المقاتلة الشبح قآن.. درع تركيا لتقليص الاعتماد على السلاح الأميركي
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
مقاتلة شبح من الجيل الخامس، طورتها تركيا بهدف إنتاج طائرة مقاتلة محلية الصنع، تعوض بها طائرات "إف 16" الأميركية التي تملكها القوات الجوية التركية، والمقرر إخراجها تدريجيا من الخدمة والاستغناء عنها بحلول عام 2030.
وفي مطلع مارس/آذار 2025 أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المقاتلة الوطنية "قآن" ستدخل مرحلة الإنتاج المتسلسل في غضون مدة قليلة لكنه لم يحددها، وجاء ذلك أثناء كلمة ألقاها في الاجتماع التعريفي لإستراتيجية الصناعة والتكنولوجيا بالمجمع الرئاسي التركي في العاصمة أنقرة.
تُعرف المقاتلة "قآن" أيضا باسم "تي إف"، وهو اختصار لترجمة عبارة "المقاتلة التركية"، وكانت تُعرف سابقا باسم "إم إم يو"، اختصارا لعبارة "الطائرة القتالية الوطنية" باللغة التركية.
وكشف أردوغان عن اسم الطائرة الجديدة في كلمة ألقاها أثناء حفل "مئوية المستقبل" للتعريف بمنتجات الصناعات الدفاعية التركية في الأول من مايو/أيار 2023.
وأشار الرئيس التركي إلى أن الطائرة المقاتلة "قآن" من شأنها جعل تركيا واحدة من 5 دول فقط تنتج المقاتلات من الجيل الخامس في العالم.
بدأت تركيا العمل على التصاميم النظرية للمقاتلة "قآن" عام 2011، بعدما قررت تعزيز استقلاليتها في مجال الصناعات الدفاعية، فأطلقت في سبيل ذلك مجموعة من المشاريع، وكان تصنيع مقاتلة شبح محلية الصنع أبرزها وأكثرها طموحا.
انطلق مشروع تصنيع المقاتلة رسميا في 5 أغسطس/آب 2016، بعد توقيع اتفاقية بين رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش).
وبموجب الاتفاقية تولت "توساش" مهمة تصميم الطائرة وإنتاجها ودمج أنظمتها، ضمن ميزانية بلغت 1.18 مليار دولار أميركي، مع تنفيذ المشروع بدعم مجموعة واسعة من الموردين المحليين والمؤسسات البحثية التركية.
اعتمدت الشركة في أغلب عمليات التنفيذ على الموارد الوطنية، في إطار خطة تهدف إلى توطين تقنيات الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة.
إعلانكما استكملت مراحل التصميم الأولي، وإنشاء البنية التحتية الهندسية ومنشآت الاختبار، وصولا إلى تصنيع النماذج الأولية التي دخلت مرحلة التجريب مطلع عام 2024، وتحديدا في 21 فبراير/شباط، عندما حلقت المقاتلة للمرة الأولى مدة 13 دقيقة على ارتفاع تجاوز 2400 متر وبسرعة فاقت 400 كيلومتر في الساعة.
بعد ذلك أقلعت المقاتلة برحلة تجريبية ثانية في 6 مايو/أيار من العام ذاته، وحلقت مدة 14 دقيقة، وبلغ ارتفاعها أكثر من 3 آلاف متر بالسرعة ذاتها.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول أجرت المقاتلة بنجاح اختبار تشغيل مزدوج للمحركات باستخدام نظام حرق إضافي.
تعمل المقاتلة بمحركين من طراز "إف-110" من إنتاج شركة "جنرال إلكتريك" الأميركية، وهو الطراز نفسه المستخدم أيضا في مقاتلات الجيل الرابع من طراز "إف 16" التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن".
يعتمد تشغيل المقاتلة في مرحلتها الأولى على محركات أميركية الصنع، ريثما يكتمل تطوير المحركات المحلية المخطط دخولها الخدمة بحلول عام 2028.
إضافة إلى الطائرة الأولى المخصصة للاختبارات والتجارب، جرى تصنيع 7 طائرات إضافية على مراحل متباعدة، وتعتزم الشركة تسليم الدفعة الأولى المكونة من 20 طائرة للقوات الجوية التركية عام 2028، ثم المضي في إنتاج طائرتين شهريا لاحقا، لتحل محل طائرات إف 16 الأميركية.
الخصائص والمميزاتيبلغ طول الطائرة نحو 21 مترا، ويمتد جناحاها على عرض 14 مترا، أما ارتفاعها فيصل إلى 6 أمتار.
تتميز "قآن" بتصميم انسيابي متطور، إذ صُنع هيكلها من مواد مركبة تقلل انعكاس الموجات الرادارية، وتمنحها القدرة على التخفي.
تضم الطائرة قمرة قيادة لشخص واحد، مع قدرة عالية على المناورة، وبصمة رادارية منخفضة، فضلا عن توفرها على مخزن داخلي للأسلحة وقدرتها على الاستطلاع الإلكتروني والتنسيق مع الطائرات المسيرة والأنظمة الإلكترونية الأخرى، الأمر الذي يمكّنها من العمل ضمن شبكة متكاملة.
وتعمل الطائرة بمحركين من طراز "إف 110″، وهما محركان توربينيان مروحيان مزودان بنظام حرق إضافي يزيد قوة الدفع، مما يتيح للطائرة تسارعا وقدرة أداء عالية.
وتعمل تركيا على تطوير محرك محلي عالي الأداء، بهدف بلوغ سرعة قصوى تتراوح بين 1.8 و2 ماخ، مع مدى عملياتي يتجاوز 1100 كيلومتر وارتفاع تشغيلي يزيد عن 16.7 كيلومترا.
أنظمة إلكترونية محلية متطورةصُممت "قآن" في سياق سعي تركيا إلى تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، ضمن إستراتيجية أكبر لإنتاج وتصدير المعدات الدفاعية المتقدمة، ولذلك طرحت أنقرة هذه الطائرة بوصفها خيارا جاذبا للدول التي تسعى إلى التزود بأنظمة قتالية متطورة خارج نطاق الهيمنة التقليدية للقوى الكبرى.
"قآن" مزودة برادار "مراد 100 إيه" المحلي الصنع، القادر على رصد وتتبع أهداف متعددة في مختلف الظروف الجوية، مع إمكانية الاشتباك بعيد المدى.
كما تتميز بمنظومات استشعار متقدمة تشمل مستشعرات الأشعة تحت الحمراء التي تمكّنها من رصد وتتبع الأهداف دون الحاجة إلى تشغيل الرادار، وكاميرات كهروضوئية توفر قدرة عالية على تحديد الأهداف بصريا، علاوة على تقنية دمج بيانات المستشعرات التي تجمع وتوحد المعلومات في صورة ميدانية واحدة شاملة، ما يمنح الطيار إدراكا عالي الدقة ويعزز من فعاليته القتالية في مختلف ظروف المعركة.
إعلانوتستطيع "قآن" قيادة المسيرات القتالية "كيزيل إلما" و"أنكا 3″، مما يجعل منها مركز قيادة جويا متكاملا يستطيع إدارة عمليات جوية معقدة في الزمن الحقيقي، وتعزيز التنسيق بين الوحدات المختلفة في ساحة المعركة.
وللمقاتلة "قآن" القدرة على حمل ما يصل إلى 10 أطنان من الأسلحة، تشمل صواريخ جو-جو بعيدة المدى، من طراز "بوزدوغان" و"غوكدوغان"، وصواريخ جو-أرض دقيقة التوجيه مثل "كوزغون" وصواريخ كروز من طراز "إس أو إم"، إضافة إلى قنابل ذكية موجهة من طراز "إتش جي كا".
تزود "قآن" بأنظمة تشويش وحماية إلكترونية متطورة تتيح لها اختراق شبكات الدفاع الجوي المعادية دون كشفها، مما يرفع من كفاءتها القتالية في البيئات العملياتية المعقدة.
وتتمكن الطائرة من بلوغ أقصى حمولة ممكنة عبر الاستفادة من نقاط تعليق خارجية تُضاف إلى خزانات الأسلحة الداخلية عند انتفاء الحاجة إلى وضع التخفي، بما يتيح حمل مزيد من الأسلحة أو خزانات وقود إضافية لزيادة المدى التشغيلي.
تسويق وشراكاتتسعى تركيا إلى تسويق مقاتلتها الشبح "قآن" على نطاق واسع، وقد خطت أول خطوة في هذا المسار أواخر يوليو/تموز 2025، عندما وقعت عقدا لتزويد إندونيسيا بـ48 طائرة بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار.
