صحف أميركية: سيطرة ترامب على واشنطن مبنية على إحصائيات خاطئة وقد تحول أميركا لدولة بوليسية
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
حللت صحف أميركية اليوم تبعات قرار الرئيس دونالد ترامب باستبدال شرطة واشنطن العاصمة بقوات الحرس الوطني، في خطوة مقلقة عدها البعض بداية تحول البلاد إلى دولة بوليسية.
وقال ترامب أمس الاثنين إنه سيضع إدارة الشرطة في واشنطن العاصمة تحت السيطرة الاتحادية وسيأمر الحرس الوطني بالانتشار هناك بهدف "إرساء القانون والنظام والسلامة العامة في واشنطن"، وفق ما صرح به لصحفيين في البيت الأبيض.
وأضاف "لقد استولى على مدينتنا عصابات عنيفة، ومجموعات من الشباب الجامحين، والمدمنين والمشردين، ولن نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى."
"جحيم حضري"ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، استند ترامب إلى إحصائيات قديمة عن مستويات الجريمة للتنديد بارتفاع معدلات القتل في العاصمة متجاهلا الانخفاض الكبير في معدلات الجرائم العنيفة التي شهدتها المدينة مؤخرا.
وأشارت الشرطة المحلية إلى أن معدل الجرائم العنيفة انخفض بنسبة 35% من عام 2023 إلى عام 2024، بعد أن ارتفعت الجرائم بشكل ملحوظ في 2023.
وفي خطابه الذي وصفته الصحيفة بأنه يحمل لغة تحريضية، وصف ترامب العاصمة بأنها "جحيم حضري" تعج بالعصابات الإجرامية واليافعين الخارجين عن القانون، وحمّل الديمقراطيين مسؤولية الفوضى المزعومة، بسبب ما وصفه بتراخيهم في مواجهة الجريمة.
وأبرز التقرير أن ترامب تعمد تجاهل تاريخ تدخله السابق في واشنطن، حيث سبق أن أصدر عفوا شاملا عن مئات المشاركين في اقتحام الكابيتول في 2021، وقبل ذلك بعام واحد نشر أكثر من 5 آلاف من الحرس الوطني لقمع المتظاهرين السلميين بالعاصمة، وهو ما اعتبره كثيرون فشلا ذريعا.
ووفق التقرير، تعتمد إدارة ترامب على قانون "دي سي هوم رول" الذي أقره الكونغرس عام 1973، والذي يمنح الرئيس صلاحية السيطرة مؤقتا على شرطة العاصمة لمدة 30 يوما، لكن التقرير يلفت إلى غموض التفاصيل العملية لتطبيق هذا القرار، خصوصا فيما يتعلق بتوزيع أفراد الشرطة وقوات الحرس الوطني في أنحاء المدينة.
الإحصائياتوفي تقريرها حول القرار، استعرضت واشنطن بوست إحصائيات تخالف ادعاءات ترامب، بناء على بيانات من وزارة العدل الأميركية وشرطة العاصمة.
إعلانوحسب الصحيفة، انخفضت معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة عام 2024 إلى أدنى مستوى منذ عقود، حيث تراجعت بأكثر من 30% وفق بيانات من أكثر من 100 قسم شرطة في المدن الكبرى.
كما انخفضت نسبة اعتقال القاصرين إلى نحو 439 حالة اعتقال لكل 100 ألف، بانخفاض يقدر بنسبة 7% عن 2023، لتصل النسبة إلى معدل يقل 5 مرات مقارنة بعام 1997.
وأكدت واشنطن بوست، على غرار نيويورك تايمز، أن ترامب اعتمد على إحصائيات قديمة لا تعكس الواقع الآن، بجانب بعض القصص لجرائم عنيفة ودموية -مثل حادثة قتل شاب موظف- بهدف إثارة عواطف المستمعين وتعظيم الخطر بعيونهم.
وأوضحت أن اعتقالات القاصرين في واشنطن خلال عام 2025 بلغت نحو 900 حالة بانخفاض يقارب 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في حين ارتفعت نسبة الاعتقالات في مدن بالتيمور (47%) ونيويورك (11%) وشيكاغو، رغم أن إجمالي معدلات الجريمة العنيفة هناك أيضا في انخفاض.
ووفق تحليل الصحيفة، دمج ترامب بين مؤشرات الجريمة من مدن مختلفة وأزمنة مختلفة ليعطي صورة شاملة أكثر سوداوية عن واشنطن مما تعكسه البيانات الحالية.
وفي افتتاحيتها أضافت واشنطن بوست أن نشر ترامب الحرس الوطني يعد استعراضا مؤقتا للقوة ولا يقدم حلا جذريا لمشكلة الجريمة، التي تتطلب التزاما جادا من الإدارة الفدرالية والكونغرس والمجلس المحلي والمدعين العامين والقضاة.
وأضافت أن حل مشكلة الجريمة في المدينة يتطلب زيادة دائمة في عدد عناصر الشرطة، خاصة بعد أن انخفض عددهم عام 2023 إلى أدنى مستوى منذ نصف قرن (نحو 3350 ضابطا).
وتابعت الصحيفة أن واشنطن أحرزت تقدما في محاسبة الجانحين من الشباب بعد إقرار قانون "سيكيور دي سي" العام الماضي، الذي سهّل مقاضاة جرائم معينة وسمح باحتجاز القاصرين الذين يرتكبون جرائم خطيرة، وهو تحول سياسي مهم في ولاية كانت تتساهل سابقا معهم.
ترامب رئيس الشرطةوبدورها، أشادت افتتاحية وول ستريت جورنال بخطوة ترامب في فرض السيطرة الفدرالية على شرطة واشنطن، معتبرة أن "تنظيف" العاصمة من الجريمة والفوضى أولوية قصوى.
وأضافت أن فشل السيطرة المحلية يبرر تدخل الحكومة الفدرالية في العاصمة، خاصة في ظل "تصاعد معدلات العنف وعدم قدرة السلطات المحلية على مواجهة التحديات الأمنية بشكل فعال".
وشددت على ضرورة خطوة الرئيس، خاصة مع تبني واشنطن قوانين تتيح التصويت لغير المواطنين ودعمها سياسات "الملاذ الآمن" التي تعرقل إنفاذ قوانين الهجرة الفدرالية.
وعبرت الصحيفة عن إعجابها بأن ترامب، الذي يروج لنفسه كرجل أعمال، بات الآن رئيس الشرطة الأعلى في العاصمة، وأكدت أن "تنظيف المدينة من مخيمات المشردين العشوائية وتحسين أمن الأماكن العامة للسكان والسياح" سيكون إنجازا يستحق الشكر.
وفي تقرير منفصل، انتقد مراسلو وول ستريت جورنال بشدة تدخل القوات العسكرية في مهام الشرطة داخل الأراضي الأميركية، معتبرين أن خطوة نشر الحرس الوطني في واشنطن تمثل تصعيدا مثيرا للجدل، وتوسعة لدور الجيش.
إعلانوذكر التقرير أن القانون الأميركي المعروف باسم "قانون بوسي كوميتاتس" يمنع عادة استخدام الجيش في تطبيق القانون داخل البلاد إلا في حالات محددة وقانونية نادرة، ولكن ترامب استخدم في ولايته الثانية الحرس الوطني والجيش في عدة مناسبات منها إرسال مشاة البحرية وقوات الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس لمواجهة احتجاجات تندد باعتقالات المهاجرين، واستخدام طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المحتجزين خارج البلاد.
وفي مقاله بصحيفة إنترسبت، قال الكاتب رادلي بالكو -وهو صحفي وكاتب متخصص في شؤون العدالة الجنائية- إن خطوة الرئيس ترامب تُعد اختبارا لمدى قدرته على توسيع سلطاته، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا للديمقراطية الأميركية، وينذر ببناء دولة بوليسية داخل الولايات المتحدة.
وبرأي بالكو فإن هذه التحركات لا تعد استجابة حقيقية لارتفاع معدلات الجريمة، بل هي محاولة لترهيب المعارضين وقمع الاحتجاجات وفرض سيطرة مركزية قوية على المدن التي تحكمها قيادات ديمقراطية.
والدولة البوليسية التي يحذر منها بالكو هي نظام تُستخدم فيه الشرطة والقوات المسلحة لقمع الحريات المدنية، وفرض السيطرة على السكان بقوة السلاح والترهيب، مما يهدد الحريات الأساسية والديمقراطية.
مستقبل غامضوحسب موقع ذا هيل الأميركي، أعرب عدد من السياسيين الديمقراطيين ومجموعات الحقوق المدنية عن قلقهم البالغ من قرار ترامب، معتبرين إياه استعراض سياسيا للقوة يهدف إلى استخدام الجيش ضد المدنيين، وهو ما يشير إلى ميول استبدادية وتجاوزات في استخدام السلطة.
وتساءل الموقع ما إذا كان ترامب سينسحب بالفعل بعد 30 يوما أم لا، كما أشار إلى غموض مفهوم النجاح لدى ترامب، الذي قال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن الجريمة و"الوحشية والقذارة والهمجية" ستختفي من العاصمة تماما، دون أن يوضح معيارا لذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات الحرس الوطنی فی واشنطن
إقرأ أيضاً:
في خطوة غير مسبوقة.. ترامب ينشر الحرس الوطني بالعاصمة واشنطن ويضع شرطتها تحت السيطرة الفدرالية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين أنه سينشر 800 جندي من الحرس الوطني في واشنطن، وسيتولى مؤقتًا إدارة شرطة المدينة، في تأكيد استثنائي على السلطة الرئاسية في عاصمة البلاد. اعلان
ووصف ترامب إجراءاته بأنها ضرورية "لإنقاذ" واشنطن من موجة مزعومة من الفوضى. وتشير الإحصاءات إلى أن جرائم العنف ارتفعت بشكل حاد في عام 2023، لكنها آخذة في الانخفاض بسرعة منذ ذلك الحين، بحسب وكالة "رويترز".
خطوة لمواجهة العنفوقال ترامب في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: "لقد سيطرت على عاصمتنا عصاباتٌ عنيفة ومجرمون متعطّشون للدماء".
وأشار ترامب إلى أن مدنًا أمريكية رئيسية أخرى بقيادة ديمقراطية قد تكون التالية، بما في ذلك شيكاغو، المدينة التي لطالما عانت من جرائم العنف، على الرغم من انخفاضها بشكل ملحوظ في النصف الأول من العام.
وقال ترامب: "إذا اضطررنا لذلك، فسنفعل الشيء نفسه في شيكاغو، وهو أمر كارثي"، مضيفًا: "نأمل أن تكون لوس أنجلوس تراقب".
وهذه هي المرة الثانية هذا الصيف التي ينشر فيها الرئيس الجمهوري قوات في مدينة يحكمها الديمقراطيون. إذ بدأت القضاء الفدرالية يوم الاثنين في سان فرانسيسكو البت في قضية ما إذا كان ترامب قد انتهك القانون الأمريكي بنشره قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس في يونيو/ حزيران دون موافقة حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم.
وقد انتشر في الأيام الأخيرة مئات الضباط والوكلاء من أكثر من اثنتي عشرة وكالة فيدرالية في أنحاء واشنطن. وقال ترامب إن المدعية العامة بام بوندي ستشرف على قوة الشرطة.
صرح الجيش الأمريكي بأن قوات الحرس الوطني ستنفذ عددًا من المهام، بما في ذلك "المهام الإدارية واللوجستية والتواجد الفعلي لدعم إنفاذ القانون". وسيدعم ما بين 100 و200 جندي إنفاذ القانون في أي وقت.
عمدة واشنطن تعارض ترامبنفت موريل باوزر، عمدة واشنطن الديمقراطية، مزاعم ترامب بشأن تفش واسع لأعمال العنف الجامح، مشيرةً إلى أن هذا النوع من الجرائم قد وصل إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من ثلاثة عقود العام الماضي.
وكان عام 2023 قد شهد ارتفاعا حادّا في أعمال العنف، بما في ذلك جرائم القتل، مما جعل واشنطن واحدة من أخطر مدن البلاد. ومع ذلك، انخفضت تلك الجرائم بنسبة 35% في عام 2024، وفقًا للبيانات الفيدرالية، وانخفضت بنسبة 26% أخرى في الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، وفقًا لشرطة المدينة.
وحاولت باوزر تبنّي نبرة دبلوماسية في مؤتمر صحفي، حيث قالت إنها وأعضاء آخرون في إدارتها سيعملون مع الحكومة الفيدرالية، حتى مع رفضها مجددًا مزاعم ترامب بشأن انتشار الجريمة على نطاق واسع.
وبينما صرّحت باوزر بأن القانون يبدو أنه يمنح الرئيس سلطة واسعة لتولي السيطرة المؤقتة على قوة الشرطة في واشنطن، وصف مدعي عام للمدينة، برايان شوالب، في وقت سابق تصرفات ترامب بأنها "غير قانونية"، وقال إن مكتبه "يدرس جميع الخيارات المتاحة".
بينما دعم نائب رئيس موظفي البيت الأبيض لشؤون السياسة ومستشار الأمن الداخلي ستيفن ميلر خطوة ترامب وكتب على موقع "إكس" (تويتر سابقاً): "ستكون واشنطن آمنة، نظيفة، جميلة، وحرة".
ترامب والتصعيد في الخطابخلال الأسبوع الماضي، صعّد ترامب خطابه، مُشيرًا إلى أنه قد يحاول تجريد المدينة من استقلاليتها المحلية وتنفيذ سيطرة اتحادية كاملة.
تعمل مقاطعة كولومبيا بموجب قانون الحكم الذاتي، الذي يمنح الكونغرس السلطة المطلقة، ولكنه يسمح للسكان بانتخاب رئيس بلدية ومجلس مدينة.
Related واشنطن تتوقع اتفاق سلام لا يُرضي موسكو ولا كييفترامب يُطلق حملة أمنية كبرى في واشنطن ويتوعد: لا مكان للمشردين أو المجرمينواشنطن: ترامب يريد اتفاق سلام في أوكرانيا قبل 8 أغسطسيوم الاثنين، فعّل ترامب بندًا من القانون يسمح للرئيس بتولي قيادة قوة الشرطة لمدة 30 يومًا عند وجود "حالات طوارئ". وقال إنه يُعلن "حالة طوارئ تتعلق بالسلامة العامة" في المدينة.
تخفض الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ التابعة لترامب تمويل الأمن لمنطقة العاصمة الوطنية، وهي منطقة تشمل العاصمة واشنطن وأجزاء من ولايتي ماريلاند وفرجينيا. ستحصل المنطقة على مبلغ أقل بمقدار 20 مليون دولار هذا العام من صندوق الأمن الحضري الفيدرالي، أي ما يعادل تخفيضًا بنسبة 44% على أساس سنوي.
كما تعهد ترامب بإزالة مخيمات المشردين، دون تقديم تفاصيل حول كيفية أو مكان نقلهم.
تمتلك الحكومة الفيدرالية جزءًا كبيرًا من حدائق واشنطن، لذا تتمتع إدارة ترامب بالسلطة القانونية لإزالة مخيمات المشردين في تلك المناطق، كما فعل الرئيس جو بايدن أثناء توليه منصبه. لكن المدافعين عن المشردين قالوا إن الحكومة الفيدرالية لا يمكنها إجبار الناس على مغادرة المدينة لافتقارهم إلى المأوى.
ينص قانون الحكم المحلي لعام 1973 على أن الرئيس يمكنه تولي السيطرة على شرطة المدينة لمدة 48 ساعة إذا "حدد أن هناك ظروفًا خاصة ذات طبيعة طارئة"، وهو ما يتطلب استخدام إدارة الشرطة لأغراض فيدرالية.
ويمكن للرئيس الاحتفاظ بالسيطرة على الإدارة لفترة أطول إذا أخطر رؤساء وأعضاء اللجان المختصة في الكونغرس بالشؤون التشريعية المتعلقة بواشنطن العاصمة. وأي طلب للسيطرة على إدارة شرطة المدينة لمدة تتجاوز 30 يومًا يجب أن يصدر بقانون.
وأكد ترامب أن الضباط سيكون لديهم الصلاحية لفعل "كل ما يريدونه حرفيًا"، مضيفاً أن هذا الإجراء سيتجاوز حدود عاصمة البلاد. وقال: "لن نفقد مدننا بسبب هذا، وسيمتد الأمر إلى ما هو أبعد".
هيومن رايتس ووتش تنتقدانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" خطوة ترامب، ولفتت إلى أن "معدلات الجريمة في واشنطن العاصمة انخفاضًا منذ سنوات، ولم تطلب حكومة المقاطعة أي تدخل عسكري".
وقالت مديرة برنامج الولايات المتحدة في المنظمة تانيا غرين إن "إشراك الجيش في إنفاذ القانون المدني أمر خطير وغير مبرر"، مشيرة إلى أن "تحركات إدارة ترامب لنشر قوات عسكرية في مدن يغلب على سكانها ذوو البشرة الملونة، مثل لوس أنجلوس في يونيو/ حزيران، والآن واشنطن العاصمة، تُفاقم احتمال اندلاع العنف وتُكلف ملايين الدولارات التي كان من الممكن إنفاقها على الخدمات الأساسية، مثل الغذاء والسكن بأسعار معقولة، والتي يحتاجها الكثيرون بشدة".
يتمتع الرئيس بسلطة واسعة على 2700 فرد من الحرس الوطني في العاصمة واشنطن، على عكس الولايات التي يمتلك فيها حكامها عادةً سلطة نشر القوات.
تم إرسال قوات الحرس الوطني إلى واشنطن عدة مرات، بما في ذلك ردًا على هجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021، وخلال الاحتجاجات على وحشية الشرطة عام 2020.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة