اتهام لفرنسا وتحالف مع روسيا.. مالي تفتح جبهة جديدة في صراع النفوذ بالساحل
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
أعلنت السلطات الانتقالية في مالي، مساء أمس الخميس، عن تنفيذ موجة جديدة من الاعتقالات شملت ضباطا كبارا في الجيش، إلى جانب مواطن فرنسي قالت إنه يعمل لصالح أجهزة الاستخبارات في بلاده، وذلك في إطار ما وصفته بـ"إحباط محاولة لزعزعة استقرار البلاد".
وجاء في بيان تلي على التلفزيون الرسمي، أن المحاولة "خطط لها عسكريون ومدنيون تلقوا دعما من دولة أجنبية"، مؤكدا توقيف جنرالين اثنين وعدد من الضباط، إضافة إلى الفرنسي المتهم بالتجسس.
وكانت وسائل إعلام دولية قد نقلت عن مصادر أمنية وحكومية أن ما بين 36 و40 عسكريا تم توقيفهم خلال الأيام الأخيرة، في ظل تصاعد الشكوك حول وجود انقسامات داخل المجلس العسكري الحاكم.
وبين الموقوفين الجنرال عباس ديمبيلي، القائد السابق في شمال البلاد قبل أن يتولى منصب حاكم موبتي، والعميد نعمة ساجارا، عضو أركان القوات الجوية، والذي ينتمي إليها وزير المصالحة الوطنية الجنرال إسماعيل واغي.
هذه التطورات يُنظر إليها داخليا بمثابة مؤشر على "حرب باردة" بين الرئيس الانتقالي، الجنرال عاصيمي غويتا، ووزير دفاعه ساديو كامارا، وسط خلافات بشأن ملفات التعاون الدولي، خصوصا مع الدول الغربية. ويأتي ذلك في سياق مرحلة انتقالية شائكة تعيشها مالي منذ الإطاحة بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا عام 2020، حيث تعهد المجلس العسكري بتنظيم انتخابات، لكنه يواجه ضغوطا داخلية وخارجية بسبب تأجيل الاستحقاقات وتنامي النفوذ العسكري في السلطة.
وفي سياق متصل، شهد اليوم ذاته انعقاد أول اجتماع رسمي بين روسيا وقادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو، انتهى بتوقيع مذكرة تفاهم دفاعية، في خطوة تعزز المحور العسكري الجديد في منطقة الساحل. وقال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إن المشاورات "تفتح فصلا جديدا في التعاون الدفاعي"، فيما أكد وزير الدفاع المالي أن "الدفاع هو حاليا أكبر مجال للشراكة بين البلدين".
ويأتي هذا التوجه بعد انسحاب القوات الفرنسية وقوات "برخان" من مالي ودول الساحل، الأمر الذي منح موسكو فرصة لتوسيع حضورها العسكري والسياسي في المنطقة، على حساب النفوذ الفرنسي التقليدي.
ولا يمكن فصل اتهام السلطات المالية للمخابرات الفرنسية بالتورط في محاولة انقلابية، عن الصراع الأوسع على النفوذ في الساحل، حيث تسعى باريس لاستعادة موطئ قدم بعد خسارتها لعدد من قواعدها الاستراتيجية، فيما تراهن باماكو وحلفاؤها الجدد في نيامي وواغادوغو على الدعم الروسي لتعزيز استقلال قرارهم العسكري والسياسي، في ظل تحولات عميقة قد تعيد رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مالي الاعتقالات الجيش انقلابية انقلاب جيش اعتقالات مالي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قمة ألاسكا بين بوتين وترامب… هل تضع «الحرب الأوكرانية» على طريق النهاية أم تفتح جولة جديدة من الصراع؟
بين أوراسيا والشرق الأوسط… هل تمتد صفقات الكبار لتشمل وقف الحرب على غزة؟
في عالم يزداد اضطرابًا، تلتقي الملفات الساخنة على طاولة واحدة، من ميادين أوكرانيا المشتعلة إلى شوارع غزة المدمرة. يوم الجمعة القادم، تتجه أنظار العواصم إلى ألاسكا، حيث سيجلس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجهًا لوجه، في لقاء يصفه البعض بالتاريخي، ويراه آخرون مجرّد عرض سياسي يخدم صور الحملات الانتخابية أكثر مما يخدم فرص السلام. وبين التفاؤل الحذر والتشاؤم الواقعي، يظل السؤال: هل يمكن أن تغير هذه القمة مسار الأحداث؟
منذ بداية ولايته الثانية، ظل ترامب يبحث عن فرصة لجمعه ببوتين، غير أن الظروف السياسية والأمنية أبقت هذه الفكرة مؤجلة. ومع تصاعد الحرب الأوكرانية واقترابها من دخول عامها الرابع، لجأ ترامب إلى لغة الإنذارات، مانحًا موسكو مهلة أولى من خمسين يومًا لوقف الحرب، قبل أن يخفضها فجأة إلى اثني عشر يومًا، في خطوة فسرها البعض بأنها ضغط متعمد لإجبار الروس على قبول لقاء مباشر.
لكن ما بين الطموح الأمريكي والحسابات الروسية، تتبدى الحقائق القاسية. ترامب رجل الصفقات الذي يسعى دائمًا لاقتناص أكبر قدر من المكاسب مقابل أقل قدر من التنازلات، ولن يقبل بأي اتفاق إلا إذا خرج منه بمشهد يستطيع تقديمه للداخل الأمريكي على أنه انتصار. في المقابل، يدرك بوتين أن أي تنازل عن شروطه في أوكرانيا يعني اهتزاز موقع روسيا الاستراتيجي وفتح الباب أمام تراجع نفوذها، وهو سيناريو لا يمكن القبول به في الكرملين.
الخيار الآخر أمام ترامب هو محاولة فصل روسيا عن الصين، وهو هدف استراتيجي للإدارة الأمريكية الحالية، لكنها مهمة شبه مستحيلة، فالعلاقة بين موسكو وبكين باتت اليوم تحالفًا وجوديًا يواجه العقوبات والحصار الغربي معًا، وأي تراجع فيه سيكون بمثابة خسارة للطرفين في آن واحد.
الملف الأوروبي يمثل بدوره عقدة لا تقل أهمية، فمهما تباينت المواقف بين واشنطن والعواصم الأوروبية، تبقى الهيمنة الأمريكية على القارة العجوز عنصرًا جوهريًا في إحكام السيطرة على أوراسيا. التخلي عن الأوروبيين أو تقليص المظلة الأمنية لحلف شمال الأطلسي قد يدفعهم لتطوير قوة عسكرية مستقلة، وهو ما قد يهدد النفوذ الأمريكي على المدى الطويل. ولهذا، فإن أي صفقة مع روسيا لن تمر دون مراعاة لحسابات الحلفاء الأوروبيين وحفظ ماء وجههم.
وعليه، يبدو أن قمة ألاسكا قد تنتهي دون اختراق حاسم في أوكرانيا، لكنها ستمنح بوتين مكسبًا سياسيًا يتمثل في كسر جزئي لعزلة بلاده وتوجيه ضربة رمزية لمذكرة الاعتقال الدولية بحقه، فيما يحصل ترامب على المشهد الذي يبحث عنه («صورة مع خصم استراتيجي» يبرهن بها على أنه «رجل الفرص القادر» على الحديث مع الأعداء قبل الأصدقاء).
ويبقى التساؤل الإقليمي حاضرًا: هل تمتد صفقات الكبار من أوراسيا إلى الشرق الأوسط، فيشهد الجمعة القادمة بادرة لوقف الحرب على غزة، أم أن الصراع هناك سيظل خارج حسابات هذه الطاولة، بانتظار تسوية أخرى قد لا تأتي قريبًا؟
في النهاية، تعكس قمة ألاسكا طبيعة الصراع الجيوسياسي المعاصر، حيث تتقاطع خطوط النار من شرق أوروبا إلى شرق المتوسط، وتتشابك رهانات القوى الكبرى مع حسابات الداخل، في سباق مفتوح على إعادة رسم خرائط النفوذ لما بعد أوكرانيا.. .!!
(كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.. !!)
اقرأ أيضاًقمة ألاسكا: ترامب وبوتين وجهاً لوجه لبحث إنهاء حرب أوكرانيا
ترامب ينفذ تهديده.. تفاصيل تغيير اسم خليج المكسيك رسميا