دير الزورـ لا تزال محافظة دير الزور السورية غارقة في ركام الحرب، فرغم مرور أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، تختفي من المشهد حتى الآن عمليات إعادة الإعمار في المحافظة، وسط انقسام سياسي وعسكري وغياب خارطة خطط التمويل الدولية.

وتبحث المحافظة عن فرصة للنهوض من واقعها المأساوي الماثل في الدمار الهائل الذي خلفته سنوات الحرب وسط غياب كبير للخدمات، رغم الجهود البسيطة التي تبذل على المستوى المحلي.

ويرى مراقبون أن دير الزور تحتاج في ظل هذا الوضع إلى خطة مركزية واضحة، وتنسيق فعال بين القوى المسيطرة، إضافة إلى الضمانات الأمنية والخدمية التي من شأنها تشجيع السكان على العودة إلى مناطقهم المدمرة.

غياب كبير للخدمات في دير الزور في ظل الدمار الهائل الذي خلفته سنوات الحرب (الجزيرة)دمار يرهق المدينة

وتؤكد بيانات رسمية صادرة عن مكتب تنسيق العمل الإنساني (HAC) أن حجم الدمار في ريف المحافظة بلغ نحو 13 ألف منزل متضرر جزئيا، و2900 منزل مدمر كليا.

أما في مدينة دير الزور فتشير تقديرات محلية إلى أن نسبة الدمار تقدر بنحو 85%، وتشمل هذه النسبة البنى التحتية والمدارس والمنشآت الصحية، والخدمية.

ويشير مدير مكتب تنسيق العمل الإنساني في المحافظة بسام المصلوخ إلى أن 35% من مدارس المدينة مدمرة كليا، فمن أصل 607 مدارس لا تزال 254 مدرسة غير جاهزة.

وأضاف المصلوخ في حديثه للجزيرة نت أن عدد الأسر العائدة إلى دير الزور يقدر بأكثر من 10 آلاف أسرة، فيما يقدر عدد السكان الحالي في عموم المحافظة بنحو 700 ألف نسمة. ورغم هذه الأرقام، يؤكد المصلوخ أن حضور المنظمات الدولية ما يزال ضعيفا للغاية، ولا توجد مشاريع حقيقية على الأرض.

جسر محطم جراء الحرب في دير الزور (الجزيرة)محدودية الخدمات

ولا تقتصر إعادة الإعمار على المباني والجسور، بل تشمل إعادة الحياة الى المرافق والخدمات التي يعتمد عليها المواطنون في حياتهم اليومية، ويؤكد عضو المكتب التنفيذي المختص بالإسكان والخدمات في محافظة دير الزور محي العلي أن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، المياه، الاتصالات لا تزال بحاجة إلى جهود كبيرة.

إعلان

ففي مجال توفير الكهرباء، تم تركيب بعض المحولات ومد خطوط جديدة، بعد وصول جزء بسيط من المعدات إلى المحافظة، كما تم جمع أعمدة ومحولات في محاولة لاستخدامها في القرى المتضررة، ورغم ذلك، لا تزال الكهرباء غير كافية، إذ تزود دير الزور اليوم بـ55 ميغاواط/ساعة فقط.

وجهزت بعض شوارع الأحياء بالإنارة بشكل جزئي، وبمبادرات من الأهالي والبلديات والمجالس المحلية، التي تشرف أيضا على خدمات أخرى كالصرف الصحي، لكنها تعاني من محدودية الموارد.

والحال نفسه بالنسبة لمحطات المياه التي تشهد ضعفا شديدا في الأداء بسبب نقص الإمكانيات، وتم تأهيل عدد محدود فقط منها، ولا تزال معظم المناطق تعاني من عدم توفر مياه نظيفة بشكل مستمر.

ويشير العلي -للجزيرة نت- إلى أن بعض الأحياء تحصل على الكهرباء وبالتالي تتوفر فيها المياه، بينما أحياء أخرى لا تصلها الكهرباء إطلاقا.

ومن جانب آخر تم التعاقد مع بعض المنظمات لإزالة الأنقاض وتنفيذ مشاريع صرف صحي، لكن الاستجابة بطيئة جدا، بحسب العلي، مما يزيد من شكاوى السكان وعدم رضاهم عن وتيرة العمل.

