الدول النامية تغرق في ديون الصين.. سداد قياسي في 2025
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
أظهرت دراسة أجراها معهد لوي الأسترالي ونشرت نتائجها الثلاثاء أّن الدول النامية المدينة للصين ستسدّد هذا العام مبالغ قياسية لبكين التي ستستفيد من "تسونامي" مالي مصدره سداد القروض والفوائد المترتبة عليها.
وتشكّل هذه القروض جزءا من مبادرة تطوير البنى التحتية الأساسية في العالم والمعروف باسم "طرق الحرير الجديدة".
وفي الدراسة التي أجراها معد لوي، وهو مركز أبحاث مستقل مقرّه سيدني، حذّر الباحث رايلي دوكن من أنّ "الدول النامية تواجه موجة هائلة من سداد الدين وخدمة الدين للصين".
وبحسب الدراسة فإنه على مدى السنوات العشر المقبلة لن تظل الصين "بنك البلدان النامية" بل "محصّل قروض"، بمعنى أنّ المقترضين سيسددون لها أموالا أكثر مما سيقترضون منها.
وأجرى المعهد دراسته استنادا إلى بيانات البنك الدولي من أجل حساب التزامات السداد المترتبة على البلدان النامية.
ومن المتوقع أن تقوم أفقر 75 دولة في العالم "بسداد ديون قياسية للصين" في عام 2025، بمبلغ إجمالي يقدّر بنحو 19 مليار يورو.
وفيما يتراجع معدّل الإقراض الصيني في كل مكان تقريبا في العالم، أفاد التقرير بوجود مجالين يبدو أنهما يخالفان هذا الاتجاه.
فقد حصلت هندوراس وجزر سليمان على قروض من الصين بعدما قطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية مع تايوان في عامي 2023 و2019 على التوالي.
كما وقّعت إندونيسيا والبرازيل في السنوات الأخيرة اتفاقيات قروض جديدة مع الصين التي تسعى لتأمين إمداداتها من المعادن والفلزات.
ويحذّر منتقدو مبادرة الحزام والطريق من خطر وقوع بعض الدول الأعضاء في فخ الديون الصينية.
وردا على سؤال في هذا الشأن الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي دوري، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إنها "لا تعرف على أي أساس يستند هذا التقرير".
وأكّدت أن "التعاون بين الصين والدول النامية في مجال الاستثمار والتمويل يتم وفقا للممارسات الدولية وقواعد السوق ومبادئ استدامة الديون".
وأضافت "بعض البلدان تحب أن تروج لنظرية مسؤولية الصين عن هذا الدين، مع الحرص على عدم تأكيد دور المؤسسات المالية المتعددة الأطراف والدائنين التجاريين من البلدان المتقدمة والتي هي في الواقع الدائن الرئيسي للبلدان النامية والمصدر الرئيسي لضغوط السداد التي تواجهها".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الدول النامیة
إقرأ أيضاً:
إعادة النظر في ضرائب القيمة المضافة في الاقتصادات النامية
رابح أرزقي / جريجوار جرازيوسي / ريك فان بلوج -
تُعد ضريبة القيمة المضافة واحدة من أكثر الابتكارات الضريبية انتشارا خلال السنوات السبعين الأخيرة.
بدأ تجريبها لأول مرة في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في كوت ديفوار ــ التي كانت مستعمرة فرنسية آنذاك ــ وجرى تطبيقها تدريجيا في مختلف أنحاء فرنسا منذ عام 1954 حتى اعتمادها رسميا في عام 1966، ومنذ ذلك الحين تبنتها 175 دولة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية الاستثناء الملحوظ. في عدد كبير من الاقتصادات المتقدمة والنامية، تُعدّ هذه الضريبة المصدر الرئيسي للإيرادات الضريبية، متجاوزة بذلك ضرائب الدخل على الشركات والأفراد.
تكمن جاذبية ضريبة القيمة المضافة على مستوى العالم في ميزاتها الأصيلة. فهي باعتبارها ضريبة على استهلاك الأُسَـر النهائي، تزود الحكومات بقاعدة إيرادات مستقرة. وتمنع آلية الخصم والائتمان التي تطبّقها في مختلف مراحل سلسلة القيمة، العبء الضريبي التراكمي الذي كان شائعا في السابق مع ضريبة دوران السلع وضريبة المبيعات. لا تضمن هذه الطريقة الحياد فحسب، بل تعزز الامتثال أيضا: فمن خلال التحقق من المعاملات بين الموردين والعملاء، تولد ضريبة القيمة المضافة تدفقا أكثر جدارة بالثقة للإيرادات حتى في حالات فشل الأعمال أو الاحتيال.
ارتبط انتشار ضريبة القيمة المضافة بشكل وثيق بتحرير التجارة، حيث خفضت البلدان النامية التعريفات الجمركية واندمجت في الاقتصاد العالمي. ومع تقلص عائدات الرسوم الجمركية، وفرت ضريبة القيمة المضافة ــ التي ترتكز على الاستهلاك المحلي ويجري تحصيلها على الحدود ــ بديلا قويا قادرا على تعويض بل وحتى تجاوز الإيرادات الجمركية المفقودة. ولكن بعد عقود من الاستخدام الواسع الانتشار، تستدعي ضريبة القيمة المضافة إعادة تقييمها.
