صرخات من خلف الأسوار.. إضراب في سجن بدر 3 بمصر وتحذيرات من كارثة إنسانية
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
تشهد أروقة سجن بدر 3 تصعيدا منذ العشرين من حزيران/يونيو الماضي، مع دخول عدد من المعتقلين السياسيين في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على استمرار حرمانهم من زيارة ذويهم منذ أكثر من عقد من الزمن.
ووفق مصادر حقوقية، فإن الإضراب الذي بدأ بمشاركة عشرة معتقلين، يشهد يوميا ارتفاعا في عدد المضربين، وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي ووقوع كارثة إنسانية في أي لحظة.
يتصدر المشهد قطاع 2 داخل سجن بدر 3، حيث يُحتجز 58 معتقلا، غالبيتهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بينهم الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور عبد الرحمن البر، والوزير السابق خالد الأزهري، والمحامي أسامة مرسي، وغيرهم من الشخصيات البارزة التي تجاوزت أعمار العديد منهم 65 عاما، ويعانون من أمراض مزمنة.
ويطالب المعتقلون بحقهم في رؤية أسرهم وزيارة ذويهم، بعد سنوات طويلة من المنع القسري. إلا أن إدارة السجن، بتوجيهات مباشرة من جهاز الأمن الوطني، رفضت الاستجابة لهذه المطالب الأساسية، ما دفع المعتقلين لحجب كاميرات المراقبة داخل الزنازين، في خطوة احتجاجية رمزية.
تفتيشات قمعية ومحاولات انتحار متكررة
ردّت مصلحة السجون بحملة تفتيش وتجريد قمعية، طالت زنازين القطاع، حيث صادرت كافة الممتلكات الشخصية، بما فيها الأوراق والمصاحف، ولم تبقِ سوى "سترات السجن".
ومع استمرار التجاهل، أقدم عدد من المعتقلين على محاولات انتحار متكررة، بلغ عددها 15 محاولة خلال أقل من أسبوعين، في مؤشر مقلق على حالة اليأس المتفاقمة داخل السجن.
وكان أبرز هذه الحالات محاولة المعتقل أحمد شريف، المحكوم بالمؤبد، قطع شرايين يده، احتجاجا على منعه من رؤية أبنائه، رافضا تلقي العلاج إلا بعد تحرير محضر رسمي يُثبت دوافع محاولته، وهو ما رفضته إدارة السجن، قبل أن يُنقل لاحقًا إلى مستشفى السجن في حالة خطيرة.
وفي تطور خطير، داهمت قوات الأمن السجن مجددًا الثلاثاء، وصادرت جميع المقتنيات داخل الزنازين، بما في ذلك المصاحف، في حملة تفتيش وُصفت بأنها "الأشد منذ بداية الأزمة".
وهدّد ضباط الأمن الوطني المعتقلين في باقي قطاعات السجن بنقلهم إلى القطاع 2 حال تضامنهم مع المضربين، في محاولة لكسر روح التكاتف داخل المعتقل.
مطالب مشروعة.. ورفض قضائي للتوثيق
خلال جلسة محاكمة عُقدت السبت الماضي، حاول عدد من المعتقلين، بينهم خالد الأزهري وحسن البرنس، توثيق تدهور أوضاعهم الصحية وطلبوا إثبات ذلك في محضر الجلسة، بما في ذلك قياس ضغط الدم ونسبة السكر، لكن القاضي محمد السعيد الشربيني رفض توثيق هذه المطالب، بل قام بتجديد حبسهم، ما أثار استياء الحقوقيين وأسر المعتقلين.
بعد تصاعد وتيرة الانتهاكات داخل السجون المصرية #صيدنايا_مصر، المعتقلون في بدر 3، الوادي الجديد وأبو زعبل يدخلون في إضراب مفتوح عن الطعام والزيارات. أسماء ضباط الأمن الوطني المتورطين في هذه الانتهاكات:
مروان حماد - سجن بدر ٣
احمد ياسر، احمد عصام، شهاب وممدوح - سجن الوادي الجديد… pic.twitter.com/MPxFOdY6i4 — المجلس الثوري المصري (@ERC_egy) July 7, 2025
في بيان من داخل السجن، ناشد المعتقلون المضربون عن الطعام كل الضمائر الحية محليا ودوليا التدخل العاجل لإنقاذهم من "المقتلة البطيئة"، كما حمّلوا وزارة الداخلية ومصلحة السجون وجهاز الأمن الوطني المسؤولية الكاملة عن حياتهم، خصوصا أن من بينهم مرضى وكبار سن مهددون بفقدان حياتهم في أي لحظة.
أكد المعتقلون في تصريحاتهم أنهم لا يطلبون سوى حقهم المشروع في الزيارة والتريّض والعلاج والكرامة الإنسانية، وهو ما يُنكره عليهم النظام منذ الانقلاب العسكري في تموز/يوليو 2013، ما دفعهم إلى اعتبار الإضراب ومعه خيار الانتحار "الوسيلة الوحيدة المتاحة في ظل الانسداد القاتل".
58 معتقلًا في خطر.. وصرخة لا تصل
وتشير المعطيات إلى أن 58 معتقلا في قطاع 2 يتعرضون حاليا لأبشع صنوف العزل والتنكيل، وسط تدهور متسارع في الأوضاع الصحية والنفسية، لا سيما مع غياب أي استجابة من جانب إدارة السجن، التي تكتفي بإرسال ضباط الأمن الوطني للتهديد والترهيب.
تطالب منظمات حقوقية مصرية ودولية بضرورة التحرك السريع لإنقاذ حياة المضربين في سجن بدر 3، ومحاسبة المسؤولين عن هذا التنكيل المتعمد، والضغط من أجل فتح باب الزيارات والعلاج فورًا، محذرين من أن تجاهل هذا الوضع قد يقود إلى كارثة إنسانية جديدة داخل السجون المصرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات سجن بدر 3 إضراب المصرية مصر إضراب سجن بدر 3 المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمن الوطنی سجن بدر 3
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: اللاجئون واختراق الأمن الوطني
يُعدّ ملف اللاجئين في السودان من أكثر الملفات حساسية وتشابكًا في الوقت الراهن، لما يحمله من تداعيات أمنية، وأبعاد اجتماعية، وتحديات سياسية، خاصةً بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، والتي تسببت في موجات لجوء ونزوح داخلي وخارجي غير مسبوقة، كشفت هشاشة الدولة في التعامل مع هذه الأزمة، وأعادت إلى الواجهة تساؤلات عدة حول السيادة والهوية الوطنية.
منذ بداية الحرب، سجّلت تقارير محلية مشاركة عناصر من جنسيات دول الجوار في القتال ضمن صفوف مليشيا الدعم السريع، ما أثار مخاوف جدية من استغلال وضع اللاجئين لاختراق الأمن الوطني السوداني. وتبرز هذه المخاوف في ظل هشاشة الحدود وغياب الرقابة الفاعلة على حركة اللاجئين، لاسيّما في ولايات مثل الخرطوم والنيل الأبيض، التي تحولت إلى مراكز تجمعات ضخمة لهم.
وفي هذا السياق، يُنظر إلى قرار حكومة ولاية الخرطوم بترحيل اللاجئين خارج العاصمة كمحاولة لاحتواء التهديد، وفقًا لتصريحات صديق حسن فريني، المدير العام لوزارة التنمية الاجتماعية بالولاية، الذي أشار إلى أن الظروف الاستثنائية فرضت إعادة ترتيب الأولويات الأمنية والاجتماعية.
أما التحدي الأخطر، فهو محاولات فرض سياسة دمج اللاجئين في المجتمع في وقت تعاني فيه الدولة من فراغ تشريعي ومؤسسي. وقد كشف مقال نشر في “صوت السودان” عن توقيع مبدئي على بنود ما يُعرف بـ”الاتفاق العالمي للهجرة واللاجئين” (Global Compact)، وهو اتفاق لطالما تحفّظت عليه الخرطوم، لما ينطوي عليه من آثار مباشرة على التركيبة السكانية والموارد الوطنية.
هذا الاتفاق، الذي يمنح اللاجئين حقوقًا موسّعة مثل حرية التنقل، والتملك، والحصول على الخدمات الحكومية، بل وحتى الجنسية، يُعدّ من وجهة نظر المراقبين انتهاكًا للسيادة الوطنية، ومحاولة لإعادة تشكيل المجتمع السوداني ديموغرافيًا. والمقلق أن هذه الخطوات تُتخذ في غياب أي تفويض تشريعي أو رقابة برلمانية، وسط غياب مؤسسات الحكم الانتقالي.
