جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-03@05:21:04 GMT

العُمانيون أخلاق تتحدث

تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT

العُمانيون أخلاق تتحدث

 

 

جابر حسين العُماني **

[email protected]

 

ورد في الحديث النبوي الشريف: "لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمان أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ" وهو تصريح لأَشرف الأعراب والعجم، وطيب الأخلاق والشيم، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، في أهل عُمان، أراد أن يقول به: إن الإنسان العُماني يتميز بأخلاقه وقيمه ومبادئه الإنسانية الراسخة، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من هوية العُماني  وسمته؛ فهي أخلاق وقيم لم تكن طارئة أو وقتية أو لحظية، بل نتاج أجيال توحدت وتماسكت وأخلصت وآمنت بمحاسن الأخلاق التي استمدها الإنسان العُماني من هدي الإسلام الحنيف ومن العادات العربية الأصيلة.

لقد اشتهر أهل عُمان بكرمهم وتسامحهم وترابطهم، وكان من كرمهم أنهم يفتحون بيوتهم للضيوف، ويستقبلونهم بالابتسامة والبشاشة والاحترام والإجلال، حتى مع من خالفهم في الدين والمذهب والمعتقد، فأصبح أهل عُمان بأخلاقهم نموذجا رائعا يحتذى به في التعايش السلمي الذي عرف به العُمانيون عبر التأريخ.

يقول الطبيب الأمريكي بول هاريسون في كتابه "رحلة طبيب في الجزيرة العربية" أثناء إقامته في سلطنة عُمان، أنها "أرض التسامح والكرم"، ويعد هذا التصريح في حد ذاته اعترافًا ضمنيًا بما يشهد به كل من أقام في سلطنة عُمان أو زارها، لا سيما الرحَّالة الأوروبيون والأمريكيون.

وهو دليل واضح وجلي على ما تمتلكه سلطنة عُمان وأهلها الكرام من قيم أخلاقية نبيلة وجليلة، جعلت من عُمان وأهلها محلًا للاحترام والتقدير والإجلال بين سائر الأمم.

وصرح الجنرال البريطاني فليكس تيكاري هيج، في ختام رحلته إلى الجزيرة العربية، أثناء زيارته لعُمان ولقائه بالعُمانيين، بتقرير موسع عن عُمان وأهلها الكرام ووصفهم بأنهم "شعب صادق ومُنفتح ومُهذَّب وأن سَمْت التسامح الذي يتمتعون به ليست محصورة في سكان المدن الساحلية وإنما ظاهرة عامة يمكن ملاحظتها بوضوح كذلك بين سكان المناطق الداخلية".

وهناك استطلاع أجرته المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حول مفهوم "التسامح"، لعام 2025 وكانت النتيجة كالتالي: 90.9% من الوافدين يرون أن المجتمع العُماني يتسم بالتسامح تجاههم، مقارنة مع 90.7% في عام 2024، وأوضحت الإحصائية أن 95.6% من الوافدين لم يتعرضوا إلى أي شكل من أشكال التمييز أو الإساءة من العُمانيين مقارنة بـ93.6% في العام السابق. وعبَّر 90.4% من الوافدين عن انطباعهم بتقبل المجتمع العُماني لهم على الرغم من اختلاف ثقافاتهم المختلفة والمتنوعة.

إن تمسك أهل عُمان بالأخلاق الحميدة الفاضلة ليس من باب العادات الاجتماعية وإنما هو سلوك حضاري واجتماعي متوارث عبر الأجيال، وروح سامية التزم بها الشعب العُماني عبر التاريخ، فاستحق أن يحترم ويقدر ويميز بين سائر الشعوب، ويشار له بالبنان، لما تحلى به من تسامح وأخلاق وقيم ومبادئ فكسب بذلك ثقة ومحبة الجميع، والعُمانيون لا يتفاخرون بأخلاقهم ولكنها هي من تتحدث عنهم في مجالس الرجال والنساء والطرقات والأسواق وهذا ما يلمسه ويراه كل من يخالطهم ويجالسهم.

إنَّ المتأمل فيما تنعم به سلطنة عُمان من خيرات وبركات وأمجاد تليدة ومباركة، يجد أنَّ في ذلك أثر عظيم لدعاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأهل عُمان، وهو القائل: "رَحِمَ اَللَّهُ أَهْلَ اَلْغُبَيْرَاءِ"، أي: أهل عُمان " آمَنُوْا بِيْ وَلَمْ يَرَوْنيْ"، وقال لمازن بن غضوبة حين سأله المزيد من الدعاء لأهل عُمان قال: "اَللَّهُمَّ اُرْزُقْهُمْ اَلْعَفَافَ وَاَلْكَفَافَ وَاَلرِّضَا بِمَا قُدِّرَتْ لَهُمْ".

وستبقى سلطنة عُمان مفخرة بين الأمم؛ فهي ليست مجرد رقعة جغرافية وجدت على الأرض، بل هي وطن عظيم يتنفس روح الأصالة والأمجاد، وشعب لا يعرف من الحياة إلا القيم النبيلة والمبادئ السامية الأصيلة.

أخيرًا.. وكما نَصُون تراثنا من الاندثار والضياع، فإن من واجبنا صَوْن أخلاقنا الفاضلة والحفاظ عليها وتعزيز استمراريتها. ويتحقق ذلك بالتركيز على التربية الصالحة، والاهتمام بالتعليم في المدارس والجامعات والنوادي، واعتماد الخطاب المعتدل على منابر المساجد والإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، والتذكير المستمر بالماضي الزاهر الجميل، وكيف كان الآباء والأمهات يرسخون القيم والمبادئ في نفوسهم ونفوس أبنائهم بالممارسة، ويحيونها بالمواقف النبيلة.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الإمارات للإفتاء الشرعي» يحتفل بعيد الاتحاد الـ 54.. ويؤكد التزامه بترسيخ مبادئ التسامح وخدمة المجتمع

احتفل مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، في قصر الإمارات بأبوظبي، بمناسبة عيد الاتحاد الرابع والخمسين، بحضور معالي العلّامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس المجلس، ومعالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، نائب رئيس المجلس.

وشهد الحفل مشاركة واسعة من أصحاب السعادة أعضاء المجلس، والكوادر الإفتائية، وكافة الموظفين، في أجواء وطنية عكست عمق التلاحم وروح الفخر بالهوية الإماراتية.

وفي كلمة رئيسية خلال الحفل، أكد معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه أن عيد الاتحاد يمّثل محطة سنوية لتجديد العهد بقيم الخير والمحبة والعطاء التي أرساها الآباء المؤسسون، وقال معاليه: إنّ هذه المناسبة تُذكّرنا بالجهود العظيمة التي بُذلت لبناء دولة قوامها التسامح والتعايش والتآزر، وحب الخير للبشرية جمعاء.

أخبار ذات صلة «الاتحاد للطيران» تطلق فيلماً قصيراً على متن طائراتها احتفالًا بعيد الاتحاد الإمارات.. إنجازاتٌ محلية لا تتوقّف وحضورٌ فاعل في المشهد العالمي

وأشاد معاليه بالمسيرة الملهمة لدولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، واصفاً إياها بقصة نجاح استثنائية ترتكز على التمسك بالقيم الأصيلة مع الانفتاح الواعي على الحضارات، مما رسّخ الدور الريادي للدولة في صناعة مستقبل الإنسان عالمياً.

وتضمّن الحفل باقةً من الفقرات الوطنية والتراثية التي جسّدت ارتباط المجلس الوثيق بالموروث الإماراتي، شملت قصائد شعرية تغنّت بحب الوطن، وعروضاً مرئية وثّقت مسيرة الاتحاد المباركة وملامح النهضة الشاملة في مختلف الميادين.

واختتم المجلس احتفاليته بتجديد عهد الولاء والانتماء للقيادة الرشيدة، مؤكداً التزامه الراسخ بمواصلة رسالته في تعزيز القيم الوطنية، وترسيخ مبادئ التسامح، وخدمة المجتمع، بما ينسجم مع رؤية القيادة لبناء وطن متلاحم ومجتمع مزدهر.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان تشارك في اجتماعات المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية بجدة
  • مصورون عُمانيون يوثقون الذاكرة السياحية والثقافية للوطن
  • «الإمارات للإفتاء الشرعي» يحتفل بعيد الاتحاد الـ 54.. ويؤكد التزامه بترسيخ مبادئ التسامح وخدمة المجتمع
  • أحمد بن محمد الجروان: المشاركة في التسامح بين الأديان بلبنان تعزز قيم الإيمان المشترك
  • معالي أبو الحسن… الإنسان الذي جعل منه قرب الهاشميين أخلاقًا تمشي على الأرض
  • السفير العُماني بالمنامة لـ"الرؤية": "القمة الخليجية" تتزامن مع مرحلة "معقدة".. وتوسيع مسارات التكامل بصدارة المباحثات
  • السفير العُماني بالمنامة لـ"الرؤية": "القمة الخليجية" تتزامن مع مرحلة "معقدة".. وتوسيع مسارات التكامل بالصدارة
  • أمين البحوث الإسلامية: رسالة الأزهر بقيادة الإمام الأكبر قائمة على نَشْر السلام
  • أمين البحوث الإسلامية: الأزهر يدعو للسلام ونبذ العنف وغرس قيم التسامح بين الشعوب
  • مجلس الدولة يشارك في حلقة عمل لتعزيز التواصل التشريعي بين الدول العربية والصين