في ذكرى استشهاد هنية… اليمن الحاضرة بقوة في معادلة العزة والكرامة
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
تحلّ ذكرى استشهاد المجاهد إسماعيل هنية، وهي لا تحمل فقط ألم الفقد، بل تفتح أبواب الوعي مجددًا على دلالات حضوره الحي في مسيرة الأمة، وعلى وصاياه ورؤيته الثاقبة للصراع. في إحدى كلماته الأخيرة، لم يكتف الشهيد هنية بتأكيد ثبات محور المقاومة، بل كشف عن عنصر التحول النوعي الذي قلب معادلة العدو: اليمن.
قالها بوضوح وبنبرة الخبير الميداني: “لا أريد أن أتحدث عن محور المقاومة، فهو معروف من قبل، وإنما هناك المدد الجديد والإضافة النوعية، والهامة، التي لم يكن يتوقعها العدو أو يحسب لها أي حساب، هذه الإضافة هي ما جاء من اليمن للصراع مع العدو، وهذا مدد استراتيجي وليس محدوداً”.
وأكد الشهيد أن الطائرة المسيّرة التي استهدفت “يافا” كانت إعلانًا مدويًا بأن قلب الكيان أصبح مكشوفًا، وأن السماء لم تعد آمنة، لا من الشمال ولا من الجنوب. قالها بصراحة: “قلب العدو أصبح مهددًا من المقاومة في اليمن، وحسابات العدو أصبحت صعبة”.
في لقائه الأخير، عبّر إسماعيل هنية عن مشاعر التقدير والامتنان الكبير لأنصار الله، قائلًا: “نحن نشكر أنصار الله على ما قاموا به… أنصار الله هم أنصار الحق… عندما يأتي أي استهداف من أنصار الله للعدو، وترتفع المظاهرات وتصدح خطابات السيد عبد الملك، فإن المعنويات في الشارع الفلسطيني ترتفع، ويشعر الناس بالأمل”.
وفي ختام حديثه، حيّا السيد عبد الملك الحوثي وجميع المجاهدين اليمنيين، شاكرًا وقوفهم الأصيل مع فلسطين، ومؤكدًا أن هذا الدعم لا يُقدّر بثمن، وأنه غيّر وجه الصراع.
في ذكرى استشهاد هنية، لا يظهر اليمن كمجرد داعم، بل كفاعل رئيسي في معركة الكرامة، بقوته العسكرية وموقعه البحري، وبإيمانه العميق بقضية فلسطين، وبقيادةٍ حكيمة أدركت أن القدس لا تُحرر بالكلام، بل بالصواريخ، والمسيرات، والمواقف الحاسمة
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
معادلة شيطانية لقتل المقاومة ومنح الإسرائيلي براءة مزيفة
يمانيون| بقلم: عبدالحكيم عامر
أخطر ما يجري اليوم لا يقتصر على استمرار المجازر والإبادة الوحشية بحق أهلنا في غزة، بل يمتد إلى عملية موازية وربما أخطر تتمثل في قلب الحقيقة، يُراد للإبادة أن تستمر بينما يُمنح الاحتلال الإسرائيلي براءة مزيفة بصفته مدافعًا عن نفسه، فيما تُحمَّل المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة أي الضحية مسؤولية الدماء، هذه المعادلة الشيطانية تشرعن الجريمة، وتمنح المحتل براءة إعلامية وسياسية، إن هذا التحول ليس بسيطًا إنه سلاح فتاك يقتل الشعب الفلسطيني والمقاومة معنويًا وسياسيًا قبل أن يحاولوا القضاء عليها عسكريًا.
ما يجري اليوم يتجاوز مجرد تزييف للوقائع إلى هندسة كاملة للوعي، يتم تصوير آلة القتل الصهيونية، التي تمتلك أحدث الأسلحة وتدعمها أقوى دول العالم، كطرف “برئ وضحيه، بينما يتم تصوير المقاومة والشعب الفلسطيني، التي تمثل رد فعل طبيعياً لشعب يعاني تحت وطأة حصار خانق واحتلال استيطاني عنصري منذ عقود، على أنها الطرف المسؤول وتحميله المسؤولية.
هذه الآلية شيطانية تخدم غرضاً مزدوجاً: منح الجلاد براءة كاذبة، وتركيع الضحية المقاومة معنوياً وسياسياً قبل إخضاعها عسكرياً، وهي عملية لا تكتمل إلا بدور “الإعلام المأجور” الذي تحول من مهمة فضح الجرائم إلى مهنة تسويق الأكاذيب.
لا يمكن فهم استمرار العدوان في غزة بكل هذه الوحشية دون النظر إلى عامل حاسم: أموال التطبيع والدعم السياسي من بعض الأنظمة العربية، هذه الأموال، التي ضخت لدعم للكيان الصهيوني قد تحولت في الواقع إلى قنابل ورصاص على صدور أطفال غزة، ولو أن هذه الأنظمة امتنعت عن التمويل والتطبيع، لتوقف النزيف منذ وقت طويل. وبذلك، تصبح “أموال التطبيع” سلاحاً فتاكاً لا يقل خطورة عن الطائرات.
وفي مواجهة هذه الآلة المبرمجة لتزوير الوعي، تبرز أهمية الإعلام الرقمي الحر كساحة للمقاومة وقلعة لصد هجمات السرديات الكاذبة، المعركة اليوم هي معركة سرديات، الاحتلال يريد أن يقنع العالم أن القاتل ضحية، وأن الضحية معتدية.
ولذلك، فإن الواجب يقتضي كسر هذا الحصار على الحقيقة، نقل صوت الضحايا مباشرة، كشف الصور والوثائق، ومقاومة محاولات تلوين الوعي وتزوير التاريخ، أصبح فرض عين على كل إعلامي حر وكل ضمير حي.
وفي مواجهة مخطط تصفية القضية الفلسطينية تتطلب استراتيجية شاملة فضح الدول المطبعة سياسياً وشعبياً، إسناد غزة عسكرياً اقتصادياً وسياسياً وشعبياً، وتثقيف الأجيال الناشئة على الوعي بحقيقة الصراع وعدالته، ان القضية الفلسطينية قضية الأمة كلها، من يتخلّف عن نصرتها اليوم سيجد النار تحرق مصالحه غدًا، وأمام هذا المشهد الكئيب، تبقى الشعوب العربية والإسلامية هي خط الدفاع الأول والأخير، فلا يمكن الاكتفاء بالشجب والاستنكار، بل لا بد من تحويل الغضب إلى فعل ملموس: الضغط على الأنظمة المتخاذلة، مقاطعة كل شركة تدعم الكيان المحتل، دعم الإعلام المقاوم والحر، المساهمة في جهود الإغاثة، وتنظيم الفعاليات الشعبية المستمرة.
هذه الخطوات هي التي تصنع رأياً عاماً كاسحاً، وتفرض وقائع جديدة تعجز الحكومات عن تجاهلها. فالتاريخ يصنعه الشعوب، والأنظمة المتواطئة، مهما طال بها الزمن، فهي إلى زوال.