الثورة نت:
2025-07-28@01:42:41 GMT

لماذا اليمن الاستثناء؟

تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT

 

 

في مسار المواجهة مع العدو الإسرائيلي، كانت الحسابات تتجه إلى دول الطوق والدول التي تملك الأسلحة الحديثة والإمكانيات الهائلة؛ العراق مثلا دُمِّر واستحل الحلف الصهيوني الصليبي أرضه؛ وسوريا أيضاً، أما السعودية فتحولت بوصلة العداء إلى صداقة وشراكة ومثل ذلك الإمارات ومعظم أنظمة الخليج؛ مصر كان الرهان عليها، لكنها أيضا تحولت في مواقفها بعد اتفاقية (كامب ديفيد) إلى التطبيع ولعب دور الوسيط في معاونة الكيان المحتل لا إعانة المقاومة وإسنادها .


اليمن لم تكن في حسبان المهتمين بالسياسات الدولية وقد تمت السيطرة عليها بواسطة دول الجوار وأمريكا ودول أوروبا، خاصة انه تم منح السفير الأمريكي صلاحيات الحاكم الفعلي، فالقرارات المصيرية والهامة لا يتم إصدارها إلا بعد موافقته عليها، ووصل التنسيق الأمني إلى أرقى المستويات، حينما تم منح الخبراء الأمريكيين حرية شراء الأسلحة وسحبها من الأسواق وتدميرها وهي أسلحة هامة وضرورية.
لم يقف الأمر عند ذلك، بل سُمح للطيران الأمريكي بالتحليق في الأجواء اليمنية و قتل أبناء اليمن الذين يصنفهم تحت بند الإرهاب، وتم دعم شبكات التخريب والاغتيالات الممولة من وكلاء أمريكا واليهود لتدمير المشاريع الهامة والاستراتيجية، وكل ذلك من أجل التمهيد لإلحاق اليمن بقافلة التطبيع .
الأزمات الاقتصادية المتوالية واتباع سياسة الإفقار التي يمليها البنك وصندوق النقد الدوليان وغير ذلك من البرامج الإفسادية في السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق والدين من أجل تكبيل اليمن وتسليمه ومصادرة قراراته السيادية، والاستيلاء على ثرواته وإمكانياته وتسخيرها لخدمة المصالح السعودية والإماراتية .
لقد كتب على اليمن في سياسات النفوذ الاستعماري السيطرة على مقدراته ومصادرة جهود أبنائه في الاغتراب، سواء داخل اليمن أو خارجه، لأن وصية المؤسس (لا تسمحوا لليمن بالاستقرار، ازدهاركم في خراب اليمن)، وفي حديث الشيخ سالم الحريزي عن التدخلات السعودية ومنع شركات النفط من التنقيب عن البترول اليمني لصالح عرقلة التنمية، ما يعرفه الجميع فلم يعد الأمر خافيا على أحد .
كانت إدارة الأزمات هي أهم ركائز إدارة الدولة، لم يُسمح للممارسة الديمقراطية أن يكتب لها النجاح، وكانت أعظم الإخفاقات والنكبات التي سعى إليها النظام –آنذاك- شن الحروب الست على محافظة صعدة بذريعة مواجهة الخطر الإيراني والتمدد الشيعي؛ والحقيقة أن ذلك لتنفيذ الأجندات الأمريكية الصهيونية التي استفزها شعار الصرخة الذي أعلنه الشهيد القائد ضد أمريكا وإسرائيل وتم تحريك النظام لشن الحروب من أجل القضاء على الدعوة في بدايتها.
لم يكتف النظام السعودي بتمويل الجماعات التي تعمل لحساب أيديولوجيته، ولا بالسيطرة على المشايخ والوجاهات الاجتماعية، ولا المسؤولين من خلال (اللجنة الخاصة) التي اعترف بها الرئيس السابق أنها تعمل لشراء ولاءات المسؤولين والوجاهات والمشايخ والعلماء والدعاة، بل إنه عمل على محاربة كل الآراء التي لا تتوافق مع توجهاته وسياساته، وقد رصد مؤلف كتاب (السعودية تبتلع اليمن) د.سعيد الهاجري بعضا مما وصل إليه التغلغل السعودي في سعيه للسيطرة على اليمن، وهو ما جعل السعودية في سباق محموم مع الإمارات أيهما تظفر بالنصيب الأوفر من السيطرة والنفوذ والاستقطاب والاستحواذ .
في مقارنة مخزية أجراها الإعلامي المصري معتز مطر حول الاغتيالات التي نفذتها السعودية ضد الكوادر اليمنية التي تعمل لصالح الإمارات والاغتيالات التي نفذتها الإمارات ضد الكوادر اليمنية التي تعمل لصالح السعودية، حيث أصبح أبناء اليمن ضحية لعبة النفوذ والاستقطاب لهما، وهي كوادر مؤهلة يتم استخدامها بالأموال اليمنية لحماية مصالحهما على حساب اليمن .
