حرب إسرائيل وإيران تضرب قطاع السياحة في الأردن
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
عمّان – تراجع قطاع السياحة في الأردن بصورة حادة على وقع التوترات الإقليمية المتسارعة وتصاعد وتيرة حرب إسرائيل وإيران، لا سيما في ظل تعليق أو تأجيل شركات الطيران رحلاتها إلى دول المنطقة.
ورغم أن الأردن ليس طرفا مباشرا في الصراع الإيراني الإسرائيلي، فإن تداعياته الأمنية والعسكرية سرعان ما انعكست على المملكة وهي تقع جغرافيا بين طرفي المواجهة، وهو ما تُرجم عمليا إلى إلغاء كثير من السياح حجوزاتهم الفندقية، بالإضافة إلى التراجع الحاد في أعداد الزوار، وتباطؤ حركة الطيران السياحي، وهي جميعها مؤشرات على حجم التأثر الكبير الذي أصاب القطاع السياحي الأردني الذي يشكل أحد أهم أعمدة اقتصاد المملكة.
يسهم القطاع السياحي بنسبة كبيرة في الناتج المحلي للأردن ويوفر فرص عمل لآلاف المواطنين في مختلف أنحاء المملكة، إلا أن هذا القطاع الحيوي بات يواجه تحديات غير مسبوقة، عبّرت عنها وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب بالقول إن "نسب إلغاء الحجوزات السياحية في الأردن كبيرة جدا، وراوحت بين 70% و100% على الحجوزات الفورية للفترة الحالية".
وأضافت عناب أن حجم الإلغاءات الكبير متوقع وغير مستغرب بحكم عدم وضوح الأوضاع الراهنة والتصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني، مشيرة إلى أن الإلغاءات جاءت على الحجوزات القريبة.
وشهد الأردن في المدة الأخيرة نموًّا في القطاع السياحي، وأصبح وجهة مفضّلة لزوار من مختلف أنحاء العالم، وزاد الدخل السياحي خلال شهر أبريل/نيسان من العام الجاري بنسبة 34.2% ليبلغ 710.3 ملايين دولار، ليسجل ارتفاعًا بنسبة 15.3% خلال الثلث الأول من العام الحالي ليبلغ أكثر من ملياري دولار، إلا أن هذه الطفرة السياحية سرعان ما تعرضت لانتكاسة شديدة بسبب بدء الحرب الإسرائيلية الإيرانية منذ أسبوع.
أزمة ممتدةمن جانبه، أكد نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، حسين هلالات، أن أزمة السياحة في الأردن بدأت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن مع اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية تأثرت الحجوزات بشكل سريع ومباشر.
إعلانوقال في حديث للجزيرة نت إن جمعية الفنادق فعّلت غرفة عمليات لرصد أعداد السياح، والتي قدرت بنحو 3500 سائح أجنبي كانوا في المملكة وقت تصاعد التوتر.
وأشار هلالات إلى أن نسب الإشغال في بعض الفنادق السياحية، لا سيما في البتراء، تراجعت إلى ما دون 6%، بينما كانت في عمان بحدود 34% وانخفضت لاحقًا، مضيفا أن بعض شركات الطيران أوقفت رحلاتها للأردن حتى منتصف شهر يوليو/تموز، مما أسهم في تراجع الطلب على السياحة بشكل عام.
وبيّن هلالات أن القطاع السياحي سجل تراجعا حادا مقارنة بالسنوات السابقة، وتجاوز الانخفاض في بعض المناطق نسبة 90% مقارنة بعام 2023، وهو العام الذي اعتُبر مقياسا بعد الجائحة.
وأوضح أن السياحة الأردنية تعتمد بشكل كبير على المواسم، ومع خسارة الموسم الحالي، فإن الفنادق، خاصة في المناطق التاريخية مثل البتراء ومادبا ووادي رم، تواجه خطر الإغلاق المؤقت نتيجة انعدام الحجوزات.
انتكاسة سياحيةقال الخبير الاقتصادي الأردني محسن الزبيدي إن القطاع السياحي في الأردن من أكثر القطاعات تأثرًا نتيجة استمرار الحرب بين إيران والجانب الإسرائيلي.
ولفت الزبيدي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن الأردن يعتمد بصورة مباشرة على القطاع السياحي الذي يعتبر من أهم الروافد الاقتصادية للأردن، فقد سجل أرقامًا متقدمة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أن الحرب بين طهران وتل أبيب شكلت ما يشبه الانتكاسة على المجال السياحي والاقتصادي معًا.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الأردن من أكثر الدول تأثرًا بالحرب بين الإسرائيليين والإيرانيين، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب سوف يلحق بالأردن آثارًا سلبية مباشرة بمختلف القطاعات الاقتصادية، متوقعًا أن يتراجع الدخل السياحي نتيجة تسارع إلغاء الحجوزات الفندقية بسبب إلغاء الأفواج السياحية رحلاتها إلى المنطقة بصورة عامة، وإلى الأردن على وجه الخصوص.
ويمكن إجمال المخاطر التي قد تلحق بالأردن نتيجة اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران واستمرارها على النحو التالي:
انخفاض أعداد السياح القادمين، وإلغاء حجوزات جماعية وفردية، خاصة من الأسواق الأوروبية والأميركية. تراجع الإيرادات السياحية، وتضرر قطاعات مرتبطة كالفنادق، والنقل، والمطاعم. تعطّل الاستثمارات السياحية، وتجميد مشاريع سياحية جديدة بسبب الضبابية الجيوسياسية. ضغط اقتصادي عام نتيجة تراجع إيرادات القطاع السياحي.وكان رئيس مجلس مفوضي هيئة الطيران المدني الأردني هيثم مستو أكد تراجع أعداد المسافرين في المملكة بنسبة 48% وعدد الطائرات بنسبة 43% منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، مع بدء الحرب بين إسرائيل وإيران، موضحًا أن سلامة الطيران المدني وضمان خلوّ الأجواء من المخاطر مطلب رئيسي ضمن الاتفاقية الدولية للطيران المدني.
وأشار إلى أن الأحداث الجارية أدت إلى إغلاق للأجواء الأردنية على فترات وفتحها جزئيا بشكل تكتيكي يضمن الحفاظ على مستوى السلامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إسرائیل وإیران القطاع السیاحی الحرب بین فی الأردن إلى أن
إقرأ أيضاً:
عشوائية المساعدات.. حيلة "إسرائيل" لحرف الأنظار عن تصعيد الحرب ومطلب إنهاءها
غزة - خاص صفا
بدا واضحًا للجميع بأن "إسرائيل" ومن خلال الزيادة المتوالية في إدخال المساعدات، منذ قرار السماح بدخولها قبل ما يزيد عن أسبوع، لا تمارس سلوكًا قانونيًا أو التزامًا إنسانيًا أو أخلاقيًا، لإنهاء جريمة التجويع التي تمارسها بالقطاع منذ حرب إبادته قبل عامين.
ولكن ما يجري من إدخال عشوائي وفوضى متعمدة في إدخال شاحنات المساعدات، "جريمة مدروسة تستكمل بها مخططها، فهي بعدما نجحت في رفع سقف المجاعة، عادت لحرف الأنظار نحو إدخال المساعدات، بدلًا من إنهاء الحرب".
وسمح جيش الاحتلال في السادس والعشرين من يوليو المنصرم، بتوجيهات من المستوى السياسي بإدخال شاحنات مساعدات للقطاع، وإسقاط أخرى من الجو، زاعمًا تحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لإدخال المواد الغذائية والأدوية.
ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق "إسرائيل" المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.
وشهد دخول المساعدات بالآلية التي فرضتها قوات الاحتلال، حالة من الفوضى والسرقات لكافة الشاحنات، ولم يتم تحديد أي ممر لضمان إدخال المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا، أو وصولها لمخازن المنظمات أو وصولها العادل للمواطنين المجوعين.
منهجي التحكم والسيطرة
وبالواقع الذي فرضته "إسرائيل" في إدخال المساعدات، فإنها تلعب لعبة، تريد من خلالها تحويل هذا الإدخال إلى منهجية التحكم والسيطرة على قطاع غزة، كما يؤكد المحلل السياسي سليمان بشارات.
ويقول بشارات لوكالة "صفا"، إن ما يجري كانت "إسرائيل" معنية فيه، من خلال تصعيد حالة المجاعة في القطاع، والذي كانت الولايات المتحدة تظهر فيه كجزء من الحل وليس من المشكلة، وحاولت أن تحوّل القضية لتحميل المقاومة وحوكمة "حماس"، القضية والمسؤولية عنها.
