العلم يكشف الوجه الآخر للتجاعيد.. ما لم تقله لنا كريمات التجميل!
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
في اكتشاف علمي قد يغيّر نظرتنا لشيخوخة البشرة، توصل فريق من العلماء في جامعة بينغهامتون بولاية نيويورك إلى تفسير جديد ومثير لظهور التجاعيد مع التقدم في العمر، مشيرين إلى أن الجلد يتصرف بمرور الزمن بطريقة تشبه الأقمشة التي تتعرض للتمدد والانكماش بفعل الاستخدام المتكرر.
ووفقاً للدراسة، التي نُشرت في مجلة Journal of the Mechanical Behavior of Biomedical Materials، فإن التجاعيد لا تتكوّن فقط بسبب فقدان الكولاجين أو التعرض لأشعة الشمس، بل أيضاً بسبب آلية فيزيائية داخل الجلد نفسه تشبه طريقة تشكل الطيّات في قطعة قماش أو في عجينة “سيلي بوتي” المطاطية.
الجلد يتمدد… ثم ينهار
يشرح الدكتور غاي جيرمان، الأستاذ المشارك في الهندسة الطبية الحيوية، هذه الظاهرة بالقول: “عندما نمد عجينة ’سيلي بوتي‘، فإنها تتمدد في اتجاه معين وتنكمش في الاتجاه المعاكس، مما يجعلها أرق. هذا ما يحدث بالضبط للجلد مع تقدم العمر. التمدد المستمر، ثم الانكماش، يؤدي إلى انهيار البنية الخارجية وتشكل الطيّات والتجاعيد”.
تجربة على الجلد البشري الحقيقي
لم تقتصر الدراسة على النماذج النظرية؛ فقد قام العلماء باختبار نماذج حقيقية من الجلد البشري باستخدام جهاز متخصص لقياس خصائص الشد والمرونة، على عينات مأخوذة من أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و91 عاماً.
وتبيّن من خلال التحليل أن الجلد الشاب يمتاز بمرونة وثبات ميكانيكي، أما الجلد المتقدم في العمر، فيبدأ بفقدان هذه الخصائص، حيث يزداد التمدد الجانبي ويصبح الجلد أكثر عرضة للانكماش العكسي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تكون التجاعيد بشكل واضح.
ليس مجرد ارتخاء… بل شد داخلي دائم
ولفت الباحثون إلى أن الجلد لا يكون في حالة استرخاء تام كما يظن كثيرون، بل يكون متمددًا بشكل طفيف حتى في الحالات الطبيعية، وهو ما يخلق توترات داخلية تساهم تدريجيًا في إحداث علامات الشيخوخة.
العوامل البيئية لا تقل خطورة
وبالإضافة إلى العوامل الفيزيائية، سلطت الدراسة الضوء على تأثيرات البيئة المحيطة، خصوصاً التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة. إذ تُظهر النتائج أن الأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق – مثل عمال البناء والمزارعين – يعانون من شيخوخة جلدية أسرع بكثير مقارنة بمن يعملون في أماكن مغلقة.
ويقول الدكتور جيرمان محذراً: “التعرض المزمن لأشعة الشمس هو أحد أهم العوامل المسرّعة لظهور التجاعيد. الأشخاص الذين يقضون حياتهم العملية في الخارج غالباً ما يُلاحظ لديهم شيخوخة جلدية مبكرة”، وفق صحيفة “الاندبندنت” البريطانية.