فكما أظهرت دراستنا الأخيرة، كانت نتائجها متباينة. في الاقتصادات المتقدمة، كانت الضريبة فعّالة في زيادة الإيرادات الضريبية، ودعم التصنيع، وتعزيز التنويع. على النقيض من ذلك، في البلدان النامية الغنية بالموارد، لم يحقق هذا النظام الفوائد المتوقعة، حيث فشل في تعويض عائدات الرسوم الجمركية المفقودة وترك الحكومات تعاني من عجز مالي كبير. مع خفض ميزانيات المساعدات الخارجية من جانب الحكومات المانحة، أصبحت الحاجة إلى حشد الموارد المحلية، بالاستعانة بالضرائب في المقام الأول، أكثر أهمية. وقد أعيد التأكيد على هذه الضرورة الملحة في المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية في أديس أبابا في عام 2015، والمؤتمر الرابع في يوليو في إشبيلية. وقد سلط كل من التجمعين الضوء على الإيرادات المحلية باعتبارها عنصرا حاسما لتحقيق خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. بالإضافة إلى تأثيرها على الإيرادات الضريبية، خَـلَّفَت ضريبة القيمة المضافة عواقب بنيوية غير مقصودة على البلدان النامية الغنية بالموارد. فمن حيث التصميم، تنطبق ضريبة القيمة المضافة على الاستهلاك المحلي فقط؛ أما الصادرات فهي معفاة. وبموجب مبدأ المقصد، يحق للمصدرين حتى استرداد كامل ضريبة القيمة المضافة المدفوعة على المعدات والسلع الوسيطة.
وقد أدى هذا الإطار، مقترنا بالتخفيضات الجمركية، إلى خفض تكلفة استخراج الموارد وتعميق اعتماد هذه البلدان على صادرات المواد الخام غير المعالجة مثل النفط والمعادن بدلا من تعزيز الصناعات التي قد تضيف قيمة كبيرة. وكانت النتيجة «لعنة الموارد»: دورة ذاتية التعزيز من التنويع المحدود والتخلف الاقتصادي.
تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى مشكلة أساسية: من غير الممكن ببساطة نقل الأنظمة الضريبية بالجملة من اقتصاد إلى آخر. لهذا السبب، خضعت ضريبة القيمة المضافة إلى كثير من التعديلات منذ إنشائها في أوائل خمسينيات القرن الماضي لتعكس السياقات الوطنية المختلفة. وتقدم الصين مثالا معبرا. عندما أدخلت البلاد ضريبة القيمة المضافة بمعدل 17% في عام 1994، التزمت في البداية بمبدأ الوجهة بشكل صارم، ومنحت المصدرين حق استرداد كامل ضريبة القيمة المضافة المدفوعة على المدخلات والمعدات.
ولكن بعد مرور عامين فقط، بدأت الحكومة الصينية في تقييد استرداد ضريبة القيمة المضافة على بعض الصادرات استجابة لضغوط كبيرة مرتبطة بالميزانية.
بمرور الوقت، تطور ما بدأ كإجراء طارئ إلى أداة صريحة للسياسة الصناعية الصينية، تُستخدم بالتناوب لتشجيع الصادرات وزيادة الإيرادات الضريبية، حسب الظروف الاقتصادية. في ديسمبر من عام 2024، على سبيل المثال، أوقفت الصين استرداد ضريبة القيمة المضافة لمصدري النحاس والألمنيوم.
وبينما أدى ذلك إلى رفع تكلفة شحن هذه المواد الخام إلى الخارج، فإنه خلق أيضا حوافز قوية لمعالجتها محليا، الأمر الذي سمح للصين بالحصول على قيمة أكبر داخل سلسلة التوريد الخاصة بها. توفر تجربة الصين نموذجا مفيدا للبلدان الغنية بالموارد التي تسعى إلى تعديل ضريبة القيمة المضافة لتلبية الأهداف المالية والتنموية. فهي توضح أن مثل هذه الضرائب من الممكن أن يُـعاد تشكيلها، بالاستعانة بالتصميم والتنفيذ الدقيقين، لتعزيز التصنيع، وتشجيع التنويع، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي البعيد الأمد.
من منظور الاقتصادات النامية ــ التي يعاني كثير منها الآن من قيود شديدة على الميزانية والحاجة إلى خلق وظائف منتجة ومجزية الأجر لأعداد متزايدة من السكان ــ فإن الدرس المستفاد واضح: لكسر حلقة التبعية التي تعيقها، يتعين عليها إصلاح ضريبة القيمة المضافة.
رابح أرزقي نائب الرئيس السابق للبنك الأفريقي للتنمية، ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية (CNRS).
جريجوار روتا جرازيوسي أستاذ الاقتصاد بجامعة كليرمون أوفيرني.
ريك فان دير بلوج أستاذ الاقتصاد في جامعة أكسفورد وأستاذ الاقتصاد البيئي في جامعة أمستردام.
خدمة - بروجيكت سنديكيت