الشرع: لا تنازل عن وحدة سوريا ومحاسبة المتورطين في أحداث السويداء
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
اتهم الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، بعض الأطراف الداخلية بـ"الاستقواء بإسرائيل" لتحقيق مكاسب سياسية، مؤكداً أن محاولات تقسيم سوريا "وهم سياسي" لن يجد طريقه إلى الواقع.
وشدد الشرع على أن أولوية الحكومة في المرحلة الراهنة تتمثل في عودة النازحين، واستعادة مؤسسات الدولة، وإطلاق مشاريع لإعادة بناء البنى التحتية المدمرة جراء الحرب.
وخلال جلسة حوارية عقدها في محافظة إدلب مع أكاديميين وسياسيين ووجهاء محليين، أقر الشرع بوقوع "تجاوزات من مختلف الأطراف" في أحداث السويداء الأخيرة، متعهداً بمحاسبة جميع المتورطين.
وقال إن "90% من سكان السويداء أوفياء للوطن"، مؤكداً أن الحل يكمن في "وقف إطلاق النار ورعاية مصالحة اجتماعية حقيقية بين العشائر البدوية والدروز"، بما يضمن تثبيت الاستقرار في الجنوب السوري.
وفيما يتعلق بالتوتر مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أوضح الرئيس السوري أن "ممارساتها على الأرض تتناقض مع ما يُطرح في المفاوضات"، لكنه جدد التأكيد على أن بلاده "لن تتنازل عن ذرة تراب واحدة"، وأن أي اتفاق مع "قسد" سيخضع لمراجعة دقيقة لضمان احترام السيادة السورية.
وأشار الشرع إلى أن سوريا تمر بمرحلة "امتحان سياسي واجتماعي"، معتبراً أن التحدي الأكبر يتمثل في صون الوحدة الداخلية ومنع الانقسامات.
وقال: "لقد أسقطنا النظام السابق في معركة تحرير سوريا، واليوم أمامنا معركة أكثر تعقيداً وهي توحيد البلاد بعيداً عن الدماء".
وحذّر من محاولات خارجية تهدف إلى "إضعاف دمشق عبر إذكاء النزاعات الطائفية والقبلية"، مؤكداً أن "المجتمع السوري غير قابل للتقسيم"، وأن الدعوات لإنشاء "كنتونات محلية" لا تتجاوز كونها "أحلاماً سياسية" تفتقر للواقعية.
وفي السياق الاقتصادي، كشف الشرع عن خطط لإطلاق "صندوق التنمية الوطني" بتمويل من السوريين في الداخل والمغتربين، بهدف إعادة ترميم البنية التحتية ومعالجة أزمة القروض.
وأوضح أن الحكومة تسعى لزيادة الاستثمارات في قطاعات الطاقة والإعمار، مشيراً إلى أن دمشق جذبت بالفعل استثمارات تجاوزت 28 مليار دولار منذ سبعة أشهر، مع توقعات بارتفاعها إلى 100 مليار خلال العامين المقبلين.
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس السوري تمثل محاولة لطمأنة الداخل وترسيخ صورة الدولة القادرة على تجاوز الفوضى، في وقت تراقب فيه الأطراف الإقليمية والدولية مسار الأحداث في الجنوب السوري بقلق بالغ.
كما أن الإعلان عن خطط اقتصادية واستثمارية متوازية مع مسار المصالحات يعكس محاولة متعمدة لربط الأمن بالتنمية، وإعادة صياغة أولويات الدولة السورية في مرحلة ما بعد الحرب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أحمد الشرع الرئيس السوري تقسيم سوريا البنى التحتية محافظة إدلب قوات سوريا الديمقراطية سوريا دمشق قطاعات الطاقة الرئیس السوری
إقرأ أيضاً:
بين حافظ الأسد وأحمد الشرع: مسار طويل من التوتر السوري-اللبناني
بعد تسلم الإسلاميين الحكم في سوريا، بقيت أعداد كبيرة من النازحين السوريين داخل الأراضي اللبنانية، وفرضت دمشق قيودًا على دخول اللبنانيين إليها، وفق مبدأ المعاملة بالمثل. اعلان
لا تزال العلاقات بين دمشق وبيروت متوترة، على الرغم من التحولات الكبرى التي شهدها كلا البلدين. فالحكومة اللبنانية، التي تشكلت بدعم أمريكي عقب حرب ضروس أضعفت فيها القوة العسكرية لحزب الله في المنطقة، ورغم وجود بعض القواسم المشتركة بينها وبين حكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، تجد نفسها مجددًا أمام جار "لا يُستهان به"، جار يسعى لإعادة فرض نفوذه في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، رازحة تحت خطر أن يصبح "لبنان جزءًا من بلاد الشام مجددًا"، كما حذّر المبعوث الأمريكي توماس باراك.
وتطرح هذه التوترات العديد من التساؤلات حول الدور الذي قد يلعبه حكام دمشق الجدد في أي مواجهة محتملة يخوضها لبنان، الذي يعيش على صفيح ساخن، سواء أكانت داخلية أم خارجية.
وتزداد التساؤلات إلحاحًا في ظل رفض حزب الله تسليم سلاحه، ومحاولات التقارب بين دمشق وتل أبيب، فضلًا عن خلفية النزاعات الدموية بين الإسلاميين الذين تولوا الحكم في سوريا ولبنان خلال معارك الجرود.. فكيف يمكن فهم طبيعة العلاقة بين هذين البلدين؟
الخلفية التاريخية للعلاقاتحتى قبل صعود حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970، لطالما نظر السوريون إلى لبنان على أنه قاعدة لأنشطة مناهضة لسوريا، حيث أنه كان يستضيف شخصيات المعارضة ويحتويها.