ويوضح المسؤول المحلي أن الوضع في الطرقات سيئ، ويضطر السكان لاستخدام وسائل بديلة للتنقل في ظل تعثر إعادة تأهيل الجسور والطرق.

نحو 13 ألف منزل متضرر جزئيا في دير الزور و2900 منزل مدمر كليا (الجزيرة)خطة إعادة الإعمار

وتؤكد المحافظة أن لديها خطة متكاملة لإعادة الإعمار تقوم على مرحلتين أولاهما تأهيل البنية التحتية وتقوم عبر 10 فرق هندسية لإزالة الأنقاض، أعقبتها فرق مختصة لتقييم المباني وتحديد ما هو صالح للسكن، وما يمكن ترميمه، وما يجب هدمه.

وتشارك في تنفيذ هذه الخطة البلديات مع الهلال الأحمر ومكتب تنسيق العمل الإنساني ومؤسسات المياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات.

أما المرحلة الثانية فتقوم على التوسع العمراني حيث يعمل المكتب التنفيذي بالتعاون مع مكتب التخطيط والإحصاء على وضع مخططات توسعة عمرانية، وتم توقيع عقود مشاريع منها عقد مع منظمة برنامج التطوير في الأمم المتحدة لإزالة 75 ألف طن من الأنقاض.

ورغم توقيع العقود، يؤكد محي العلي أن التنفيذ يعاني من بطء شديد، بسبب التعقيدات القانونية والإدارية التي تحكم عمل المنظمات الدولية، مثل تأخر البدء بالمشاريع لما بعد الانتهاء من المناقصات، والتي تستغرق أحيانا شهرين أو أكثر.

مواطنو دير الزور يأملون عودة الخدمات إلى محافظتهم (سانا)عوائق في وجه الإعمار

وإلى جانب التعقيدات الاقتصادية واللوجستية وقلة الاستثمار يواجه ملف إعادة الإعمار معضلة في تداخل مناطق السيطرة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

ففي حديثه للجزيرة نت يؤكد المهندس المكلف بتسيير الوحدات الإدارية في المحافظة عبد العزيز عبد العزيز أن عدم استعداد "قسد" للتنسيق يشكل عائقا كبيرا أمام تنفيذ مشاريع الإعمار، ويعرقل كافة المشاريع الحيوية، ويخلق حالة من عدم الاستقرار والتردد لدى السكان في العودة أو الاستثمار.

ويشرح عبد العزيز ذلك بعدة نقاط:

استهداف فنيين يعملون على إعادة تشغيل الجسور بين ضفتي الفرات عبر القنص، مما أوقف العمل نهائيا، وأجبر الأهالي على استخدام العبارات النهرية التي تسبب حوادث غرق وكلفة مادية عالية. تخريب محطات المياه في الميادين والدوير نتيجة استهدافها من قوات "قسد". حملات اعتقال تطول موظفين حكوميين في حال كانوا مقيمين بمناطق سيطرة "قسد". إعلان

ويؤكد عبد العزيز أن إحجام قسد عن التنسيق يعرقل كافة المشاريع الحيوية، ويخلق حالة من عدم الاستقرار والتردد لدى السكان في العودة أو الاستثمار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات إعادة الإعمار عبد العزیز دیر الزور لا تزال

إقرأ أيضاً:

نماء: توظيف 800 كفاءة عُمانية في مشاريع المياه عبر الشركات المُساندة

أعلنت شركة "نماء لخدمات المياه" عن تفاصيل توظيف أكثر من 800 فرصة عمل جديدة في قطاع المشاريع للعمل في الشركات المُساندة، ممثلة في الاستشاريين والمقاولين المنفذين للمشاريع الاستراتيجية التي تنفذها الشركة في مختلف محافظات سلطنة عُمان، ويأتي ذلك ضمن التزام الشركة بتعزيز مشاركة الكفاءات الوطنية في تنفيذ مشاريع حيوية، ودعم جهود التعمين في الشركات المُساندة في تخصصات فنية وإدارية متقدمة، تشمل الصحة والسلامة، وإدارة المشاريع، والمساحة، والهندسة بمختلف فروعها، جاء ذلك اليوم خلال الإعلان عن تفاصيل الحزمة الثالثة من مبادرة التوظيف في قطاع المياه لشركة "نماء لخدمات المياه" في مسقط، كما تخلل اللقاء استعراض المشاريع الجاري تنفيذها والتي شملت خطوط تعزيز نقل المياه وشبكات توزيع المياه وخزانات التوزيع وغيرها من المرافق المرتبطة بمنظومة المياه في مختلف المحافظات وبتكلفة إجمالية تتجاوز المليار ريال عماني، وتشمل إنشاء وتوسعة شبكات نقل وتوزيع المياه، ومشاريع الصرف الصحي في ولايتي بوشر والسيب، ومشاريع الشبكات في محافظة الظاهرة، ومشاريع توسعة الشبكات في ولاية الجبل الأخضر.

وأوضح قيس بن سعود الزكواني الرئيس التنفيذي لنماء لخدمات المياه، أن هذه الدفعة من الوظائف تأتي ضمن التوجه الاستراتيجي للشركة في تعزيز رأس المال البشري الوطني، وحث الشركات المُساندة وربط التوظيف مباشرة باحتياجات المشاريع الحالية في قطاع المياه والصرف الصحي، وأضاف: نسعد في "نماء لخدمات المياهط باستقبال الموظفين الجدد في هذا القطاع للعمل في الشركات المُساندة التي تنفذ مشاريع المياه، والذين لمسنا فيهم الكفاءة والرغبة، مما ينبئ بأداء وظيفي متميز سينعكس على جودة وكفاءة تنفيذ المشاريع، إن قيام المقاولين والاستشاريين المنفذين لمشاريع نماء لخدمات المياه بتوفير أكثر من 800 فرصة عمل جديدة يعد خطوة نوعية لدعم جهود استيعاب الباحثين عن عمل، وفتح آفاق أوسع أمام الشباب العماني لتطوير مهاراتهم وتوظيف طاقاتهم في مشاريع حيوية تخدم مختلف محافظات سلطنة عُمان.

وأشار الزكواني إلى أن هذا التوجه يجسد مستهدفات "رؤية عُمان 2040 " التي تضع الإنسان في قلب التنمية، وتؤكد على بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، لافتًا إلى أن الموظفين الجدد سيكتسبون خبرات ومهارات عملية مباشرة من خلال انخراطهم في بيئة العمل الميدانية ومشاركتهم في تنفيذ المشاريع، بما يعزز جاهزيتهم للمساهمة في استدامة القطاع.

من جانبه، أكد المهندس عبدالله بن سالم الراسبي الرئيس التنفيذي للمشاريع الإنمائية، أن الوظائف الجديدة تمثل دعمًا مباشرًا لقطاع المشاريع من خلال رفده بكفاءات عمانية قادرة على الاندماج في بيئة العمل الميدانية منذ اليوم الأول، مضيفا أن انضمام هذه الكفاءات الوطنية يحقق قيمة مضافة حقيقية، ليس فقط من خلال سد الاحتياجات الوظيفية، بل عبر إكساب الموظفين خبرات عملية ومهارات فنية متقدمة تُكتسب من واقع العمل، ونقل المعرفة من فرق العمل الحالية إلى الكوادر الشابة، بما يضمن استمرارية الأداء المتميز ويعزز قدرة القطاع على مواكبة متطلبات التنمية والمشاريع المستقبلية، واستعرض الراسبي أعداد العمانيين الموزعين على مشاريع محافظات السلطنة، وعدد المشاريع والعقود في كل محافظة، حيث تضمنت محافظة مسندم مشروعين، ومحافظة البريمي 3 مشاريع، ومحافظة الظاهرة 10 مشاريع، ومحافظة الداخلية 10 مشاريع، ومحافظة الباطنة 29 مشروعا، أما محافظة مسقط فتضمنت 37 مشروعا، ومحافظة الشرقية 13 مشروعا، والوسطى مشروعين، كما أفاد أن إجمالي عدد الموظفين العمانيين الذين تم توظيفهم في هذه المشاريع بلغوا 857، مضيفا: أغلب المشاريع التي تم إسنادها جزء كبير منها كان ضمن التوظيف مع الاستشاريين والمقاولين حسب العقود والخبرة وحسب القيمة المحلية فيما بيننا المضافة، ونتوقع خلال الفترة القادمة أن تكون هناك عملية توظيف كبيرة، وهناك مشاريع جارية في مرحلة الإسناد، وحول مساهمة توظيف الكفاءات العمانية في المشاريع الحيوية في دعم الاقتصاد العماني على المدى الطويل أفاد الراسبي: إن القيمة المحلية المضافة جزء مهم وأساسي في صرف أي مبالغ مالية في المشاريع وينطبق ذلك على شراء المواد المحلية وكذلك على عملية التوظيف، وبالتالي يعد مساهما كبيرا في عملية التنمية الاقتصادية، وأفاد أن الوظائف المطروحة شملت مجالات فنية وإدارية متنوعة، أبرزها إدارة المشاريع، والهندسة بمختلف تخصصاتها، وهندسة الصحة والسلامة، ومسح الكميات، والخدمات الاستشارية، والموارد البشرية، والعلاقات العامة، والدعم اللوجستي، مع مراعاة استقطاب كل من الخريجين الجدد وأصحاب الخبرات، لتحقيق التكامل بين الأجيال وتعزيز تبادل الخبرات، وسيتم توجيه هذه الوظائف إلى مشاريع استراتيجية تشمل توسعة شبكات وخطوط نقل المياه، وإنشاء شبكات جديدة للمياه والصرف الصحي، وتطوير أنظمة المراقبة والتحكم الذكية، بما يسهم في رفع كفاءة القطاع وتحسين جودة الخدمات.

وحول أبرز مشاريع شركة "نماء لخدمات المياه" أشار الراسبي إلى مشاريع عبري المرحلة الأولى وعبري المرحلة الثانية والتي بلغت قيمتها 240 مليون ريال عماني، والحزم التي تم إسنادها في مسقط في مشاريع الصرف الصحي تفوق 350 مليون ريال عماني .

وقال المهندس إسماعيل المسكري -الذي التحق مؤخرًا بالعمل بوظيفة مدير مشروع في إحدى الشركات المُساندة التي تنفذ واحدًا من هذه المشاريع الإستراتيجية-: إنني فخور بحصولي على هذه الوظيفة والمشاركة في إدارة تنفيذ مشاريع استراتيجية في قطاع المياه تخدم مختلف محافظات سلطنة عُمان، مضيفا أن هذه الفرصة أتاحت له العمل ضمن فرق متخصصة واكتساب خبرات عملية مباشرة في الميدان ومشاركة الخبرات العملية السابقة.

وأعربت المهندسة أثير الحميدية، وهي حديثة التخرج عن إمتنانها بالعمل ضمن هذه الحزمة، قائلةً : "التحاقي بهذه الوظيفة هو بداية مهمة لمساري العملي، وفرصة لتطبيق ما تعلمته في الجامعة على أرض الواقع، العمل في قطاع حيوي مثل المياه يمنحني إحساسًا بالفخر، ويحفزني على بذل المزيد من الجهد لاكتساب الخبرة وتطوير مهاراتي".

مقالات مشابهة

  • الشيخ : الحرب الاقتصادية التي يشنها الاحتلال لا تقل خطوة عن العسكرية
  • شركة سعودية تبدأ تنفيذ مذكرة تفاهم لإعادة تأهيل معمل إسمنت عدرا بريف دمشق
  • نماء: توظيف 800 كفاءة عُمانية في مشاريع المياه عبر الشركات المُساندة
  • فرصة عمل في صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري
  • قتل الشاهد.. الجريمة التي تُضاعف جريمة الحرب
  • البصرة.. هلاك الطيور “بسبب شرب المياه الملوثة”
  • تدشين ورشة إعادة تأهيل وصيانة الكراسي والطاولات المدرسية في الحديدة
  • الإحصاء : 21,3 مليون نسمة من إجمالي السكان من الشباب
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم “حماس” بعد كل الضربات التي تلقتها؟