الذكاء الاصطناعي يدخل غرف العمليات الجوية
تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT
في قلب العمليات الجوية الأمريكية، حيث تُنسَّق يوميًا مئات المهمات الجوية حول العالم، يشهد مركز العمليات الجوية 618 التابع لقيادة التنقل الجوي الأميركية حركة دائمة لا تهدأ. مئات الرسائل الفورية تتدفق بين الطيارين وأطقم الطائرات والمراقبين في المركز الواقع بقاعدة «سكوت» الجوية في ولاية إلينوي، وهو الأكبر من نوعه داخل وزارة الدفاع الأميركية.
يتولى هذا المركز مسؤولية إدارة أسطول ضخم يضم آلاف الطائرات، ويتعامل مع حسابات معقدة تتعلّق بتحديد المسارات الجوية، وتقدير أوقات التزود بالوقود وتحميل الإمدادات، إضافة إلى تحديد الأطقم المناسبة لكل مهمة.
ويقول العقيد جوزيف موناكو، مدير الاستراتيجية في المركز: «نقل أنظمة دفاع صاروخي إلى أي مكان في العالم يتطلب تنسيقًا دقيقًا، كان يتم سابقًا عبر الهاتف والبريد الإلكتروني. اليوم، نعتمد على المحادثات الفورية، وهو ما أتاح لنا فرصة توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين سير العمل».
«CAITT»: الذكاء الاصطناعي يُنظّم المحادثات ويدعم اتخاذ القرار
في إطار تحديث قدرات القوات الجوية، يرعى المركز مشروعًا طموحًا تحت اسم «تقنية المحادثة بالذكاء الاصطناعي للانتقال» «CAITT»، يجري تنفيذه بالتعاون مع مختبر لينكولن التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT»، ضمن مبادرة أوسع تُعرف باسم NITMRE، اختصارًا لـ«تقنية المعلومات من الجيل الجديد لتعزيز الجاهزية في مجال التنقل».
وخلال زيارة وفد عسكري من المركز إلى مختبر لينكولن، ضم العقيد موناكو والمقدم تيم هيتون والنقيب لورا كويتيكويت، التقى المسؤولون بفريق الباحثين لمناقشة مراحل المشروع، الذي يهدف إلى إدماج أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة في بيئة العمل اليومية للمركز. أخبار ذات صلة
من فهم اللغة إلى دعم القرار... الذكاء الاصطناعي يعمل بصمت
يرتكز المشروع على تقنيات معالجة اللغة الطبيعية «NLP»، وهي فئة من الذكاء الاصطناعي تمكّن الأنظمة من قراءة وتحليل النصوص البشرية وفهمها.
ويشرح الباحث كورتلاند فان دام، من فريق الذكاء الاصطناعي في المختبر، قائلًا:
«نستخدم تقنيات NLP لرصد الاتجاهات السائدة في المحادثات، واستخراج معلومات دقيقة، وتحديد النقاط الحرجة التي تتطلب قرارات سريعة».
من أبرز الأدوات التي طُوّرت في هذا السياق أداة "تلخيص المواضيع"، التي تُحلل الرسائل النصية وتُبرز المواضيع المتداولة في واجهة سهلة الاستخدام. فعلى سبيل المثال، قد تُصدر الأداة تنبيهًا مثل:
"أفراد الطاقم لا يمتلكون تأشيرات للكونغو – احتمال حدوث تأخير."
وتُرفق مع التنبيه عدد الرسائل ذات الصلة ونقاطًا رئيسية تلخّص محتوى المحادثات، مع إمكانية العودة إلى الرسائل الأصلية مباشرة.
ويؤكد العقيد موناكو: «مهامنا تعتمد على عنصر الوقت، وعلينا معالجة كميات ضخمة من المعلومات بسرعة. أدوات مثل هذه تساعدنا في تحديد الأولويات بسرعة وكفاءة».