وما يجري اليوم منذ قرار إدخال المساعدات، هو لتحقيق عدة أهداف، أولها تكذيب الرواية والواقع الحقيقي الذي تصدر للعالم خلال الأسابيع الماضية.
ويكمل "هي-إسرائيل-تريد اليوم أن تقول للعالم إن كل ما أشيع من أنها تمنع إدخال المساعدات كذب، وها هي تدخل، وأن المشكلة والمعضلة فيمن يوزعها ومن يسرقها، وهي تريد بذلك اتهام المقاومة".
إدارة القطاع
وهذا الأمر -السرقات واتهام المقاومة-يذهب لتحقيق الهدف الثاني الذي يريده الاحتلال من إدخال المساعدات، وهو "عملية إدارة إدخال المساعدات داخل القطاع".
وكما يقول بشارات "إذا ما عدنا قليلًا خلال اليومين الماضيين وخصوصاً تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالأمس بأنه سيتم إدخال المساعدات ولكن بحاجة لمساعدة من بعض الأطراف العربية لإدارتها وتوزيعها، فإنه من الواضح أن الولايات المتحدة ستوفر الآلية وتعزز العمل الذي تقوم به ما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية وهي الشركة الإسرائيلية الأمريكية".
ويشدد على أن الولايات المتحدة تحاول من ذلك منهجة توزيع المساعدات تحت إشراف ومرجعية إسرائيلية، وهذا يحقق لـ"إسرائيل" موضوع السيطرة على القطاع واستخدام المساعدات كواحدة من أدوات هندسة الواقع في القطاع".
ويجزم بأن "إسرائيل يتعمل على إدخال المساعدات على بعض المناطق ومنعها عن مناطق أخرى، بهدف توجيه السكان الفلسطينيين لينتقلوا من مكان لمكان بغية ترحيلهم وحشرهم في مناطق وتجمعات بما يسمى مدن إنسانية".
ويبين أن الاحتلال يمهد من خلال ذلك لامكانية تطبيق عملية التهجير، أو على أقل تقدير ضبط السكان في تجمعات ضمن النسق والمعيار الأمني الإسرائيلي وما يحقق الأهداف الاسرائيلية.
ولإدخال المساعدات هدف ثالث، يبينه بشارات وهو "لتعزيز الإدارات المحلية التي بدأ الاحتلال بتشكليها في القطاع من خلال المجموعات أمثال مجموعة أبو شباب وغيرها، وهذا بحد ذاته يمكن أن يحدث خلخلة في الحاضنة والبنية المجتمعية الفلسطينية وخصوصا البيئة الحاضنة للمقاومة وإضعافها".
حرف الأنظار وصمت الشارع
والهدف الرابع فيما يجري من إدخال للمساعدات هو أن "حكومة إسرائيل تبدأ بالتحدث بأن إدخالها يجب أن ينعكس على الأسرى الإسرائيليين، وهو ما سيستخدمه نتنياهو كدعاية لتهدئة الشارع الإسرائيلي الداخلي، بالقول إن عائلات الأسرى الآن هم في حالة اطمئنان على حياة أبناءهم وبالتالي هو يكسب هدوء وصمت الشارع الإسرائيلي في اي خطوة مستقبلية".
والأهم في كل ما سبق، هو أن إدخال المساعدات سيحرف الأنظار عن أي خطوات في تعزيز العملية العسكرية والذهاب نحو احتلال القطاع أو توسيع العمل العسكري والمواجهة، وفق بشارات.
وهو يستطرد حديثه بالقول "وبالتالي إسرائيل تحرف الأنظار بعدما رفعت السقف بتجاه المجاعة، والآن ستحرفها نحو إدخال المساعدات، وبالتالي يصبح مطلب وقف الحرب مطلبًا ثانويًا والأساسي هو إدخال المساعدات".
وبالمحصلة تظن "إسرائيل" أنها بذلك تنجح في هندسة هذه الحرب عبر الممرات الإنسانية والمساعدات وأنواعها وحجمها وشكل وطبيعتها، بدلًا من إنهاء الحرب.
ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 60 ألف شهيد، بالإضافة لـ حوالي 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.