من تركيا إلى أميركا.. سباق حكومي لمواجهة تراجع المواليد وتشجيع الإنجاب
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
يثير الانخفاض الحاد في معدلات المواليد قلقا متزايدا لدى قادة عالميين، من الولايات المتحدة إلى تركيا. وبات ينظر إلى هذه الظاهرة بوصفها تهديدا وجوديا لمستقبل الدول.
في بداية عام 2025، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "عام الأسرة"، محذرا من أن بلاده "تخسر دماءها" في ظل التراجع السكاني الحاد، بينما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى "طفرة في المواليد"، معتبرا أن استمرار الانخفاض السكاني يهدد البنية الاقتصادية والاجتماعية للولايات المتحدة.
تواجه تركيا تراجعا سكانيا مقلقا وغير مسبوق في سرعته، على حد قول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما دفعه، في أعقاب اجتماع مجلس الوزراء في السادس من يناير/كانون الثاني 2025، إلى إعلان هذا العام "عام الأسرة"، في محاولة لوقف التدهور الديمغرافي.
وقد تم تسجيل معدل المواليد المنخفض القياسي البالغ 1.51 في عام 2023، مقارنة بـ2.38 عام 2001، وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD).
وذكر مدير مركز السياسات السكانية والاجتماعية في جامعة مرمرة في إسطنبول، محمد فاتح إيسان، أن معدل الخصوبة في تركيا تراجع من 6.5 ولادات لكل امرأة عام 1960 إلى 1.51 اليوم، قائلا إنه رقم أدنى بكثير من 2.1 وهو "المعدل الذي يعتبر ضروريا للحفاظ على استقرار عدد السكان".
إعلانواعتبر أيسان في تقرير على "تي آر تي وورلد" أن هذا الانخفاض الحاد في عدد السكان يمثل ضغطا كبيرا على الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الأسرة يمكن أن تلعب دورا محوريا في استقرار المجتمع في ظل هذه التغيرات.
وأكد أيسان على ضرورة تشجيع زيادة المواليد، قائلا إن إعادة الاعتبار لقيمة الأسرة "ليست مجرد طرح محافظ أو تقليدي، بل هي ضرورة عملية لضمان تماسك المجتمع التركي واستقراره في المستقبل".
المواليد في أميركامن تركيا إلى أميركا، وفي نفس العام 2023، الذي شهد أدنى معدل قياسي للمواليد في تركيا، سجلت الولايات المتحدة أيضا أدنى معدل للمواليد، وفقا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وفي بداية ولايته الثانية، دعا الرئيس ترامب إلى ما سماه "طفرة في المواليد"، وأبدى انزعاجه من انخفاض معدلاتها، معتبرا ذلك تهديدا وجوديا للأميركيين.
وقالت عالمة الديمغرافية العائلية في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، كارين بنجامين جوزو، في تقرير على "نيويورك تايمز" إنه في خلال تسعينيات القرن الـ20 وحتى العقد الأول من القرن الـ21، كان معدل الخصوبة في الولايات المتحدة حوالي طفلين لكل امرأة، "وهو ما يعادل تقريبا المستوى المطلوب للحفاظ على عدد السكان من خلال المواليد وحدهم".
لكن منذ بداية الألفية الثانية، بدأت معدلات المواليد في الولايات المتحدة بالتراجع بشكل ملحوظ. ووفقا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فقد بلغ معدل المواليد عام 2007 نحو 106.3 لكل ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاما، وانخفض هذا الرقم إلى 56.7 بحلول عام 2024.
تتشابه أسباب انخفاض معدلات المواليد كثيرا بين البلدين. في تركيا، يرتبط انخفاض المواليد بشكل مباشر بتدهور الأوضاع الاقتصادية.
إعلانوأشار تقرير على مؤسسة "جلوبال فويسيس" إلى أنه في ظل ارتفاع التضخم وغلاء المعيشة، أصبح من الصعب على العائلات تلبية احتياجاتها الأساسية، مثل الإيجار والطعام، وبالتالي انخفضت معدلات الإنجاب.
وكان اتحاد نقابات العمال التركي "هاك-إيش"، أعلن أن نصف عدد العاملين في تركيا يتقاضون الحد الأدنى للأجور، وهو مصدر الدخل الرئيسي لهم. وطالبوا في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي أن يكون الحد الأدنى 29.583 ليرة تركية (760.74 دولارا أميركيا) على الأقل، لمواكبة التضخم وزيادات الأسعار، لكن هذا المبلغ لم يعتمد. وكانت الحكومة قد أعلنت عن زيادة سابقة في الحد الأدنى للأجور في يناير/كانون الثاني من نفس العام، ليصبح 17 ألفا وليرتين (437 دولارا أميركيا).
ولا تتماشى تلك الأجور ولا حتى الزيادة التي طالب بها الاتحاد مع تكلفة المعيشة في تركيا، فوفقا لتقرير صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عن وكالة تخطيط إسطنبول، بلغ متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من 4 أفراد في إسطنبول نحو 75 ألفا و717 ليرة تركية (حوالي 1947 دولارا أميركيا).
وحتى التقدير الأقل لتكلفة المعيشة، وفقا لتقرير صادر عن اتحاد النقابات العمالية التركية في ديسمبر/كانون الأول 2024، بلغ لكل أسرة 68 ألفا و675 ليرة تركية أي 1766 دولارا أميركيا.
أما في أميركا، فعزت العالمة الديمغرافية جوزو، انخفاض المواليد إلى الظروف الاقتصادية وديون الطلاب الكبيرة، وعدم وجود إجازة عائلية مدفوعة الأجر على المستوى الفدرالي، والتكلفة العالية لرعاية الأطفال، وصعوبة امتلاك المسكن والشعور العام بعدم الاستقرار في العالم. وقالت جوزو "الناس لا ينجبون أطفالا عندما لا يشعرون بالرضا عن مستقبلهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة معدلات الموالید دولارا أمیرکیا الموالید فی فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
توقعات بانكماش صادرات كوريا الجنوبية إلى أميركا هذا العام
أظهر استطلاع رأي نشرت نتائجه الاثنين، أن المصدرين الكوريين الجنوبيين يتوقعون انخفاضا يقارب 5 بالمئة في صادراتهم إلى الولايات المتحدة هذا العام إذا استمرت السياسات الجمركية الحالية لواشنطن.
ووفقا للاستطلاع الذي أجرته شركة "مونو ريسيرتش" بتكليف من اتحاد الصناعات الكورية، توقعت 150 شركة تصدير، من بين أكبر 1000 شركة كورية جنوبية من حيث حجم المبيعات، انخفاض صادراتها إلى الولايات المتحدة خلال العام الحالي بنسبة 9ر4 بالمئة في المتوسط.
وأشارت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إلى أن الانخفاض الأكبر المتوقع جاء من نصيب قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية الذي يتوقع تراجع صادراته إلى الولايات المتحدة بنسبة 8.3 بالمئة ثم قطاع السيارات ويتوقع تراجع صادراته بنسبة 7.9 بالمئة ثم البتروكيماويات ومنتجات النفط بنسبة 7.2 بالمئة والآلات العامة بنسبة 6.4 بالمئة سنويا.
وعلى النقيض من ذلك، تتوقع شركات بناء السفن والأدوية زيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 10 بالمئة و1.6 بالمئة على التوالي، رغم استمرار المخاوف بشأن الرسوم الجمركية.
وقال 81.3 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يتوقعون تأثيرات سلبية للإجراءات الجمركية على الأعمال في كلا البلدين، فيما قال 14.7 بالمئة إن التأثير سيكون سلبيا على الشركات الكورية الجنوبية، لكنه سيكون مفيدا لنظيراتها الأميركية.
وفيما يتعلق بردود الحكومة، دعا 44.6 بالمئة إلى إجراء مفاوضات لتقليل الرسوم الجمركية إلى الحد الأدنى، في حين حث 13.6 بالمئة على دعم تنويع أسواق التصدير.
كما أوصى 13.1 بالمئة بتوسيع قائمة السلع المعفاة من الرسوم الجمركية، واقترح 9.4 بالمئة ضمان حصول كوريا الجنوبية على معدلات جمركية مماثلة لتلك التي تحصل عليها الدول الأخرى المنافسة لها في السوق الأميركية.