البحث الدلالي: عندما يفهم النظام ما تقصده
ومن بين الأدوات الأخرى التي يجري تطويرها، تبرز أداة "البحث الدلالي"، التي تتفوق على آليات البحث التقليدية داخل المحادثات النصية. فبدلًا من الاعتماد على مطابقة الكلمات، تستخدم الأداة نماذج شبكات عصبية لفهم نية المستخدم.
ويوضح فان دام: «يمكن للمستخدم أن يطرح سؤالًا بصيغة طبيعية، مثل: 'لماذا تأخرت الطائرة رقم كذا؟'، وسيحصل على إجابة دقيقة تأخذ في الاعتبار سياق السؤال، وليس فقط الكلمات المفردة فيه».
أدوات ذكية أخرى قيد التطوير
لا يقف المشروع عند هذا الحد، بل يشمل مجموعة من الأدوات الإضافية قيد التطوير، من بينها:
* إضافة تلقائية للمستخدمين إلى المحادثات التي تتوافق مع مجالات خبرتهم.
* التنبؤ بزمن الأرضي المطلوب لتفريغ الشحنات حسب نوع الحمولة.
* تلخيص الإجراءات التشغيلية من الوثائق التنظيمية، لتوجيه الفرق أثناء التخطيط للمهام.
شراكة ثلاثية من أجل المستقبل
انطلق مشروع CAITT ضمن برنامج مسرّع الذكاء الاصطناعي المشترك بين القوات الجوية الأميركية، ومعهد MIT، ومختبر لينكولن، ويهدف إلى تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي قابلة للتطبيق في المجالين العسكري والمدني على حد سواء.
ويقول المقدم تيم هيتون: «من خلال العمل في مشروع NITMRE، أدركنا أننا نمتلك كنزًا غير مستغل من البيانات غير المنظمة في محادثات مركز العمليات الجوية. والآن، نعمل على تحويلها إلى أدوات دعم ذكية وفعالة».
من المختبر إلى الميدان
ومع تقدّم تطوير أدوات CAITT، بدأت مرحلة نقلها إلى مجموعة هندسة البرمجيات 402 التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، وهي الجهة المسؤولة عن دمج هذه الأدوات في البيئة التشغيلية المستخدمة فعليًا في مركز العمليات 618.
بهذا، تتجه القوات الجوية الأميركية نحو مستقبل يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في الطائرات، بل في إدارة وتنظيم كل ما يدور خلف الكواليس من تخطيط وتنفيذ للمهام حول العالم.
أسامة عثمان (أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الطيران أميركا الذكاء الاصطناعي وزارة الدفاع الأميركية التقلبات الجوية البرمجيات وزارة الدفاع الذکاء الاصطناعی العملیات الجویة مرکز العملیات التی ت
إقرأ أيضاً:
بعد حصولها على جائزتين دوليتين: فَيّ المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
مسقط- الرؤية
حصلت الطالبة فَيّ بنت سالم المحروقية من مدرسة دوحة الأدب (10-12) بتعليمية محافظة مسقط، على جائزتين خاصتين في المعرض الدولي للعلوم والهندسة من خلال مشروعها: نهج قائم على التعلم الهجين لتحسين صور الرئة، وتشخيص الأورام، والتليف الرئوي بشكل أكثر دقة وفعالية.
وتقول الطالبة: "انطلقت فكرة مشروعي من ملاحظتي لأهمية تحسين دقة، وسرعة تشخيص أمراض الرئة، في ظل الارتفاع المستمر في أعداد المصابين عالميًا؛ ومن هنا استلهمت الفكرة من شغفي بالتقنيات الحديثة، لا سيما الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وحرصي على توظيفها في مجالات تخدم صحة الإنسان".
وتضيف: واجهتُ تحديات عديدة، من أبرزها تعقيدات النماذج التقنية، وصعوبة الحصول على بيانات طبية عالية الجودة، لكن بالإصرار، والدعم، والتعلم المستمر، تمكنتُ من تجاوزها.
وتشرح المشكلات التي يعالجها المشروع بقولها: يعالج المشروع تحديات حقيقية في المجال الصحي، خصوصًا في تشخيص أمراض الرئة مثل الأورام، والتليف، إذ يُسهم النظام في تحسين جودة الصور الطبية، ويعتمد على تقنيات تعلم الآلة؛ لاكتشاف المؤشرات المرضية بدقة عالية، مما يمكّن الأطباء من التشخيص السريع، والدقيق، وبالتالي الإسهام في إنقاذ الأرواح، وتخفيف الضغط على الأنظمة الصحية.
المشاركة في المعرض الدولي
وعن مشاركتها في المعرض الدولي، تقول: كانت تجربة ثرية للغاية؛ منحتني فرصة تمثيل بلدي سلطنة عُمان على منصة عالمية، والتعرف إلى مبدعين من مختلف دول العالم، وتبادل الأفكار مع مشاركين من خلفيات علمية متنوعة، واطّلعت على مشاريع رائدة في مجالات متعددة، هذه التجربة عززت ثقتي بنفسي، وفتحت أمامي آفاقًا جديدة للتطور العلمي، والبحثي.
وتستذكر لحظة إعلان فوزها: لحظة إعلان فوزي بجائزتين خاصتين كانت من أجمل لحظات حياتي؛ شعرتُ بفخر عظيم، وسعادة لا توصف؛ لأن كل التعب والجهد الطويل تُوِّج بهذا الإنجاز، كانت لحظة امتزجت فيها مشاعر الامتنان، والإنجاز، والانتماء، وأعتبرها نقطة تحول مهمة في مسيرتي العلمية.
الدعم والتدريب
وتتحدث عن دور الوزارة، والمدرسة في هذا الإنجاز: قدّمت الوزارة دعمًا كبيرًا لمشاركتي في المعرض، من خلال مجموعة من المبادرات، والإجراءات التي كان لها أثر بالغ في تمكيني من تمثيل الوطن بشكل مشرّف وفعّال؛ فقد وفّرت برامج تدريبية، وورش عمل متخصصة ساعدتني على تحسين مهاراتي في العرض والتقديم، بالإضافة إلى دعم معنوي مستمر، واهتمام ملحوظ بهذه المشاركة.
وتؤكد أن للمدرسة، والمعلمات دورًا كبيرًا ومحوريًا، يتمثل قي دعم مشرفتي، ومعلمتي إيمان بنت علي الرحبية، أثر بالغ في تحفيزي منذ بداية المشروع؛ إذ وفرت لي بيئة تعليمية مشجعة، ورافقتني خطوة بخطوة، وآمنت بإمكانياتي، وقدراتي على الوصول إلى العالمية، هذا الدعم المعنوي والعلمي شكّل حافزًا قويًا للاستمرار والتفوق.
وتتابع حديثها: الوصول إلى المنصات الدولية ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب صبرًا، وإصرارًا، وعملًا جادًا. النجاح لا يأتي من فراغ، بل من شغف حقيقي، وتطوير مستمر، وإيمان بالنفس. كل من يمتلك فكرة هادفة ويثابر لتحقيقها، قادر على الوصول والتميّز عالميًا.
الطموح والتطوير
وتقول عن طموحاتها المستقبلية: أطمح على المستوى العلمي إلى التخصص في مجال الذكاء الاصطناعي، ومواصلة أبحاثي في ابتكار حلول تقنية تُحدث أثرًا حقيقيًا في حياة الناس، أما على المستوى الشخصي، فأرجو أن أكون نموذجًا مُلهمًا، وأسهم في دعم وتمكين الشباب العماني للمنافسة على الساحة العالمية.
وتختتم حديثها: أعمل حاليًا على تطوير النموذج ليكون أكثر دقة وفعالية، وهناك خطة لتجريبه بالتعاون مع جهات طبية متخصصة، وأسعى أن يتم اعتماد هذا النظام، وتطبيقه فعليًا في المستشفيات والمؤسسات الصحية، ليسهم في تحسين مستوى الرعاية الطبية، وتشخيص أمراض الرئة بدقة أكبر.