهدافه ومخططاته، المتمثلة في السيطرة على الممرات البحرية ونهب الثروات النفطية.
علينا أن نجعل من ذكرى إعادة الوحدة محطة لتوحيد الصف اليمني، وتجديد الوعي الوطني، والانتباه إلى حجم التحديات والمخاطر، وإدراك أن لا نهضة بدون وحدة، ولا سيادة بدون استقلال القرار، ولا كرامة في ظل الاحتلال والارتهان.
فلنُجدّد العهد مع الله ومع الوطن، بأن نحفظ وحدتنا، ونحمي سيادتنا، ونستكمل معركة التحرر والبناء، فالتاريخ لا يرحم المتخاذلين، والشعوب التي تفرّط في وحدتها، تفرّط في مستقبلها.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الحكومة السورية ترفض أي شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة
أكدت الحكومة السورية ترحيبها بأيّ مسار مع قوات سوريا الديمقراطية من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد، مجددة التمسك الثابت بمبدأ “سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة”، ورفضها رفضاً قاطعاً أي شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة، بحسب وكالة الأنباء السورية "سانا".
وقالت الحكومة السورية في بيان لها: في ضوء التطورات الأخيرة المتعلقة بتنفيذ الاتفاق الموقع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تؤكد الحكومة السورية ترحيبها بأي مسار من شأنه تعزيز وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتشكر الجهود الأمريكية المبذولة في رعاية تنفيذ هذا الاتفاق، انطلاقًا من الحرص على استقرار البلاد ووحدة شعبها.
وأضافت: تجدد الدولة السورية تمسكها الثابت بمبدأ “سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة”، وترفض رفضًا قاطعًا أيّ شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة التي تتعارض مع سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة ترابها.
وأشارت إلى أن الجيش السوري يُعد المؤسسة الوطنية الجامعة لكل أبناء الوطن، وتُرحب الدولة بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه، ضمن الأطر الدستورية والقانونية المعتمدة.
وقالت في بيانها: وإذ تُبدي الحكومة تفهمها للتحديات التي تواجه بعض الأطراف في قسد، فإنها تُحذر من أن أي تأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يعقّد المشهد، ويُعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية.
وأضافت: تؤكد الدولة السورية على ضرورة عودة مؤسسات الدولة الرسمية إلى شمال شرق البلاد، بما في ذلك مؤسسات الخدمات والصحة والتعليم والإدارة المحلية؛ لضمان تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وإنهاء حالة الفراغ الإداري، وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
ولفتت إلى أن التجربة أثبتت أن الرهان على المشاريع الانفصالية أو الأجندات الخارجية هو رهان خاسر، والمطلوب اليوم هو العودة إلى الهوية الوطنية الجامعة والانخراط في مشروع الدولة الوطنيّة السوريّة الجامعة.
وأكدت الحكومة السورية أن المكوّن الكردي كان ولا يزال جزءًا أصيلًا من النسيج السوري المتنوع، مشددة على أن حقوق جميع السوريين، بمختلف انتماءاتهم، تُصان وتُحترم ضمن مؤسسات الدولة، وليس خارجها.
وختمت الحكومة بيانها بتجديد دعوتها لجميع القوى الوطنية إلى توحيد الصفوف والعمل المشترك تحت راية الوطن، بعيدًا عن المصالح الضيقة أو التدخلات الخارجية، وصولاً إلى سوريا آمنة، موحدة، مستقلة وذات سيادة كاملة على أراضيها.