حكومتان وحرب واحدة
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
زوايا
حمّور زيادة
حكومتان وحرب واحدة
توافقت مجموعة تأسيس المتحالفة مع قوات الدعم السريع على تولّي النائب السابق لرئيس المجلس العسكري (ثمّ السيادي)، وقائد المليشيا محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منصب رئيس مجلس السيادة الموازي. وجاء ذلك بعد خلافات مع قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، عبد العزيز الحلو.
هكذا، بعد أربعة أشهر من إعلان التحالف في نيروبي، وتأكيد قرب إعلان الحكومة الموازية، يبدو التحالف هشّاً مع السيطرة المتوقّعة والطبيعية لقوات الدعم السريع على السلطة المزمع تكوينها، كما يجد التحالف صعوبةً في العثور على عاصمة مناسبة بعد خسارة “الدعم السريع” العاصمة الخرطوم، وقبلها ولاية الجزيرة. ولم ترحّب الإدارات الأهلية في مناطق جبال النوبة بجلب العاصمة الجديدة إلى كاودا، التي ستكون هدفاً لطيران الجيش، مثلها مثل المدن الأخرى المرشّحة حالياً مثل الضعين ونيالا. كما واجه تحالف نيروبي منذ اليوم الأول تحذيرات دولية وإقليمية من خطوة تشكيل حكومة موازية، وهدّدت دول كثيرة ومهمّة بعدم الاعتراف بهذه الحكومة.
وبخلافات حادّة، وصلت إلى حدّ تهديد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بالانسحاب من التحالف، وسعت “الدعم السريع” إلى السيطرة على المناصب الأكبر. ومن دون عاصمة آمنة، وتحت تهديدات دولية، يسعى حلف نيروبي لإعلان حكومة لا تملك ما تقدّمه، يداها مضرّجتان بدماء مذابح في الجنينة وقرى الجزيرة وغيرها، وتواجه مقاومةً صلبةً داخل دارفور في مدينة الفاشر. ورغم كلّ ما تقوله الأوراق الموقّعة، إلا أن تجربة “الدعم السريع” في السلطة لم تكن إلا جحيماً من الفوضى الوحشية، فلا شيء يبشّر بخير في تجربة مقبلة.
بينما يسعى رئيس الوزراء الجديد المُعيّن كامل إدريس (من بورتسودان) إلى عودة العاصمة إلى الخرطوم المهجورة. وتتأخّر حكومته التي أدّى اليمين رئيساً لها في آخر مايو/ أيار الماضي لمحاولة إكمال المطالب شبه المستحيلة، فإنه يحتاج أن يعيّن في الوزارات السيادية من يمليهم عليه المجلس العسكري، فوزارات مثل الدفاع والداخلية لن تُترَك لاجتهادات الرجل الذي عيّنه الجيش موظفاً تنفيذياً كبيراً. وقد عرف الرجل مكانه، فأعلن أن من شروط تولّي الوزارة ألا يكون للوزير أيّ توجّه سياسي، فهو يبحث عن حكومة من دون رؤية سياسية، إنما هي حكومة تنفيذية تحت سلطة كاملة للمجلس العسكري الذي يختار ويعيّن المدنيين في مجلس السيادة، وينعم على رئيس الوزراء بالمنصب والتوجيهات. كما أن 25% من مقاعد مجلس الوزراء محجوزةٌ لمن تبقّى من حركات الكفاح المسلّح المُوقِّعة اتفاق سلام جوبا. وتظلّ وزارتا المالية والمعادن هما الغنيمة الكُبرى التي يصعب أن تتنازل عنها الحركات المسلّحة. كما أن الرجل مواجهٌ بتهديداتٍ من حلفاء الجيش في شرق السودان، الذين أغلقوا بالقوة والسلاح الميناء الرئيس للبلاد أسابيع برعاية المجلس العسكري لإجبار حكومة عبد الله حمدوك على الاستقالة. ترفض المكوّنات الأهلية في شرق السودان تكوين حكومة إلا بعد أن يكون لها فيها نصيب الوزارات التي تعتبرها أكثر أهميةً وذات نفوذ، مثل الدفاع والمالية. فلا يبدو واضحاً ماذا تبقّى للرجل من حرية الحركة والاختيار، إلا أن يعيّن نساءً في الحكومة الجديدة إرضاءً لبند التوازن الجندري الذي لا يملك سواه.
وهكذا، بأشخاص بلا توجّه سياسي، وحكومة يسيطر الجيش وحركات الكفاح المسلّح والإدارات الأهلية على أغلبها، يسعى إدريس إلى إعلان وزارته من الخرطوم. وزارة في وقت حرب، لا تسيطر على الجيش، ولا تقرّر في شأن الحرب، أو في تعيين قائد للجيش أو أي قرار عسكري أو أمني، إنما هي مجرّد واجهة شبه مدنية لسلطة عسكرية سعت منذ 11 إبريل/ نيسان 2019 إلى هذا الشكل من الحكم، عاندت في سبيله الجماهير منذ إبريل حتى يونيو/ حزيران 2019، ثمّ ارتكبت مذبحةً كُبرى لفرض هذا الواقع، لكنّ المقاومة الشعبية أفشلته، فعادت (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) لتحاول فعل الأمر نفسه. وفشلت حتى في تعيين إدريس وقتها، إذ رفضت الجماهير أن يسيطر المجلس العسكري على الحكومة. لكن حرب 15 إبريل أعادت إلى المجلس العسكري السلطة كلّها، والتأييد الذي كان يفتقده، وغسلت حربه مع حليفه السابق الدماءَ عن يديه، وشرع في كتابة تاريخ جديد يحمّل حليفه السابق مع الأحزاب السياسية خطاياه كلّها. والآن أصبح في إمكانه تعيين حكومة تنفيذية مدنية يسيطر عليها (مع حلفائه) حملةُ السلاح من دون اعتراض أو طموح في سلطة مدنية، بينما تستمرّ حربه في الخلفية.
* نقلا عن العربي الجديد
الوسومالحركة الشعبية الدعم السريع السودان الضعين العربي الجديد بورتسودان تحالف تأسيس حمور زيادة رئيس الوزراء كامل إدريس كاودا محمد حمدان دقلو (حميدتي) نيالا نيروبيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحركة الشعبية الدعم السريع السودان الضعين العربي الجديد بورتسودان تحالف تأسيس حمور زيادة رئيس الوزراء كامل إدريس كاودا محمد حمدان دقلو حميدتي نيالا نيروبي المجلس العسکری الدعم السریع رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
«الزرقاء»: قرارات «الرئاسي» لامتصاص غضب الشارع وتخفيف الضغط عن حكومة الدبيبة
قال عضو مجلس النواب حسن الزرقاء، إن قرارات المجلس الرئاسي باتت تتماهى مع قرارات حكومة الوحدة المؤقتة، معتبرًا أن الهدف منها هو امتصاص غضب الشارع وتخفيف الضغط عن الحكومة.
وأضاف الزرقاء، في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، أن المجلس الرئاسي، ورئيسه محمد المنفي، كان قد التزم في بداية ولايته بمسافة متساوية من جميع الأطراف، لكن هذا الموقف لم يستمر طويلًا، ومع تصاعد الخلاف بين البرلمان وحكومة عبد الحميد الدبيبة، مال المجلس الرئاسي تدريجيًا لدعم الحكومة.
وأوضح أن معظم قرارات الرئاسي خلال الأشهر الـ18 الماضية تبنتها حكومة الوحدة أو صدرت بالتنسيق معها، مستشهدًا بقرار المنفي بعزل محافظ المصرف المركزي السابق الصديق الكبير، وما ترتب عليه من أزمة مالية خانقة نتيجة الخلاف بين الكبير والدبيبة.
وأشار إلى أن المنفي أنشأ قبل نحو شهرين هيئة المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني، في توقيت يتقاطع مع دعوات الدبيبة المتكررة لإجراء استفتاء على مسودة مشروع الدستور المعد عام 2017، مما يعكس تداخلاً في الصلاحيات، ومواجهة غير مباشرة مع البرلمان.
واعتبر الزرقاء، أن دعوة المجلس الرئاسي للتوافق حول قانون الميزانية، وقراراته المتعلقة بالترتيبات الأمنية في طرابلس، تأتي في إطار مساندة حكومة الوحدة، ومساعدتها على تجاوز تداعيات أخطائها، وخوض معاركها السياسية بدلًا عنها.
الوسومالدبيبة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي