قادتها رغبتها في تأسيس كيان خاص يجمع بين شغفها باللغة وخبرتها الإدارية إلى ريادة فريدة من نوعها في محافظة ظفار، استطاعت منال علي مقيبل مؤسسة ومديرة مشروع "عود الذهب للترجمة"، أن تجعل من شركتها أول شركة ترجمة تُؤسَّس وتُدار من قبل امرأة في محافظة ظفار، مقدّمة خدمات ترجمة احترافية بمعايير عالمية.

تروي منال في هذا الحوار رحلتها من الفكرة إلى التأسيس، والتحديات التي واجهتها، ورؤيتها المستقبلية لتطوير قطاع الترجمة في سلطنة عُمان.

تقول منال: "رغم عملي كمدير عام في إحدى الشركات بالقطاع الخاص، ظل شغفي بالترجمة يدفعني للتفكير في مشروع يترجم هذا الشغف إلى واقع. بعد حصولي على البكالوريوس في الترجمة والماجستير في الإدارة العامة، قررت أن أستثمر معرفتي الأكاديمية وخبرتي العملية في تأسيس مشروع يحمل رسالة ثقافية إلى جانب كونه مشروعا تجاريا".

ما الذي يميز «عود الذهب للترجمة» عن غيره؟

يتميز مشروع "عود الذهب للترجمة " أنه يقدم خدمات ترجمة شاملة تشمل جميع اللغات العالمية، سواء للأفراد أو المؤسسات، محليًا ودوليًا، من خلال المكتب أوالمنصة الإلكترونية، تقول منال: "نحرص على الجمع بين الجودة والدقة والسرعة، كما أننا الوحيدون في محافظة ظفار الذين نوفر خدمات الترجمة الفورية باستخدام أجهزة متخصصة، إلى جانب خدمات الترجمة القانونية والطبية والتقنية والأكاديمية، وخدمات التعريب، التدقيق اللغوي، وكتابة المحتوى".

وأضافت منال بقولها :" ونُخصص قاعة تدريبية لتأهيل خريجي الترجمة، في إطار سعينا لبناء كوادر عُمانية مؤهلة في هذا المجال".

كما أشارت منال إلى أن إقناع السوق المحلي بأهمية الترجمة الاحترافية كان من أكبر التحديات، خاصة مع الاعتماد الواسع على الترجمات غير المتخصصة، ولكن بالإصرار والتخطيط المدروس وتقديم خدمة ذات جودة عالية، نجحت في كسب ثقة العملاء وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها.

وأوضحت منال أن الدعم المعنوي تلقته من زوجها وعائلتها وصديقاتها، وكان له أثر بالغ في مسيرتها، وأما الناحية المادية، فقد اعتمدت بشكل رئيسي على التمويل الذاتي، مع مساهمات محدودة من بعض الجهات، لكن كان للإرادة الشخصية والرغبة في التميز الدور الأهم في الانطلاق والاستمرار.

كذلك لفتت منال إلى أنها شاركت في المؤتمر الدولي الأول للأكاديميين والمهنيين في السياحة والضيافة، كما تم اختيار مشروعها ضمن مبادرة "عمانيون في كل مكان"، التابعة لوزارة الخارجية. وشاركت في فعاليات إقليمية عديدة بمجال الترجمة، وهو ما أتاح لها فرصا مهمة لبناء علاقات مهنية وتوسيع نطاق خدماتها.

وعن التكريم، تقول: "تشرفت بالحصول على عدد من شهادات التكريم من جهات محلية تقديرًا لدوري في دعم الترجمة وريادة الأعمال النسائية في المحافظة".

تطمح منال إلى أن تُحدث الشركة تحولا في مفهوم الترجمة بمحافظة ظفار، وتقول: "نهدف إلى ترسيخ مفهوم الترجمة كجسر للتواصل بين الثقافات، وتوفير بيئة تدريبية متكاملة لخريجي تخصص الترجمة، ليصبحوا جزءا من منظومة مهنية متكاملة تخدم المجتمع وتدعم اقتصاد المعرفة".

كما تركز منال في استراتيجية التسويق لمشروعها على التسويق الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الحضور الفعّال في المعارض والفعاليات المتخصصة، إلى جانب الإعلانات المحلية. ويُعد رضا العملاء وتوصياتهم من أقوى أدواتها التسويقية.

وقد نجحت منال علي مقيبل في تقديم نموذج ملهم لريادة الأعمال النسائية في سلطنة عُمان، ومن خلال "عود الذهب للترجمة"، أظهرت كيف يمكن لفكرة صغيرة أن تنمو وتؤثر، حينما تقترن بالشغف والإصرار والرؤية الواضحة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم

في عالم تعج فيه الأخبار العاجلة والصور القاسية، تقف الترجمة الأدبية كجسر إنساني حساس، يربط بين القلوب والعقول، وينقل معاناة الشعوب من وراء الجدران والصمت الدولي. غزة، هذه الرقعة الصغيرة التي أصبحت عنوانا للألم والمعاناة والجوع، تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أدوات تعبير تتجاوز الحصار، وتصل إلى وجدان الشعوب، لا سيما من خلال الأدب المترجم.

فالترجمة الأدبية ليست مجرد نقل لغوي، بل فعل مقاومة ثقافية وأخلاقية، تتحول عبره القصص والقصائد والنصوص الشعرية والنثرية من أصوات محلية إلى شهادات عالمية، تكسر التعتيم، وتعيد للإنسان الغزي صورته الحقيقية كفرد لديه أحلام وأوجاع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"غرق السلمون" للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطنlist 2 of 2من كلكتا إلى نوبل.. طاغور شاعر الطبيعة والحزن وفيلسوف الحياةend of list

في حديثه للجزيرة نت، يرى أستاذ الأدب والنقد الإنجليزي في جامعة الأزهر بغزة، مروان حمدان، أن الترجمة الأدبية تلعب دورا حيويا في إبراز البعد الإنساني بعيدا عن التجاذبات السياسية، وكشف التفاصيل اليومية للمعاناة من منظور شخصي وعاطفي، وتعزيز التضامن الدولي عبر إشراك القراء في معاناة وآمال الكتاب الغزيين، وإحياء الذاكرة الغربية حول النكبة والإبادة والحصار من خلال الأدب.

دكتور مروان أستاذ الأدب والنقد الإنجليزي في جامعة الأزهر بغزة (الجزيرة)

وتهدف الترجمة إلى نقل الأدب الفلسطيني إلى جمهور عالمي متنوع، لا سيما أعمال الكتاب من غزة، وبناء شبكات تضامن ثقافي عالمية عبر أعمال أدبية مترجمة، وتمكين الكتاب الفلسطينيين من التواجد في محافل أدبية دولية، وتعزيز الصورة الثقافية لغزة بوصفها حاضنة للإبداع، لا مجرد مسرح للحرب.

إن الترجمة الأدبية من غزة ليست عملا ثقافيا فحسب، بل شهادة على واقع إنساني يجب أن يسمع. وهي دعوة للعالم كي ينصت، لا إلى دوي الطائرات والصواريخ فقط، بل إلى صوت الشاعر والروائي.

وقد أكد على أهمية تسليط الضوء على الأصوات الأدبية والأعمال الإبداعية في قطاع غزة، من خلال ترجمة مختارات منها إلى لغات عالمية، لنقل صورة أعمق عن القضية الفلسطينية إلى العالم بلغات مختلفة، وفتح آفاق جديدة أمام المترجمين المهتمين بها، ودعم الكتاب والمترجمين الشباب، وتوفير منصات لنشر أعمالهم.

قصيدة بعنوان "انتفاضة الشباب الحر في الجامعات" صدرت مترجمة في جريدة أميركية (الجزيرة)تثبيت الهوية وتعزيز السردية

تمثل الكتابة الإبداعية في السياق الفلسطيني ضرورة ملحة، وسلاحا يعبر الأجيال ويخترق حدود اللغة نحو العالم، فهي ليست ترفا أدبيا، بل فعل مقاومة، وصرخة وعي، وذاكرة تحفظ ما يحاول المحتل طمسه.

إعلان

إنها أداة لاسترداد الحق، وتثبيت الهوية، وعين لا تغفو في زمن المسخ الإعلامي والتزييف السياسي. فالكاتب الفلسطيني ليس مجرد راو، بل شاهد ومقاتل، وناقل لنبض شعبه بلغة لا تهادن ولا تساوم.

الشاعر حيدر الغزالي، الذي كانت له إسهامات جليلة في تسليط الضوء على أهمية القضية الفلسطينية، ومظلومية الشعب الفلسطيني، وتعزيز السردية القائمة على الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في أرضه، شارك في فعاليات أدبية كبيرة في فرنسا وإيطاليا والبرازيل والولايات المتحدة.

الشاعر حيدر الغزالي وهو يلقي قصيدة شعرية من قصائده (الجزيرة)

وقال في حديثه للجزيرة نت: "كانت لي مشاركات أدبية من خلال نصوص شعرية عن القضية الفلسطينية والإبادة في غزة، فقد أسهمت مع مجموعة من الشعراء الغزيين، منهم يوسف القدرة، هند جودة، مروان مخول، علي أبو خطاب، الشهيد رفعت العرعير، نعمة حسن، الشهيدة هبة أبو ندى، دارين الطاطور، ويحيى عاشور، الذين شعروا بمسؤوليتهم تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الإبادة في غزة، في إصدار مجموعة شعرية مشتركة باللغة الإيطالية بعنوان (صراخكم من صوتي)، وكانت واحدة من أكثر المجموعات الشعرية مبيعا في إيطاليا".

وأضاف: "ترجمت لي قصيدة (أعدني إلى صباي) ونشرت على صفحات مجلة Ord Bild السويدية، وهي أقدم مجلة أدبية في السويد، كما ترجمت قصيدة (كلما خرجت من البيت أودعه) إلى اللغة المالايالامية، ونشر نص قصيدة (انتفاضة الشباب الحر في الجامعات) في جريدة (The New York War Crimes) الأميركية، التي كانت تصدر في وقت اعتصام طلاب الجامعات في أميركا ضد الحرب على غزة".

مقاومة الصمت واختراق الحدود

وفي معرض رده على سؤال حول جدوى هذه الفعاليات الأدبية ودورها، أضاف: "الترجمة الأدبية ضرورة ملحة، وأداة لا بد منها لعبور المسافات واختراق الحدود نحو نبض الشارع، وصوت الإنسان البسيط، وحكاية الوطن المسلوبة. إنها الكلمة التي تقاوم الصمت، وتمنح اللغة حرارة الرفض، وكرامة البوح في وجه القهر.

وهي التي تواجه سردية الكذب الإسرائيلية، وتوقع على القاتل صفة الإجرام والدموية. فالكتابة في زمن الإبادة تتطلب انغماسا تاما في الوجع، للدفاع عن الروح البشرية، واقتحام أغوار آلامها، إلى درجة تتطلب أحيانا أن يتجاهل النص خلفيته القومية والوطنية، لصالح ما هو أعم وأشمل. والترجمة هي التي توصل النص إلى حده العالمي، وتطوع اللغات لخدمة أهدافها".

جوديث كيزنر، كاتبة وفنانة تشكيلية ألمانية، وعضو أكاديمية قصر العزلة في برلين، ومن أكثر الداعمين للقضية الفلسطينية ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين، أسهمت في إقامة مدرسة "زهرة أمل" للطلاب الفلسطينيين في منطقة المواصي.

الكاتبة والفنانة التشكيلية الألمانية جوديث كيزنر (الجزيرة)

ورأت في تصريحها للجزيرة نت أن "الكتابة الأدبية وترجمتها تمنح أهل غزة صوتا غالبا ما يتم تجاهله في السياسة. فمن خلال الكتب والقصص والقصائد، يتمكن الغرب من التعرف على تجاربهم الشخصية ومشاعرهم، وفهم معاناتهم بشكل أعمق، مما يسهم في اتخاذ مواقف أو القيام بأفعال من أجلهم".

وأضافت: "الترجمة الأدبية لا تنقل فقط أخبار الحرب والدمار في غزة، بل تكشف عن تفاصيل الحياة اليومية التي تستمر رغم كل شيء، وتجعل المعاناة ملموسة، وتعيد للضحايا أسماءهم وملامحهم، وتذكرنا بمسؤوليتنا تجاههم كأفراد ومجتمعات".

حكايات حية وشهادات موروثة

إن الترجمة الأدبية من غزة ليست عملا ثقافيا فحسب، بل شهادة على واقع إنساني يجب أن يسمع. وهي دعوة للعالم كي ينصت إلى صوت الشاعر، والروائي، والأديب، لأن الأدب هو المصدر الإنساني الصادق لرصد ما يجري عبر العصور.

إعلان

هذا ما قالته رئيسة الملتقى الثقافي وملتقى الأدب الفلسطيني في أوروبا، والمختصة في الترجمة الأدبية، نجوى غانم، وتروي للجزيرة نت كيف أسهمت في ترجمة جميع قصائدها التي كتبتها خلال الحرب على غزة إلى الإنجليزية والألمانية، تحت عنوان: "أغنية الحياة على تلة الذبح، قصائد الإبادة"، كما ترجمت القصيدة التي كتبتها ابنتها نيسان أبو القمصان بعنوان "خان حرب" إلى اللغة الإنجليزية.

ديوان على ظهري للكاتبة نجوى غانم الذي ترجم إلى اللغة الإنجليزية (الجزيرة)

كما شاركت في ترجمة كتاب "الوصايا: شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت" (2024)، الذي يضم 17 نصا لعدد من الكتاب الفلسطينيين، وقد جاء إهداء لروح الفنانة التشكيلية الفلسطينية هبة زقوت، التي ارتقت مع طفلها جراء قصف غادر في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد تضمن الكتاب لوحاتها كتعزية فنية وعاطفية.

كذلك ترجمت كتاب "الكتابة، كل ما ظل لي" للكاتبة الغزية الشابة دانا فليفل إلى الإنجليزية والفرنسية (2025)، وكتاب "48 قصة قصيرة فلسطينية" لـ 48 كاتبا فلسطينيا من الوطن والشتات إلى اللغة الإنجليزية، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكره.

حفل توقيع كتاب 48 قصة قصيرة فلسطينية والذي يضم 48 قصة قصيرة وتُرجم إلى اللغة الإنجليزية (الجزيرة)

واعتبرت غانم أن هذه الترجمات الأدبية تمثل شهادات موروثة للغربيين، عرفوا من خلالها "قصة أبي اللاجئ المنكوب، وجدي الذي عاش ومات رافضا الخنوع والاعتراف بأنه لاجئ، ومعاناة جدتي، وقصصي على الحواجز العسكرية، والإبادة التي يعيشها شعبي".

مقالات مشابهة

  • الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
  • برلمانية: مشروعات الطاقة المتجددة نقلة نوعية نحو سيادة الطاقة النظيفة في مصر
  • استفادة 20 امرأة ريفية من مشروع إنتاج الحليب ومشتقاته في رخيوت
  • هيئة الطيران المدني تطلق الحزمة الثانية من برنامج «شراكة» بمحافظة ظفار
  • السعودية تقود نقلة نوعية في النقل الإقليمي.. ممر تجاري يربط القاهرة بأربيل
  • برامج وفعاليات متنوعة للأطفال ضمن أنشطة موسم "خريف ظفار"
  • عبيدات يكتب ( نقلة نوعية في قطاع النقل العام )
  • جبران: قانون العمل نقلة نوعية في تحقيق التوازن بين أصحاب الأعمال والعمال
  • تعزيز المحتوى المحلي في القطاع الصناعي بمحافظة ظفار
  • العيون المائية بمحافظة ظفار.. مزارات سياحية تزدان بالجمال