نادى كثير من عقلاء الخليج العربي والمفكرين والسياسيين إلى تغيير السياسات التي تتعامل بها أنظمة وكلاء الحلف الصهيوني الصليبي مع اليمن والاستفادة من اليمن وضمه إلى منظومة الخليج العربي، لكنهم قبلوه عضوا في اتحاد كرة القدم، لكي يثبتوا انهم متقدمون ولديهم إمكانيات تستطيع شراء أشهر اللاعبين وأشهر المدربين.
اليمن هو العمق الاستراتيجي للجزيرة العربية والأمتين العربية والإسلامية، خاصة أنه قادر على المحافظة على التفوق وحفظ التوازن السكاني في مواجهة التدفق السكاني للعمالة الوافدة التي اكتسحت دول الخليج، لكن قادة الأنظمة الخليجية فضلوا الاستسلام للتدفق لتلك العمالة على الاستعانة باليمن .
أبناء اليمن مشهود لهم في كل دول العالم باحترام الأنظمة والقوانين وقدرتهم على الإبداع والتفوق في كل المجالات، وليس ذلك من الآن، بل إنهم نشروا رسالة الإسلام في العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
إسهاماتهم في القضايا الإسلامية والعربية والإنسانية لا ينكرها أحد، قاتلوا في صفوف المجاهدين دفاعا عن أرض فلسطين ولبنان وغيرها وقدموا الشهداء، ولما تم إخراج المقاومين من فلسطين ولبنان استقبلهم اليمنيون .
ظل اليمن ولايزال المدد والسند للقضايا الفلسطينية واللبنانية والسورية وغيرها ولم يتراجع عن مواقفه الداعمة والمؤيدة، وهو ما أدى إلى أن يدفع أثمان مواقفه المبدئية والثابتة في دعم هذه القضايا، تارة بالسعي إلى إشعال الحروب الأهلية، والفتن الطائفية والمذهبية والجهوية والحزبية، رغم معرفة الجميع أن أبناء اليمن يتسمون بالتسامح والانفتاح وعدم التعصب والتزمت.
تحولت المواقف للأنظمة العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية ومن المقاومة بناءً على العلاقات مع دول الغرب وخاصة أمريكا والكيان الصهيوني، ووصل بمعظمها إلى النقيض من دعم مظلومية الأشقاء في فلسطين ولبنان إلى دعم الإجرام والاحتلال ومحاربة المقاومة واتخاذ العقوبة ضدها، بعد أن انهارت القيم والمبادئ والدين والأخلاق والإنسانية لدى تلك الأنظمة وتحولت عن مبادئ الإسلام إلى مراتع الانحلال والتفلت، وكأن التقدم والتطور لا ينسجمان إلا مع الوثنية والشرك والإلحاد.
اليمن كان هو الاستثناء الذي أثبت أنه جدير بتلك الأوسمة التي منحها الله سبحانه وتعالى لليمن أرضا وإنسانا وحضارة وقيما ومبادئ، ودلل على ذلك في أكثر من آية في القرآن الكريم، وأكدها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من الأحاديث، منها قوله (الإيمان يمان والحكمة يمانية …) وأيضا (اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا وفي نجدنا؛ قال: اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا؛ قالوا وفي نجدنا قال: هناك الزلازل والفتن وبها أوقال منها يخرج قرن الشيطان )، وأيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم((اني لأجد نفس الرحمن من هنا-يشير إلى اليمن))، فاليمنيون كانوا وما زالوا جديرين بهذه الأوسمة.
حينما جبُن الكل وانكشفت الأقنعة وتعرّت المواقف، برز اليمن بمواقفه الداعمة والمناصرة والمؤيدة لمظلومية الأشقاء في أرض غزة وفلسطين، وأرسل الصواريخ والمسيَّرات ودافع عن شرف الأمة وكرامتها في مواجهة قوى الطغيان والاستكبار والاستعمار الصهيوني الصليبي من واقع مسؤوليته الإيمانية لا يخاف إلا الله، لأنه يدرك عواقب التخاذل والانهزام، وعدم نصرة المظلومين سيكون خزيا وعارا في الدنيا قبل الآخرة وسيأتي اليوم الذى سيدفع فيه المجرمون والمتخاذلون ثمن ما اقترفته أيديهم وعمالتهم وتخاذلهم وإعانتهم للإجرام والمجرمين وعدم نصرة إخوانهم المستضعفين على أرض غزة وفلسطين ولبنان وسوريا وغيرها .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

