الاتهام الأمريكي يُمثّل امتدادًا لإرث مولي فيي، والتي اتسم سجلها بانحياز سافر ومُشكِل ضد السودان
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
*الاتهام الأمريكي يُمثّل امتدادًا لإرث مولي فيي، والتي اتسم سجلها بانحياز سافر ومُشكِل ضد السودان*
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن نية حكومتها فرض عقوبات على السودان، متهمة إياه باستخدام أسلحة كيميائية في عام 2024. وتأتي هذه الاتهامات في غيابٍ تام لأي تقارير محلية من داخل السودان، أو أدلة مستقلة، أو حتى روايات متطابقة تدعم هذا الادعاء.
ويبدو أن هذا القرار يُمثّل امتدادًا لإرث مولي فيي، مساعدة وزير الخارجية الأميركي السابقة لشؤون إفريقيا، والتي اتسم سجلها بانحياز سافر ومُشكِل ضد السودان في حربه ضد قوات الدعم السريع. ومن اللافت أن هذه الاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية لم تبرز إلا بعد أن صنّفت الحكومة الأميركية رسميًا أفعال قوات الدعم السريع على أنها إبادة جماعية — وهو قرار كانت فيي تعارضه بشدة، بحسب التقارير، لكنه في النهاية رُجّح وأفضى إلى فرض عقوبات على قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
إن التبرير الذي قدمه المسؤولون الأميركيون — بأن الاستخدام المزعوم للأسلحة كان طفيفًا ومعزولًا وغير فعّال — يُعدّ تبريرًا غير مقنع ومفتقرًا إلى الاتساق المنطقي. فهو لا يرقى إلى مستوى الخطورة الذي يستوجب فرض عقوبات بهذا الحجم، كما أن عدم إخطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) — التي السودان عضوًا في مجلسها التنفيذي — يُثير القلق بشكل خاص. فالبروتوكولات الدولية المعيارية تقتضي الإخطار الفوري عند توفّر معلومات موثوقة عن استخدام أسلحة كيميائية، وإن تجاهل ذلك يُلقي بمزيد من الشكوك على مصداقية الادعاءات الأميركية. وهذا يُعزز الشبهة بأن قرار فرض العقوبات — في ظل انعدام أي تمويل أميركي فعلي أو خطوط ائتمان مفتوحة مع السودان — لا يخدم غرضًا عمليًا سوى ممارسة الضغط السياسي، ضمن ما درجت عليه الدبلوماسية القسرية الأميركية، أو ربما استرضاءً للإمارات العربية المتحدة، من خلال إظهار موقف متشدد ضد السودان الذي بات يواجه العدوان الإماراتي بشكل علني.
أما الرد المناسب والعقلاني من السودان، فيتمثل في المطالبة، عبر الآليات المعنية في الأمم المتحدة، بأن تُقدّم الولايات المتحدة الأدلة التي تستند إليها في توجيه هذه الاتهامات الخطيرة. كما يجب على السودان أن يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق أممية محايدة ومستقلة، تُستبعد منها الولايات المتحدة صراحة نظرًا لتضارب مصالحها الواضح. وبالتوازي مع ذلك، لا بد من تسليط الضوء على هذا الانتهاك الفج لأعراف القانون الدولي، التي بات يُطبّق الكثير منها على نحو انتقائي ومتباين — لا سيما في ظل التجاهل الدولي المتواصل للعدوان الفجّ الذي تمارسه الإمارات، ودورها المتصاعد في تسليح قوات الدعم السريع ودعمها، ما يُسهم في استمرار الانتهاكات الجسيمة والفظائع وجرائم الإبادة.
أمجد فريد الطيب
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع ضد السودان
إقرأ أيضاً:
اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور
نفذت قوات الدعم السريع أمس الأربعاء سلسلة هجمات ممنهجة استهدفت قرى غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وتهجير مئات المدنيين، بحسب مصادر محلية وشهود عيان.
ووفقا للشهادات، أقدمت القوات على إحراق 3 قرى بالكامل ونهبت ممتلكات السكان، إلى جانب الاعتداء على العشرات من المدنيين، وإطلاق نار عشوائي على أعيان تلك القرى وتدمير البنية التحتية، مما أجبر مئات المواطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانا.
وقال المتحدث الرسمي باسم نازحي مخيم زمزم محمد خميس دودة للجزيرة نت إن الهجمات أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، فضلا عن موجة نزوح كبيرة. وأوضح أن القرى المتضررة هي "قولو" و"قرني" و"حلة شريف".
كذلك، أشار خميس دودة إلى حادثة أخرى وقعت قبل يومين، حيث اختطف عناصر من الدعم السريع فتاتين وقتلوا 3 أشخاص في "حلة دبة النور" المجاورة لـ"قولو"، وتم نقل الجثث إلى الفاشر لتشييعها.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح العقيد أحمد حسين مصطفى للجزيرة نت إن هذه الاعتداءات تأتي في إطار سلسلة من الهجمات ذات الدوافع العرقية، وتهدف إلى تهجير السكان الأصليين.
إعلانوأكد أن القوات المشتركة ستستمر في عملياتها العسكرية ضد قوات الدعم السريع ومن يساندها في جميع أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الغربية من الفاشر.
وأضاف أن النصر "أصبح وشيكا"، مشددا على أن دارفور ستكون النقطة الحاسمة في مواجهة هذه المليشيات.
تهجير قسريوبحسب الناشط محمد آدم، اجتاحت قوات الدعم السريع 3 قرى غربي الفاشر أمس الأربعاء، وأضرمت النيران فيها، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وتشريد المئات من السكان، من بينهم والد الصحفي السوداني عبد العظيم قولو.
وأشار آدم إلى أن عمليات التهجير القسري جعلت الفارين يواجهون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة في الوديان والجبال.
وتشير تقارير محلية إلى أن هذه الهجمات تأتي ضمن إستراتيجية ممنهجة تتبعها قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر لإحراق القرى. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفّذت عمليات مشابهة أدت إلى تدمير نحو 11 قرية في منطقة أبو زريقة جنوب الفاشر، في حين شهد أكتوبر/تشرين الأول الماضي إحراق 45 قرية شمال غرب الفاشر، من بينها "بريدك" و"أنكا" و"أمراي" و"دونكي بعاشيم"، إضافة إلى قرى أخرى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسّعت قوات الدعم السريع عملياتها إلى 4 ولايات في دارفور، شملت الجنوب والشرق والغرب والوسط، ضمن محاولة للسيطرة على المنطقة، مما أدى إلى ارتكاب مجازر واسعة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، تخلّت الحركات المسلحة في الفاشر عن حيادها، وأعلنت دعمها للجيش السوداني، مما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة المدينة ومهاجمة مخيم زمزم المجاور.
وتشهد مدينة الفاشر حاليا قصفا مدفعيا عنيفا من قبل قوات الدعم السريع، التي تستهدف الأسواق والمرافق الصحية وأماكن تجمع المدنيين.
وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عبر صفحتها على فيسبوك بأن التدمير ما زال مستمرا ليلا وصباحا، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني أصبح مزريا ولا يحتمل.
إعلانوأضافت "رغم كل هذا الدمار والألم والمعاناة والقصف، سنبقى هنا مهما اشتدت الأزمات ومهما حاولوا كسرنا. سنظل ثابتين وصامدين لأن هذه الأرض تشبهنا ونحن نشبهها".