من القهوة إلى الكوميديا.. الحكايات الخفية وراء أسماء لغات البرمجة
تاريخ النشر: 28th, August 2025 GMT
في عالم التقنية، غالبًا ما نتعامل مع أسماء لغات البرمجة بصفتها حقائق مسلما بها، دون أن نتوقف للتساؤل عن أصل التسمية ولماذا سميت بهذه الأسماء.
ولا شك في أن عالم لغات البرمجة ليس مليئًا بالخوارزميات المعقدة والأدوات القوية فحسب، بل هو أيضًا غني بالتاريخ.
ولكل لغة برمجة قصتها الفريدة وراء نشأتها، قد تعود جذورها إلى قاعات الجامعات أو مزحة بين المطورين أو حتى كوب قهوة على مكتب مبرمج شغوف.
وفي هذه المقالة، نستكشف كيف حصلت لغات البرمجة على أسمائها، ونكشف عن الإلهام والمنطق وحتى الفكاهة الكامنة وراءها.
عندما يتعلق الأمر بلغات البرمجة، غالبًا ما تكون عملية التسمية مزيجًا من الاعتبارات التقنية والتأثيرات الثقافية، وأحيانا إبداعًا بحتا. وقد يعكس اسم لغة البرمجة غرضها، أو خلفية مؤسسها، أو ببساطة إشارة إلى لغة أو تقنية موجودة.
ويساعد فهم أسباب هذه الأسماء على فهم تطور لغات البرمجة نفسها، إذ بدأت رحلة لغات البرمجة في خمسينيات القرن الماضي مع "فورتران" (Fortran)، وهي إحدى لغات البرمجة العالية المستوى التي ابتكرتها شركة "آي بي إم" (IBM).
ويرمز اسمها إلى "ترجمة الصيغ"، ويعكس بوضوح الغرض الأساسي للغة، وهو ترجمة الصيغ الرياضية إلى تعليمات برمجية قابلة للتنفيذ. وأبرزت بساطة الاسم ووضوحه تركيز اللغة على الحوسبة العلمية.
التأثيرات الثقافية والشخصية في أسماء لغات البرمجةمع نمو عالم البرمجة، ازداد تأثير المراجع الثقافية والشخصية على التسمية، حيث سميت لغة "سي" (C)، التي طورها "دينيس ريتشي" (Dennis Richie) في "مختبرات بيل" (Bell Labs) في سبعينيات القرن الماضي، خلفًا للغة "بي" (B).
ويعكس التدرج من "بي" إلى "سي" اصطلاح تسمية منطقية ولكنه كان له أيضًا ارتباط أعمق بالأبجدية، مما يدل على مكانة اللغة في تطور الحوسبة.
إعلانوخلال الأعوام اللاحقة ابتكر مبرمج آخر في "مختبرات بيل" يدعى "بيارن ستروستروب" (Bjarne Stroustrup) لغة سي مع الفئات، والتي أُعيدت تسميتها لاحقًا إلى "سي بلس بلس" (++C)، كإشارة إلى التحسين الهيكلي والتطور التدريجي مقارنة بلغة "سي" الأساسية.
في حين سميت لغة "بايثون" (Python) تيمنًا بالمسلسل الكوميدي البريطاني الشهير "فلاينغ سيركس" (Flying Circus) لفرقة "مونتي بايثون" (Monty Python)، وهو مسلسل مفضل لدى مبتكرها "غيدو فان روسوم" (Guido Van Rossum).
وبالمثل، سُميت لغة "روبي" (Ruby) التي طورها "يوكيهيرو ماتسوموتو" (Yukihiro Matsumoto) تيمنًا بجوهرة الياقوت الثمينة، وذلك لأن مبتكرها أراد أن تكون اللغة قيمة وجميلة، حيث استلهم الاسم من لغة البرمجة "بيرل" (Perl).
ظهور الاختصارات في أسماء لغات البرمجةمع اقتراب ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بدأت لغات البرمجة باعتماد الاختصارات كأسماء لها. وغالبًا ما عكست هذه الاختصارات الميزات التقنية للغات أو الأغراض التي تخدمها، مثل لغة ترميز النص التشعبي "إتش تي إم إل" (HTML) التي يعكس اسمها وظيفتها بدقة، وهي إنشاء مستندات نص تشعبي للويب.
وقد يوحي اسم "إتش تي إم إل" بأن لغة البرمجة هذه بسيطة، ولكنها تتميز بكفاءة عالية في أداء دورها الرئيسي في بيئة تطوير الويب.
وهناك مثال شهير آخر وهو لغة الاستعلام الهيكلية "إس كيو إل" (SQL)، التي طورتها شركة "آي بي إم" (IBM) في أوائل سبعينيات القرن الماضي، حيث يجسد اسمها غرضها الأساسي، وهو التفاعل مع البيانات الهيكلية.
وفي سبعينيات القرن الماضي، كانت هذه اللغة تسمى في الأصل "سيكويل" (Sequel)، أي لغة الاستعلام الإنجليزية الهيكلية، ولكن بسبب مشكلة تتعلق بالعلامة التجارية، تم اختصار الاسم إلى "إس كيو إل".
وتتبع لغة صفحات التنسيق النمطية "سي إس إس" (CSS)، المصممة لإضافة أنماط إلى صفحات الويب، أسلوب تسمية مشابها، حيث يعكس الاسم كيفية انتقال الأنماط من مستوى إلى آخر في صفحة الويب، مما يوفر هيكلًا هرميا لتصميم الويب.
ومن ناحية أخرى، اختار مخترع اللغة "بريندان آيخ" (Brendan Eich) اسم "جافا سكريبت" (JavaScript) بشكل تسويقي للاستفادة من شعبية "جافا" في منتصف التسعينيات، على الرغم من كونها لغة مختلفة تمامًا.
وكان اسم "جافا سكريبت" في البداية "موكا" (Mocha)، ومن ثم أعيد تسميته لاحقًا إلى "لايف سكريبت" (LiveScript)، وأخيرًا "جافا سكريبت".
ليست كل أسماء لغات البرمجة عملية أو جادة، إذ أضاف بعض المبدعين على اللغات روح الدعابة أو الفكاهة.
وعلى سبيل المثال، طور مهندسو "غوغل" (Google) لغة "غو" (Go)، المعروفة أيضًا باسم "غولانغ" (Golang)، لتكون لغة بسيطة وسريعة وفعالة. ويعد اسم "غو" مختصرًا ومباشرا ويعكس هدف اللغة المتمثل في السرعة والبساطة.
وبالمثل، تعكس لغة "سويفت" (Swift)، التي طورتها "آبل" (Apple)، الغرض المقصود منها، إذ إنها تمثل طريقة سريعة وفعالة لتطوير تطبيقات "آي أو إس" (iOS) و"ماك أو إس" (macOS). ولا يقتصر الاسم على سرعة اللغة نفسها، بل يعكس أيضًا سهولة الاستخدام التي تسعى "آبل" إلى تحقيقها في منتجاتها.
إعلانوتوجد أيضًا "سكراتش" (Scratch)، وهي لغة برمجة بصرية مصممة للأطفال، ويوحي اسمها بفكرة البدء من الصفر أو بناء شيء من الصفر.
ويشجع هذا الاسم المرح الجمهور الأصغر سنًا على التفاعل مع البرمجة من خلال جعلها أكثر سهولة ومتعة.
تأثير اتجاهات الصناعة في اصطلاحات التسميةمع تطور صناعة التكنولوجيا، تطورت أيضًا اتجاهات تسمية لغات البرمجة، حيث سميت لغة البرمجة "راست" (Rust) تيمنًا بفطر الصدأ الذي يوصف بأنه متفوق في الصمود.
ويرمز الاسم إلى هدف اللغة المتمثل في منع ممارسات البرمجة السيئة وتركيز اللغة على سلامة الذاكرة وكفاءتها، وهما سمتان أساسيتان لبرمجة الأنظمة المنخفضة المستوى.
في حين سميت لغة البرمجة "كوتلين" (Kotlin) تيمنا بجزيرة كوتلين بالقرب من سانت بطرسبرغ الروسية، في إشارة لطابعها الأوروبي ونشأتها في معهد سانت بطرسبرغ.
تأثير العلامات التجارية للشركات في أسماء لغات البرمجةفي كثير من الأحيان، يتأثر اسم لغة البرمجة بجهود الشركات التي طورتها في بناء هويتها التجارية، حيث سميت "جافا" (Java) في البداية باسم "أوك" (Oak) نسبة إلى شجرة بلوط كانت موجودة خارج مكتب مبتكر اللغة "جيمس جوسلينج" (James Gosling).
ولكن اتضح أن هناك العديد من مشاكل حقوق النشر المحتملة، مما دفع إلى تغيير الاسم إلى "جرين" (Green)، ومن ثم أعيدت تسميتها لاحقًا إلى الاسم الذي نعرفه اليوم، وهو "جافا" الذي اشتق من "قهوة جافا" (Java Coffee)، وهو نوع من القهوة الإندونيسية.
ومن هنا جاء شعار فنجان القهوة، وكان الاسم مناسبًا لأن المبرمجين يشربون الكثير من القهوة، كما ارتبط الاسم ارتباطا وثيقًا بنوع الطاقة والإبداع الذي أراد مبتكرها أن تجسده لغته.
وبالمثل، تستخدم لغة البرمجة "سي شارب" (#C)، التي طورها "أندرس هيجلسبيرج" (Anders Hejlsberg)، الرمز "شارب" كجزء من اسمها، وهو دلالة على الهدف منها المتمثل في الارتقاء بمعايير لغات البرمجة.
ووفقًا لمبتكرها، كادت أن تسمى لغة البرمجة "كول" (Cool)، ولكن هذا الاسم لم يكن مثاليًا لأسباب تتعلق بالعلامة التجارية.
ختاما، فإن أسماء لغات البرمجة لا تقتصر على مجرد تسمية لمجموعة من التعليمات البرمجية، بل تعكس الثقافة والتاريخ والفلسفة والأهداف الكامنة وراء إنشاء هذه اللغة. وسواءً كانت مستوحاة من الوظيفة أو الثقافة أو الفكاهة أو الهوية التجارية، فإن كل اسم يروي قصة فريدة عن عالم البرمجة والأشخاص الذين يشكلونه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات القرن الماضی لغة البرمجة
إقرأ أيضاً:
كوب القهوة اليومي.. فوائد لا تخلو من المخاطر
تُعد القهوة من أكثر المشروبات شعبية حول العالم، حيث يعتمد عليها ملايين الأشخاص لبدء يومهم وزيادة اليقظة والتركيز، ورغم فوائدها العديدة، يحذر الأطباء من الإفراط في تناولها لما قد يترتب عليه من آثار جانبية تؤثر على الصحة الجسدية والعقلية.
تحذيرات وزارة الصحة حول القهوة
وفقًا لوزارة الصحة، يمكن أن يسهم شرب القهوة باعتدال في تحسين الأداء الذهني والبدني، كما يقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل أمراض الكبد والاضطرابات العصبية، ومع ذلك، فإن تجاوز الحد الموصى به من الكافيين قد يؤدي إلى آثار عكسية تشمل اضطرابات النوم، ارتفاع ضغط الدم، ومشكلات في الهضم والعظام.
الفوائد الصحية للقهوة المعتدلة
تشير الدراسات إلى أن القهوة تساعد على تعزيز اليقظة وتحسين التركيز بفضل الكافيين، كما تقلل القهوة السوداء من خطر الإصابة بتليف وسرطان الكبد كذلك، ارتبط استهلاكها بانخفاض خطر مرض باركنسون، وتحسين الأداء البدني، وتقليل التعب أثناء التمارين الرياضية.
الأضرار المحتملة للإفراط في القهوة
الإفراط في تناول القهوة قد يؤدي إلى زيادة القلق والأرق نتيجة تأثير الكافيين على الجهاز العصبي، كما يمكن أن يرفع ضغط الدم ويسرع ضربات القلب، ما يشكل خطرًا على مرضى القلب والأوعية الدموية.
وقد تتسبب القهوة أيضًا في الحموضة، عسر الهضم، وتأثير سلبي على امتصاص الكالسيوم، مما يزيد خطر هشاشة العظام. وينصح الأطباء النساء الحوامل بتقليل استهلاكها لتجنب مضاعفات مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة.
نصائح للاستهلاك الآمن
يوصي خبراء التغذية باكتفاء كمية معتدلة يوميًا، أي كوبين إلى ثلاثة أكواب، مع تجنب الإضافات غير الصحية مثل السكر الزائد أو الكريمة الصناعية.
كما يُفضل شرب القهوة خلال النهار لتجنب الأرق الليلي، ومراقبة تأثيرها على الجسم، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.