في عام 1976، أرسل حافظ الأسد قواته إلى لبنان بذريعة إحلال السلام، بينما كان بلد الأرز يتجه نحو حرب أهلية استمرت حتى عام 1990.
ورغم توقيع اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية، لم تنسحب القوات السورية مباشرة، بل بقيت في لبنان حوالي 15 عامًا إضافية، ما زاد من التوتر وأعطى اللبنانيين شعورًا بمحاولة السوريين بسط نفوذهم، خاصة مع الاتهامات المتكررة لقوات الأمن السوري بممارسة التعذيب بحق المعارضة في كل من سوريا ولبنان.
Related ماذا يجري على الحدود بين سوريا ولبنان؟ محاولة لضبط الأمن أم تصفية حسابات مع حزب الله وعهد بشار الأسدالحدود السورية اللبنانية تشهد تصاعدا في التوترات وسط مخاوف من استمرار الاشتباكات أول رحلة مباشرة من إسرائيل إلى سوريا منذ 1973.. عضو الكونغرس إبراهيم حمادة يلتقي الشرع في دمشقاغتيال الحريري
عام 2005، اتهمت عدة جهات لبنانية نظام الأسد، وحزب الله، بالوقوف وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عبر تفجير موكبه في بيروت، ما أثار حالة من التعبئة الإعلامية والسياسية وزاد من النعرات الطائفية بين السنة والشيعة.
بعد شهرين من الاغتيال، انسحبت سوريا من لبنان تحت ضغط دولي، منهية 29 عامًا من الهيمنة شبه الكاملة على جارتها.
أول اعتراف رسمي..
وفي عام 2008، اتفق البلدان على فتح بعثات دبلوماسية، ما شكّل أول اعتراف رسمي من سوريا بلبنان كدولة مستقلة منذ نيل لبنان استقلاله عن فرنسا عام 1943.
الحرب السورية وتأثيرها على لبنانمع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، أبدى كثير من السوريين استياءهم من تدخل حزب الله الشيعي لصالح نظام بشار الأسد ضد المعارضة السورية، التي كان الإسلاميون السنة جزءًا منها.
في المقابل، تدفقت أعداد كبيرة من النازحين السوريين إلى لبنان، البلد الذي يعاني اقتصاديًا وخدماتيًا، ما خلق أزمة اجتماعية اتسمت بالتمييز الطائفي والعنصرية.
التغييرعقب سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان المورد الأساسي للسلاح لحزب الله، وتراجع قوة ونفوذ الحزب في المنطقة، هلل بعض اللبنانيين المعارضين لزمن الوصاية السورية للأحداث، لكن المخاوف لم تنضب، فقد كانت الشخصية التي استلمت حكم سوريا الجديدة موضع خشية ثانية: أبو محمد الجولاني، زعيم النصرة السابق.
قبل نحو 9 سنوات، شنت جبهة النصرة، التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني المعروف حاليًا باسم أحمد الشرع، بالتعاون مع تنظيم "داعش"، حملة شرسة على جرود لبنان خلال الحرب الأهلية السورية، سيطروا خلالها على جزء من القرى الحدودية.
واشتعلت في تلك الفترة معارك لتحرير الأراضي من النصرة وداعش، عُرفت في لبنان باسم "فجر الجرود"، شاركت فيها العشائر المسلحة وحزب الله إلى جانب الجيش اللبناني، الذي كان يقوده آنذاك جوزاف عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، وقد أسفرت تلك المعارك عن دحر جبهة النصرة وداعش، وساهمت في تعزيز الروابط بين الجيش وحزب الله والعشائر.
بالرغم من أن زعيم النصرة السابق دعا السوريين واللبنانيين لطي صفحات الماضي، إلا أن خلفيته الجهادية لم تطمئن اللبنانيين، الذين زادت الانتهاكات في الساحل السوري والسويداء من مخاوفهم.
وفي الآونة الأخيرة، مع التقارب بين دمشق وتل أبيب، ورفض حزب الله تسليم سلاحه، وتصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك التي فُهمت على أنها تهديد للبنان، انتشرت شائعات تفيد بأن مدينة طرابلس الشمالية قد تُسلَّم إلى سوريا مقابل تنازلها عن هضبة الجولان لإسرائيل. وعلى الرغم من نفي هذه المزاعم رسميًا، فإنها تعكس عمق أزمة الثقة بين الجارين.
وفي يوليو الماضي، تداولت تقارير عن نية دمشق نشر مقاتلين أجانب في لبنان، وهو ما سارعت السلطات السورية إلى نفيه.
كما أثار غضب بيروت قرار دمشق هذا العام تعيين ضابط منشق عن الجيش اللبناني، عبد الله شحادة، الذي التحق بالمتمردين السوريين عام 2014، رئيسًا لجهاز الأمن في محافظة حمص المتاخمة لشمال شرق لبنان، في خطوة اعتُبرت استفزازية.
الملفات العالقة على المستوى السياسيويشكّل ملف المعتقلين السوريين أحد أبرز العقبات أمام تحسين العلاقات، إذ هناك نحو 2000 سوري محتجزون في لبنان، بينهم نحو 800 متهمون بتنفيذ هجمات وعمليات إطلاق نار، كثيرون منهم لم يُحاكموا بعد. بينما تطالب دمشق بتسليمهم لاستكمال أحكامهم في سوريا، يرفض القضاء اللبناني أي تسليم جماعي، مؤكدًا أن كل حالة يجب دراستها على حدة.
وقد زادت الأزمة تعقيدًا مع مطالبة سوريا باسترداد مليارات الدولارات من ودائع مواطنيها المحتجزة في المصارف اللبنانية منذ الانهيار المالي عام 2019.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة