عربي21:
2025-06-17@18:07:49 GMT

مصر في قلب المعركة

تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT

يخطئ من يظن أن مصر بمنأى عن الحروب الإسرائيلية الدائرة في المنطقة، خصوصا الحرب مع إيران، ذلك أن الشارع المصري أصبح على قناعة، بأن المواجهة مع إسرائيل حتمية ووشيكة، في إطار تنفيذ المخطط الصهيوني بالسيطرة على المنطقة وإعادة رسمها من جديد، حسبما أعلن رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو مرارا، وبما يمكّن الكيان من توسيع رقعته الجغرافية، حسبما طالب بذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارا أيضا، وبما يحقق سردية الجمهوريين البروتستانت، التي تتعجل ما يعرف بحرب نهاية العالم، ناهيك عن الشواهد السياسية والعسكرية الكثيرة في هذا الشأن.



وعلى الرغم من مرور 46 عاما على توقيع معاهدة السلام بين الكيان ومصر، عام 1979، إلا أن كل النتائج تؤكد أن الاتفاقية لم تستطع اختراق العقل الشعبي المصري بالتطبيع، سواء على المستوى الفردي أو الجمعي، لأسباب كثيرة، وهو ما يعترف به مسؤولو الكيان دائما، في الوقت الذي بدت فيه علاقات حميمية مع أطراف عربية، حديثة العهد بالتعامل مع العقلية الصهيونية، وهو ما يؤكد أن الشعب المصري حالة خاصة، تنتظر لحظة نفض الغبار، التي يبدو أن أوانها قد حان، وما سنوات الغبار الغابرة تلك إلا حالة من التعبئة، وإعادة الشحن القومي من جديد.

لا خلاف في الشارع المصري على أن ما يجري الآن من مخطط صهيوني، هو بمثابة تقليم الأظافر، حتى يمكن التفرغ للعدو الأكثر قوة وعنادا، ممثلا في مصر وشعبها، وهو ما لا يخفى بالتأكيد على صناع القرار
لا خلاف في الشارع المصري على أن ما يجري الآن من مخطط صهيوني، هو بمثابة تقليم الأظافر، حتى يمكن التفرغ للعدو الأكثر قوة وعنادا، ممثلا في مصر وشعبها، وهو ما لا يخفى بالتأكيد على صناع القرار، الذين لم يتوانوا على مدى السنوات الـ46 المشار إليها، عن التسلح والتدريب، خصوصا في السنوات العشر الأخيرة، ليس ذلك فقط، بل تنويع مصادر السلاح، وحتى إنتاجه، تحسبا لذلك اليوم الذي تم فرضه، ليس على مصر فقط، بل على المنطقة قاطبة، نتيجة أطماع المحتل التي لا تتوقف عند حد، بل لا تتوقف عن القتل وسفك الدماء، على مدار الساعة، تحت سمع ونظر العالم.

السؤال المهم الذي يطرحه الشارع طوال الوقت: هل حان دور المواجهة مع مصر، في حالة انتصار الكيان -لا قدر الله- على إيران؟ أم أن دخول أطراف خارجية على ساحة القتال الدائر حاليا، يمكن أن يدفع بمصر إلى المشاركة في إطار ما يعرف بالحرب الاستباقية؟ أم أن العدو هو الذي سوف يبادر إلى ذلك، اعتمادا على عمليات تمهيد واضحة، اتهم خلالها الجيش المصري بنشر قوات في المنطقة (ج) في سيناء، على خلاف اتفاق الطرفين، إضافة إلى اتهامات أخرى تتعلق بحفر الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة، ناهيك عن نقض تلك المعاهدة من جانب العدو، بعد احتلال محور "فيلادلفيا" أو صلاح الدين، على امتداد الحدود مع القطاع؟

يمكن القول إن العقل الجمعي المصري، بعد طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ليس كما كان قبله من كل الوجوه، خصوصا أولئك الذين كانت تمثل الطائفية أزمة نفسية لهم، لا يقبلون مشاركة حزب الله اللبناني في القتال مع المقاومة الفلسطينية، ولا يناصرون قتال إيران في مواجهة الكيان، بل وجدنا من يطلب الفتوى الشرعية في حكم الجهاد بأسلحة إيران، إلى آخر ذلك من سلسلة طويلة من السفه والعته، انطلاقا من وهابية هنا أو عقيدة تكفير هناك، إضافة إلى فصائل أخرى من ضحايا الإمبريالية الأمريكية، والريالات والدينارات، وما أكثرهم في مواقع سياسية وإعلامية بشكل خاص، وهم ما يمكن أن يطلق عليهم الطابور الخامس، ناهيك عن اللجان والكتائب الإلكترونية، العاملة على مدار الساعة.

الآن، وعلى وقع الصواريخ الإيرانية على الكيان، تراجع هؤلاء، وتوارى أولئك، وأصاب الخجل الجميع، وسط حالة من الشعور القومي العربي والإسلامي تدعو إلى مناصرة إيران، ولو بأضعف الإيمان، وهو الأمر الذي يضع النظام الرسمي في موقف لا يحسد عليه، مع ورود أنباء عن حصوله على وثائق إسرائيلية عسكرية مسربة، توضح خططا تفصيلية لاجتياح سيناء، وهو ما جعل القوات المسلحة تبادر بنشر قوات على امتداد شبه الجزيرة، التي خاضت مصر من أجلها حروبا عديدة، وارتوت رمالها بدماء زكية لا تقدر بثمن، ناهيك عن مئات الآلاف من أرواح الشهداء.

كل الشواهد تؤكد أن طوفان الأقصى هو الذي أرجأ مغامرات إسرائيلية عديدة في المنطقة، في مقدمتها ما يتعلق بسيناء، ثم جاءت الحرب مع إيران لتضيف المزيد من الإرجاء، إلا أن الأزمة قائمة، وسط إصرار أمريكي- إسرائيلي على تنفيذ إملاءات لم يقبلها النظام المصري علانية، ولن يقبلها الشعب حتى لو قبل بها النظام، تتمثل في الآتي:

على مصر العودة إلى الريادة، والإمساك بزمام الأوضاع والتطورات، مع الوضع في الاعتبار أن ردع الكيان الصهيوني هو العنوان الوحيد الذي يمكن أن يوحد الحالة المصرية، شعبيا ورسميا، على قلب رجل واحد، بعد سنوات من الاستقطاب، وهو ما يجب أن تتجه إليه البوصلة الآن في ظل التحديات الراهنة
أولا: قبول ترحيل الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، إلى سيناء أو الداخل المصري، موزعين على عدد من المحافظات، بما يجعل من الحديث عن عودتهم مرة أخرى إلى القطاع قضية غير ذات معنى، حيث سيتم استيعابهم مقابل مبالغ مالية، ومعونات اقتصادية.

ثانيا: الموافقة على إقامة قاعدة عسكرية أمريكية على جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر، وهما الجزيرتان المتنازع عليهما بين مصر والمملكة السعودية، على الرغم من الإقرار الرسمي المصري بهما للمملكة، إلا أن ذلك الإقرار يواجه معارضة شعبية وقضائية كبيرة.

ثالثا: الامتثال لطلب الرئيس الأمريكي بمرور سفن وناقلات الولايات المتحدة من قناة السويس، دون سداد رسوم مرور، وهو الطلب الاستعراضي الهمجي، الذي قوبل بسخرية مصرية على كل المستويات، الرسمية والشعبية، وتم رفضه فور الجهر به.

رابعا: الموافقة المصرية على إقامة قاعدتين عسكريتين، إحداهما في راس بناس بالبحر الأحمر، والأخرى في سيدي براني على البحر المتوسط، وهو الطلب الذي رفضه كل الرؤساء المتعاقبون (أنور السادات، حسني مبارك، عبد الفتاح السيسي)، وربما كانت مصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تستضيف على أرضها أية قواعد عسكرية أجنبية.

خامسا: القبول بتغييرات واسعة في المناهج التعليمية، التاريخية والدينية، تجعل من الكيان صديقا غير محتل، ومن فلسطين ماضيا بلا تاريخ، ومن المسجد الأقصى قضية هامشية، ومن الديانة الإسلامية بشكل عام مسخا، يمكن استبداله بما تسمى الديانة الإبراهيمية، التي رفضها الأزهر شكلا وموضوعا.

سادسا: التدخل الخطير في السياسات الخارجية المصرية، خصوصا ذلك التقارب الأخير مع إيران، من خلال زيارة وزير الخارجية عباس عراقجي قبل أسبوعين للقاهرة، والانفتاح الاقتصادي والعسكري على كل من الصين وروسيا، والانضمام إلى مجموعة "البريكس"، وغير ذلك من توجهات تصطدم بالمصالح الأمريكية.

إذن، الأمر جد خطير، يتطلب الوقوف بكل قوة خلف المقاومة الفلسطينية من جهة، والجمهورية الإيرانية من جهة أخرى، باعتبارهما حائط الصد الآن أمام مخطط خبيث ومدمر، لم يعد يستهدف الوطن العربي فقط، من النيل إلى الفرات، كما ذكرت بروتوكولاتهم، بل امتد إلى خارج المنطقة، ليعبث مع إيران بالنار، ويشير إلى باكستان بأصابع الاتهام، وهو ما يحتم على مصر العودة إلى الريادة، والإمساك بزمام الأوضاع والتطورات، مع الوضع في الاعتبار أن ردع الكيان الصهيوني هو العنوان الوحيد الذي يمكن أن يوحد الحالة المصرية، شعبيا ورسميا، على قلب رجل واحد، بعد سنوات من الاستقطاب، وهو ما يجب أن تتجه إليه البوصلة الآن في ظل التحديات الراهنة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه مصر الإسرائيلية الحرب إيران الفلسطينية إيران مصر إسرائيل فلسطين حرب مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة مع إیران ناهیک عن یمکن أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

إيران: هجماتنا ستشتد على الكيان الصهيوني خلال الساعات المُقبلة

الرؤية- رويترز

أعلن الحرس الثوري الإيراني اليوم أن قواتنا الجوية بدأت قبل قليل موجة جديدة من هجماتها الصاروخية وكانت أقوى وأشد من قبل.

وأضاف سنواصل العمليات الدقيقة والموجعة ضد الأهداف الحيوية للكيان الصهيوني حتى القضاء عليه.

وقال قائد القوات البرية الإيرانية: الهجمات على المواقع الإستراتيجية للكيان الصهيوني ستشتد خلال الساعات المقبلة، وبدأنا موجة من الهجمات القوية باستخدام أسلحة متطورة وستشتد الساعات القادمة.

مقالات مشابهة

  • أوراق رابحة في يد إيران تجعلها تمسك بزمام المعركة
  • إيران: هجماتنا ستشتد على الكيان الصهيوني خلال الساعات المُقبلة
  • مع إيران .. ضِدّ الكيان .. ولوطني الأمان
  • المشاط: نقف إلى جانب إيران في الدفاع عن سيادتها.. وغبار المعركة سينقشع عن عالم جديد
  • تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل: هل يبقى حزب الله خارج المعركة؟
  • القسام: نقف إلى جانب إيران ونشيد بفعلها الذي هز أركان الاحتلال
  • معهد وايزمان عقل إسرائيل النووي الذي قصفته إيران
  • ما بعد بارس الجنوبي: هل بدأ نقل المعركة من إيران إلى الخليج؟
  • تخطيط مدروس من سنين.. كيف نفذ الموســ.اد هجمــ.ات الكيان على إيران؟
  • بلدية رمات غان الإسرائيلية: صواريخ إيران خلفت دمارا لا يمكن تصوره- (صور وفيديو)