وفي ولاية النيل الأبيض، التي تستضيف أكثر من 500 ألف لاجئ، تعاني المجتمعات المحلية من ضعف الخدمات الأساسية، من تعليم وصحة إلى بنية تحتية متهالكة. وقد عبّر والي الولاية، الفريق قمر الدين فضل المولى، عن هذه الهواجس خلال لقائه مؤخرًا بوفد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مطالبًا بدور دولي أكبر لتخفيف العبء عن السكان المحليين.
وهذا يعكس إدراكًا متأخرًا لحجم الضغوط التي تواجهها الدولة السودانية كدولة مضيفة، في ظل تراجع عالمي ملحوظ في دعم قضايا اللاجئين. والمفارقة المؤلمة، هي الفرق الشاسع بين تعامل السودان مع لاجئي دول الجوار، وبين تعامل تلك الدول مع اللاجئين السودانيين.
ففي مصر وتشاد وإثيوبيا، يُعامل اللاجئ السوداني وفق قوانين صارمة تشمل رسوم إقامة وقيودًا على الحركة. بينما في السودان، تُفتح الأبواب دون رقابة كافية أو ضوابط صارمة، بل وتُجرى مفاوضات بشأن دمج اللاجئين، دون النظر في الانعكاسات الأمنية والاجتماعية لهذا الخيار.
وقد تصاعدت الانتقادات الموجّهة إلى معتمدية اللاجئين ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان، وسط اتهامات نقلتها وسائل إعلام محلية موجهة للسيد موسى علي عطرون، معتمد اللاجئين، بلعب دور في التمهيد لتوقيع اتفاقيات بلا تفويض قانوني، في ظل غياب الشفافية والمساءلة. حيث أصبحت المفوضية تنفذ وتنسق دون رقابة فعلية من مؤسسات الحكم الانتقالي أو مجلس السيادة.
والمطلوب من حكومة “الأمل” المرتقبة، هو إعداد سياسة وطنية واضحة وشاملة تجاه قضية اللاجئين، تستند إلى موافقة تشريعية معلنة على أي اتفاق دولي محتمل، وتُعرض تفاصيلها على الرأي العام. كما يجب إعادة تقييم الوجود الأجنبي العشوائي، وتفعيل آليات الحصر والمراقبة والتصنيف، مع ضمان حقوق المجتمعات المستضيفة، وعدم تحميلها فوق طاقتها، وحماية الهوية الوطنية والديموغرافية من أي عمليات دمج قسرية.
وفي المقابل، هناك نماذج إقليمية يمكن الاستفادة منها في إدارة هذا الملف، مثل تجربة لبنان التي رفضت توطين اللاجئين السوريين، متمسكة بخيار العودة الطوعية، رغم الضغوط الأممية، وفق تقارير UNHCR” Lebanon لعام 2023.” كذلك في إثيوبيا، سُمح للاجئين بحرية التنقل والعمل بموجب قانون 2019، دون أن تُمنح لهم حقوق سياسية أو تملك.
وتؤكد هذه النماذج أن القانون الدولي لا يُلزم الدول بالتوطين أو منح الجنسية، بل يفرض عدم الإعادة القسرية، وضمان الحماية، وتوفير الخدمات، في إطار اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين والمبادئ التي تعتمدها المفوضية السامية للأمم المتحدة “UNHCR”.
وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن ملف اللاجئين يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة السودانية على حماية أمنها الوطني دون الإخلال بالتزاماتها الإنسانية. وهو ملف لا يحتمل المجاملات السياسية أو التسويات الوقتية، فالتحدي الأكبر قد لا يأتي من الخارج، بل مما يُراد فرضه من الداخل تحت لافتة العمل الإنساني.
فهل تكون حكومة “الأمل” على قدر هذا التحدي؟ أم أن هذا الملف، كسابقاته، سيُترك مفتوحًا ليصبح عبئًا متفاقمًا على أمن البلاد ومستقبلها؟
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 9 يوليو 2025م Shglawi55@gmail.com