كمزار.. مخطط متكامل بمساحة 145 ألف متر مربع يوفر 152 قطعة أرض
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
تطل قرية "كمزار" التابعة لولاية خصب على مضيق هرمز، وتقع بين سلسلة الجبال الفاصلة بين بحر عُمان والخليج العربي، اتخذت من الجبال حصنا، ومن البحر منفذا، وتعتبر "كمزار" جغرافيا من أبعد القرى في شمال سلطنة عُمان، إذ تتفرد بعمق ارتباط الإنسان بالمكان منذ القدم، فكانت ملاذا للمسافرين من أهوال البحر، ومحطة للصواري للتزود بالمؤن ومائها العذب قبل أن يختفوا في مجاهيل اليم، وجاء ذكرها في "معجم البلدان"، إذ يقول ياقوت الحموي متحدثا عن قرية "كمزار": "بليدة صغيرة من نواحي عُمان على ساحل بحره في وادٍ بين جبلين شربهم من أعين عذبة جارية"، وورد ذكر القرية في كتاب "مروج الذهب" للمسعودي وفسر معنى اسمها حين قال: إنه اسم مركب من "كم" و"زار"، بمعنى كم زار هذه القرية من بشر؟ في دلالة لعدد الذين يزورونها من التجار وممن يعبرون البحر دخولا للخليج العربي وخروجا منه.
ولم تكن قرية "كمزار" بموقعها الجغرافية بمنأى عن المخاطر الطبيعية على مدى العقود الماضية، إذ واجه سكانها جملة من المخاطر تتمثل في تساقط الصخور على المنازل أثناء هطول الأمطار، ودخول الأودية الجارفة لتلك المنازل نتيجة الأنواء المناخية، بالإضافة إلى مخاطر ارتفاع أمواج البحر، مما يؤدي إلى تأثر المنازل المحاذية للشاطئ باجتياح المياه لها، أضف إلى ذلك الاكتظاظ السكاني، إذ يقطنها حوالي 3 آلاف نسمة في بيوت متقابلة على ضفتي واد هابط من قمم الجبال في رأس مسندم.
ورغم كل هذه التضاريس الصعبة والتفاصيل الجيولوجية المعقدة، إلا أن يد النهضة المتجددة امتدت إلى القرية بمشروعات تنموية ستسهم في تعزيز جودة الحياة والعيش الكريم، ومن بين تلك المشروعات انتهاء وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من استصلاح مخطط سكني متكامل بمنطقة خوير الواقعة في قمم الجبال بمساحة تزيد عن 145 ألف متر مربع يوفر 152 قطعة أرض سكنية، مما يوفر ملاذ آمنا للقاطنين في قرية "كمزار" من الأنواء المناخية، وحلا مستداما للاكتظاظ السكاني، كما يشتمل المخطط على تخصيص أراض لإقامة مركز صحي، ومدرسة حكومية، ومسجد ومجلس عام، بالإضافة إلى مواقع لإقامة محطة لتحلية المياه، وأخرى للصرف الصحي، وخزانات للمياه الصالحة للشرب، كما قامت الوزارة بربط المخطط الجديد بمركز القرية من خلال شبكة طرق جبلية وساحلية ذات مواصفات ومقاييس عالية، فريق جريدة "عمان" خاض مغامرة ركوب البحر من ميناء خصب وصولا إلى قرية "كمزار" وصعودا إلى جبالها لتوثيق ملامح التنمية في التضاريس القاسية ضمن الحلقة الثانية من سلسلة "التنمية لا تفُلّ عزيمتها التضاريس الصلدة"، إذ تم الوقوف على منظومة الطرق وزيارة المخطط السكني المتكامل في منطقة خوير، والتجول في أزقة قرية "كمزار" للاستماع إلى مرئيات أهلها حول التنمية التي تشهدها القرية، وأهم مطالباتهم.
مخطط الخوير السكني
وأكد المهندس ماجد بن خلفان بن سيف الشكيلي، رئيس قسم متابعة تنفيذ المشاريع بالمديرية العامة للإسكان الاجتماعي والمشاريع بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، ومدير مشروع "كمزار"، أن الوزارة قامت باستصلاح مخطط سكني متكامل بمنطقة الخوير في قرية كمزار بولاية خصب، على مساحة تتجاوز 145 ألف متر مربع، ضمن جهودها لتوفير بيئة عمرانية متكاملة ومستدامة.
وأوضح الشكيلي أن المخطط يتضمن 152 قطعة أرض سكنية، وقطعتين للأغراض التجارية، إلى جانب تخصيص قطعة أرض لإنشاء مسجد ومجلس عام.. كما تم تخصيص قطع أراضٍ للخدمات الأساسية تشمل: مدرسة، مركز صحي، محطة لتحلية المياه، محطة للصرف الصحي، وقطعة أرض أخرى لإنشاء خزانات مياه صالحة للشرب.
منظومة طرق مستدامة
وأشار إلى أن الوزارة أنشأت طريقا يربط مركز قرية "كمزار" بالمخطط السكني الجديد في منطقة الخوير، ويتضمن طريقا ساحليا بطول 400 متر، موصولا بطريق جبلي بطول 3600 متر، إلى جانب شبكة طرق داخلية بالمخطط الجديد بطول إجمالي يبلغ 2700 متر، وقد تم تزويد المشروع بالبُنى الأساسية من قنوات تصريف مياه الأمطار والأودية، والحمايات اللازمة على طول الطريق، وأعمدة الإنارة، لضمان السلامة والكفاءة التشغيلية للمخطط.
وبين الشكيلي أن أعمال الاستصلاح بدأت في يناير 2023، وتم الانتهاء منها في يوليو 2024 بنسبة إنجاز بلغت 100%.
وقال المهندس ماجد الشكيلي: تنفيذا للأوامر السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تم البدء بإنشاء 20 وحدة سكنية بالمخطط المستصلح بقرية "كمزار" في أبريل 2024، حيث بلغت نسبة الإنجاز 61% خلال شهر يونيو الجاري، ومن المؤمل أن يتم الانتهاء من المشروع بنهاية أكتوبر المقبل.
تذليل التحديات اللوجستية
وأوضح أن المشروع واجه تحديات لوجستية كبيرة نظرا للطبيعة الجغرافية لقرية "كمزار"، التي يحدها البحر من الأمام والجبل من الخلف، ولا يمكن الوصول إليها إلا بحرا أو جوا، وفي ظل غياب منشآت مواد البناء في الموقع، قامت الشركة المنفذة بإنشاء مصانع للطوب والخرسانة والإسفلت لتسهيل أعمال البناء ورصف الطرق، ما يعكس كفاءة الحلول الهندسية التي تم تبنيها في المشروع.
وأضاف الشكيلي: أن الوزارة طرحت مناقصتي إنشاء مدرسة ومركز صحي ضمن المخطط السكني المتكامل، وهما حاليا قيد إجراءات الإسناد، على أن يبدأ تنفيذهما قريبا، استكمالا لمنظومة الخدمات المتكاملة التي تضمن جودة الحياة لأهالي "كمزار".
الاكتظاظ السكاني
وقال أحمد بن محمد الكمزاري، نائب رئيس المجلس البلدي بمحافظة مسندم: تقع قرية كمزار التابعة لولاية خصب في أقصى الشمال بين الجبال الفاصلة بين بحر عُمان والخليج العربي، وتطل القرية على مضيق هرمز، وتعتبر "كمزار" قديما ملاذا للمسافرين بحرا أثناء هيجان البحر، وكذلك محطة لهم للتزود بالمياه والمؤن، إذ تمثل بئرها التي يتجاوز عمرها 800 عام موردا للصواري والتجار للتزود بالمياه العذبة.
وأكد أن قرية "كمزار" تشهد كثافة سكانية عالية في مساحة صغيرة للغاية، وهناك 4 تحديات تواجه القرية، منها الاكتظاظ السكاني، حيث يكون في المنزل الواحد ما بين 3 ـ 6 أسرة، والتحدي الآخر تساقط الصخور على المنازل أثناء هطول الأمطار، وكذلك دخول الأودية إلى منازل القاطنين، بالإضافة إلى ارتفاع أمواج البحر أثناء الأنواء المناخية، ولهذا، التحديات جاءت للمطالبات الملحة بضرورة إيجاد موقع بديل من قبل الحكومة، ولله الحمد صدرت التوجيهات السامية بإيجاد موقع بديل آمن لأهالي "كمزار"، وقد استحدث المخطط السكني المتكامل في منطقة الخوير، وتخصيص العديد من قطع الأراضي لمشاريع الخدمات الأساسية، كما صدرت التوجيهات السامية بإنشاء 20 وحدة سكنية للمستحقين من أهالي "كمزار".
استعجال توزيع الأراضي
ودعا إلى أهمية توزيع الأراضي السكنية في المخطط المتكامل بمنطقة الخوير على المستحقين من أهالي "كمزار"، واستثناء الحاصلين على منح أراض سابقا بحصولهم على قطع أراض في هذا المخطط لتقليل الازدحام في المنازل الحالية وإعمار المخطط الجديد، ونتمنى استعجال آلية توزيع الأراضي على القاطنين في "كمزار" ليتسنى لهم البناء في المخطط السكني بمنطقة الخوير، وكذلك الاستعجال في تنفيذ مشروعي المركز الصحي والمدرسة، لما لهذين المشروعين من أهمية للأهالي في القرية.
وأوضح أن قرية "كمزار" لا تزال تحتاج إلى مشروع ميناء صيد متكامل يتضمن وجود ورش لإصلاح المحركات ومحطة للوقود وأخرى للعبارات، إذ لا يستوعب الميناء الحالي حجم السفن والقوارب الحرفية، كما نأمل مع اكتمال مشروع طريق السلطان فيصل بن تركي، ربط قرية "كمزار" بالشبكة الرئيسية للطرق في محافظة مسندم.
تحديات الطبيعة الجغرافية
وقال المهندس وليد بن سعيد بن ناصر المحروقي، الرئيس التنفيذي لشركة الصاعق للهندسة: تمكنت الشركة من استكمال تصميم وتنفيذ استصلاح الأراضي وبناء الطرق المرتبطة بالمخطط، ونقوم حاليا ببناء 20 وحدة سكنية للمستحقين من أبناء قرية "كمزار" التابعة لولاية خصب، ونأمل قريبا البدء ببناء المركز الصحي والمدرسة في الأراضي المخصصة لها، ونشكر وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ممثلة في دائرة الإسكان الاجتماعي والمشاريع على ثقتهم في شركة الصاعق للهندسة وهي إحدى الشركات الوطنية في تنفيذ هذا المشروع.
وأكد أن الطبيعة الجغرافية لمحافظة مسندم بشكل عام، وقرية "كمزار" تحديدا شكلت تحديا كبيرا للوصول إلى موقع المشروع، إذ تتطلب منا العمل لساعات طويل، واختيار كوادر ذات كفاءة عالية، وبتعاون مكتب محافظ مسندم والصيادين، استطعنا تسريع وتيرة العمل بالمشروع.
التنسيق الفعّال للموارد
وأوضح المهندس مهدي فعلي، مدير تنفيذ المشروع بـ"كمزار" ـ شركة الصاعق للهندسة: تتميز شركتنا بقدرتها على تنفيذ المشروعات في المناطق النائية والصعبة، من خلال الدمج بين الخبرة المحلية والتكنولوجيا المتقدمة، مع تركيز على السلامة والجودة وتسليم المشاريع في الوقت المحدد، ويمثل التحدي اللوجستي أكبر التحديات نظرًا لأن وصول المعدات إلى قرية "كمزار" لا يتم إلا عبر البحر فقط، أضف إلى ذلك الظروف الجوية القاسية، وقد تغلبنا على هذه التحديات من خلال التخطيط الدقيق، واستخدام أسطول النقل الخاص بنا، والتنسيق الفعّال للموارد والقوى العاملة.
وأكد أن مشروع بناء 20 وحدة سكنية بمخطط الخوير السكني يمثل دليلًا على قدرتنا على توفير مساكن عالية الجودة في منطقة جبلية معزولة، وتحويل أرض غير قابلة للوصول إلى مساحة صالحة للسكن، ونخطط للتوسع أكثر في محافظة مسندم والمساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية لسلطنة عُمان في مجال البنية الأساسية والتنمية المستدامة، وضمن مسؤوليتنا المجتمعية قامت الشركة ببناء ملعب رياضي في القرية لتوفير مساحة مخصصة للرياضة والترفيه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وحدة سکنیة قطعة أرض فی منطقة
إقرأ أيضاً:
طارق صالح يكشف تفاصيل المخطط الإيراني لنشر الإرهاب عبر السواحل اليمنية من المهرة إلى حجة
أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية، ورئيس مكتبها السياسي، طارق محمد عبدالله صالح، أن قوات المقاومة تمكنت من وضع يدها على "تفاصيل المخطط الإيراني العبثي"، الهادف إلى ضرب أمن اليمن والمنطقة، عبر نشر الفوضى وتهريب السلاح والمخدرات والمعدات العسكرية على امتداد الساحل اليمني من المهرة شرقًا حتى حجة غربًا.
وفي تصريح نشره على منصة "إكس"، قال طارق صالح:
"وضعت المقاومة الوطنية يدها على تفاصيل المخطط الإيراني العبثي لاستهداف أمن اليمن والمنطقة، ونشر الإرهاب على امتداد السواحل اليمنية من المهرة حتى حجة."
وكشف صالح أن طهران قامت بتشكيل خلايا تهريب منظمة، تمكّنت من اختراق أراضٍ لدول شقيقة وصديقة، بغرض تسهيل عمليات الإمداد والدعم العسكري واللوجستي لمليشيا الحوثي في الداخل اليمني، في تجاوز خطير لسيادة هذه الدول ومبادئ حسن الجوار.
>> مهندس التهريب الخفي.. الطالبي واجهة حوثية لمشروع إيراني عابر للحدود
وأكد العميد طارق صالح أن الحكومة الشرعية ستخاطب تلك الدول بـ"الأدلة الدامغة" التي تثبت التورط الإيراني، معربًا عن ثقته بأن الرد سيكون حازمًا من قبل هذه الدول في التصدي للمخططات الإرهابية.
وقال في هذا السياق:
"إيران شكّلت خلايا تهريب اخترقت دولاً شقيقة وصديقة، وسنخاطب هذه الدول بالأدلة الدامغة، وواثقون من أنها ستتصدى لهذه الجهود الإرهابية."
وأشار طارق صالح إلى أن الاعترافات التي أدلى بها أعضاء تلك الخلايا كشفت استغلال إيران لحالة الفقر المدقع في اليمن، لتجنيد الشباب ودفعهم إلى تنفيذ أجندتها التخريبية تحت غطاء "المقاومة" و"التصنيع الحربي"، الذي وصفه بأنه محض كذب ودعاية فارغة يروج لها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
>>عملية بحرية تاريخية تُسقط أسطورة "التصنيع الحوثي" وتُعرّي التواطؤ الإيراني في اليمن
وأضاف:
"أما الحوثي فقد انكشف زيفه؛ فاعترافات خلايا التهريب تكشف كيف استغلتهم إيران بفقرهم وجوعهم، ليخدموا مشروعها الحربي بالتهريب، أما 'التصنيع الحربي’ فهو كذب عبدالملك."
وأرفق عضو مجلس القيادة الرئاسي تسجيلًا مصورًا تضمن اعترافات صريحة وواضحة من قبل أعضاء خلية تهريب تابعة لميليشيا الحوثي الإيرانية جرى ضبطها مؤخرًا من قبل قوات المقاومة الوطنية أثناء محاولتهم تهريب أسلحة وصواريخ وتجهيزات عسكرية صوب مناطق خاضعة لسيطرة الميليشيات بالساحل الغربي.
ويرى مراقبون أن تصريحات العميد طارق صالح تعكس تحولًا نوعيًا في استراتيجية الشرعية اليمنية، من الاكتفاء برد الفعل إلى انتهاج سياسة "الفضح والتوثيق والتحرك الدبلوماسي"، بالتوازي مع العمل الأمني والعسكري على الأرض.
>> الضربة قبل وصول الشحنة.. استخبارات المقاومة الوطنية ترسم معادلة جديدة في اليمن
كما تشير هذه التصريحات إلى امتلاك المقاومة الوطنية معلومات استخباراتية دقيقة حول مسارات التهريب البحري والشبكات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما قد يمهد لمزيد من التعاون الإقليمي والدولي لكبح جماح التغلغل الإيراني في اليمن.
>> أجهزة لاختراق الهواتف المحمولة.. إرهاب حوثي بتقنيات إسرائيلية
وتُعد هذه الخطوة من أبرز المؤشرات على تصاعد المواجهة مع جماعة الحوثي، التي تعتمد بشكل رئيسي على الإمدادات القادمة من الخارج، عبر شبكات تهريب منظمة تُستخدم فيها السواحل اليمنية كمنصات لإدخال الأسلحة والمتفجرات، رغم الحظر الدولي المفروض على تسليح الحوثيين.
ويأتي هذا التصريح في وقت تتزايد فيه الدعوات لضرورة تكثيف الجهد الدولي في مراقبة الشواطئ اليمنية ووقف تدفق الأسلحة والمخدرات، التي تُستخدم كوسيلة لتمويل الحرب واستدامة الصراع.
>> ضبط أكبر شحنة أسلحة للحوثي.. هلع طهران على آخر أوراقها بالمنطقة
>> جهاز تجسس إسرائيلي وتعاون كيميائي مع إيران.. التصنيع العسكري الحوثي أكذوبة