تونس – خرج العشرات من السياسيين والنشطاء وأهالي المعتقلين السياسيين، مساء أمس الجمعة، في مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، بالذكرى الرابعة للتدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز 2021.

ورفع المحتجون شعارات تطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، المنتمين لمختلف التيارات السياسية والمحكوم عليهم ابتدائيا بأحكام قاسية فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.

كما طالب المحتجون بإطلاق سراح المحامي وعضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين والقاضي السابق بالمحكمة الإدارية أحمد صواب المعتقل منذ أشهر بموجب قانون الإرهاب، بتهمة تعتبرها المعارضة كيدية.

المسيرة جاءت بدعوة من تنسيقية أهالي المعتقلين السياسيين وتنسيقية الدفاع عن المحامي صواب، بعد فشل جهود مكونات المعارضة في تنظيم تحرك مشترك بسبب الخلافات الأيديولوجية العميقة بين الإسلاميين والعلمانيين، ورفض مكونات يسارية المشاركة في تحرك يضم حركة النهضة.

وقد رفع المشاركون في المسيرة شعارات مناوئة للرئيس سعيد، من أبرزها "جاك الدور جاك الدور يا قيس يا دكتاتور"، كما نددوا بما اعتبروه توظيفا للقضاء لتصفية الخصوم السياسيين مثل "عبي عبي (املأ) الحبوسات (السجون) يا قضاء التعلميات". وطالبوا بوقف محاكمات الرأي وإطلاق سراح كل من تم سجنهم على خلفية مواقفهم السياسية.

العودة للاستبداد

وقال المنسق العام لائتلاف صمود حسام الحامي -أحد المشاركين في التحرك الاحتجاجي- إن تونس تعيش أسوأ مراحلها الديمقراطية، معتبرا أن السلطة الحاكمة تسعى إلى غلق كل أبواب التعبير السلمي والمعارضة المشروعة. وأضاف للجزيرة نت أن "الزج بالمعارضين في السجون أعاد البلاد إلى مربع الاستبداد".

من جهتها، قالت منية إبراهيم زوجة القيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي المحكوم في قضية التآمر إن هذه المسيرة جاءت لتُسمع صوت العائلات التي تعاني.

إعلان

وأكدت للجزيرة نت أن "ما نعيشه ليس عدالة بل انتقام، وأن استمرار اعتقال الأستاذ أحمد صواب دليل على أن السلطة لا تتسامح مع من يتمسكون باستقلال القضاء".

ويُعد أحمد صواب من أبرز الشخصيات القضائية التي عبّرت عن رفضها لتوجهات الرئيس بعد 25 يوليو/تموز 2021، وكان من المدافعين البارزين عن استقلالية القضاء، وشارك ضمن هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، قبل أن يتم إيقافه في سياقٍ وصفه حقوقيون بأنه "استهداف ممنهج للمحامين والقضاة المستقلين".

المحتجون رفعوا شعارات تطالب بإطلاق سراح المحامي المعارض أحمد صواب (الجزيرة) أزمة سياسية

وتأتي هذه المسيرة وسط تواصل الأزمة السياسية في البلاد، التي بدأت منذ إعلان سعيد عن جملة من التدابير الاستثنائية، شملت تجميد البرلمان ثم حله، وعزل رئيس الحكومة هشام المشيشي، ثم لاحقا حل المجلس الأعلى للقضاء وعدد من المؤسسات الرقابية، على غرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وفي تلك الفترة، كانت البلاد تعاني من أزمة صحية حادة بسبب تفشي جائحة كورونا، وسط عجز حكومي واضح، وأوضاع اقتصادية واجتماعية خانقة، إضافة إلى انسداد سياسي حاد بين مكونات الحكم والمعارضة.

وكان البرلمان يعيش على وقع صراعات حادة، بينما كان الرئيس يلمّح إلى التدخل بقوة، وهو ما تم بالفعل حين أعلن عن الإجراءات التي أنهت تجربة التوافق التي حكمت البلاد منذ الثورة.

وفي الأشهر اللاحقة، أصدر سعيّد المرسوم 117 الذي منحه صلاحيات رئاسية مطلقة، وأدار بموجبه البلاد دون رقابة مؤسسية، كما قام بصياغة مشروع دستور جديد بنفسه، عرضه على استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/تموز 2022، شارك فيه أقل من 30% من الناخبين.

هذا الدستور أرسى نظاما رئاسيا يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات شبه مطلقة ويضعف دور البرلمان وبقية المؤسسات.

وفي نهاية 2022، نظّمت انتخابات تشريعية قاطعتها أبرز أحزاب المعارضة، وأسفرت عن مجلس نيابي جديد وصفه منتقدون بأنه مجرد "غرفة تمرير"، بسبب ضعف صلاحياته وغياب التوازن بين السلطات.

كما شهدت البلاد، منذ فبراير/شباط 2023، حملة اعتقالات شملت عشرات السياسيين والمعارضين، وُجّهت إليهم تهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وحُوكم عدد منهم بأحكام ابتدائية قاسية.

من بين المعتقلين راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق، الذي لا يزال موقوفا منذ أكثر من 800 يوم. كما تم إيقاف عدد من القضاة والنقابيين والصحفيين والمحامين، فيما اعتبرته منظمات حقوقية محلية ودولية تراجعا خطيرا في وضع الحريات.

وتتهم المعارضة الرئيس بتعطيل الحياة السياسية وتهميش الأحزاب وتحويل المؤسسات إلى أدوات شكلية، معتبرة أن فشله في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية يدفعه إلى تعليق المسؤولية على الآخرين، رغم أن كل مفاتيح الحكم بيده.

في المقابل، تقول السلطة إن ما تم منذ 25 يوليو/تموز 2021 هو "تصحيح لمسار الثورة"، وتتهم الأحزاب المعارضة بأنها مسؤولة عن تردي الأوضاع في البلاد قبل هذا التاريخ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات المعتقلین السیاسیین یولیو تموز أحمد صواب

إقرأ أيضاً:

يمنيون يردون على طارق صالح: إعادة التموضع تواطؤ يستهدف الوحدة يوازي التآمر لاسقاط صنعاء

أثارت تصريحات لعضو مجلس القيادة طارق صالح في تعليقه على تمرد المجلس الانتقالي المسلح في المحافظات الشرقية لليمن تفاعلا واسعا لدى اليمنيين في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ووصف طارق صالح الذي يتمركز في الساحل الغربي لليمن بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة تمدد الانتقالي العسكري في حضرموت والمهرة، وسيطرته على المنطقة العسكرية الأولى، وإعلان تحضيراته للانفصال بأنها إعادة ترتيب لمسرح العمليات.

 

وجاءت تصريحات طارق صالح متجاهلة لتصعيد الانتقالي، وأعلن أن المواجهة موجهة نحو صنعاء، وليست ضد المجلس الانتقالي، كما جاءت مخالفة لحديث رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي أعلن عقب مغادرته عدن ووصوله إلى الرياض عن إجراءات أحادية اتخذها المجلس الانتقالي، وقوضت الدولة اليمنية، ودعا للتراجع عنها.

 

 

هذه التصريحات كشفت عن تماهي في موقف طارق صالح مع أجندة الأنتقالي، وأبرزت موقف مغاير لتصور مجلس القيادة للوضع الراهن في شرق اليمن، سواء مع اجتياح الانتقالي لحضرموت، أو مواجهته لرئيس حلف القبائل في المحافظة عمرو بن حبريش، وهو ما جعلها محل تفاعل واسع لدى اليمنيين، وأعاد التذكير بالدور الوظيفي الذي يؤديه طارق صالح في الساحل الغربي لليمن، لصالح دولة الإمارات.

 

وقال الدكتور عبدالقادر الجنيد إن طارق صالح هو رجل الإمارات على شواطئ تعز في شمال اليمن، وكان يطمح للاستيلاء على الحجرية ومدينة تعز، ولديه ماكينة إعلامية نشطة سخرها خلال غزوة حضرموت لصالح عيدروس والإمارات وحتى وصل لدرجة الموافقة على انفصال الجنوب.

 

الجنيد قال إن إطلاق طارق مصطلح إعادة ترتيب مسرح العمليات للتعليق على استيلاء عيدروس على العاصمة وطرد رئيس الجمهورية وغزوة حضرموت، يأتي على أمل أن تنهار الحجرية وتعز تحت أقدامه بنفس المصطلح، ما يعني سقوط المرجعيات الثلاث، مما سيسقط حلم تحرير صنعاء الذي يلوح به طارق كل يوم.

 

وأضاف معلقا: " سوف يدخل طارق ثلاجة صغيرة لأنه مكتفي ذاتيا بالأموال من التهريب واستيراد النفط من الميناء والاستفادة من حصة من إيرادات الدولة في جمرك ميناء المخاء".

 

أما الكاتب والإعلامي أحمد الشلفي فقال إن طارق صالح أضاف بتلك التصريحات جريمة إلى جرائمه الكثيرة جدا، ابتداء من جمعة الكرامة، إلى دعم انقلاب الحوثي، ورعايته للقناصين إبان تحالفه مع الحوثيين، وصولا لموقفه المتماهي مع الدعوات الانفصالية.

 

 

الشلفي علق بالقول: "الآن يقول طارق ببجاحته المعهودة إن ما حصل في المناطق الشرقية حضرموت والمهرة ترتيب لمسرح العمليات وهذا رجل يتكلم باسم الدولة وعضو مجلس رئاسي فيها بينما يخالف مايقوله رئيس المجلس الذي يطالب بخروج  القوات من حضرموت والمهرة".

 

ويشير الشلفي إلى حديث طارق صالح بأنه سيرتب مسرح العمليات في تعز، واعتبر ذلك إنذار لتعز، خاصة مع إشارة طارق لما وصفها بقوى معينة، وقال الشلفي إن تلك إشارة للإخوان المسلمين، الذين وصفهم طارق بهذا المسمى من قبل، في إشارة لحزب التجمع اليمني للإصلاح.

 

وذكر الشلفي بسلوك ومواقف طارق صالح خلال منذ أكثر من خمسة عشرا عاما، وقال إن طارق وقف ضد الشعب بقتل فرسان جمعة الكرامة، ووقف ضد الجمهورية  بمشاركته الانقلاب الحوثي، ووقف ضد اليمن الواحد عندما وصف الإنقلاب على الدولة بإعادة ترتيب مسرح العمليات، ثم خان شرف القسم عندما أقسم كعضو في مجلس القيادة الرئاسي على عدم مخالفة القسم.

 

البرلماني والسفير والوزير السابق علي أحمد العمراني كتب مقالا مطولا وجهه لطارق صالح، انتقد فيه مواقف طارق صالح الأخيرة من الدعوات الانفصالية، وتواطؤه مع المجلس الانتقالي المطالب بالانفصال.

 

وقال العمراني معلقا على أداء قناة الجمهورية التابعة لطارق صالح بأنه كان أولى أن يتجه التمويل إلى قناة باسم الوحدة، قبل قناة الجمهورية، التي لم تكن جمهورية حقيقية تماماً، وأضاف بالقول:"وفي الحقيقة، كان يجب أن تكون جمهورية اليمن جمهورية حقيقية، لأنها بُنيت على جماجم آلاف الرجال ودمائهم، وسُقيت بدموع الثكالى والأرامل".

 

 

العمراني قال إن مناسبة حديثه أن موقف قناة الجمهورية ليس كما يجب تجاه وحدة البلاد، لا عند الاحتفاءات بعيد الوحدة، ولا في وجه مخططات التجزئة، وآخرها ما حدث في غزوة حضرموت الأخيرة، وخاطب طارق بالقول إن موقفه محا أثار جهود عمه الوحدوية، في إشارة لتمسك الرئيس السابق صالح بالوحدة اليمنية.

 

وأعتبر العمراني تصريح طارق صالح بأن ما حدث في المنطقة الشرقية مجرد إعادة تموضع وترتيب لمسرح العمليات أحدث صدمة عند كل من يعوِّل على موقفه في الحفاظ على وحدة البلاد، وذكرهم بموقفه من الحـ ـوثي وهو يجتاح عمران ويحتل صنعاء، بما في ذلك التحالف معه والقتال في صفّه لاحقاً.

 

وأردف العمراني في تصريحه بالقول مخاطبا طارق صالح: "وهل تعتقد أن السعوديين، أو البريطانيين، أو الإماراتيين يقبلون بالتنازل عن جزء من بلدهم، أو تقسيم بلد أيٍّ منهم، مقابل قيام جمهوريتين أو ثلاث، أو أكثر، في أي من بلدانهم؟ أم أنهم سيرون أن وحدة بلدانهم أولى وأهم؟

 


مقالات مشابهة

  • مجموعة أممية تطالب بالإفراج عن ناقلة النفط التي احتجزتها الولايات المتحدة في الكاريبي
  • كتائب حزب الله تهاجم مبعوث ترمب إلى العراق وتدعو السياسيين لعدم التواصل معه
  • فى ذكرى وفاتها.. من هي بهيجة حافظ التي خطفت البطولة من أمينة رزق؟
  • تونس.. السجن 12 عاماً لرئيسة الحزب الحر الدستوري «عبير موسي»
  • الرئيس اللبناني: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل تشكل أولوية في المفاوضات
  • سفير سلطنة عُمان بتونس يشارك في فعاليات "اليوم الإعلامي" ضمن أيام طرابلس الإعلامية 2025
  • عون: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل أولوية بالمفاوضات
  • التآمر الناعم
  • ترامب يتباهى: أحرر المعتقلين في تركيا بمكالمة مع أردوغان!
  • يمنيون يردون على طارق صالح: إعادة التموضع تواطؤ يستهدف الوحدة يوازي التآمر لاسقاط صنعاء