دبي: «الخليج»
استضافت قمة الإعلام العربي 2025 ضمن فعاليات يومها الثاني تزامناً مع اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي، جلسة بعنوان «مستقبل الإعلام برؤية الرؤساء التنفيذيين»، جمعت نخبة من كبار صناع القرار في مؤسسات إعلامية رائدة، وشارك في الجلسة محمد الملا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للإعلام، ونايلة تويني، الرئيس التنفيذي لمجموعة النهار الإعلامية، وتوني خليفة، المدير العام لقناة ومنصة المشهد، فيما أدارت النقاش الإعلامية نادية خماش من قناة العربية.


تناولت الجلسة التغيرات الجذرية التي يشهدها المشهد الإعلامي العربي في ظل التحول الرقمي المتسارع، وصعود المنصات الجديدة، والتحولات في اتجاهات وسلوك الجمهور، لا سيما الأجيال الشابة التي أصبحت تعتمد بشكل رئيسي على المحتوى الرقمي والمصادر غير التقليدية للحصول على المعلومات.
وأجمع المشاركون على أن الإعلام العربي يقف أمام مفترق طرق حاسم، فإما أن يكون رقماً مؤثراً في معادلة صناعة الرأي العالمي، أو أن يفقد بوصلته أمام موجات التأثير القادمة من الخارج.
وقال محمد الملا، إننا في مؤسسة دبي للإعلام نؤمن بأن المستقبل مرهون بإعلام قادر على تبنّي التكنولوجيا، مع الحفاظ على القيم والهوية والمهنية، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتكامل الرقمي، هي مفاتيح المرحلة القادمة.
وأضاف أنه من أجل مواكبة الثورة الرقمية، أطلقت مؤسسات إعلامية متعددة مجالس شباب استشارية لاستقطاب الشباب إلى غرف التحرير والتعامل مع الواقع الرقمي الجديد، حيث تشهد الصناعة الإعلامية ثورة رقمية متواصلة لابد من مواكبتها، مشيراً إلى أن العالم العربي مطالب في الوقت الحالي للاستفادة من عالم الذكاء الاصطناعي بمختلف فروعه.
من جانبها، تحدثت نايلة تويني عن التحديات التي تواجه الصحافة المكتوبة في زمن التحول الرقمي والمحتوى السريع، مشيرة إلى أن الصحافة الورقية لا تزال تحتفظ بمكانتها، لكنها بحاجة ماسة لإعادة ابتكار ذاتها. وقالت إن مجموعة النهار تسعى إلى التوازن بين الهوية العريقة والتحول الرقمي الذكي، نحن نعيد تشكيل طريقة تواصلنا مع القراء، عبر المحتوى المرئي والتقارير التفاعلية.
وأضافت أنه في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد الإعلامي العالمي، كانت النهار في طليعة المؤسسات التي تبنّت الرقمنة والذكاء الاصطناعي كأدوات لإعادة صياغة المحتوى وتوسيع الأثر، لا كمجرد أدوات مواكبة. نحن لا نكتفي بالبقاء في قلب المشهد الإعلامي، بل نصنعه.
فيما قال توني خليفة إن الرهان الحقيقي ليس على سرعة الخبر، بل على عمقه وتحليله، والقدرة على تقديم سياقات تفيد المتلقي، مؤكداً أن الإعلام لم يعد مجرد مرآة للواقع، بل أصبح شريكا في تشكيله.
وأضاف أن قناة المشهد لديها منذ اليوم الأول لتأسيسها رؤية طموحة تهدف لمواكبة التحول الرقمي عبر إطلاق قناة ومنصة رقمية متعددة البرامج، مؤكداً أن هذه الرؤية تأتي في إطار استراتيجيات للمحتوى التفاعلي الإخباري والعام، وإعداد شبكة برامج استثنائية، بعضها مخصص حصرياً للمنصات الرقمية، إلى جانب إنجاز بنية تحتية مبتكرة تتماشى مع متطلبات الإعلام المعاصر والاستثمار في العنصر البشري تدريباً وتجهيزاً.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإعلام العربي الإمارات الإعلام العربی

إقرأ أيضاً:

الإعلام العربي.. هل يستحق هذه «القمة» ؟

كلما سمعت كلمة «قمة عربية» تحسست رأسي، وشعرت برجفة وسخونة مفاجئة تهز جسدي كله، خاصة عندما تطاردني ذكريات عشرات، بل ربما مئات القمم العربية التي عاصرتها على مدى سنوات عمري، وكم الإحباط الهائل الذي أصاب به قبل وأثناء هذه القمم، التي كانت على الدوام قمما احتفالية، لم تنقلنا ولو خطوة واحدة إلى الأمام على جميع الأصعدة، بل ربما أعادتنا خطوات كثيرة إلى الوراء خاصة في السنوات الأخيرة. وقد رأينا كيف كانت القمة العربية الرابعة والثلاثين الأخيرة التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد منتصف هذا الشهر، وغاب عنها معظم القادة العرب، موضعا للقيل والقال، والرفض الشعبي لما انتهت إليه.

أحدث وآخر تلك القمم هي «قمة الإعلام العربي 2025» التي انطلقت الأحد الفائت في دبي وتستمر حتى اليوم (الأربعاء). ينظم القمة منذ سنوات نادي دبي للصحافة، ويشارك فيها هذا العام، كما يقول الموقع الرسمي لحكومة دبي نحو ثمانية آلاف إعلامي من جميع أنحاء العالم العربي. السؤال الذي ظل يطاردني وأنا أتابع أخبار تلك القمة هو: هل يستحق الإعلام العربي قمة بهذا الحجم يتحدث خلالها 300 متحدث، وتضم 175 جلسة و35 ورشة تدريبية؟

ليس الهدف من هذا المقال أن نقلل من أهمية فعاليات القمة، ولكن أن نوضح للقارئ الكريم كيف يمكن لمثل هذه المناسبات أن تكون فرصة لمراجعة الذات والوقوف على حقيقة الأوضاع العربية دون دعاية مفرطة ودون مبالغات منفصلة عن الواقع.

واقع الإعلام العربي المتردي لا يخفى على أحد، وحجر الزاوية في أي إصلاح لهذا الإعلام لا بد أن يبدأ وينتهي بقضية الحرية. ماذا تفعل كلمات المتحدثين وتوجيهات المدربين وهي تتجنب الإشارة إلى قضية الإعلام العربي الأساسية؟ في تقديري إن ما يقدم في هذه القمة وغيرها لا يصلح للتعامل مع الإعلام العربي بوسائله التقليدية والجديدة. من الجيد أن تكون لدينا جلسات وحلقات تدريبية تركز على البيئة الإعلامية الرقمية الجديدة، والذكاء الاصطناعي ومستقبل الصحافة والتحول الرقمي، ولكن ماذا نحن فاعلون بكل ذلك؟ لا شيء! لسبب بسيط هو أن أنظمتنا الإعلامية المتشابهة تقريبًا في كل الدول العربية لن تسمح بتغيير يحد من سيطرتها على وسائل الإعلام بكل منصاتها القديمة والجديدة. ولذلك فإن ما يقدم في هذه القمة يصلح لأنظمة إعلامية أخرى، وليس للأنظمة الإعلامية العربية، يصلح لأنظمة مفتوحة وحرة تسمح بالرأي والرأي الأخر وتدعم الخلاف والاختلاف في وجهات النظر وليس لأنظمة ما زال، الكثير منها، يحتكر كل منافذ التعبير في المجتمع ويريد تعزيز هذا الاحتكار بالسلطوية الرقمية. من الجيد تدريب الشباب الصحفيين والمؤثرين على صناعة المحتوى وإتقان مهارات هذه الصناعة المهمة، ولكن أي محتوى نريد لهم أن يصنعوه، وهم يرون أن من صنعوا المحتوى الذي يريدون مكانهم الآن في السجون؟ وأن الساحة مفتوحة فقط أمام أصحاب المحتوى الهابط البعيد عن القضايا الحقيقية للمواطن العربي. وما يقال عن صناعة المحتوى يصدق أيضا على صناعة «البودكاست» التي تطاردها بعض الحكومات العربية.

تناقش القمة واقع ومستقبل الصحافة العربية، هذا المستقبل الذي قد يبدو مشرقا على صعيد تبني التكنولوجيات الجديدة والتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع الأخبار وتحريرها وإعداد التقارير الصحفية والصور والفيديوهات المساندة للمادة الصحفية، لكن السردية التقليدية يجب أن تبقى كما هي. لن تروي الصحافة سوى ما تريد الحكومات أن تطلع عليه الشعوب، ولن تنتقل إلى الأشكال الجديدة من الصحافة الاستقصائية وصحافة المحاسبة والمساءلة، ولن تتناول البرامج الإذاعية والتلفزيونية القضايا المسكوت عنها، ولذلك سوف تبقى الصحافة والمنصات الإعلامية العربية بعيدة عن الجمهور، ومن المتوقع أن تزداد عزلتها الجماهيرية في السنوات القادمة طالما ظلت المؤسسات الإعلامية تعيش على ما تجود به الحكومات من دعم مباشر وإعلانات حكومية.

لا حاجة لمراجعة برنامج القمة لكي تتأكد أن قضايا الحريات العامة والحريات الصحفية والقضايا الحقوقية في العالم العربي لم تطرح أمام قمة يقال إنها للإعلام العربي. وأكاد أجزم مسبقا أنه لا أحد في هذه القمة سوف يتحدث عن الصحفيين الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل في حربها الغاشمة على غزة، والذين بلغ عددهم وفقا لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة 220 صحفيا، ويعد هذا الرقم الأعلى في تاريخ الصراعات الحربية من حيث عدد الصحفيين الذين تم استهدافهم بالقتل في منطقة واحدة خلال فترة زمنية قصيرة، وذلك وفقا للجنة حماية الصحفيين الدولية. لا أحد في هذه القمة التي يغلب عليها الطابع الاحتفالي سوف يتذكر عشرات وربما مئات الصحفيين والأدباء والشعراء والمؤثرين المعتقلين في أكثر من دولة عربية بتهم معلبة وجاهزة مثل «نشر أخبار كاذبة» و«تهديد السلم العام».

أين قضايا الرقابة في هذه القمة التي تستهدف مناقشة أوضاع الإعلام العربي الذي لم يعانِ إعلام مثله في العالم من الرقابة، سواء الخشنة التي تتم من خلال قوانين الإعلام والعقوبات وغيرها من القوانين، والسجن والاعتقال، أو من خلال الرقابة الناعمة المناسبة أكثر للعصر الرقمي والتي تعتمد على متابعة الجيوش الإلكترونية لكل ما ينشر على المنصات الإعلامية والشخصية والتلاعب بالخوارزميات من جانب الحكومات وشركات التكنولوجيا العملاقة التي تدير شبكات التواصل الاجتماعي لمنع التعبير الحر عن الرأي. لو كانت هذه القمة قمة للإعلام العربي بالفعل لناقشت كل تلك القضايا دون حرج، وفتحت أبواب الحوار حول القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تحاصر هذا الإعلام وتمنعه من التطور.

هل يجرؤ أحد على امتداد الخريطة العربية أن يعقد قمة حقيقية للإعلام العربي تناقش كل تلك القضايا؟ قمة تفتح الطريق أمام إصلاح حقيقي لهذا الإعلام الذي ما زالت دولنا تحتاج إليه بشدة في مسيرتها نحو تحقيق التنمية المستدامة. نحتاج قمة للإعلام العربي تتناول المسكوت عنه، وتطهر الجروح الكثيرة التي مزقت هذا الإعلام منذ بداية ظهوره، وتعيد له الحياة، وليس قمة تزيد تقيح هذه الجروح من خلال وضع مساحيق التجميل المبهرة عليها.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي واقـــع لا مفـــرّ منـــه
  • عبدالله آل حامد: مواكبة التكنولوجيا تحدد مكانة المؤسسات الإعلامية وتنافسيتها
  • «الذكاء الاصطناعي بين الوهم والحقيقة» حوار مشترك على طاولة منتدى الإعلام العربي
  • الإعلام الرقمي.. بين سرعة النشر وغياب الدقة
  • وزراء ومسؤولون: المصداقية والتقنيات ضمانة لاستمرارية المؤسسات الإعلامية
  • الإعلام العربي.. هل يستحق هذه «القمة» ؟
  • قمة الإعلام العربي: الذكاء الاصطناعي واقع لا مفر من إجادته والتدريب عليه
  • خلال تكريمها في قمة الإعلام العربي.. إسعاد يونس: الذكاء الاصطناعي يهدد صناعتنا
  • شراكة استراتيجية لدعم المبادرات الإعلامية والمعرفية