في مقال نشرته صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية، شبّه الكاتب الإسرائيلي إيال روتفيلد الواقع السياسي في إسرائيل عام 2025 بتلك الدولة الشمولية التي وصفها الكاتب البريطاني جورج أورويل في روايته الشهيرة "1984".

ويرى الكاتب أن ما تنبأ به أورويل قبل نحو 8 عقود لم يعد مجرّد خيال سوداوي، بل تحوّل إلى واقع حي في إسرائيل يُبثّ مباشرةً على شاشات التلفاز وعبر منصات التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قادة عسكريون وأمنيون سابقون بإسرائيل: حرب غزة عبثية وتكبدنا الخسائرlist 2 of 2هل فلسطين دولة؟ وماذا لو قالت الدول إنها كذلك؟end of list

ويضيف أن رواية "1984" لم تُصب بالشيخوخة، بل تجدد شبابها، ليس كقطعة أدبية كلاسيكية، بل كجرس إنذار من انزلاق المجتمعات إلى الحضيض في ظل أنظمة قمعية تزيّف الحقائق وتحكم عبر إثارة المخاوف وتضليل الرأي العام.

دكتاتورية من نوع مختلف

وحسب الكاتب فإن ما يحدث في إسرائيل في ظل حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، و"الثورة الحزبية" التي اجتاحت البلاد منذ أكثر من عقد، قد تجاوز نبوءة أورويل.

فقد وصف الروائي البريطاني نظاما شموليا يحكم عبر القمع الوحشي ومراقبة العقول، بينما تتشكل في إسرائيل دكتاتورية من نوع جديد، لا تعتمد على القوانين القمعية، بل تستخدم أدوات ديمقراطية -في ظاهرها- لترسيخ هيمنة فكرية وإعلامية خانقة.

ويشير الكاتب إلى أن السلطة في إسرائيل لا تزيّف التاريخ في السر، كما كانت تفعله الأنظمة القمعية في الماضي، بل في العلن أمام عدسات الكاميرا، وعبر تغريدات السياسيين وخطاباتهم وتصريحاتهم المتلفزة.

ويؤكد أن جزءا كبيرا من الجمهور لا يكتفي بتصديق هذا "التزييف"، بل يريده ويطلبه، إذ يرى في القادة الذين يكذبون علنا وبلا خجل "رموزا للقوة"، بدلا من أن يحاسبهم على التضليل وإخفاء الحقائق.

انقلاب المفاهيم

ويتابع الكاتب قائلا إن انقلاب المفاهيم بات ممنهجا، إذ أصبحت "القيادة القوية" مرادفا للهروب من الحقيقة، و"النصر" يعني الهزيمة، و"الحكومة الوطنية" ليست سوى تحالف مصالح يمينية "متطرفة".

إعلان

وينقل عن الباحثة الإسرائيلية رينا عناتي قولها في تلخيص هذا المشهد: "يُطلقون على الهزيمة اسم النصر، ويُقال عن الرجل الضعيف إنه قائد قوي، وبذلك يمكن للمجرمين أن يعتقلوا مواطنين ملتزمين بالقانون".

ويؤكد الكاتب أن الشارع الإسرائيلي يعيش اليوم أجواء من التخوين المُمنهج لكل من يجرؤ على التفكير النقدي أو مخالفة الرواية الرسمية، حيث يُتهم المعارضون بـ "العمالة"، ويُصنّف المتظاهرون كـ "خونة" أو "كارهين للجيش"، وتُهمش عائلات الأسرى بذريعة "عدم الانصياع لمصلحة الدولة".

إيال روتفيلد: الشارع الإسرائيلي يعيش اليوم أجواء من التخوين المُمنهج لكل من يجرؤ على التفكير النقدي أو مخالفة الرواية الرسمية "الأخ الأكبر"

يقول الكاتب إن "الأخ الأكبر" في رواية أورويل يرمز إلى الحكومة التي تراقبك باستمرار، أما في إسرائيل عام 2025، فإن الأمر معكوس: الجمهور يراقب القائد باستمرار، ويختار تجاهل الحقيقة.

ويضيف: "لا حاجة لشرطة فكرية. هناك خطاب مسموم، مُشبع بالخوف. كل من يفكر بشكل مختلف يُدان. كل من ينتقد يتم إسكاته. والرسالة واضحة: القائد ليس مخطئا. لا يخسر. لا يفشل. وإذا استمر أي خطأ، فالمسؤولية تقع على عاتق الخونة، اليساريين، القضاء، الأوساط الأكاديمية، الإعلام، النساء، البدو، أو المختطفين".

ويرى الكاتب أنه في أي بلد ديمقراطي، ينبغي أن يكون هناك حق واحد غير قابل للتفاوض، وهو الحق في التفكير، لكن في الخطاب السياسي الحالي في إسرائيل، يُنظر إلى التفكير المستقل على أنه انحراف عن المألوف.

والمشكلة -على حد تعبيره- لا تكمن فقط في بنيامين نتنياهو، بل في النظام الذي يُولّد الخوف ويُحدّد الأعداء ويُسوّق وهم السيطرة.

رغم كل ذلك، يؤكد الكاتب أن هناك كثيرين في إسرائيل لم يستسلموا للدعاية واختاروا عدم نشر الأكاذيب، وأدركوا أن الصمت في مثل هذا الوضع تواطؤ وليس حيادا.

ويختم الكاتب قائلا إن "من بين جميع الأصوات، هناك صوت واحد لا يجب إسكاته: الصوت الذي يصرخ، الملك عريان. لأنه إن لم نتحرك الآن، فلن يكون هناك مستقبل ديمقراطي نستطيع حمايته".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات فی إسرائیل الکاتب أن

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء إسرائيلي سابق: أصبحنا دولة "منبوذة"

القدس المحتلة- الوكالات

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت اليوم الاثنين، "لقد أصبحنا دولة منبوذة"، مضيفا أن ما يحدث في غزة أمر غير مقبول ولا يغتفر.

وأضاف -في تصريحات لصحيفة بوليتيكو- أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتدخل في مرحلة ما (بسبب ما يحصل في غزة).

ونبّه أولمرت إلى أن إسرائيل تخسر دعم حلفائها التقليديين، بما في ذلك ألمانيا التي تواجه ضغوطا داخلية لفرض عقوبات على تل أبيب، والولايات المتحدة التي عبّر رئيسها دونالد ترامب عن قلقه من "مجاعة حقيقية" في غزة، رغم تحميله حماس مسؤولية تعثر المفاوضات، على حد قوله.

ووصف اتهام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بمعادة السامية أو دعم الإرهاب بأنه سخيف، لافتا إلى أن "نتنياهو وآخرين في الائتلاف يستخدمون هذا الاتهام لمحاولة الدفاع عن أنفسهم ضد الاتهامات المبررة باستخدام القوة المفرطة".

وأوضح رئيس الوزراء الأسبق "نحن نفقد الدعم الدولي الذي ربط إسرائيل بأقوى وأهم وأرقى القوى في العالم الغربي".

واعتبر أن هناك فجوة متزايدة الاتساع بين ما فعلته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما ترتكبه إسرائيل الآن بحق الفلسطينيين.

وأردف أولمرت أن "هناك شركاء فلسطينيين للتفاوض معهم، لكن إسرائيل تقوض الفلسطينيين المعتدلين باستمرار"، وعبر عن قلقه من أن تكون الخطوة التالية ضم غزة وحتى الضفة الغربية.

ودافع أولمرت، سابقا، عن الحرب الإسرائيلية على غزة، ورفض "اتهامات بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب"، لكن موقفه تطوّر مع تصاعد أعمال الإبادة "بما في ذلك القتل الجماعي للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، والتجويع المتعمد لسكان غزة من خلال منع وصول الغذاء والمساعدات الطبية".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي: حكومة نتنياهو فتحت على إسرائيل أبواب الجحيم
  • مشرعة ألمانية تدعو برلين إلى التفكير بفرض عقوبات على إسرائيل
  • ترمب: لا مساعدات للولايات والمدن الأميركية التي تقاطع إسرائيل
  • كاتب إسرائيلي: حكومة نتنياهو فتحت علينا أبواب الجحيم والانتصار على حماس وهمٌ سخيف
  • إعلامي مصري يتحدّى نتنياهو.. كاتب إسرائيلي يوجه انتقادات للحكومة: «حكومة حقيرة فتحت علينا أبواب الجحيم»!
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق : أصبحنا دولة منبوذة
  • رئيس وزراء إسرائيلي سابق: أصبحنا دولة "منبوذة"
  • كاتب إسرائيلي: سياسية التجويع في غزة جلبت لـ"نتنياهو" أكبر هزيمة سياسية في تاريخ إسرائيل
  • الكاتب والجندي الإسرائيلي.. قصة خيالية مستوحاة من واقع غزة