من المسؤول؟ ومن الضحية؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
سلطان بن ناصر القاسمي
في ظل المُتغيرات الاجتماعية والثقافية المُستمرة، أصبحت قضايا الانفصال والطلاق تحمل أوجهًا مُتعددة وتحديات معقدة، وبينما نسلط الضوء على تأثيرات هذه العمليات على الأزواج المنفصلين، يتجه اهتمامنا هنا إلى الأبناء الذين يكونون محورًا في هذه السياقات، ولذلك نتساءل: من المسؤول عن مستقبل هؤلاء الأبناء؟ ومن يتحمل العبء الأكبر لضمان نجاحهم؟
في مقال سابق أشرنا إلى مخاطر ارتفاع معدلات الطلاق، واستكمالًا لهذه المخاطر؛ سواءً كان هذا الانفصال جاء برضا الطرفين نتيجة عدم تفاهم والقناعة بعدم التكافؤ، أو عدم رضا من أحد الطرفين بمستوى أو أسلوب المعيشة مع الطرف الآخر.
عادةً ما تكون المسؤولية الأولى لرعاية الأبناء بعد الانفصال على عاتق الأم، وهي تُواجه تحديات كبيرة في توفير بيئة صحية ومستقرة لنموهم، قد تتجاوز الأم نفسها في التضحية بحياتها الشخصية والمهنية من أجل تقديم الرعاية الأمثل لأطفالها، ألا تستحق الأم التقدير والإعجاب نظرًا للتضحيات التي تقوم بها من أجل تأمين مستقبل أبنائها؟
ومن المهم في الموضوع إن كانت الأم منفصلة عن زوجها وكرست حياتها لرعاية أبنائها وتربيتهم والاهتمام بدراستهم لتأتي لحظة الأنانية من الأب- ولا أُعمم- الذي انشغل بأبنائه الآخرين وزوجاته ليطلب أحقيته في تحديد مصير حياة أبنائها الباقية في اختيار أزواجهم وزوجاتهم من باب التحدي والتعنت مع الأم التي تركت كل ما في الحياة من مُتعة لتربية أبنائها لتواجه ذلك الزوج المُتشبث بنظرة خاطئة للأسف في نجاح الأم في تربية أبنائها دون نكران وجوده الذي ينبغي ألا نغفل دوره في هذا السياق، فهو يمتلك حقوقًا ومسؤوليات تجاه أبنائه بعد الانفصال، ومن المهم أن يكون للأب دور فعّال في توجيه وإرشاد أبنائه، وذلك من خلال التواصل المستمر والدعم العاطفي، ويجب أن يسعى للتوفيق بين حياته الشخصية والعائلية من أجل استقرار أطفاله ونموهم السليم.
ولنصل إلى ما يجب أن يتخذ في مثل هذه المواقف، في أن يبارك الأب ويصحح اختيارات الأبناء في تحديد مصير تكوين أسرهم بإقناع وبدون تعنت ليجد هؤلاء الأبناء أن الأب والأم الناصحين والموجهين لهم في حياتهم لكي يؤسسوا أسراً ناجحة، ولقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حسن اختيار الزوج بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وقوله صلى عليه وسلم (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك).
كما أقدم نصيحتي للأبناء في أن يبادروا إلى بر والديهم وأن لا يتركوا مسافة بينهم وبين آبائهم وأمهاتهم في برهم ووصالهم حتى يجد كل منهم ويدرك أن أبناءه بجانبه، وأقدم نصيحتي أيضاً إلى الأبوين في عدم ذكر مساوئ وأخطاء الطرف الآخر أمام الأبناء، وليدرك الاثنان معًا أن هؤلاء أبنائهم معًا وأن يحرصوا كل الحرص على مستقبلهم دون تعقيد، وأن يدعون لهم بالتوفيق والحياة السعيدة الهادئة، فيكفيهم معاناة انفصالكما عن بعضكما وفقدانهم حياة الأسرة الواحدة وحنان الأبوين معًا في بيت أسري واحد، فرفقًا بهؤلاء الأبناء.
وفي نهاية المطاف، يتعين على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناءهم هم الأهم والأكثر تأثيرًا في هذه المعادلة، فيجب عليهم العمل معًا بروح التعاون والحب من أجل توفير بيئة صحية ومستدامة لنمو وتطور الأبناء، فبتبني مبدأ التفاهم والاحترام المتبادل، يمكن للأبناء أن يشهدوا نموًا وازدهارًا يعكس دور كل من والديهم في توجيههم نحو مستقبل مشرق، وأن ينالوا بعضا مما فقدوه من الجو الأسري الواحد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسؤول أمريكي يحذر الاحتلال من ثمن التأخير في غزة.. القطار مضى
أعرب مسؤول أمريكي رفيع عن "إحباط متزايد" من تعاطي "إسرائيل" مع مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، محذرا من أنها ستدفع ثمنا ثقيلا بسبب عدم إنهائها الحرب في قطاع غزة.
واعتبر المسؤول الأمريكي، أن "إسرائيل فاتها القطار"، وأن واشنطن "لن تنتظر على الرصيف، ونأمل أن تلحق إسرائيل بالقطار التاريخي الذي غادر المحطة بالفعل"، بحسب ما نقلت "القناة 12" الإسرائيلية.
وأعرب المسؤول عن دعمه الكامل لموقف عائلات الأسرى الإسرائيليين، التي تعتبر أن استمرار الإبادة في غزة تُعرّض حياة ذويها للخطر، في تناقض واضح مع سياسة حكومة بنيامين نتنياهو التي ترى في الضغط العسكري وسيلة لفرض التنازلات".
وقال: "إذا كانوا قد دفعوا (الأسرى الإسرائيليين) ثمن عدم إنهاء الحرب حتى الآن، فسيكون الثمن اليوم أثقل بكثير على إسرائيل، وليس فقط على الأسرى".
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9900 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وبحسب القناة الإسرائيلية، فإن تعليقات المسؤول الأمريكي تركت أثرًا صادمًا في نفوس عائلات الأسرى، حيث بدت عليهم علامات الذعر والقلق.
وأوضحت أن العديد من أفراد العائلات أعربوا لاحقًا عن مخاوفهم، ليس فقط من مضمون الرسالة، بل مما اعتبروه تحولًا غير مسبوق في لهجة واشنطن، الحليف الذي لطالما اعتُبر داعمًا مطلقًا لـ"إسرائيل".
وأكدت حركة حماس مرارا استعدادها للبدء في مفاوضات شاملة، لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة بشكل كامل.
ويأتي ذلك وسط تهرب نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، عبر فرض شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة طالما استمر احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية.
في سياق آخر، شدد المسؤول الأمريكي على أن "الرئيس ترامب عازم على المضي قدمًا في صفقة مهمة مع السعودية، حتى بدون مشاركة إسرائيل".
وأردف موضحا بهذا الخصوص: "اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين ليس سوى مقدمة، وإذا لم تعد إسرائيل إلى رشدها، فحتى صفقة الألفية ستُنفذ بدونها"، وفق المصدر.
وقال: "نأمل أن تلحق إسرائيل بالقطار التاريخي الذي غادر المحطة بالفعل، لكن الولايات المتحدة لن تنتظر على الرصيف".
وعلقت القناة على تصريحات المسؤول الأمريكي بالقول: "إذا تم الانتهاء من الصفقة مع السعودية والتي وصفتها إدارة ترامب بأنها إطار عمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة والحد من النفوذ الإيراني، دون مساهمة إسرائيلية، فإنها قد تعيد تشكيل المشهد الدبلوماسي بشكل كبير، مما يؤدي إلى تهميش إسرائيل في لحظة حرجة".
يأتي ذلك بعد تقارير إعلامية إسرائيلية أفادت بأن ترامب قرر قطع الاتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية شكوك بأن الأخير يحاول التلاعب به.
وقال مراسل إذاعة جيش الاحتلال ياني كوزين، عبر منصة "إكس" الخميس، إن "مقربين من ترامب أبلغوه بأن نتنياهو يتلاعب به، ولا يوجد شيء يكرهه ترامب أكثر من أن يَظهَر كأنه مغفّل، لذلك قرر قطع الاتصال معه".
وأضاف: "ربما يتغير ذلك لاحقًا، لكن هذا هو الوضع حاليًا"، مشيرًا إلى أن ترامب يعتزم المضي قدمًا في خطوات متعلقة بالشرق الأوسط دون انتظار نتنياهو، في ظل تباين مواقفهما إزاء قضايا إقليمية.