جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@15:44:49 GMT

من المسؤول؟ ومن الضحية؟

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

من المسؤول؟ ومن الضحية؟

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

 

في ظل المُتغيرات الاجتماعية والثقافية المُستمرة، أصبحت قضايا الانفصال والطلاق تحمل أوجهًا مُتعددة وتحديات معقدة، وبينما نسلط الضوء على تأثيرات هذه العمليات على الأزواج المنفصلين، يتجه اهتمامنا هنا إلى الأبناء الذين يكونون محورًا في هذه السياقات، ولذلك نتساءل: من المسؤول عن مستقبل هؤلاء الأبناء؟ ومن يتحمل العبء الأكبر لضمان نجاحهم؟

في مقال سابق أشرنا إلى مخاطر ارتفاع معدلات الطلاق، واستكمالًا لهذه المخاطر؛ سواءً كان هذا الانفصال جاء برضا الطرفين نتيجة عدم تفاهم والقناعة بعدم التكافؤ، أو عدم رضا من أحد الطرفين بمستوى أو أسلوب المعيشة مع الطرف الآخر.

وهنا حديثي ينصب حول ما إذا كان هناك أطفال بينهم نتيجة ذلك الزواج، وكيف ستؤول مسؤولية تربية هؤلاء الأبناء بعد ذلك؟ فإما أن تُضحّي الأم بحياتها وتُكرسها لتربية أبنائها- وهذه النتيجة هي الأكثر شيوعًا في مجتمعنا الآن- أو أن الأم تبدأ حياتها من جديد في تجربة زواج ثانية- وهذا من حقها طبعًا- لتبدأ حياة أخرى مع زوج وأبناء جدد من زوج آخر، دون التفات إلى الأبناء السابقين الذين سينتقلون إلى كنف تربية أبيهم الذي لن يُطيل هو الآخر في اختيار زوجة أخرى ليكمل حياته، وقد يُعدد باختيار عدة زوجات من باب إظهار القدرة والقوامة على المرأة حتى يُبيِّن ذلك لمن انفصل عنها وأنجب منها سابقًا دون مُراعاة أو اكتراث إلى أن هذه المرأة هي أمٌ لأولاده، وما سينتج عنه ذلك من تضحيات لتلك المرأة في سبيل تربية أبنائها بعد الانفصال.

عادةً ما تكون المسؤولية الأولى لرعاية الأبناء بعد الانفصال على عاتق الأم، وهي تُواجه تحديات كبيرة في توفير بيئة صحية ومستقرة لنموهم، قد تتجاوز الأم نفسها في التضحية بحياتها الشخصية والمهنية من أجل تقديم الرعاية الأمثل لأطفالها، ألا تستحق الأم التقدير والإعجاب نظرًا للتضحيات التي تقوم بها من أجل تأمين مستقبل أبنائها؟

ومن المهم في الموضوع إن كانت الأم منفصلة عن زوجها وكرست حياتها لرعاية أبنائها وتربيتهم والاهتمام بدراستهم لتأتي لحظة الأنانية من الأب- ولا أُعمم- الذي انشغل بأبنائه الآخرين وزوجاته ليطلب أحقيته في تحديد مصير حياة أبنائها الباقية في اختيار أزواجهم وزوجاتهم من باب التحدي والتعنت مع الأم التي تركت كل ما في الحياة من مُتعة لتربية أبنائها لتواجه ذلك الزوج المُتشبث بنظرة خاطئة للأسف في نجاح الأم في تربية أبنائها دون نكران وجوده الذي ينبغي ألا نغفل دوره في هذا السياق، فهو يمتلك حقوقًا ومسؤوليات تجاه أبنائه بعد الانفصال، ومن المهم أن يكون للأب دور فعّال في توجيه وإرشاد أبنائه، وذلك من خلال التواصل المستمر والدعم العاطفي، ويجب أن يسعى للتوفيق بين حياته الشخصية والعائلية من أجل استقرار أطفاله ونموهم السليم.

ولنصل إلى ما يجب أن يتخذ في مثل هذه المواقف، في أن يبارك الأب ويصحح اختيارات الأبناء في تحديد مصير تكوين أسرهم بإقناع وبدون تعنت ليجد هؤلاء الأبناء أن الأب والأم الناصحين والموجهين لهم في حياتهم لكي يؤسسوا أسراً ناجحة، ولقد أرشدنا الرسول ‏صلى الله عليه وسلم إلى حسن اختيار الزوج بقوله ‏صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وقوله صلى عليه وسلم (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك).

كما أقدم نصيحتي للأبناء في أن يبادروا إلى بر والديهم وأن لا يتركوا مسافة بينهم وبين آبائهم وأمهاتهم في برهم ووصالهم حتى يجد كل منهم ويدرك أن أبناءه بجانبه، وأقدم نصيحتي أيضاً إلى الأبوين في عدم ذكر مساوئ وأخطاء الطرف الآخر أمام الأبناء، وليدرك الاثنان معًا أن هؤلاء أبنائهم معًا وأن يحرصوا كل الحرص على مستقبلهم دون تعقيد، وأن يدعون لهم بالتوفيق والحياة السعيدة الهادئة، فيكفيهم معاناة انفصالكما عن بعضكما وفقدانهم حياة الأسرة الواحدة وحنان الأبوين معًا في بيت أسري واحد، فرفقًا بهؤلاء الأبناء.

وفي نهاية المطاف، يتعين على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناءهم هم الأهم والأكثر تأثيرًا في هذه المعادلة، فيجب عليهم العمل معًا بروح التعاون والحب من أجل توفير بيئة صحية ومستدامة لنمو وتطور الأبناء، فبتبني مبدأ التفاهم والاحترام المتبادل، يمكن للأبناء أن يشهدوا نموًا وازدهارًا يعكس دور كل من والديهم في توجيههم نحو مستقبل مشرق، وأن ينالوا بعضا مما فقدوه من الجو الأسري الواحد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أم تقتل ابنتها بسبب تأخر عودتها إلى المنزل

وكالات

أقدمت أم تركية على قتل ابنتها خنقاً بعد تأخرها في العودة إلى المنزل، في جريمة مروّعة هزّت الرأي العام في ولاية مانيسا.

‎وقامت الأم بقتل ابنتها “جمرة” البالغة من العمر 25 عاماً خنقاً داخل غرفتها، بسبب تأخرها المتكرر في العودة إلى المنزل.

‎وذكرت التحقيقات أن الأم كانت تدخل في مشادات كلامية متكررة مع ابنتها على خلفية مواعيد عودتها المتأخرة، قبل أن ينفجر الخلاف في آخر مرة بشكل مأساوي، أقدمت فيه على قتلها بيديه

 

مقالات مشابهة

  • زوجة راغب علامة تخطف الانتباه بشبابها اللافت رفقة أبنائها..فيديو
  • زوجونى قاصر.. وخطفوا أولادى للحرب.. اليوم السابع يرصد رحلة عذاب هند.. فيديو
  • بعد الانفصال... وليد سامي يستعد لطرح أغنية "أحلام بسيطة"
  • دول مظلومة في فقه الهجرة: الأم تجقلب والشكر للكفيل
  • تربية الأبناء في عصر الذكاء الاصطناعي.. الموازنة بين الفرص والمسؤوليات
  • أمريكا بين الغضب والانقسام| احتجاجات واسعة ضد إدارة ترامب ومخاوف من الانفصال
  • الانفصال لا يعني العداء.. أيتن عامر تقدم درسًا في النضج الأسري
  • أم تقتل ابنتها بسبب تأخر عودتها إلى المنزل
  • مستشار أسري: تدخل الأم يزرع الكراهية و15% من عنف الإخوة بسبب الوالدين.. فيديو
  • ما خطورة الضغط على الأبناء لاختيار تخصصات جامعية محددة؟.. مختصة توضح