«حزب صوت الشعب» ينتقد استطلاع البعثة الأممية: مهزلة سياسية لا تعكس إرادة الليبيين
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
أصدر حزب صوت الشعب بيانًا شديد اللهجة، أعرب فيه عن رفضه لما وصفه بـ”محاولات البعثة الأممية فرض أرقام لا معنى لها” تحت غطاء استطلاع إلكتروني شمل 22,500 مشارك فقط، مشيرًا إلى أن هذا الرقم لا يمكن أن يُمثل إرادة أكثر من ثمانية ملايين ليبي.
وصف الحزب في بيان تلقت شبكة “عين ليبيا” نسخة منه، الاستطلاع بـ”المهزلة السياسية المكتملة الأركان”، معتبرًا أن الهدف الحقيقي منه هو “شراء المزيد من الوقت وإطالة عمر الأزمة الليبية لعامين إضافيين”، على حد تعبيره.
وأكد البيان أن البعثة الأممية لا تسعى إلى حل الأزمة بقدر ما تسعى إلى “إدارتها وتمديدها” عبر ما سماه “وصفات جاهزة لا تحقق شيئًا على أرض الواقع”، مستنكرًا ما اعتبره تجاوزًا لدورها وتدخلاً في تقرير شكل الدولة الليبية ومستقبلها السياسي.
ودعا الحزب إلى العودة للإرادة الشعبية من خلال خارطة طريق واضحة تتضمن أربع خطوات أساسية:
1. استفتاء شعبي مباشر يحدد شكل وهوية الدولة ونظامها السياسي.
2. تشكيل لجنة وطنية من كبار خبراء القانون الدستوري لصياغة أو تعديل دستور 2017 بما يتماشى مع نتائج الاستفتاء.
3. عرض الدستور الجديد على استفتاء عام لإقراره شعبيًا.
4. تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، تنهي المرحلة الانتقالية بشكل نهائي.
وطالب الحزب بتنفيذ هذه الخطوات خلال فترة لا تتجاوز 13 شهرًا، لضمان الجدية وعدم إطالة أمد الأزمة، مؤكدًا أن “الليبيين ليسوا بحاجة إلى وصاية أممية ولا إشراف دولي”، بل إلى “إرادة وطنية تُعيد القرار إلى الشعب ليحدد مصيره بنفسه”.
وختم البيان بالتأكيد على أن “العودة إلى الشعب هي الحل الوحيد، أما استطلاعات البعثة، فليست سوى وسيلة لتمديد الأزمة واستمرار العبث بالمشهد السياسي الليبي”.
وكان أغلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يوم الخميس الماضي، استطلاعها الإلكتروني الذي استمر شهرين كاملين بمشاركة تجاوزت 22,500 شخص، إلى جانب نحو 3,881 مشاركًا إضافيًا من خلال الاستطلاعات الهاتفية والمشاورات المباشرة وعبر الإنترنت.
والاستطلاع استهدف جمع آراء الليبيين بشأن أربعة مقترحات قدمتها اللجنة الاستشارية المؤلفة من خبراء سياسيين وقانونيين ودستوريين ليبيين، في إطار جهود تشكيل حكومة تتمتع بشرعية ديمقراطية، على أن تُستخدم نتائجه في صياغة خارطة الطريق السياسية الجديدة التي ستُعلن خلال إحاطة مجلس الأمن المقررة في 21 أغسطس.
وأكدت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أن الاستماع إلى أوسع شريحة من الليبيين كان أمرًا ضروريًا، مشيرة إلى أن البعثة تسعى لتيسير عملية سياسية يقودها ويملكها الليبيون أنفسهم، بما يضمن انتقالًا سلميًا يراعي الواقع السياسي والأمني للبلاد.
وأظهرت النتائج أن 42% من المشاركين يفضلون إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة وفي أقرب وقت ممكن، باعتباره الخيار الأمثل لكسر الجمود السياسي المستمر منذ عقد.
فيما جاء المقترح الرابع، الداعي إلى حل المؤسسات القائمة وتشكيل هيئة تنفيذية جديدة وجمعية تأسيسية لصياغة دستور مؤقت وقوانين انتخابية، في المرتبة الثانية بنسبة 23% من الأصوات
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: تجمع الأحزاب السياسية تجمع الأحزاب الليبية حزب صوت الشعب طرابلس ليبيا والأمم المتحدة مفوضية الانتخابات
إقرأ أيضاً:
من المرج والهرج إلى الفرح السياسي
1 هناك ثلاثة زوايا نظرتُ من خلالها لرحلة الرئيس البرهان إلى زيورخ: المرج، والهرج، والفرح. أمّا المَرَج فهو اختلاط الأمر واضطرابه، وهذا ما حدث.
منذ أن نشر الأستاذ محمد عثمان إبراهيم خبر مغادرة الرئيس البرهان إلى جنيف، ضجّت الأسافير كعادتها، وتبارى الصحفيون والناشطون في نفي وإثبات الخبر. واحتار الناس في كنه أمر هذه السفرية وطبيعة اللقاء الذي سيجري هناك… أطرافه… أجندته… هل هو لقاء مع بولس مستشار ترمب لتوضيح المواقف، أم لقاء مع آخرين لم يظهروا بعد على المسرح، أم هو تفاوض مع كفيل الجنجويد؟ ثم ظهرت في الرادار الطائرة القطرية!! إذن ما دور قطر؟ هل هي منسّق الرحلة أم وسيط، أم مجرد مسهّل ومساعد في الجانب اللوجستي؟ أم أن الدوحة هي مهندسة اللقاء من الألف إلى الياء؟
2
حدث الهرج لأن الدولة ترفض أن تتكرم ببضعة أسطر على الشعب تقول فيها مثلاً:
بناء على طلب الرئيس الأمريكي، سيغادر السيد الرئيس البرهان إلى زيورخ للقاء مستشار الرئيس الأمريكي بولس لتوضيح وجهة نظر الدولة في الحرب التي تشنها المليشيات المتمردة، والسبل لإنهائها.
وحينها سيقول الشعب: “توكّل على بركة الله”، وسيغادر الرئيس في وضح النهار ويعود كذلك. وبعد عودته، سيصدر خبر من مجلس السيادة: عاد الرئيس إلى البلاد سالمًا بعد زيارة قصيرة التقى خلالها مبعوث الرئيس الأمريكي وأكد موقف السودان الثابت في البحث عن السلام الذي يضمن وحدة البلاد. لو حدث ذلك، لقال الشعب: “شكرًا سيدي الرئيس، عبّرت عنا تمامًا، ونحن خلفك… وإلى نصر وفتح قريب”.
3
أمّا الفرح الذي أحدثته تلك الزيارة فهو مستحق للذكر، إذ إن ضبط ساعة الزلزلة لم يعد بأيدي الآخرين بل بأيدينا. كان السؤال الذي طغى على الميديا هو: ما موقف البرهان؟ وماذا قال؟
في زمنٍ مضى، كان السؤال مقلوبًا: ماذا قال الأمريكان للرئيس البرهان؟ وماذا سيفعل البرهان؟
لقد عرفوا تصريحات الرئيس من خلال خطاباته حتى الأسبوع الماضي حين قال: “سنقاتل حتى ندحر المليشيا”، ورأوا مواقفه حين أرسل وفد أبو نمو إلى جدة ورفض عرض الأمريكان، وسفّه أحلامهم. ثم انتظروه في جنيف ليأتي مهرولًا ولم يفعل، وطال انتظارهم عشرة أيام في ذلك الحين. ومرة أخرى في مؤتمر لندن لم يعبأ بتهديداتهم، فذهبت كلها أدراج الرياح.
4
ما يبعث أيضا على السعادة أن ثبات موقف السودان أدى إلى زعزعة معسكر الرباعية وإضعافه، ما استدعى الاستعانة بمصر وقطر، وعزّز في الوقت ذاته موقف الاتحاد الأفريقي الذي أعلن مؤخرًا رفضه لأي حكومة موازية، معترفًا فقط بشرعية حكومة واحدة على رأسها السيد كامل إدريس، وهو ما رحّب به في بيانه الأخير.
وبالأمس، أصدر مجلس الأمن موقفًا مماثلًا، رافضًا أي حكومة موازية، ومطالبًا بفك الحصار عن المدن، وعلى رأسها الفاشر. وفي الوقت نفسه، توالت الإدانات الدولية لجرائم المليشيا في معسكري زمزم وأبو شوك، وكان آخرها إدانة مستشار الرئيس الأمريكي بولس أمس.
كل ذلك تحقق بصمود الشعب وتضحياته، لا كهبة أو منحة من المجتمع الدولي.
5
أمّا الفرح الأكبر، فقد جاء حين اتفقت كل الروايات على مقولة واحدة قالها الرئيس البرهان لمستشار الرئيس الأمريكي: “لا مستقبل للجنجويد في السودان”. وهذا هو المطلب الجوهري للشعب ولا شيء سواه.
الرئيس، الذي يقرأ نبض شعبه، عبّر عن إرادة أمة بكلمات حاسمة ومواقف واضحة، ولن يستطيع أن يحيد عن هذا المسار. الواهمون يظنون أنه سيخضع يومًا لضغوط الأمريكان ويعيد الجنجويد وحلفاءهم إلى الساحة السياسية.
يا هولاكو… الزمن تغيّر. نساء الفاشر، وهن في قلب الجوع والموت، حملن الكلاشينكوف، وهنادي قاتلت بالسكين حتى آخر رمق من حياتها. نساء الفاشر وهن يواجهن الجوع والموت بالسلاح الأبيض أثبتن أنهن أقوى من جيوش المرتزقة المدفوعة الأجر. فكيف يخضع البرهان والجيش، والشعب من خلفه، والقوات المشتركة بجانبه، لابتزاز أي طرف خارجي …. هيهات.
6
اليوم، وبينما يحتفل السودان بذكرى مئوية جيشه، تتجدد البيعة على المضي في طريق الدفاع عن الوطن وحفظ سيادته، بات واضحًا أن قرار رفض عودة المليشيا هو موقف استراتيجي راسخ، يستند إلى إرادة شعب قدّم تضحيات جسام ورفض أن تُختطف دولته. ومع تنامي الدعم الإقليمي والدولي لموقف السودان، وانكسار رهانات خصومه، تمضي معركة الكرامة بثقة نحو خواتيمها.
الجيش الذي صاغه الأجداد بدمائهم، والشعب الذي يلتف حوله اليوم، لن يسمحا بانتكاسة تعيد القتلة إلى جسد السلطة. والرسالة التي أطلقها البرهان من قلب احتفال الجيش جاءت قاطعة: لن نخون دماء الشهداء، ولن نفرّط في وحدة السودان، ولن نساوم على كرامته.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب