الجزيرة:
2025-07-27@09:40:37 GMT

كاكوما.. قصة مخيم لاجئين أسسه أطفال

تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT

كاكوما.. قصة مخيم لاجئين أسسه أطفال

كاكوماـ قبل 33 عاما، خرج مجموعة من الأطفال لرعاية ماشيتهم من إحدى قرى جنوب السودان إبان الحرب الأهلية في البلاد، وعند عودتهم في المساء وجدوا قريتهم قد حرقت بالكامل، فهرعوا خوفا من المكان بحثا عن ملاذ آمن، وقادتهم أقدامهم بعيدا عن العنف إلى خارج بلدهم.

ظل الأطفال يسيرون قرابة اليوم بعد اجتياز حدود بلادهم مع كينيا ليستقروا في إحدى المناطق التابعة لمقاطعة تروكان الكينية شمال غرب البلاد، مؤسسين النواة الأولى لمخيم "كاكوما" أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم.

ومع تصاعد العنف في بلادهم لحقهم المئات ثم الآلاف من النازحين بحثا عن ملاذ آمن من الحرب المستعرة ليتوسع المخيم من عشرات النازحين إلى الآلاف ثم إلى مئات الآلاف، وليمتد حاليا على مساحة أكبر من 30 كيلو مترا مربعا.

المخيم يعاني من ضعف البنية التحتية (الجزيرة) جنسيات مختلفة

يضم مخيم "كوكوما" أكثر من 9 جنسيات مختلفة غالبيتهم من جنوب السودان والصومال وإثيوبيا والكونغو ورواندا، ويعاني ظروفا معيشية صعبة مع عدم قدرة كينيا على تقديم الدعم الكافي، فضلا عن قلة وندرة الدعم الدولي الموجه إلى هؤلاء اللاجئين.

ومع أن غالبية سكان المخيم من اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في جنوب السودان، لكن مع تعاقب الأزمات، تحول المخيم إلى موطن بديل لأكثر من 340 ألف نازح، يعيشون في مساكن بسيطة من الطين والصفيح، ويعتمدون على مساعدات من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركاء دوليين ومحليين.

وبعد أكثر من 3 عقود من تأسيسه، توافقت الحكومة الكينية مع الوكالات الإنسانية على خطة تهدف إلى تخفيف الاعتماد على المساعدات، ودفع اللاجئين للاعتماد على أنفسهم اقتصاديا على الرغم من التحديات الهائلة؛ إذ قلة من اللاجئين يملكون الحق القانوني في العمل أو الحصول على الجنسية الكينية، فضلا عن الافتقار للموارد والبنية التحتية اللازمة لبناء اقتصاد محلي حقيقي.

إعلان

يقول "بيتر لوال"، لاجئ من جنوب السودان ويبلغ من العمر 28 عاما: "وصلت إلى كاكوما وأنا طفل بعد أن فقدت والدي في الحرب، اليوم، لدي دكان صغير، وأحاول بناء حياة من جديد، رغم كل شيء".

السير على الأقدام وسيلة التنقل في المخيم (الجزيرة) تحديات يومية

ورغم أن اللاجئين يحصلون على المأوى والرعاية الصحية الأساسية والتعليم، فإن شح التمويل وتقلص الدعم الدولي يضعان الجميع أمام تحديات يومية، أبرزها انعدام فرص العمل ونقص الغذاء وسوء البنية التحتية.

ويُعد التعليم أحد الأعمدة التي يسعى اللاجئون لتثبيتها في بيئة المخيم، إذ تحتضن مدارس كاكوما عشرات الآلاف من الأطفال، رغم ضعف الموارد وكثافة الفصول الدراسية.

وتقول "مريم حسن"، وهي لاجئة صومالية وأم لـ4 أطفال "أريد أن يتعلم أطفالي ليكون لهم مستقبل خارج حدود المخيم، التعليم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن سرقته منا".

وأسهمت جهود المنظمات غير الحكومية وبرامج مثل "التعليم في حالات الطوارئ" في دعم تعليم اللاجئين، لكن الحاجة لا تزال تفوق الإمكانيات المتاحة بكثير.

وتلعب النساء دورا محوريا في حياة المخيم، وغالبا ما يكنّ المسؤولات عن إعالة الأسر في ظل غياب المعيل أو فقدانه، ويواجهن تحديات مضاعفة، تشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومحدودية الفرص الاقتصادية، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.

لكن في المقابل، تعمل منظمات محلية ودولية على تمكين النساء عبر مشاريع صغيرة ومبادرات تدريب مهني.

وتقول "روز أكيلو"، وهي منسقة برامج نسوية في منظمة مجتمع محلي داخل كاكوما "نحاول أن نعيد تعريف أدوار النساء داخل المجتمع، وأن نتيح لهن بيئة آمنة يعبرن فيها عن قدراتهن".

ورغم الأوضاع الصعبة، فقد شهد المخيم في السنوات الأخيرة بروز مبادرات شبابية يقودها لاجئون يسعون لتحسين ظروفهم بأنفسهم. وتنتشر في كاكوما فرق رياضية، وورش تعليم مهارات رقمية، ومبادرات بيئية مثل إعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى أدوات مفيدة.

أهالي المخيم يعانون الفقر وقلة المساعدات (الجزيرة) تقليص الدعم

وتعاني المنظمات الإنسانية العاملة في كاكوما من ضغوط مالية متزايدة، مع تناقص التمويل الدولي المخصص للاجئين، مما أدى إلى تقليص الحصص الغذائية وخدمات الصحة والتعليم.

إعلان

وعبر هاميسي كاكوزي، اللاجئ من الكونغو، عن القلق من تزايد الفجوة التي قد تحدث بعد نقص الدعم الموجه للاجئين في المخيم قائلا إن "الوضع صعب جدا، وبدون زيادة الدعم الدولي، سيكون من الصعب الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في المخيم".

ويقول أحد اللاجئين الشباب ممن يعملون في فريق تطوعي داخل المخيم "أحلم أن أكون صحفيا، لأروي قصتنا كما هي، العالم لا يعرف عن كاكوما سوى أنه مخيم، لكننا هنا نبني مستقبلا رغم كل شيء".

شاباري: قضية اللاجئين ليست أزمة وطنية تخص كينيا فقط (الجزيرة) دور الحكومة

في حديث خاص للجزيرة نت، قال مدير دائرة خدمات اللاجئين في مخيم كاكوما أدوين شاباري، إن الحكومة الكينية تبذل جهودا مستمرة في تعزيز الأمن داخل المخيمات، حيث "تم إنشاء عدد من مراكز الشرطة لضمان السلم الأهلي، ويتم ذلك بالتنسيق الدائم مع شركائنا من المنظمات الدولية، وعلى رأسها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، بالإضافة إلى أكثر من 53 منظمة أخرى تقدم خدمات متعددة داخل المخيم".

وأضاف شاباري أن دور دائرة خدمات اللاجئين يتمثل في "تنسيق عمل هذه المنظمات وضمان جودة الخدمات المقدمة"، مشيرا إلى أن المهام الحكومية تمتد إلى مجالات حيوية تشمل "توفير المياه، وخدمات الصرف الصحي، وتسجيل اللاجئين فور وصولهم، ومنحهم بطاقات هوية وتصاريح تنقل، مما يمكننا من تتبع حركتهم خارج حدود المخيم".

وعند سؤاله عن تداعيات خفض ميزانية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) (USAID) بناء على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أوضح شاباري أن "التخفيضات تسببت في تراجع حاد في مستوى الخدمات، وارتفاع معدلات الجريمة داخل المخيم، لاسيما جرائم السرقة والعنف القائم على النوع والعنف ضد الأطفال".

وأشار إلى أن "هذه التخفيضات أثرت مباشرة على قدرة المنظمات على توظيف الكوادر، حيث اضطرت منظمات مثل المنظمة الدولية للهجرة ولجنة الإنقاذ الدولية إلى تسريح عدد من الموظفين، مما انعكس سلبا على برامج التعليم، وبناء السلام، والمبادرات المجتمعية، التي أُوقف عدد كبير منها"، كما حذر من احتمال حدوث "فراغ أمني وخدمي خلال شهر إن لم تُتخذ تدابير عاجلة".

إعلان

وفيما يتعلق بالمساعدات الغذائية، أوضح أن "الحصص الغذائية انخفضت من 80% إلى نحو 40% من الاحتياج الفعلي، كما تم تخفيض الدعم النقدي من 520 شلنا للفرد إلى صفر، اعتبارا من يونيو المقبل".

وختم حديثه بالقول إن "قضية اللاجئين ليست أزمة وطنية تخص كينيا فقط، بل هي أزمة إنسانية ودولية، ونحن ملتزمون بالقانون الدولي الذي لا يسمح بالإعادة القسرية للاجئين، وعلينا أن نستقبلهم ونتعامل معهم بما يتوافق مع قيمنا الأخلاقية والثقافية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جنوب السودان داخل المخیم

إقرأ أيضاً:

ملاك

لم تأتِ أمريكا لتحريرنا، بل استبدلت ظلامًا بظلام آخر، ودمّرت ما تبقّى من كرامة لنا- ملالا جويا، كاتبة أفغانية.

حين شنّت الولايات المتحدة حربها على أفغانستان عام 2001، رفعت شعار «إنقاذ المرأة الأفغانية» كأحد مبررات الغزو الرئيسية لكسب التأييد الشعبي. انتشرت حينها صور نمطية محفورة في الذاكرة: نساء منقّبات محرومات من أبسط الحقوق، يعشن تحت وطأة نظام طالبان القمعي، في حاجة ماسة لـ»منقذ» من وراء البحار.

غير أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، كما أكدت شهادات المنظمات النسائية الدولية. لم تطلب النساء الأفغانيات تدخلاً عسكريًا، بل كانت احتياجاتهن أساسية واضحة: الأمان، لقمة عيش تُطعم أطفالهن، خدمات صحية أولية، ومأوى آمن. احتياجات إنسانية بسيطة سُلبت منهن باسم «التحرير» المزعوم.

تتبع الدولة المارقة النهج الأمريكي ذاته؛ فحين شنّت عدوانها على إيران، ادعت الدفاع عن النساء المضطهدات، وأعادت اللحن نفسه بشأن سوريا. ويسارع الإعلام الغربي المتحيز -بمؤازرة منظمات نسوية انتهازية- إلى نشر تقارير مُضللة عن «معاناة النساء» في غزة قبل طوفان الأقصى، ليخرج علينا قادة الكيان الصهيوني بتصريحات صادمة، زاعمين أن الإبادة الجارية في غزة تستهدف... «تحرير المرأة».

لكن تأتي قصة ملاك لتفضح زيف هذه الادعاءات وتعرّي حقيقتها المؤلمة.
في العشرين من عمرها، حملت ملاك مصلح حلمًا يزن أوطانًا: أن تقف في حلبات الملاكمة العالمية، حاملةً اسم فلسطين عاليًا. تمرّنت بجسدٍ نحيلٍ وإرادةٍ من حديد، وخاضت عشرات المعارك المحلية، لكنها لم تكن تعلم أن معركتها الحقيقية ستكون ضد صاروخٍ مُصنَّع في الغرب ثمنه مليون دولار، أُطلق عليها وهي جالسةً في مقهًى على شاطئ غزة، ليفتك بفتاةٍ لم يكفِها عمرٌ من التدريب لتفادي ضربة الموت.  

في لقطاتٍ على اليوتيوب، تظهر ملاك وهي تتدرّب مع رفيقاتها على الشاطئ ذاته. قفازات بالية، أكياس ملاكمة مُرتجلة، وأجسادٌ تتحدّى الجوع والقصف والتهجير. خلفهنّ، مشهدٌ يُلخّص غزة: أنقاضٌ تعلوها سماءٌ مفتوحة على جراح العالم. لم يكن تدريبهنّ رياضةً عادية، بل كان رقصًا على حافة الموت، ورفعًا لقبضة الحياة في وجه آلة الإبادة.  

مشهدهن وهن يتدربن بأبسط الإمكانيات، يحملن أكياس الملاكمة لبعضهن البعض، يفوق في صدقه وقوة تأثيره كل ما تنتجه صناعة السينما الهوليوودية من أعمال درامية وبطولات مصطنعة. فما تجسده هؤلاء الفتيات من إرادة صلبة وكرامة إنسانية يتجاوز بمراحل كل قصص البطولة الخيالية المُنتجة في استوديوهات الأفلام.

قبل أن تتحوّل غزة إلى ساحة إبادة، كانت ملاك ورفيقاتها الأربعين يتدربن في نادي «المشتل»، أول صالة ملاكمة نسوية فلسطينية. جدرانٌ بسيطةٌ تزينها صور أبطال عالميين، وحلبةٌ صغيرةٌ كانت تُنبِت أحلامًا أكبر من مساحتها. حتى جاء الاحتلال فدمّرها، كما يدمّر كلّ ما يرمز للحياة هنا. لكنّ الأكياس المُعلّقة على أشلاء الجدران لم تسقط، بل نُقلت إلى الشاطئ، حيث تواصل الفتيات تدريبهنّ تحت القصف، وكأنهنّ يقلن للعالم: «حتى لو حوّلتمونا رمادًا، سنظلّ جذورًا تنبت من جديد».  
رحلت ملاك إلى بارئها، وبقي صمت المنظمات الدولية المخزي، وتواطؤ المجتمع الدولي الفاضح
لكن آلة الحرب الصهيونية فشلت في كسر عزيمة هؤلاء الشابات حتى بعد تدمير ناديهن الرياضي؛ فواصلن تدريباتهن على شاطئ البحر المفتوح، فوق الرمال الناعمة، تحت أشعة شمس حارقة تلفح وجوههن، يسرقن لحظات من الأمل والفرح وسط محيط من الأهوال والمآسي التي لا تنتهي. وحتى بعد استشهاد بطلتهن ملاك، لا تزال رفيقاتها يتدربن في المكان ذاته على الشاطئ، ويواصلن تحديهن الشجاع في وجه آلة الحرب الصهيوأمريكية المدمرة.

تُلقّننا المسيرة القصيرة والمشرقة للبطلة الراحلة ملاك دروسًا إنسانية عميقة؛ أولها أن نساء العالم الإسلامي يعشن حياة كريمة وحرة، خلافًا لما تروج له الآلة الإعلامية الغربية المضللة. كما فضحت بهدوءٍ صمتَ المنظمات «النسوية» التي تهلّل لو قُتلت فتاةٌ غربيةٌ في حادثٍ تافه. وتعلمنا أيضًا أنه رغم الفقر المدقع، والحرمان القاسي، والجوع المستمر، لا يزال في غزة شعب عاشق للحياة، يحمل في قلبه آمالًا وتطلعات وأحلامًا مشروعة... تمامًا مثل كل شعوب الأرض الحرة.

برحيل ملاك المبكر، لم تُدفن أحلام فتاة واعدة فحسب، بل وُجّهت ضربة قاصمة لكل القيم الإنسانية النبيلة التي يتشدق بها هذا العالم المنافق. رحلت ملاك إلى بارئها، وبقي صمت المنظمات الدولية المخزي، وتواطؤ المجتمع الدولي الفاضح، وعار المتفرجين الذين اكتفوا بدور المشاهد السلبي.

اليوم، بينما تُختزل فلسطين في أرقام الضحايا، تذكّرنا ملاك بأن تحت كلّ رقمٍ قصة حبٍ للحياة، وحلمٌ لم يُقتل لأنه صار وقودًا لأحلامٍ أخرى. ففي كلّ صباح، تعود رفيقاتها إلى الشاطئ، يلكمن الهواءَ كما يلكمن وجعَ العالم، ويُجدّدن القسم: أن تُروى أرض غزة إما بدموع الناجيات، أو بدماء الشهيدات.  
أما ذلك الصاروخ المليوني؟ فلم يُدرك أنه بقتلها، حوّل قبضتها الصغيرة إلى أسطورةٍ تُربك حساباته: كيف لسلاحٍ فائق التطور أن يهزمه إصرارُ فتاةٍ لم يَكتمل حلمها بعد؟

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • ملاك
  • الحكم على 3 أطفال لاتهامهم بإنهاء حياة آخر بسلاح نارى
  • شرطة أبوظبي تختتم المخيم الصيفي لأصدقاء الشرطة
  • تايمز: إسرائيل في خطر حقيقي من فقدان الدعم الدولي
  • منع تشغيل الحافلات الدولية داخل المملكة.. 11 اشتراطًا للحافلة في تنظيم النقل الدولي الجديد
  • تعلن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن إنزال مناقصة عامة
  • لحق بأبنائه الـ6.. وفاة والد أطفال المنيا داخل مستشفى أسيوط الجامعى
  • إحباط تهريب أكثر من 69 ألف حبة من "الإمفيتامين" المخدر بمطار الملك خالد الدولي
  • الرئيس الفلسطيني: ما يتعرض له أهلنا في غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي
  • موديز: ارتفاع كلفة الدين في كينيا يعمّق الضغوط على الاقتصاد