فتح آفاق جديدة في عالم العناية بالبشرة
تفتح نتائج هذه الدراسة آفاقاً واسعة أمام العلماء وشركات مستحضرات التجميل لتطوير علاجات وقائية تستهدف الميكانيكا الداخلية للجلد، وليس فقط الطبقة الخارجية كما هو الحال في العديد من الكريمات الحالية، ويأمل فريق البحث أن تقود هذه النتائج إلى منتجات طبية وعلاجية يمكن أن تبطئ عملية تشكل التجاعيد وربما تمنعها في مراحلها المبكرة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: البشرة التجاعيد التقدم في العمر صحة البشرة صحة الجسم
إقرأ أيضاً:
جزيرة إبستين.. الوجه الخفي لحرب السيطرة على القرار الدولي
أحمد بن محمد العامري
في عالم السياسة الدولية لا تُدار كل الحروب بالسلاح ولا تُخاض كل المعارك في ميادين القتال. هناك صراعات أخطر تدور خلف الكواليس، حيث تُستخدم الفضائح، وتُدار الملفات السوداء وتُصادر الإرادات قبل أن تتخذ قرارها.
في هذا السياق، تطفو على السطح قصة جزيرة "سانت جيمس كوكر" التي تحولت إلى صندوق أسرار أسود يمتلك مفاتيحه "الموساد" الإسرائيلي، عبر رجل يدعى جيفري إبستين.
إبستين، الذي عرفه العالم كرجل أعمال وفاعل خير ظاهريًا كان في الحقيقة يدير واحدة من أخطر أدوات الابتزاز في العصر الحديث، من خلال جزيرته الصغيرة في البحر الكاريبي، لم تكن منتجعًا عاديًا، بل فخًا مُحكمًا نُصِب لكبار الشخصيات العالمية في السياسة والمال والإعلام ورجال دولة، رؤساء، أمراء، مليارديرات، ومشاهير، جميعهم مرّوا من هناك، حيث كانت تنتظرهم جولات من الرذيلة والانحراف الجنسي، استُخدمت فيها قاصرات وقصر، وتم إعداد المشهد بكامل تفاصيله لتسجيل كل لحظة.
الهدف لم يكن المتعة العابرة، بل تحويل هذه اللحظات إلى قيد دائم على هؤلاء الأشخاص، كل غرفة، كل زاوية، وكل مكان خاص في تلك الجزيرة كانت تملؤه كاميرات التجسس، ترصد بالصوت والصورة، من لحظة الوصول حتى المغادرة، ويتم إرسال كل ما يُصور إلى غرف مظلمة تابعة لجهاز الموساد حيث تُحفظ هذه الملفات لا للذكرى، بل كأداة تحكم سياسي وأمني واقتصادي طويل الأمد.
هذه العملية ليست سابقة في التاريخ، لكنها بلا شك الأوسع والأخطر من حيث الحجم والدقة والتنظيم، فالابتزاز الجنسي كان دائمًا أداة فعالة استُخدمت عبر القرون للسيطرة على الساسة وتجنيد العملاء وإخضاع النخب، لكن ما جرى في جزيرة إبستين فاق كل ما سُجل من قبل في كتب التاريخ من حيث التنوع الطبقي للضحايا وتشابك المصالح بين أجهزة الاستخبارات والمال والنفوذ الإعلامي.
في أوروبا والولايات المتحدة، كانت هناك سوابق مشابهة وإن لم تكن بنفس الاتساع، ففي أوائل القرن العشرين وخصوصًا في نيويورك، انتشرت شبكات دعارة سرية كانت تدار من قبل شخصيات يهودية نافذة، استخدمت هذه الشبكات للربح، ولكن أيضًا لجمع المعلومات وتوريط الشخصيات المؤثرة. واحدة من أشهر هذه الشبكات كانت تلك التي تديرها اليهودية بيرل أدلر "بولي"، التي عُرفت باسم "ملكة الدعارة" في نيويورك، بولي كانت تدير بيوت دعارة يرتادها الساسة وكبار الضباط والمسؤولون، وتم استغلال هذه الأماكن لتوثيق الفضائح وابتزاز الشخصيات المؤثرة سياسيًا واقتصاديًا.
في أوروبا أيضًا، وتحديدًا في باريس وبرلين، برزت خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي شبكات مشابهة كان يديرها يهود مرتبطون بحركات صهيونية أو بشبكات جريمة منظمة، هذه الشبكات لم تكن تقتصر على الربح المالي، بل كانت تتعاون كذلك مع أجهزة استخبارات للحصول على معلومات حساسة أو للسيطرة على القرار السياسي عبر الابتزاز الأخلاقي.
لكن رغم كل تلك السوابق، فإن ما فعله إبستين يمثل نقلة نوعية، لقد تحول من مجرد مدير شبكة دعارة إلى "سمسار أسرار دولية". الجزيرة التي امتلكها كانت أشبه بإستوديو تجسس كامل صممته عقول أمنية محترفة، حيث يتم رصد الضيوف من لحظة الوصول إلى لحظة مغادرتهم، وكل شيء بين هاتين اللحظتين يُوثق: العلاقات الجنسية، المحادثات الجانبية، التصرفات الخاصة، وكل ما يمكن أن يشكل ورقة ضغط مستقبلية.
هذه الملفات لم تكن محفوظة للفرجة أو الابتزاز المالي فقط، بل لتشكيل مستقبل السياسات الدولية. شخصيات ذات ثقل اقتصادي عالمي، ورجال دولة يتحكمون في قرارات سيادية، أصبحوا أسرى لهذه الأشرطة والصور.
من هنا يصبح مفهومًا لماذا يصمت بعض القادة عن جرائم إسرائيل ولماذا هرولت بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع رغم الجرائم اليومية التي ترتكب بحق الفلسطينيين. ببساطة، لأنهم لا يملكون قرارهم.
الابتزاز الأخلاقي الذي تمت ممارسته من خلال شبكة إبستين، بإشراف مباشر من الموساد، يمثل أخطر أشكال الحرب غير التقليدية، حرب لا تُستخدم فيها الصواريخ ولا الجيوش، بل تُخاض بالكاميرات الخفية وبملفات الفيديو التي تحطم الشخصيات وتقيد الإرادات، كلما واجه هؤلاء القادة خيارًا سياسيًا حساسًا تذكّروا الملفات التي تملكها إسرائيل عنهم، وتراجعوا عن المواجهة.
هذا النمط من السيطرة عبر الفضائح الشخصية ليس جديدًا، ولكنه في قضية عميل الموساد "إبستين" وصل إلى درجة غير مسبوقة من التنظيم، لم يعد الأمر عشوائيًا بل صار منظومة عمل كاملة يتم من خلالها اختيار الضحايا، استدراجهم، تصويرهم، ثم التحكم في قراراتهم المستقبلية، وهنا تتحول "الرذيلة" من فعل شخصي إلى سياسة دولة.
إن العالم اليوم يقف أمام مشهد بالغ الخطورة، فصناعة القرار الدولي في كثير من الأحيان لم تعد تدار في قاعات الاجتماعات ولا وفق مصالح الشعوب، بل في غرف مغلقة تحكمها صور مسربة ولقطات مصورة لأفعال مشينة، من هنا نفهم لماذا تتبدل المواقف، ولماذا يسكت العالم عن الاحتلال، ولماذا تتجه بعض الدول إلى الانبطاح الكامل أمام إسرائيل رغم وضوح جرائمها.
قضية جزيرة إبستين ليست ملف فضيحة شخصية، بل هي جريمة أمن قومي عالمي، جريمة سُلبت فيها إرادات الشعوب عبر السيطرة على قادتها، وتحولت فيها أدوات الرذيلة إلى أسلحة أكثر فتكًا من البنادق والصواريخ، وإذا لم تُفتح هذه الملفات وإذا لم تتم محاسبة المتورطين، فإن العالم سيظل يدور في دائرة الفساد والابتزاز، وستظل الشعوب رهينة لقرارات تُتخذ في الخفاء تحت تهديد الصور والفضائح، لا تحت راية السيادة ولا وفقًا لمصالح الإنسانية.