من بداية بسيطة على أجهزة بدائية في نهايات السبعينيات، إلى ملاعب رقمية يُشهدها الملايين ويتنافس فيها نخبة المحترفين حول العالم، حيث قطعت الألعاب الإلكترونية رحلة مذهلة تحوّلت فيها من وسيلة ترفيه فردية إلى صناعة عملاقة تُنتج مليارات الدولارات سنويًا، وتحظى باعتراف دولي ورياضي وثقافي، وصولًا إلى تنظيم بطولات عالمية تُقام لها احتفالات رسمية وتُخصّص لها جوائز كبرى، مثل "كأس العالم للرياضات الإلكترونية".

وبدأت الحكاية بشاشات بسيطة وأفكار عبقرية، حين ظهرت الألعاب الإلكترونية تجاريًا لأول مرة في مطلع السبعينيات، وكانت لعبة “Pong” من أوائل التجارب الناجحة، التي مهّدت الطريق لجيل جديد من الترفيه المنزلي، ومع التقدّم السريع في تقنيات الحوسبة، بدأت منصات مثل “Nintendo”، و“Sega”، و“Atari” تطرح مفاهيم جديدة، لتحوّل الألعاب من مجرد تجربة بصرية إلى بيئة تفاعلية قائمة على التحدي، والخيال، والذكاء.

وتنوّعت الألعاب الإلكترونية مع مرور الوقت وبحسب طبيعتها وأسلوب اللعب ووظيفتها، ولم تعد مجرد تسلية، بل أصبحت وسيلة لتفريغ الطاقات وصقل المهارات الذهنية، وظهرت ألعاب القتال مثل “Street Fighter” و”Tekken”، إلى جانب ألعاب التصويب مثل “Call of Duty” و”Valorant”، ثم انتشرت ألعاب الرياضة مثل “FIFA” و”NBA 2K”، ولاحقًا تعمّق اللاعبون في عوالم ألعاب تقمّص الأدوار مثل “Final Fantasy” و”The Witcher”، كما فرضت ألعاب الإستراتيجية مثل “Age of Empires” حضورها، فيما أبهرت ألعاب العالم المفتوح والمحاكاة مثل “Minecraft” و”Grand Theft Auto” اللاعبين بإمكاناتها اللامحدودة، قبل أن تفرض ألعاب الجوال مكانتها كأحد أكثر قطاعات السوق نموًا وانتشارًا على مستوى العالم.

هذا التنوع لم يُثر فقط اهتمام المستخدمين، بل جذب شركات تقنية كبرى، وفتح الباب أمام ابتكار اقتصادي واسع النطاق، شكّل نواة لصناعة رقمية عالمية ضخمة.

وبحلول الألفية الجديدة، ومع انتشار الإنترنت عالي السرعة، بدأت تظهر مسابقات تنافسية بين اللاعبين، وتطورت لاحقًا إلى بطولات احترافية تُبث مباشرة عبر منصات رقمية ويتابعها ملايين المشاهدين.

ومع ظهور منظمات مثل “ESL”، و”MLG”، و”LCS”، أصبح هناك تصنيف عالمي للاعبين، ونشأت بيئة احترافية حقيقية تُمنح فيها عقود ورعاية ورواتب، وتُبرم فيها صفقات انتقال بين الفرق.

وجاء التحول الأهم حين بدأ الاعتراف الرسمي بالرياضات الإلكترونية كمسابقات عالمية تُنظّم لها بطولات قارية، وتُدرج ضمن برامج التظاهرات الرياضية الكبرى، حتى ظهرت في عام 2024 النسخة الأولى من “كأس العالم للرياضات الإلكترونية”, التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-, وذلك خلال"مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة"، الذي استضافته المملكة خلال شهر أكتوبر عام 2023, لتكون البطولة الحدث الأكبر من نوعه على مستوى العالم، وتنظمه المملكة في الرياض سنوياً ابتداءً من صيف العام 2024م, لتشكل منصة مهمة تسهم في الارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، الذي يشهد نمواً متزايداً, وترسخ مكانة المملكة كوجهة رائدة لأبرز المنافسات الرياضية والعالمية, وتُسجّل لحظة فارقة في تاريخ هذا القطاع المتسارع، إذ لم تقف هذه الجهود عند هذا الحد, بل استمرت وصولًا لصياغة حضور إستراتيجي فاعل، انطلاقًا من قناعة بأن صناعة الألعاب لم تعد مجرد ترفيه، بل أصبحت جزءًا من مكونات الثقافة والاقتصاد والتأثير الدولي.

وباتت الرياضات الإلكترونية ركيزة من ركائز الاستثمار الثقافي، الرياضي، والتقني، من خلال الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، وبدعم من برامج رؤية المملكة 2030، لتسعى المملكة من خلالها إلى تنويع اقتصادها، وتمكين شبابها، وبناء مستقبل قائم على الابتكار الرقمي.

وتُجسّد هذه الرؤية اليوم من خلال تنظيم وإقامة المملكة للنسخة الثانية من البطولة العالمية “كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025”، في “بوليفارد رياض سيتي”، في حدث عالمي يضم مشجّعين من مختلف أنحاء العالم، ويجمع قرابة (2000) لاعب محترف، و(200) نادٍ من أكثر من (100) دولة، يتنافسون في أكثر من (24) لعبة إلكترونية، للفوز بجوائز مالية تتجاوز (70) مليون دولار، وهي أعلى قيمة جوائز في تاريخ الرياضات الإلكترونية.

وامتدت المشاركة السعودية إلى تطوير اللاعبين السعوديين، ودعم الشركات الناشئة في مجال تطوير الألعاب، وإنشاء أكاديميات تدريبية ومسارات مهنية في مجالات البث، التحكيم، البرمجة، الإدارة الرقمية، وحتى التصميم البصري.

وتؤكد تقارير شركة Newzoo المتخصصة بتحليلات سوق الألعاب الإلكترونية، أن إيرادات هذه الصناعة قد تجاوزت (180) مليار دولار في عام 2024، متفوقة بذلك على صناعتَي الموسيقى والسينما مجتمعتين، وباتت البطولات تُباع لها التذاكر، وتُبرم فيها شراكات ورعايات كبرى، وتحولت إلى بيئة اقتصادية مكتملة الأركان.

وتشكّل الألعاب الإلكترونية اليوم جزءًا من الثقافة الحديثة، ومنصة للتعبير، ومجالًا وظيفيًا مفتوحًا لجيل المستقبل، بل إن الدول باتت تتنافس على حضورها في هذا السوق العالمي، والمملكة تضع نفسها في طليعة هذه المنافسة، لا كمستضيف فقط، بل كمصنع للفرص، ومحفّز للابتكار، وقائد إقليمي في بناء صناعة متكاملة ترتكز على الشغف والمعرفة.

وتحولت الألعاب الإلكترونية إلى جانب الترفيه لمنظومة اقتصادية، ثقافية، إبداعية متكاملة وبآفاق لا حدود لها، لتبرز المملكة كمركز دولي يحتضن التغيير، ويقود الطموح، ويُعيد تعريف مستقبل الألعاب، والرياضة، والترفيه، بلغة يفهمها العالم، ويلعب بها الجيل القادم.

الألعاب الإلكترونيةأخبار السعوديةأهم الأخبارصناعة الألعاب الإلكترونيةكأس العالم للألعاب الإلكترونيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: الألعاب الإلكترونية أخبار السعودية أهم الأخبار صناعة الألعاب الإلكترونية كأس العالم للألعاب الإلكترونية للریاضات الإلکترونیة الألعاب الإلکترونیة

إقرأ أيضاً:

المرأة تتصدر المشهد.. إقبال كثيف للناخبين على اللجان الانتخابية

 


شهدت اللجنة الانتخابية بمدرسة رفاعة الطهطاوي الدائرة الأولى بندر المنيا حضورا كثيفا للناخبين.


كما تصدرت المرأة طابور الانتخابات بدءا من الساعات الأولى لفتح باب اللجنة في اليوم الثاني للتصويت في انتخابات إعادة الدوائر الـ30 الملغاة من المرحلة الأولى بمجلس النواب بحكم المحكمة الإدارية العليا.


وتُجرى انتخابات مجلس النواب في الدوائر الملغاة من المرحلة الأولى بحكم المحكمة الإدارية العليا، وعددها 30 دائرة في 10 محافظات يومي الأربعاء والخميس الموافقين 10 و11 ديسمبر الجاري في الداخل، وتُعلن النتيجة يوم 18 ديسمبر، على أن تجرى جولة الإعادة في الخارج يومي 31 ديسمبر الجاري، و1 يناير 2026، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير المقبل، على أن تعلن نتيجة جولة الإعادة يوم 10 يناير.


وتجرى الانتخابات على المقاعد الفردية فقط في 30 دائرة داخل 10 محافظات ضمن المرحلة الأولى، وتشمل محافظة الجيزة وتضم دوائر (البدرشين، منشأة القناطر، بولاق الدكرور، العمرانية والطالبية، قسم الجيزة، 6 أكتوبر، الهرم)، ومحافظة المنيا، حيث تجرى الانتخابات في دوائر (أول المنيا، أبو قرقاص، ملوي، ديرمواس، مغاغة والعدوة وبني مزار)، ومحافظة البحيرة، حيث تجرى الانتخابات في دوائر: (المحمودية، الدلنجات، حوش عيسى، كوم حمادة)، ومحافظة أسيوط وتضم دوائر: (قسم أول أسيوط، أبو تيج، ديروط والقوصية ومنفلوط)، ومحافظة الوادي الجديد وتضم دوائر (الداخلة والفرافرة، الخارجة)، ومحافظة أسوان وتضم دوائر (نصر النوبة، أول أسوان وثان أسوان وأسوان الجديدة، إدفو)، ومحافظة الأقصر وتضم دوائر: (قسم الأقصر، إسنا، القرنة)، ومحافظة الفيوم وتضم دائرة (سنورس)، ومحافظة الإسكندرية وتضم دائرة (أول المنتزه)، ومحافظة سوهاج وتضم دائرة (البلينا).

 

 

مقالات مشابهة

  • المرأة تتصدر المشهد.. إقبال كثيف للناخبين على اللجان الانتخابية
  • أمين الإفتاء يحذر من مراهنات الألعاب الإلكترونية: يجب مراقبة الأبناء
  • حكم المراهنات في الألعاب الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الفوج الأول للبعثة المصرية يغادر لأنجولا للمشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للشباب
  • الفوج الأول لبعثة مصر المشاركة بدورة الألعاب الإفريقية للشباب يغادر إلى أنجولا
  • وحش الألعاب.. مواصفات جهاز المحمول لينوفو Legion Pro Rollable
  • 1500 لاعب ولاعبة يدشنون غداً «الأحلام الآسيوية» في «الألعاب البارالمبية»
  • نتفليكس تُطلق Best Guess Live أول برنامج ألعاب يومي على الهاتف
  • أستاذ علم اجتماع: ما يثار حول تسبب الألعاب الإلكترونية في السلوكيات الإجرامية مبالغة
  • أكاديمي يحدد مؤشرات لبداية تحوّل الطفل لسلوكيات إجرامية بسبب الألعاب الإلكترونية