غزة - خاص صفا

بدا واضحًا للجميع بأن "إسرائيل" ومن خلال الزيادة المتوالية في إدخال المساعدات، منذ قرار السماح بدخولها قبل ما يزيد عن أسبوع، لا تمارس سلوكًا قانونيًا أو التزامًا إنسانيًا أو أخلاقيًا، لإنهاء جريمة التجويع التي تمارسها بالقطاع منذ حرب إبادته قبل عامين.

ولكن ما يجري من إدخال عشوائي وفوضى متعمدة في إدخال شاحنات المساعدات، "جريمة مدروسة تستكمل بها مخططها، فهي بعدما نجحت في رفع سقف المجاعة، عادت لحرف الأنظار نحو إدخال المساعدات، بدلًا من إنهاء الحرب".

وسمح جيش الاحتلال في السادس والعشرين من يوليو المنصرم، بتوجيهات من المستوى السياسي بإدخال شاحنات مساعدات للقطاع، وإسقاط أخرى من الجو، زاعمًا تحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لإدخال المواد الغذائية والأدوية.

ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق "إسرائيل" المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.

وشهد دخول المساعدات بالآلية التي فرضتها قوات الاحتلال، حالة من الفوضى والسرقات لكافة الشاحنات، ولم يتم تحديد أي ممر لضمان إدخال المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا، أو وصولها لمخازن المنظمات أو وصولها العادل للمواطنين المجوعين.

منهجي التحكم والسيطرة

وبالواقع الذي فرضته "إسرائيل" في إدخال المساعدات، فإنها تلعب لعبة، تريد من خلالها تحويل هذا الإدخال إلى منهجية التحكم والسيطرة على قطاع غزة، كما يؤكد المحلل السياسي سليمان بشارات.

ويقول بشارات لوكالة "صفا"، إن ما يجري كانت "إسرائيل" معنية فيه، من خلال تصعيد حالة المجاعة في القطاع، والذي كانت الولايات المتحدة تظهر فيه كجزء من الحل وليس من المشكلة، وحاولت أن تحوّل القضية لتحميل المقاومة وحوكمة "حماس"، القضية والمسؤولية عنها.

وما يجري اليوم منذ قرار إدخال المساعدات، هو لتحقيق عدة أهداف، أولها تكذيب الرواية والواقع الحقيقي الذي تصدر للعالم خلال الأسابيع الماضية.

ويكمل "هي-إسرائيل-تريد اليوم أن تقول للعالم إن كل ما أشيع من أنها تمنع إدخال المساعدات كذب، وها هي تدخل، وأن المشكلة والمعضلة فيمن يوزعها ومن يسرقها، وهي تريد بذلك اتهام المقاومة".

إدارة القطاع

وهذا الأمر -السرقات واتهام المقاومة-يذهب لتحقيق الهدف الثاني الذي يريده الاحتلال من إدخال المساعدات، وهو "عملية إدارة إدخال المساعدات داخل القطاع".

وكما يقول بشارات "إذا ما عدنا قليلًا خلال اليومين الماضيين وخصوصاً تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالأمس بأنه سيتم إدخال المساعدات ولكن بحاجة لمساعدة من بعض الأطراف العربية لإدارتها وتوزيعها، فإنه من الواضح أن الولايات المتحدة ستوفر الآلية وتعزز العمل الذي تقوم به ما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية وهي الشركة الإسرائيلية الأمريكية".

ويشدد على أن الولايات المتحدة تحاول من ذلك منهجة توزيع المساعدات تحت إشراف ومرجعية إسرائيلية، وهذا يحقق لـ"إسرائيل" موضوع السيطرة على القطاع واستخدام المساعدات كواحدة من أدوات هندسة الواقع في القطاع".

ويجزم بأن "إسرائيل يتعمل على إدخال المساعدات على بعض المناطق ومنعها عن مناطق أخرى، بهدف توجيه السكان الفلسطينيين لينتقلوا من مكان لمكان بغية ترحيلهم وحشرهم في مناطق وتجمعات بما يسمى مدن إنسانية".

ويبين أن الاحتلال يمهد من خلال ذلك لامكانية تطبيق عملية التهجير، أو على أقل تقدير ضبط السكان في تجمعات ضمن النسق والمعيار الأمني الإسرائيلي وما يحقق الأهداف الاسرائيلية.

ولإدخال المساعدات هدف ثالث، يبينه بشارات وهو "لتعزيز الإدارات المحلية التي بدأ الاحتلال بتشكليها في القطاع من خلال المجموعات أمثال مجموعة أبو شباب وغيرها، وهذا بحد ذاته يمكن أن يحدث خلخلة في الحاضنة والبنية المجتمعية الفلسطينية وخصوصا البيئة الحاضنة للمقاومة وإضعافها".

حرف الأنظار وصمت الشارع

والهدف الرابع فيما يجري من إدخال للمساعدات هو أن "حكومة إسرائيل تبدأ بالتحدث بأن إدخالها يجب أن ينعكس على الأسرى الإسرائيليين، وهو ما سيستخدمه نتنياهو كدعاية لتهدئة الشارع الإسرائيلي الداخلي، بالقول إن عائلات الأسرى الآن هم في حالة اطمئنان على حياة أبناءهم وبالتالي هو يكسب هدوء وصمت الشارع الإسرائيلي في اي خطوة مستقبلية".

والأهم في كل ما سبق، هو أن إدخال المساعدات سيحرف الأنظار عن أي خطوات في تعزيز العملية العسكرية والذهاب نحو احتلال القطاع أو توسيع العمل العسكري والمواجهة، وفق بشارات.

وهو يستطرد حديثه بالقول "وبالتالي إسرائيل تحرف الأنظار بعدما رفعت السقف بتجاه المجاعة، والآن ستحرفها نحو إدخال المساعدات، وبالتالي يصبح مطلب وقف الحرب مطلبًا ثانويًا والأساسي هو إدخال المساعدات".

وبالمحصلة تظن "إسرائيل" أنها بذلك تنجح في هندسة هذه الحرب عبر الممرات الإنسانية والمساعدات وأنواعها وحجمها وشكل وطبيعتها، بدلًا من إنهاء الحرب.

ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 60 ألف شهيد، بالإضافة لـ حوالي 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: المساعدات حيلة الحرب إدخال المساعدات ما یجری من خلال

إقرأ أيضاً:

الإغاثة الطبية: الاحتلال يمنع دخول الأدوية ويُعرقل إنقاذ الأرواح في غزة

اتهم محمد أبو عفش، مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة منع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى القطاع، بما في ذلك المسكنات، عبر جميع المعابر، في إطار سياسة ممنهجة لتعطيل عمل المنظومة الصحية.

أسطول بحري يقل عائلات أسرى إسرائيليين ينطلق من عسقلان باتجاه قطاع غزةبدء تحرك شاحنات الفوج الخامس ضمن قافلة اليوم العاشر تمهيدا لدخولها غزة

وقال أبو عفش إن الاحتلال لا يكتفي بتدمير المستشفيات والبنية التحتية الصحية، بل يعمد إلى تعطيل القطاع الصحي بالكامل، مشيرًا إلى أن هذا التعطيل يؤدي إلى وفاة مرضى ويمنع إنقاذ آلاف الأرواح.

وكشف أن نحو 11 ألفًا و800 مريض بالسرطان لم يعودوا يتلقون العلاج بعد تدمير مستشفياتهم، ما تسبب في مضاعفات صحية ووفاة عدد منهم. 

وأشار إلى وجود 60 ألف سيدة حامل، و17 ألف طفل حديث الولادة يواجهون نقصًا حادًا في الحليب والأدوية، بالإضافة إلى 350 ألف مريض بالسكري والضغط محرومين من العلاج منذ أكثر من 5 أشهر.

وأكد أن هذه الأرقام تعكس كارثة إنسانية وصحية حقيقية في غزة، قد تتفاقم مع استمرار الحصار ومنع إدخال المساعدات الطبية.
 

طباعة شارك غزة الاحتلال الاحتلال الإسرائيلي المستلزمات الطبية تعطيل القطاع

مقالات مشابهة

  • الإغاثة الطبية: الاحتلال يمنع دخول الأدوية ويُعرقل إنقاذ الأرواح في غزة
  • 144 يوما على عودة الحرب .. عشرات الشهداء والجرحى في القطاع ووفاة مواطنين جوعا
  • الأمم المتحدة: قرار إسرائيل بتوسيع الحرب على غزة وحرمان المدنيين من الغذاء جريمة حرب
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تغلق المعابر.. واستخدام التجويع كسلاح جريمة حرب
  • أكثر من 70% من مساعدات غزة خلال 21 شهرًا قدمتها مصر.. نص كلمة الرئيس السيسي مع نظيره الفيتنامي
  • الرئيس السيسي: مصر تعمل على إدخال أكبر حجم من المساعدات لغزة
  • الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة فوراً
  • الإغاثة الطبية بغزة: إدخال الاحتلال للبضائع دون تنظيم يزيد من هشاشة الوضع الإنساني
  • اعتراضات عسكرية إسرائيلية على استمرار الحرب.. ويتكوف يطرح «خطة بديلة» تتضمن 4 محاور متناقضة