ويتضمن الاتفاق تصنيعا محليا جزئيا وتعاونا تقنيا مع الشركات الوطنية الإندونيسية، على أن تبدأ التسليمات عام 2028، وقد تم توقيعه على هامش معرض الصناعات الدفاعية الدولي السابع عشر "آيدف 2025" في إسطنبول.
كما كشفت وسائل إعلام تركية في أغسطس/آب 2025 عن موافقة أنقرة على انضمام مصر شريكا مطورا في مشروع إنتاج المقاتلة التركية، وذلك في أعقاب زيارة ميدانية أجراها وفد من خبراء القوات الجوية المصرية للاطلاع على النموذج الأولي للطائرة وخطوط الإنتاج.
كما أعلنت الدولتان عزمهما إبرام مذكرة تفاهم رسمية قبل اختتام عام 2025، لبدء شراكة تقنية تشمل أوجها عدة من التعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الصناعات الدفاعیة المقاتلة الترکیة من طراز
إقرأ أيضاً:
وزير هولندي سابق يقترح آلية أممية لتجاوز الفيتو الأميركي وإنقاذ غزة
قال وزير الدفاع الهولندي الأسبق وأستاذ العلاقات الدولية يوريس فورهوف إن الجمعية العامة للأمم المتحدة يمكن أن تحمي المدنيين في قطاع غزة عبر آلية "الاتحاد من أجل السلام" التي تتيح تجاوز سلطة حق النقض (الفيتو) الأميركي في مجلس الأمن.
وفي حديث لوكالة الأناضول، أفاد فورهوف، الذي شغل منصب وزير الدفاع في فترة ارتكاب صربيا مجزرة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك عام 1995، بأن الأمم المتحدة شكلت هذه الآلية عام 1950 بموجب القرار 377.
وأوضح أنه يمكن للأمم المتحدة توظيف هذه الآلية لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، داعيا الأمم المتحدة للتحرك العاجل من أجل غزة، محذرا إياها من تكرار تجارب سربرنيتسا.
وأكد أن العالم أجمع قلق للغاية بشأن مصير أكثر من مليوني فلسطيني في غزة مع قرار إسرائيل احتلال القطاع بالكامل.
القدرة الأمميةولفت إلى أنه لا يرى أي مبرر لأن يجلس العالم مكتوف الأيدي ويشاهد تطور هذه القصة المروعة، فالأمم المتحدة تمتلك القدرة على إيقاف ذلك، وفق تعبيره.
وأوضح أن هذه الآلية ظهرت لأول مرة خلال الحرب الكورية عام 1950 عندما هاجمت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بدعم من الاتحاد السوفياتي.
وأردف أن الملف نُقل إلى الجمعية العامة التي تستطيع اتخاذ قرارات بأغلبية الثلثين، عقب الفيتو السوفياتي في مجلس الأمن.
وشدد على أن تنفيذ هذه الآلية بشأن غزة قد يكون أكثر فاعلية اليوم، مع ارتفاع عدد أعضاء الأمم المتحدة إلى 193 دولة، مما يجعل تحقيق غالبية الثلثين أمرا أسهل.
وأشار إلى أن أي دولة تطالب بوقف الإبادة الجماعية يمكنها أن تقترح تطبيق هذه الآلية، معربا عن أمله في أن تستفيد الكثير من الدول الأوروبية والإسلامية والعربية من هذه الفرصة لوقف "هذا الجنون الذي يهدد بإبادة غالبية فلسطينيي غزة".
قرارات متأخرةوانتقد فورهوف الأمم المتحدة بشدة بسبب قراراتها المتأخرة في تجارب تاريخية عديدة، كما حدث في مجزرة سربرنيتسا، لافتا أن عدم تحركها في غزة سيفقدها مصداقيتها.
إعلانجدير بالذكر أن القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش، دخلت سربرنيتسا في 11 يوليو/تموز 1995، بعدما أعلنتها الأمم المتحدة منطقة آمنة، وارتكبت مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، بينهم أطفال ومسنون، وذلك بعدما قامت القوات الهولندية العاملة هناك بتسليم عشرات آلاف البوسنيين إلى القوات الصربية.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية نحو 61 ألفا و722 شهيدا و154 ألفا و525 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح نحو 239 شخصا، بينهم 106 أطفال.