الهوية اليمنية .. من محاولات الطمس إلى مسيرة الاستعادة القرآنية
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
لم تكن الهوية اليمنية بمعزل عن محاولات الطمس والاستلاب التي طالت الأمة الإسلامية في مختلف مراحلها، لكنها في اليمن أخذت طابعًا أكثر شراسة وتخطيطًا ممنهجًا، قبل انطلاقة المسيرة القرآنية، واجه الشعب اليمني حملات متعددة هدفت إلى تفريغه من هويته الإيمانية الأصيلة، وتذويب معالمه الحضارية، وقطع ارتباطه بجذوره القرآنية والتاريخية.
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
لقد تعرضت الهوية اليمنية الإيمانية، لحملات ممنهجة من قِبل قوى استعمارية وأدوات داخلية هدفت إلى تفكيك الشخصية اليمنية، وتجريدها من ارتباطها بالقرآن الكريم وقيمها الأصيلة، تجلت هذه المحاولات في صور متعددة من الحروب الناعمة والنفسية، والتضليل الثقافي والديني، وحتى الاستهداف العسكري المباشر.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على هذا المسار التدميري الذي واجهته الهوية اليمنية، ابتداءً بخلفية هذا الإستهداف قبل المسيرة القرآنية، والتي توضح السياق التاريخي والسياسي والديني الذي مهّد لهذه الهجمة وكذا أشكال وأدوات حملات الطمس والاستلاب التي سعت لتفريغ اليمنيين من محتواهم القيمي والإيماني ، وأنواع الحروب التي استهدفت هوية اليمنيين، من الحرب الناعمة إلى الحرب العسكرية ، وتكمن أهمية هذا التقرير في كونه لا يوثق فقط حجم الاستهداف الذي تعرض له اليمن، بل يكشف أيضًا عن عمق التحول الذي أحدثته المسيرة القرآنية في وعي الشعب اليمني، ويبرز كيف أصبح القرآن الكريم ، سلاحًا، ووعيًا، وثقافةً في مواجهة مشاريع الهيمنة، لتفتح الباب أمام وعي أشمل بحقيقة الهوية اليمنية وضرورة الحفاظ عليها كجزء من المشروع القرآني التحرري للأمة.
خلفية استهداف الهوية اليمنية قبل المسيرة القرآنية
لم يكن استهداف الهوية اليمنية حدثًا عابرًا أو وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسار طويل رسمته قوى خارجية منذ قرون، بهدف القضاء على البنية الإيمانية والثقافية لهذا الشعب العريق، ويعود هذا الاستهداف إلى عدة خلفيات استراتيجية وتاريخية أهمها، الموقع الجغرافي والدور الحضاري لليمن ، فاليمن يحتل موقعًا استراتيجيًا على بوابة البحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية، ما جعله مطمعًا للقوى الاستعمارية ، وكذا الدور الحضاري لليمنيين في نشر الإسلام في شرق آسيا وشرق إفريقيا أثار قلق القوى المعادية للإسلام الأصيل ، كما لا ننسى الخصوصية الإيمانية لليمنيين التي قلدهم بها النبي الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله من حديث : “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية” منح اليمنيين مكانة إيمانية وروحية جعلت استهدافهم ضرورة في نظر أعداء الأمة ، لاسيما بعد مسيرتهم الجهادية فهم من حملوا عبر التاريخ راية العدل والحق، وكانوا في مقدمة الثورات الفكرية والمذهبية التي قاومت الانحرافات السياسية والدينية.
الخلفيات الاستعمارية والوصاية الأجنبيةمنذ الاحتلال العثماني، مرورًا بالاستعمار البريطاني في جنوب اليمن، سعت القوى الاستعمارية إلى ضرب الثقافة اليمنية وتقسيم الشعب ، وفرض مشاريع تغريبية وإقصائية، سواء عبر التعليم أو الإعلام، كجزء من مشاريع الهيمنة الغربية على الشعوب الإسلامية ، واستهداف المذهب الزيدي والمدرسة القرآنية التي لطالما كانت حاضنًا للفكر المقاوم ومنطلقًا لمشاريع النهوض، ما جعله هدفًا دائمًا للمخططات الهادفة لسلخه من محيطه الإسلامي المقاوم ، حيث تم العمل على تشويه الفكر الزيدي وإبعاده عن جذوره القرآنية، واستبداله بخطاب ديني جامد أو مدجّن يخدم الاستعمار.
حملات الطمس والاستلاب التي استهدفت الهوية اليمنيةالغزو الفكري: تمثل في محاولات نشر الثقافة الغربية والاستشراقية، واستبدال المرجعيات الدينية بهويات دخيلة عبر الإعلام والمناهج الدراسية.
التغريب الإعلامي: ركزت الوسائل الإعلامية، التي تمولها جهات خارجية، على تسطيح وعي الشعب اليمني، وتقديم نماذج غريبة عن بيئته وتاريخه.
محاولات إعادة كتابة التاريخ: تغييب الأدوار الحضارية والإيمانية لليمنيين عبر العصور، وتهميش رموزهم من أمثال الإمام زيد والإمام الهادي وغيرهم.
الهيمنة الخارجية: سعت قوى إقليمية ودولية إلى فرض الوصاية على القرار اليمني، مما أثر في الاستقلالية الفكرية والثقافية.
الأنظمة العميلة: عملت الأنظمة السابقة على تبني مشاريع التغريب، وفتحت المجال للتدخل الأجنبي ثقافيًا وعقائديًا.
نشر الفقر والتجهيل: إبقاء الشعب اليمني في حالة من الفقر والتخلف لإبعاده عن النهوض بهويته.
الإفساد الأخلاقي: انتشرت وسائل الترفيه الهدامة والانحرافات الاجتماعية بدعم وتمويل خارجي.
أنواع وأشكال الحروب التي استهدفت الهوية اليمنيةالحرب الناعمة من خلال (الإعلام المضلل: بث الشائعات، تشويه الرموز، زرع المفاهيم الخاطئة عن الدين والتاريخ.
المنظمات المشبوهة: استخدام ما يُسمى بـ “المجتمع المدني” لتمرير الأجندات الثقافية التخريبية.)
الحرب النفسية من خلال (بث الإحباط واليأس وتصوير اليمنيين كضحايا عاجزين عن التغيير، والتقليل من شأنهم الإيماني والتاريخي والتضليل الممنهج عبر تقليب الحقائق وتشويه المسلمات الدينية والوطنية )
الحرب العسكرية المباشرة بالعدوان على اليمن منذ 2015 الذي استهدف البشر والحجر، لكنه استهدف أيضًا ما تبقى من ملامح الهوية الوطنية عبر قصف المساجد، المدارس، والرموز الدينية والموروث التاريخي.
المنهجية القرآنية للدفاع عن الهوية اليمنيةمع انطلاق المسيرة القرآنية بقيادة الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي، تشكّلت رؤية واضحة لمواجهة مشروع الطمس، انطلقت من القرآن الكريم كأساس للتغيير والدفاع ،في مشروع “الصرخة” الذي دعا إلى التحرر من الهيمنة والاستكبار، وهاهي ذي تستمر بقيادة أخيه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي وضع مدامك الدفاع عن الهوية بتركيز الوعي وربط كل الموجهات بالقرآن الكريم والعودة إلى القرآن الكريم كمصدر أساس للهوية ، وتعزيز الانتماء الإيماني عبر ربط اليمنيين بهويتهم كـ “أنصار الله” تماشيًا مع قول النبي صلوات الله عليه وآله : (الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية) ، وتعزيز ثقافة المقاومة ومواجهة الطغيان والاستكبار الثقافي والسياسي من منطلق قرآني.
حماية الهوية على كافة الأصعدةعلى الصعيد الثقافي : إقامة أنشطة توعوية، محاضرات قرآنية، وإحياء مناسبات دينية برؤية قرآنية معاصرة.
على الصعيد السياسي : اتخاذ مواقف مستقلة نابعة من الانتماء الإيماني الرافض للتبعية.
على الصعيد العسكري : بناء جيش عقائدي يدافع عن الشعب وهويته بعيدًا عن التبعية للأجنبي.
خاتمةلقد أثبتت التجربة اليمنية مع المسيرة القرآنية أن الدفاع عن الهوية لا يكون فقط بالشعارات، بل يحتاج إلى رؤية منهجية نابعة من القرآن الكريم، وتضحيات صادقة، وقيادة حكيمة، وبفضل هذا المسار، استعادت الهوية اليمنية حضورها في الوعي الجمعي، وأصبحت عنوانًا للثبات والمقاومة في وجه الطغيان العالمي.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسیرة القرآنیة الهویة الیمنیة القرآن الکریم الشعب الیمنی
إقرأ أيضاً:
هيئة الآثار بصنعاء تعترف بالتدمير الممنهج ونهب المتاحف اليمنية
أصدرت هيئة الآثار والمتاحف في صنعاء، الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، تصريحًا رسميًا يعترف لأول مرة بالتدمير الممنهج ونهب المتاحف وسرقة محتوياتها، في خطوة نادرة تكشف حجم التهديدات التي يتعرض لها التراث اليمني على مختلف الأصعدة.
وجاء في بيان الهيئة أن الآثار اليمنية تتعرض لـ "أعمال نهب وتدمير ممنهج، إضافة إلى سرقة المتاحف"، مؤكدة أن هذه الاعتداءات تشكل خطرًا جسيمًا على الهوية الثقافية والتاريخية للبلاد. ولفت البيان إلى أن الهيئة رصدت العديد من البلاغات التي تصلها بين الحين والآخر حول تدمير ونهب المواقع الأثرية واستهداف المتاحف، داعية جميع الجهات الرسمية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني إلى التحرك العاجل لحماية التراث اليمني قبل فوات الأوان.
وعلق الباحث اليمني المتخصص في الآثار، عبدالله محسن، على تصريح الهيئة، قائلاً: "ما أعلنته هيئة الآثار والمتاحف في صنعاء اليوم يمثل اعترافًا صريحًا بما كان ينكره الكثيرون سابقًا: التدمير الممنهج والنهب وسرقة المتاحف، وهي ما أصفه بالثلاثية المدمرة لتاريخنا وآثارنا".
وأضاف: "ما يحدث ليس مجرد سرقة أو أعمال فردية، بل هي جهود منظمة تسعى لتدمير هويتنا التاريخية أكثر من كونها أعمال ربحية. إن هذا الاعتراف هو تحذير صارخ لجميع الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لاتخاذ إجراءات عاجلة وحماية ما تبقى من تراثنا قبل فوات الأوان".
وقال محسن أن تجاهل هذه الأزمة من قبل السلطات المحلية في بعض المحافظات، خاصة في عدن ومأرب، يجعل الوضع أكثر هشاشة ويضع التراث اليمني أمام خطر ضياع لا يمكن التعويض عنه.
ويأتي هذا الاعتراف بعد سنوات من التقارير الدولية والمحلية التي وثقت حالات نهب وتدمير للمواقع الأثرية والمتاحف اليمنية، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الذين اتهمتهم جهات محلية ودولية بمحاولة طمس الهوية الثقافية اليمنية. ويشير الخبراء إلى أن النهب يشمل محتويات المتاحف من آثار ثمينة، والسطو على القطع التاريخية واللوحات، فضلاً عن تدمير المواقع الأثرية القديمة في مناطق متعددة.
وتؤكد هذه التطورات الحاجة الماسة إلى تحرك دولي عاجل لحماية التراث اليمني، من خلال فرض رقابة على عمليات النقل والبيع غير القانونية للآثار، ودعم الهيئات المحلية وتعزيز دور المجتمع المدني في رصد الانتهاكات.