تتصاعد بشكل كبير الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي الإيرانية ضد المنظمات الأممية والدولية العاملة في مناطق سيطرتها، في وقت جددت الحكومة اليمنية دعوتها لتلك المنظمات بسرعة نقل مقارها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة عدن للخروج من الحصار والتضييق ولضمان تقديم البرامج والمساعدات الإنسانية والإغاثية وفقًا لاحتياجات السكان والمتضررين.

Read also :فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيين

وفي خطوة جديدة ضمن سلسلة التضييق الممنهج، أقدمت ميليشيا الحوثي على نهب والاستيلاء على مقرات منظمة رعاية الأطفال في صنعاء وعدة محافظات خاضعة لسيطرتها. هذه الخطوة تحمل رسالة تهديد مباشرة لباقي المنظمات التي تفكر في تعليق أنشطتها أو الانتقال للعمل في المناطق المحررة، حيث تحاول الجماعة فرض واقع جديد يُجبر المنظمات على البقاء، حتى وإن كان ذلك على حساب المبادئ الإنسانية التي تلتزم بها.

وقامت قوة مسلحة تتبع نافذين وقيادات حوثية عليا بمصادرة أصول وممتلكات منظمة رعاية الأطفال "سيف ذا تشيلدرن"، وذلك ردًا على إعلان المنظمة إغلاق مكاتبها في مناطق الميليشيات في شهر مايو الماضي، بسبب ما تتعرض له من انتهاكات وما طال موظفيها.

وبحسب مصادر حقوقية في صنعاء أن القوة داهمت المقار منظمة رعاية الأطفال في صنعاء محافظات عمران، حجة، صعدة، الحديدة، وإب، وشرعت بنهب محتويات تلك المقار من مخازن ومعدات وتجهيزات ومركبات. وقدرت المنهوبات بملايين الدولارات حيث جرى نقلها إلى مخازن وفلل تابعة لقيادات حوثية بارزة مكلفة بمتابعة ومراقبة المنظمات الأممية والدولية.

وأشارت المصادر إلى أن قيادات حوثية نافذة كانت تخطط لإصدار حكم قضائي يتيح لها المجال بصورة قانونية السيطرة على مقار المنظمة عقب إجازة عيد الأضحى المبارك، إلا أن جناح أخر في الميليشيات مدعوم من مدير مكتب الرئاسة الحوثية أحمد حامد استبق هذا التحرك وسارع إلى البسط ونهب المعدات والتجهيزات قبل أن يتم الاستحواذ عليها من قبل قيادات أخرى.

سلسلة انتهاكات 

ما تعرضت له المنظمة من إجراء تعسفي؛ يندرج ضمن سلسلة من الانتهاكات المتصاعدة من قبل ميليشيا الحوثي الإيرانية، حيث تعرضت لضغوط ممنهجة هدفت إلى تقييد أنشطتها الإنسانية وإجبارها على العمل وفق أجندة الميليشيا. لم تقتصر هذه الضغوط على فرض قيود مشددة على برامجها ومشاريعها، بل وصلت إلى اقتحام مقراتها في صنعاء ومحافظات أخرى، والاستيلاء عليها بالقوة، ناهيك عن حملة اعتقالات استهدفت موظفي المنظمة، وزُجّ بعدد منهم في السجون دون أي مسوغ قانوني، وسط ظروف احتجاز قاسية وانعدام أي ضمانات لسلامتهم. 

يقول متطوعون عاملون مع المنظمة في عدن لـ"نيوزيمن": قرار الإغلاق في مايو الماضي لم يأت من فراغ، فالميليشيات الحوثية وسلطتها المختلفة أمعنت في الانتهاكات والمضايقات دون أي مراعاة للخدمات الإنسانية التي تقدمها منظمة رعاية الطفل للمحتاجين في مختلف المحافظات اليمنية دون استثناء.

وأشار المتطوعون إن هناك تهديدات سابقة تعرضت لها قيادة المنظمة في اليمن؛ واتهامها بالتجسس والعمل لصالح الغرب وتنفيذ أجنده تهدد مصالحهم وغيرها من الاتهامات التي تسوق لها الميليشيات لتبرير انتهاكاتها وإجرامها وعمليات النهب والسلب التي تمارسها بصورة علنية.

عملية الاقتحام الواسعة ليست الأولى، فالمنظمة وتحديدًا مقرها بمحافظة ذمار تعرض خلال العام 2018 لاقتحام سابق انتهى بمصادرة محتوياته بالكامل. كما فرضت الميليشيات قيودًا على العمليات الإغاثية والإنسانية التي تقدمها "رعاية الأطفال" إلى جانب فرض رقابة أمنية على الموظفين داخل المنظمة وخارجها.

ولعل أبرز الانتهاكات التي طالت المنظمة مؤخرًا حادثة وفاة هشام الحكيمي، مسؤول الأمن والعلاقات الحكومية في المنظمة، في سبتمبر 2023، عقب شهرين على احتجازه داخل سجن حوثي، وسط رفض الحوثيين تسليم الجثمان أو السماح بتشريح مستقل. وكذا اختطاف الدكتور توفيق المخلافي، مسؤول المنح التعليمية في المنظمة، منذ يناير 2024، حيث لا يزال رهن الاحتجاز لدى جهاز الأمن والمخابرات التابع للميليشيات.

رسالة تهديد 

يرى الكثير من العاملين في المجال الإغاثي أن نهج الحوثيين في نهب مقار منظمة "رعاية الأطفال" خطوة حملت رسالة تهديد مباشرة لباقي المنظمات التي تفكر في تعليق أنشطتها أو الانتقال للعمل في المناطق المحررة، حيث تحاول الجماعة فرض واقع جديد يُجبر المنظمات على البقاء، حتى وإن كان ذلك على حساب المبادئ الإنسانية التي تلتزم بها.

وقال الناشط المدني ياسر المدني في صنعاء أن كل هذه الانتهاكات تصب في هدف واحد، وهو فرض السيطرة الكاملة على العمل الإنساني والإغاثي داخل المناطق الخاضعة للحوثيين، بحيث يصبح النشاط الإغاثي أداة في يد الجماعة لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري، بدلًا من كونه عملًا إنسانيًا يهدف إلى مساعدة المحتاجين دون تحيّز.

وأضاف: "في ظل هذه الممارسات، يبقى المجتمع الدولي مطالبًا باتخاذ خطوات أكثر حزمًا لحماية المنظمات الإنسانية وضمان استمرار عملها بعيدًا عن الابتزاز السياسي، فضلًا عن الضغط لإيقاف الانتهاكات التي تهدد النشاط الإغاثي، وتعرّض حياة العاملين في هذا المجال للخطر".

سجل إجرامي طويل

ووصف وزير الإعلام معمر الإرياني عملية النهب التي طالت منظمة رعاية الأطفال بأنها "جريمة نكراء" تضاف إلى سجل الحوثيين الطويل من الانتهاكات بحق العمل الإنساني، مشيرًا إلى أن الميليشيا نفذت أكثر من 95 واقعة اقتحام ونهب لمكاتب منظمات محلية ودولية منذ عام 2015.

وأضاف أن الجريمة جاءت عقب إعلان المنظمة في مايو إغلاق مكاتبها في مناطق سيطرة الحوثيين، وإنهاء عقود 400 موظف، ما حرم أكثر من 1.2 مليون طفل من خدماتها، وذلك بسبب ما وصفه بـ"القيود التعسفية المتزايدة" التي تفرضها الميليشيا على عمل المنظمات.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: منظمة رعایة الأطفال الإنسانیة التی فی صنعاء

إقرأ أيضاً:

دعوى أمام الجنائية الدولية تتهم مسؤولي غزة الإنسانية بجرائم حرب

أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن تقدمها بشكوى رسمية إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُشتبه بارتكابها من قِبل مسؤولي مؤسسة "غزة الإنسانية"، بالتعاون مع شركات أمنية متعاقدة، وذلك خلال الفترة من 27 مايو وحتى اليوم.

وبحسب المنظمة، فإن الشكوى جاءت مدعّمة بأدلة حسّية وصور التقطتها الأقمار الصناعية، تُظهر أن مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة لم تكن سوى واجهات عسكرية هدفها القتل الممنهج والتجويع الجماعي لسكان قطاع غزة.

تكشف صور الأقمار الصناعية المرفقة في ملف الشكوى عن تصميم عسكري مُخادع لهذه المراكز، حيث تتبع نمط القواعد العسكرية ذات المداخل الضيقة الممتدة لمسافات تصل لعدة كيلومترات، تنتهي بمناطق اختناق مدروسة، يُطلق فيها الرصاص أو القذائف نحو المدنيين أثناء سعيهم للحصول على الطعام أو الدواء.

وأضافت المنظمة أن شهادات ميدانية وتقارير مستقلة تُثبت أن عمليات القتل ما تزال مستمرة حول هذه المراكز، والتي تحوّلت إلى "مصائد موت"، تُدار ضمن أجندات عسكرية وتُستخدم كغطاء لسياسة تجويع ممنهجة.

اتهامات بالإبادة وعرقلة المساعدات الأممية

وبحسب المنظمة، فإن مسؤولي "غزة الإنسانية" لعبوا دوراً محورياً في تعطيل وصول المساعدات الأممية إلى غزة، مما أدى إلى وفاة العشرات من المدنيين، بينهم أطفال، نتيجة نقص الدواء والغذاء، مع استمرار خطر المجاعة الذي يُهدد حياة عشرات الآلاف في القطاع.

وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة الجرائم، تقول المنظمة إن مسؤولي المؤسسة لم يُظهروا أي موقف قانوني واضح، واكتفوا ببيانات "باهتة وجبانة" تصل حد تبرير المجازر أو التقليل من خطورتها، دون أي اعتراف بالمسؤولية أو التزام بالمحاسبة.

وتحذّر المنظمة من أن المسؤولين يشعرون بالحصانة الكاملة نتيجة غطاء سياسي أمريكي، وعلاقاتهم الوثيقة مع دولة إقليمية تربطها مصالح استراتيجية مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي يُشتبه بأنها تغض الطرف عن هذه الجرائم أو حتى تدعمها بشكل مباشر أو غير مباشر.

مطالبات بعقوبات ومحاسبة دولية

المنظمة العربية لحقوق الإنسان جدّدت دعوتها إلى المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات فورية على مسؤولي المؤسسة بموجب قانون "ماغنيتسكي"، داعية المجتمع الدولي إلى تحريك ملفات الملاحقة القضائية في كل الولايات القضائية الممكنة.

وفي السياق ذاته، لفتت المنظمة إلى أن الشارع الدولي بدأ يتحرك ضد سياسات التجويع والقتل الجماعي في غزة، حتى من بعض الحلفاء التقليديين للاحتلال، في وقت يستمر فيه الصمت المريب من الأنظمة العربية والإسلامية، التي تكتفي بقمع التضامن الشعبي واعتقال النشطاء المؤيدين لغزة.

ودعت المنظمة إلى تحويل مدينة رفح إلى نقطة انطلاق دولية لكسر الحصار عن غزة، وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة، رغماً عن إرادة الاحتلال، وبمشاركة منظمات حقوقية مستقلة.

كما وجّهت نداءً مفتوحاً إلى شعوب العالمين العربي والإسلامي بالخروج في مظاهرات شعبية واسعة رفضاً للتجويع والتواطؤ، وللمطالبة بتحرك دولي فعّال لإنقاذ ما تبقّى من غزة.




ما هي "مؤسسة غزة الإنسانية"؟

"مؤسسة غزة الإنسانية" هي جهة حديثة نسبياً ظهرت إلى العلن في الشهور الأولى من العام 2024، وتُقدَّم إعلامياً على أنها منظمة غير حكومية تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية وتوزيع المساعدات في قطاع غزة. إلا أن تقارير حقوقية وميدانية متزايدة شككت في طبيعة عملها، مؤكدة أنها تعمل بغطاء إنساني يخفي أجندات أمنية وعسكرية.

ورغم ادعائها الحياد، فإن المؤسسة تتعاون – بحسب الشكاوى والوثائق – مع شركات أمنية خاصة ومجموعات مسلحة غير خاضعة للمساءلة، وتُتهم بتحويل مراكز الإغاثة إلى مواقع مصيدة تُستدرج فيها الحشود المدنية ليتم استهدافها.

ويُشتبه في أن المؤسسة تتمتع بدعم سياسي من دول كبرى، وتغضّ بعض الحكومات الطرف عن ممارساتها، ما منحها هامشاً للعمل في قطاع غزة دون رقابة دولية فعلية. وبحسب تقارير إعلامية مستقلة، فإن أنشطتها تتقاطع بشكل لافت مع أهداف الاحتلال في إحكام الحصار، والتحكم بتدفق المساعدات، وتوجيهها بما يخدم أجنداته الأمنية.




وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ورغم التحذيرات الدولية والأممية والفلسطينية من تداعيات المجاعة بغزة، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ 2 مارس/ آذار الماضي، في تصعيد لسياسة التجويع التي ترتكبها منذ بدء الحرب، وسط تحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع.

وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح الأحد، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا منذ 7 أكتوبر 2023.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.


مقالات مشابهة

  • الإغاثة الطبية بـ غزة: نطالب المنظمات الدولية بـ توفير ممر آمن لضمان وصول المساعدات
  • المنظمة الدولية للهجرة: وفاة 18 مهاجرًا قبالة سواحل طبرق وفقدان 50 آخرين
  • المغرب أول مساهم في صندوق المرونة التابع للمنظمة الدولية للهجرة
  • منظمة حقوقية تتقدم بشكوى للجنائية الدولية ضد مؤسسة غزة الإنسانية
  • الصحة العالمية: سوء التغذية بغزة بلغ مستويات تنذر بالخطر
  • دعوى أمام الجنائية الدولية تتهم مسؤولي غزة الإنسانية بجرائم حرب
  • «التضامن» تستعرض تحديات نظام الرعاية الصحية بمؤسسات رعاية الأطفال
  • بث مباشر.. .شاحنات المساعدات المصرية تدخل من معبر رفح إلى قطاع غزة
  • الصحة العالمية: سوء التغذية في غزة بلغ مستويات كارثية
  • منظمة الصحة العالمية: سوء التغذية بلغ "مستويات خطيرة" في غزة