القبيلة اليمنية كحاضنة للتكافل والتراحم .. قراءة في الأثر القرآني على البنية المجتمعية

في زمن تتكالب فيه التحديات على المجتمعات من كل جانب، وتُفتّت فيه الهُويات وتُغيَّب القيم، تبقى القبيلة اليمنية واحدة من آخر الحصون الاجتماعية التي ما تزال تَشُدّ النسيج المجتمعي بخيوط التكافل والتراحم،  لم تكن القبيلة في اليمن مجرّد تكوين  تقليدي، بل هي بنية متكاملة، تحمل في طياتها موروثًا قيميًا راسخًا، شكّل أساسًا لتماسك المجتمع اليمني في مواجهة المحن والعدوان والحصار.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

يأتي هذا التقرير ليسلّط الضوء على الدور المحوري الذي لعبته القبيلة اليمنية كحاضنة للتكافل والتراحم، ويفتح نافذة تحليلية على كيفية تَشكُّل هذا الدور في ضوء الأثر القرآني وضمن إطار منهجية المسيرة القرآنية المباركة، التي أحيت ارتباط الإنسان اليمني بالقرآن الكريم كمنهج حياة، وفعّلت القيم الربانية في الواقع العملي، ويبرز كيف يمكن للبنية القبلية عند عودتها الصادقة إلى الله وكتابه ، أن تتحول إلى رافعة مجتمعية تنهض بالأمة وتُسهم في صناعة مشروع حضاري قائم على الرحمة والعدالة والإنفاق والتكافل.

وفي ظل المسيرة القرآنية، لم تعد القبيلة اليمنية مجرد عنصر من الماضي، بل عادت لتكون عمقًا استراتيجيًا في بناء مجتمع قوي، مؤمن، متراحم، ومتماسك، يعيش القرآن في حياته اليومية، ويجسد قيمه في واقعه بكل تفاصيله.

 

الدور البنيوي للقبيلة اليمنية 

تمثّل القبيلة في اليمن وحدة اجتماعية راسخة، تجاوزت حدود الانتماء الدموي لتغدو إطارًا تكامليًا يحكمه العرف، وتدعمه القيم،  ولم تكن القبيلة يومًا مجرد تركيبة اجتماعية تقليدية، بل منظومة تفاعلية تنهض بوظائف متعددة، الحماية، العدالة، الكرم، الإنفاق، وفوق كل ذلك، التكافل الاجتماعي، وعبر التاريخ، لم تنفصل القبيلة اليمنية عن مرجعيتها الدينية، بل تماهت مع القيم الإسلامية منذ بزوغ نور الإسلام، فكان اليمنيون من أوائل من لبّى نداء الإيمان، فدخلوا في دين الله أفواجًا.

 

القرآن الكريم كرافد تشريعي وأخلاقي

منهجية المسيرة القرآنية المباركة، التي أعادت توجيه المجتمع نحو العودة الصادقة إلى القرآن الكريم كمرجعية حاكمة، لم تكن محصورة في الجانب العقدي فقط، بل امتدت لتُحيي الأبعاد الاجتماعية للقرآن، ومنها قيم، الرحمة ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾، والإنفاق ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ ، والعدل ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، والإصلاح ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ .

هذه المبادئ لم تُقرأ نظريًا فحسب، بل أصبحت نبضًا عمليًا في سلوكيات القبائل، خاصة في ظل التوجيهات المستنيرة لقيادة المسيرة القرآنية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، التي أحيت الوعي الجماعي بضرورة التراحم والتعاون والتكافل، لا سيما في أوقات الأزمات.

 

منهجية المسيرة القرآنية وتأصيل التكافل

أعادت المسيرة القرآنية إحياء المفاهيم الإيمانية الأصيلة ضمن الواقع المعيشي للناس، من خلال عدة مسارات:

التحشيد المجتمعي لمبادرات الخير..  حيث أُنشئت مبادرات تطوعية في كل مديرية ومحافظة، بقيادة وجهاء ومشايخ القبائل، لتقديم العون للفقراء، وزيارة المرضى، ومساندة أسر الشهداء.

إحياء دور الزكاة كمورد شرعي يعود على المستضعفين في المجتمع .. تم توجيه القبائل نحو الالتزام الفعلي بإخراج الزكاة، وتوجيهها لمستحقيها، وفق ما أمر به الله، وتمثل الهيئة العامة للزكاة نموذجًا حيًا لهذه الرؤية.

إبراز التكافل في ميدان المواجهة .. في مواجهة العدوان والحصار، شكلت القبائل خطوط دعم مادي وبشري، حيث قدمت الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، واحتضنت أسر المجاهدين والشهداء، في صورة تكافلية فريدة.

 

القبيلة كمصدر للتراحم لا للثأر

في ظل المسيرة القرآنية، تم العمل على تهذيب بعض الأعراف القبلية التي كانت تشكّل تهديدًا للسلم الأهلي، وأبرزها عادة الثأر، فأُعيد توجيه المفاهيم نحو الصلح، والعفو، وإصلاح ذات البين، مستندين إلى قول الله تعالى : ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ و ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ ، وقد نتج عن هذا التوجه انخفاض كبير في النزاعات القبلية، وارتفاع منسوب التسامح، بما جعل القبيلة اليمنية اليوم بيئة حاضنة للسلم الاجتماعي، لا بؤرة للنزاع.

 

نماذج من الواقع .. قبائل تصنع الفارق

في كل المحافظات الحرة ، نشطت لجان التكافل الاجتماعي في رعاية أسر الشهداء والمحتاجين، حيث تتعاون القبائل بشكل دوري لجمع التبرعات وتنفيذ المشاريع الصغيرة، وسعت القبائل إلى تبني برامج إصلاح ذات البين الجماعية، وأسهمت في إنهاء مئات القضايا خلال العام الماضي، كما برزت مبادرات أهلية ذات طابع قبلي لدعم التعليم وتوفير المستلزمات المدرسية للفقراء، في مشهد يعكس الإحساس الجمعي بالمسؤولية.

 

خاتمة 

ليست القبيلة اليمنية مجرد كيان اجتماعي من الماضي، بل هي مشروع حضاري متجدد، حين يُعاد ربطها بالقرآن الكريم، ويُستخرج من ميراثها ما ينسجم مع تعاليم الله وسيرة نبيه صلوات الله عليه وعلى آله ،

منهجية المسيرة القرآنية المباركة لم تُعد فقط تأصيل هذه القيم، بل أطلقت طاقات القبيلة في ميادين الخير، ورسّخت معاني الرحمة والتكافل، لتغدو القبيلة اليمنية بحق نموذجًا يُحتذى في زمان التيه والانقسام.

مقالات مشابهة

  • تدخل رئاسي لإنتشال شركة الخطوط الجوية اليمنية يفضي للكشف عن الجهة التي تسببت في تدهورها الكبير
  • الرئاسي يبحث التحديات التي تواجه شركة الخطوط الجوية اليمنية
  • القبيلة اليمنية كحاضنة للتكافل والتراحم .. قراءة في الأثر القرآني على البنية المجتمعية
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • لماذا سمي شهر صفر بهذا الاسم؟.. لـ7 أسباب اختفى منها 5
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)
  • لماذا يعطي الله العاصي الخير ويغنيه؟.. انتبه لـ10 أسرار
  • لماذا يمنع الزواج في شهر صفر؟.. انتبه لـ13 حقيقة عليك معرفتها
  • الكشف عن تفاصيل أعنف هجوم منذ سنوات على الحدود اليمنية السعودية..و مقتل 10 جنود والجيش يعلن عملية واسعة شرق البلاد
  • مباشرةً من كل الساحات اليمنية إعلان يفاجئ العالم .. استعدوا للخيارات القادمة (تفاصيل ساخنة)